مع بداية شهر الصيام ومع تسابق المسلمين لنيل أكبر قدر من الحسنات، نجد البعض يقفون حائرون تشغلهم تساؤلات قد تؤرقهم طيلة الشهر الكريم. فهذه فتاة غير محجبة تصر على عدم الخروج في نهار رمضان، فهي تخشى ارتداء الحجاب أثناء الصيام ثم خلعه فتوصف بالمرتدة، وأخرى لا تدري هل يجوز لها قراءة القرآن الكريم دون الإمساك به في تلك الأيام الحرجة، وثالثة على الرغم من إصابتها بحساسية بالجلد، إلا أنها فضلت عدم وضع واقي من أشعة الشمس تحسبا من خدش صيامها. أما محمد فبعد أن قبل رأس زوجته قبل الخروج للعمل ظل طيلة نهار اليوم الفضيل يشعر بالذنب، وآخر لا يدري هل ارتكب ذنبا في جعل زوجته تصلي التراويح في المنزل بدلا من الذهاب للمسجد، وخطيب آثر عدم التحدث مع خطيبته أثناء الصيام، وآخر يخشي من إمساك يده عن إعطاء الصدقة لمتسولي الشارع. لا تشدد في الدين بداية أكد الدكتور أحمد كريمة أستاذ الفقه جامعة الأزهر على خطورة الفهم المغلوط لأحكام الدين، وكأن رمضان أصبح معتقل ونحن نبحث عن ما يفسد الصيام بالتشدد والمغالاة، رافضا تماما وصم من تخلع حجابها لأي سبب من الأسباب بالمرتدة فذلك تعدي على حدود الدين، فالمرأة مأمورة بارتداء الحجاب وهو غطاء الرأس وليس "النقاب" ومن لم تطبق الأمر تعد امرأة عاصية وليست مرتدة. مؤكدا على ضرورة عدم التشدد والانسياق خلف المنادين بالتشدد في تطبيق أحكام الدين، فالله أعلم بالنوايا وربما يكون حجابها في الشهر الكريم دافعا لها للتمسك به بعد انقضاء الشهر عندما تستشعر النور الذي يضفيه عليها حجابها. وذكر د.كريمة أن إفساد الصيام لا يكون إلا بشهوتي البطن والفرج، وبالتالي فإن وضع الكريمات المضادة لأشعة الشمس، وكريمات الشعر والقطرة وما شابه لا شيء فيه، كما أن وضع مساحيق التجميل في المنزل أثناء الصيام قد يقلل الثواب لكنه لا يمنع الصيام، أما ارتداء العدسات اللاصقة الملونة مثلا فليس له علاقة بالصيام من الأساس، كما أن شم الروائح كالبخور والعطور إذا كان اضطراريا فلا بأس به، أما إذا كان اختياريا فهو مكروه، لأن التحليل والتحريم بيد الله وحده لا شريك له، قال تعالى:" ولا تقولوا لما تصف ألسنتكم الكذب هذا حلال وهذا حرام لتفتروا على الله الكذب إن الذين يفترون على الله الكذب لا يفلحون متاع قليل ولهم عذاب أليم " وعن تقبيل الرجل لرأس زوجته في الصيام أكد د.كريمة على أن هذا إذا كان من باب الرحمة والمودة ولا تثير أي شهوة فلا علاقة لها بالكراهة أو التحريم. كما أكد د.كريمة على أن محادثة الخطيب لخطيبته في الهاتف أو في زيارة منزلية، ومحادثة الزملاء للزميلات في الدراسة والعمل في شهر الرحمة، وحتى اضطرار المرأة للكشف عند طبيب رجل لا شيء فيه بشرط الإلتزام بحدود الله وغض البصر والتمسك بالآداب العامة، وتطبق قوله تعالى: "يا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا". صلاتها في منزلها أفضل وعن إصرار المرأة على آداء صلاة التراويح في المسجد، يذكرنا الدكتور كريمة أن صلاة التراويح سنة، وأن الرسول صلاها بضعة أيام في جماعة ثم في بيته، وأن أبو بكر صلاها في المنزل، من هنا إذا لم تضيع المرأة حقوق زوجها وأبنائها بالذهاب للمسجد، فلا مانع من آدائها للصلاة في جماعة، أما إذا قصرت في حقوقهما أو تسببت في ضيق للآخرين في المسجد، فلا يجوز لها تضييع الواجبات من أجل السنة. كما يذكر الدكتور كريمة بأن من نام في نهار رمضان وفاته أحد فروض الله فلا بأس عليه كما قال رسول الرحمة: " رفع القلم عن ثلاثة عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يبلغ، وعن المجنون حتى يعقل"، فإذا فاتته الفريضة عن كسل فهو مسلم فاسق وقبول صيامه على الله، أما إذا صام وجحد الصلاة فهو مرتد فسد صيامه وصلاته. الحائض تسمع القرآن ولا تقرأه وعن قراءة الحائض والنفساء للقرآن الكريم، أكد د.كريمه على أن قراءتهما للقرآن ممنوعة شرعا لقوله تعالى:" لا يمسه إلا المطهرون "، مع جواز الاستماع لقراءة آخرون ، وضرورة كثرة الدعاء والاستغفار. وعن إعطاء الصدقة لمستحقيها أكد الدكتور أحمد كريمة على أنه لا يجوز إعطائها لمتسولي الشارع، فقد أرشدنا القرآن الكريم لمواصفات مستحقي الصدقة في قوله تعالى:" للفُقَرَاْءِ الَّذِيْنَ أُحْصِرُوْا فِيْ سَبِيْلِ اللهِ لاَ يَسْتَطِيْعُوْنَ ضَرْباً فِيْ الأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجَاْهِلُ أَغْنِيَاْءَ مِنَ الْتَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيْمَاْهُمْ لاَ يَسْأَلُوْنَ النَّاْسَ إِلْحَاْفاً وَمَاْ تُنْفِقُوْا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللهَ بِهِ عَلِيْمْ ، خاصة مع وجود الجمعيات والمؤسسات الخيرية التي تحدد مستحقي الصدقة. من جانبه أشار الشيخ عبد المعطي بيومي أن المرأة يجوز لها قراءة القرآن دون الإمساك بالمصحف الشريف بشرط وجود ضرورة ملحة كامتحان أو ما شابه.