يبدو أن المشهد السياسي في اليمن "انقلب رأساً على عقب" بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية "صنعاء"، وحصارها لأكثر من شهر وإحاكم قبضتهم على العديد من الوازارت ووسائل الإعلام. ويطرح سيطرة الحوثيين على صنعاء تساؤلاً عن مستقبل اليمن والأضاوع الاقتصادية والاتجاهات السياسة خاصةً أن الأحداث تتصاعد بشكل مستمر في ظل تقدم الرئيس اليمني "عبد ربه منصور هادي" باستقالته لرئيس مجلس النواب يحيى الراعي نظرا لتعرضه لضغوط ورفض 4 محافظات جنوبية - بينها عدن- تلقي أوامر تصدر من صنعاء للوحدات العسكرية وقوات الأمن. وترجمة للسيطرة على مؤسسات صنع القرار السياسي، طالب زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي الرئيس هادي منصور بتحقيق المطالب الأربعة وهي تعديل الدستور وتنفيذ اتفاق السلم والشراكة وإجراء تغيرات أمنية وعسكرية على وجه السرعة، وإلا فإن كل الخيارات متاحة ضده. وفي ظل تأزم الوضع اليمني والمستقبل الغامض الذي وقعت فيه اليمن بعد سيطرة الحوثيين عليها تعددت السيناريوهات وآراء العديد من المحللين السياسيين حول تطور الأحداث في البلاد، فبعضهم رأى أن سيطرة الحوثيين على العاصمة اليمنية جاء على غرار تحالف بين الحوثيين ورجال علي عبد الله صالح كثورة مضادة علي مؤسسات الدولة ولكي تتمكن إيران من نشر المذهب الشيعي في المنطقة، بينما رأي آخرون أن تبعات ذلك سوف تكون خطيرة لأنه يؤدي إلى دخول اليمن في حرب عصابات وحروب أهلية وسيكون لذلك ظلال خطيرة على أمن المنطقة. ورأى آخرون أنه بعد سيطرة الحوثيون على العاصمة فربما يعزز ذلك من مطامعهم للتتوجه جنوباً من أجل السيطرة على مضيق باب المندب وهذا من شأنه يدفع إلي صدامات عسكرية بين الشمال والجنوب. من هم الحوثيون: يتم تعريف الحوثيين على أنهم جماعة دينية شيعية تقوم علي فكرة ولاية الإمام وتتبع الطريقة الاثني عشرية علي غرار النموذح الإيراني". تولى بدر الدين الحوثي قيادة الحركة بعد مقتل زعيمها والده حسين الحوثي، في 2004،وسرعان ما أصبحت قوة مسلحة محلية. وتحولت المواجهات المتقطعة بينهم وبين الجيش اليمني إلى صراع مستمر منذ عام ،2004 واشتبكوا مع قوات سعودية عام 2009 في ما عرف بنزاع صعدة. وشارك الحوثيون في الثورة التي حدثت في اليمن علي غرار ثورات الربيع العربي التي انتشرت في العديد من الدول العربية والتي على أثرها تنازل الرئيس السابق " علي عبد الله صالح" عن الحكم، وفق ماتسمى "بالمبادرة الخليجية" التي أعلنتها دول الخليج في 3 أبريل 2011 لترتيب نقل السلطة في البلاد، والتي انتهت بانتخابات رئاسية جديدة في فبراير 2012، حيث نصت المبادرة علي تشكيل حكومة جديدة "مناصفة" بين القوى السياسية بقيادة المعارضة، كما تقوم المبادرة علي أن يؤدي الحل الذي سينتج عن هذا الاتفاق إلى الحفاظ على وحدة اليمن وأمنه واستقراره ويلبي طموحات الشعب اليمني. واستمرت الحياة السياسية في اليمن بموجب هذه المبادرة قرابة عشرة شهور وانتهت بإعلان نتيجة الحوار، حيث اتُّفِقَ على تقسيم اليمن إلى دولة فيدرالية من ستة أقاليم، لكن تطبيق مخرجات الحوار على أرض الواقع لم يكن بالسهولة التي تخيلها الأطراف الذين توافقوا عليها لأن هناك قِوى سياسية وعسكرية، وخصوصاً "جماعة الحوثي" لم ترتض بنتائج هذا الحوار، لأن الإقليم الذي يقع تحت سلطتها بعد تقسيم اليمن إلى ستة أقاليم، لا يمتلك مقومات القوة التي تجعله مستقلاً عن المركز. اتهام الجيش اليمني بالتواطؤ مع الحوثيين: وجهت أصابع الاتهام إلى الجيش اليمني بوصفه القوة الوحيدة القادرة على وضع حد لنفوذ الحوثيين لكن الحوثيين كانوا يقومون بأنشطة شبه استخباراتية، يتم من خلالها دراسة وجمع المعلومات عن المواقع العسكرية، ومحاولة التواصل مع قادة المعسكرات، وعلى مستوى قادة الكتائب والسرايا، والمسئولين عن المواقع العسكرية لإيصال رسائل ترغيب وتهديد، وكل ذلك بهدف ضم أكبر عدد من العسكريين إلى صفوفهم، ونجحوا في استقطاب العديد من قادة الألوية والقوى العسكرية الذين تم "شراؤهم" أو التواصل معهم من قبلهم لأخذ تطمينات، خاصة أن عددا من هؤلاء العسكريين يدينون بالولاء لنظام على عبدالله صالح، ما سهل سقوط صنعاء في أيديهم دون مقاومة تُذكر . وتتوزع ألوية الجيش اليمني ما بين ألوية المشاة والمدرعات والقوات الخاصة وألوية الصواريخ وسلاح الجو والقوات البحرية، غير أن غالبية ألوية هذا الجيش كانت تتوزع ما بين الحرس الجمهوري بقيادة أحمد علي عبدالله صالح والفرقة الأولى مدرع بقيادة علي محسن الأحمر. ويضم الحرس الجمهوري 44 لواء مهمتها حماية الرئيس السابق علي عبدالله صالح والمقرات الرئاسية، لكن الرئيس عبدربه منصور هادي حلّ هذه القوات ووزعها على محافظات الجمهورية لكنها لا زالت تحتفظ بولائها لصالح ونجله. الفرقة الأولى مدرع تضم 32 لواء أنهكتها الحروب الستة مع الحوثيين ويحاصرها الحوثيون في صعدة بعد أن استولوا على مقراتها في العاصمة. كما قدر عدد أفراد القوات الأمنية التي كانت متواجدة في صنعاء عندما دخلها الحوثيون، ب 80 ألف عسكري موزعين على قوات الاحتياط المقدرة بستة الوية، ثم أربعة ألوية، تشكل قوات الحماية الرئاسية المسؤولة عن حماية الرئيس عبدربه منصور هادي، وقوات الأمن الخاص وجهازي الشرطة والشرطة العسكرية بينما حشد الحوثيون 30 ألف لدخول صنعاء.