«اليهود مات منهم أربعة، والمسلمون يواجهون فقط رسوما على جدران المساجد». مقولة لروث ألكرييف، الصحفية بالقناة الإخبارية الفرنسية «بي. آف. آم»، تلخص وجهة نظر الاعلام الفرنسى الموجه ضد الاسلام والمسلمين، وخاصة فى ظل العزف الصهيونى المنفرد على نغمة التطرف الاسلامى، داعما التوجه نحو الانزلاق الذى قامت به وسائل الإعلام الفرنسية للأحداث الأخيرة، التي حوّلت الاعتداء على مقر مطبوعة أسبوعية ساخرة، إلى معاداة للسامية، بعدما تبع ذلك مقتل يهود في متجر، وساندها المسئولون الفرنسيون الذين حوّلوا الحادث المأساوي من اعتداء على حرية التعبير، إلى حرب اضطهاد ضد الجالية اليهودية بفرنسا، وما تلته من حزمة إجراءات، كتسخير 5 آلاف جندي لحماية المعابد والمدارس اليهودية، في الوقت الذي كانت فيه الاعتداءات تمس المساجد، وليس العكس . ورغم أن الحقائق والبراهين مع العرب والمسلمين تبرئهم من تهمة الارهاب، خاصة أن العمليات الإرهابية يمثّل فيها المسلمون نسبة 2%، والباقي من الكورسك والبروتون والأوتيا وغيرها، ولكن مع ذلك فإن أصابع الاتهام تتجه نحو المسلمين ،متناسين أن تقرير حقوق الانسان عام 2012، أشارت الى وجود 201 قضية عنصرية ضدّ المسلمين، وزاد ضحايا هذه القضايا في عام 2013 ب28%. ووصلت قبل عام من الانتخابات الرئاسية الأخيرة إلى 50.36%، سواء ضدّ المسلمين أو المساجد. وحتّى مقابر الجنود المسلمين الّذين شاركوا في الحرب العالمية الأولى والثانية لم تسلَم من عنصريتهم. وما زال المجتمع الفرنسى يذكر قضية الاعتداء على امرأة مسلمة في مرسيليا من المتعصبين وضربها بلكمة على بطنها لأنّها تلبس الحجاب.فالحكاية هنا أن المسلمين أنفسهم يعانون الأمرين من التطرف وجماعاته التى زرعها الغرب وأنشأها. وللأسف بدلا من أن تصبح الحرب ضدّ العنصرية وضدّ المسلمين والإسلام قضية وطنية، كما فعلت فرنسا مع اليهود، حيث إن المساس باليهود مسألة وطنية، نجد على العكس تماما الجبهة الوطنية اليمينية يزداد تكتلها ضد الاسلام وتصرّح بأنّ الإسلام لا يتجانس مع الديمقراطية، وأنّ النقاب هو اغتصاب للمرأة المسلمة. ورغم ان كل المعتدلين من المسلمين لا يقرونه إلا أن الامر فى النهاية حرية شخصية لايجب الاقتراب منها فى بلد الحريات، وللاسف أن العنصرية ضد الاسلام وصلت الى حد التدخل في الهوية الوطنية. والأدهى من ذلك أنّهم يشوّهون صورة الإسلام والمسلمين والعرب، ويقولون بأنّ ما يحدث من فوضى في العالم سببه المسلمين ويريدون نقله إلى فرنسا، بينما الحقيقة تشير إلى أنّه إذا كان 1% من المسلمين متشدّدين يقومون بأعمال ضدّ فرنسا فإنّه لا يحق اتّهام أكثر من 99% بأنّهم ضدّ فرنسا إلى جانب أن تصديهم للعنف به الكثير من العنصرية. وللاسف فإن الإسلاموفوبيا أصبح قانونا تجاريا، يتاجرون به ويربحون من خلاله ليل نهار!.. والطريف أنه صدر مع بداية عام 2015 كتاب للمؤلف الفرنسي ميشال ويلبك الذي يحمل عنوان «استسلام» (تحريف لكلمة «إسلام»)..وهوالمؤلف الذى وصف الإسلام بأنها «أغبى ديانة» في عام 2001.. الرواية تحكي قصة فرنسا في عام 2022 حيث يحكمها زعيم مسلم من خلال عيني مدرس للأدب يدعى فرانسيس (قد نتطرق اليها قريبا بعد الانتهاء من قراءتها). والأزمة ليست فى الرواية وما تحتويه ولكن فى الروح العدائية التى قد تنشب بين الطرفين الآن ويستغلها اليمين المتطرف لتصبح إحدى سلاسل توجيه الرأي العام لأصابع الاتهام للجالية المسلمة، وهو الذى فعله من قبل إيفان روفيول، كاتب العمود فى «لوفيجارو» والمعروف بكتاباته القاسية ضد المسلمين. ففي إحدى المقابلات الإذاعية التي يشارك فيها العديد من المحللين، طالب بنبرة حادة زميلته في اللقاء، رقية ديالو، فأن تقول علنا إنها ضد ما تم القيام به في مقر «شارلي إيبدو»، فأجهشت بالبكاء، بعد أن صرحت بأنها غير مطالبة بالحديث كمسلمة، بل كمواطنة فرنسية، وتلك هى البداية للممارسة العنصرية ضد كل ماهو مسلم، بمطالبة المسلمين بالإفصاح بأنهم ضد ما تم القيام به بمقر «شارلي إيبدو»، ثم ممارسة لعبة أن السكوت يعني مباركة الهجوم المسلح، ليكون الشعار الخفي لهذا: «من ليس شارلي فهو إرهابي». وهذا ماحدث بالفعل من معظم الاعلام الفرنسى الذى فتحت منابره للمحللين المنقسمين الى فئتين، الأولى المعروفة بعدائها للإسلام وللمسلمين، الفئة الثانية هي لمسلمين وعرب يؤدون فى اللعبة دور التوازن، ومن بين المعادين للاسلام ويتعاملون بعنصرية الناشطة كارولين فورست التي عنفت إماما بكل ازدراء ووقاحة في نشرة الثامنة للقناة الفرنسية الثانية، لتقول رسالة ضمنية هي أن المسلمين يتحمّلون مسئولية ما عمل السفهاء منهم وللاسف أن هذا الإمام حسن شلجومي، لا يحسن نطق جملة صحيحة باللغة الفرنسية ويتمادى في البكاء أمام الكاميرات، وذهب لإسرائيل وبكى أيضا أمام حائط المبكى..وهناك أيضا فيليب فال، المدير السابق ل «شارلي إيبدو»، الذي قرر نشر الرسوم المسيئة للرسول سنة 2006، على الرغم من أنه نفسه طرد الرسام الكاريكاتيري «سيني» من «شارلي إيبدو» لرسم لم يعجب ساركوزي، الذى عينه بعد ذلك مديرا ل «راديو فرانس».. للأسف ياسادة أن الاعلام الفرنسي تعامل مع الأحداث الأخيرة بنفس الاسلوب والأطر التى لم يخرج عنها منذ سنين طويلة، بسبب الضغط اللوبي الصهيوني الذى نجح فى تحويل الاعتداء على مقر صحيفة إلى هجوم معاد للسامية، واستخدم كوسيلة مضمونة النتائج ضد الاسلام والمسلمين، لذلك لم يكن غريبا أن أخبار الاعتداء على 50 مسجدا فى فرنسا أعقاب الاحداث الاخيرة لم تكن سوى أخبار متناثرة فى وسائل الاعلام، لنعود لفكرة المكيال بمكيالين عندما يصبح الأمر يخص الاسلام والمسلمين واليهود!!