عرفت الانسانية علي مدي تاريخها أنواعاً عديدة من الادمان والمدمنين.. فقد عرفنا مدمن الحشيش.. ومدمن الأفيون. ومدمن الخمور والنبيذ.. وعرفنا مدمن القمار.. ومدمن النساء. كما عرفنا مدمن الكوكايين والهيروين وأخيراً مدمن البانجو.. ،الترامادول.. تماماً كما عرفنا مدمني أدوية الكحة وهي مشروب معسل لجأ إليه هؤلاء المدمنون، حتي تنبهت الدولة فأدخلتها في قائمة الممنوعات التي لا تصرف لطالبها إلا بروشتة طبيب معتمد، وليس أي طبيب. وإذا كان البعض قد اختلفوا حول هذه كلها، هل هي حرام أم حلال.. إلا أن العقل حسم قضية الحرمانية والتحريم عندما أكد أن تحريمها يجيء علي أساس أنها تذهب بالعقل وتجعله سابحاً في الغيبوبة.. فلا يستطيع أن يحسم أمراً أو يفرق بين الخطأ والصواب.. وبما أن كل هذه المحرمات مرغوبة ويطلبها الانسان نجد أن الدين الاسلامي وهو خاتم الأديان قد ترفق مثلاً بالناس عند تحريمه لشرب الخمر.. ولذلك نجد الاسلام لم يحرم الخمر دفعة واحدة.. بل تدرج بالناس، وترفق بهم فنجده «ينصح» الناس المسلمين ألا يقربوا الصلاة.. وهم سكاري، حتي يعرف كيف يتلو آيات القرآن الكريم وان يعرف أيضاً كيف يقيم الصلاة وهو في تمام وعيه.. ثم بعد فترة جاء الأمر بالتحريم التام، في أثناء الصلاة وغيرها.. فهذه الخمر رجس من عمل الشيطان.. وعلينا اجتنابها تماماً. ولكننا نعيش الآن عصراً فيه كل جديد من أنواع الإدمان.. أري أن من أخطرها: إدمان الانترنت.. وادمان الفيس بوك.. فكيف نقاوم ذلك؟.. فإذا كان مدمن الحشيش مثلاً يدمن هذا المخدر في ساعة الانس وبالذات مساء الخميس وليلة الجمعة لأسباب يعتقدها.. فإن مدمن الانترنت يدمن هذا «المخدر الجديد» كل يوم، بل وكل ساعة!! وأعرف شبانا وعواجيز يدمنون هذا الانترنت علي مدار الساعة.. ويقضون أمامه ومعه معظم ساعاتهم.. بل يهملون زوجاتهم وأولادهم تماماً.. من أجل ساعة ادمان يسيطر عليهم فيها هذا الانترنت.. ولا تتعجبوا إذا وجدنا جيلاً من أبناء هؤلاء لا تربطهم بزوجاتهم ولا بأولادهم هذه الرابطة الوثيقة، التي تربطهم «وتسلسلهم» بها فلا يستطيعون منها فكاكاً!! وإذا الغرب منذ اختراع السينما قد استغل السينما للسيطرة علي العقول وألهب عواطف الشعوب الضعيفة من خلال أفلامهم ومسلسلات طرزان ليبرز تفوق الجنس الأبيض علي ما عداه من أناس، حتي وان استعان بالقردة شيئاً وجعل وحوش الغابة تدين لها بالولاء.. حتي يدين الانسان غير الأبيض لطرزان ممثل الرجل الأبيض بالولاء والطاعة.. و»افهموها بقي» فإن هذا الغرب الآن يسيطر علي العقل وكل سلوكيات من ليسوا من لونه وذلك من خلال سيطرته عليهم.. بهذه الوسيلة الجديدة الانترنت. حتي ولو كان يستفيد بما يجده فيها أو فيه من معلومات مبهرة.. ?ربطه بالعالم كله.. وهذه هي براعة هذا الغرب.. أي دائماً يغلف سمومه بما هو حلو وشديد الحلاوة.. أقصد بمثل هذه المعلومات التي يجدها من خلال هذا الانترنت.. والخطورة كما في أفلام طرزان والرجل الخارق سوبرمان أو الرجل العنكبوت أو الخفاش وكل ما يبهر الانسان هي هذا العسل الذي يغلف معلومات هذا الانترنت. وأكاد أجزم أن 70٪ مما يراه مدمن الانترنت والفيس بوك من معلومات هي مطعون في سلامتها وصحتها.. حتي معلومات جوجل.. فما بالنا بما يمكن أن يبثه أي انسان علي هذه الشبكات من معلومات.. أو شائعات.. أو أخبار تحتمل الخطأ، أكثر مما تحتمل من الصواب.. وإذا كنت أطالب الصحف نفسها وكل القنوات التليفزيونية بأن تدقق فيما تنشر أو تذيع حتي لا نسمع عبارة: ماهو منشورة في الجرايد.. أو سمعناها من برنامج كذا أو كذا، فإنني وكثيرا ما كتبت ذلك هنا وقلته فيما أشارك بها من فضائيات أحذر من الانسياق وراء أي معلومات يبثها هذا الانترنت أو الفيس بوك.. بل والكارثة أننا نجد الآن من الصحفيين من ينقل عن هذه أو تلك وينشر، دون أي تدقيق. هذه واحدة.. أما الثانية فلا تقل خطورة عن الأولي ان هذا الانترنت والفيس بوك، يقتلان الروح العائلية.. ويجعل كل مدمن من هؤلاء «يعيش وحده» داخل هذا الوحش الذي يقتل العلاقات السوية.. ويجعل كل مدمن يعيش في جزيرة منعزلة.. إلا من عالم هذا الانترنت. أليس هذا الإدمان أخطر علي العقل البشري حتي من الحشيش والأفيون. وأفيقوا ياشعوب العالم النايم.. حتي ولو كنتم من المثقفين!!