بداءة.. شاع خلال العقدين الأخيرين في عالمنا العربي وفي مصر تحديداً، استخدام مصطلحات وعبارات كثر تداولها عند الحديث وفي الكتابة عند تناول مواضيع في السياسة أو في أي شأن من حياتنا الاجتماعية.. بعض هذه العبارات أصلها نابع من لغتنا العربية والأخري مترجم الى العربية من اللغة الانجليزية تحديداً.. فكان لابد من إلقاء الضوء على مدلول تلك الألفاظ حتى نتمكن من كشف ما وراء ما يردده اعلام كاذب، مضلل، ظل جاثماً على آذان وعقول المصريين أكثر من ستين عاماً؟! ولكنه توحش بعد ثورة 25 يناير 2011 نتيجة لتضخم شخصية «الاعلامي» - ?لذات الاعلامية!! - بطريقة مرضية كنتيجة لإغداق مالي كبير علي بعضهم والذي وصل الى الحصول على ملايين الجنيهات سنوياً للفرد الواحد منهم مقابل عضويته في نادي قلب الحقائق وتزييف الوعي الشعبي المصري وتغييب عقله!؟ بالاضافة الى الحماية الواضحة من الملاحقة القضائية لكل من يهين فهم وذكاء الشعب بكل طوائفه وفئاته العمرية والثقافية والفكرية حتى تطاولوا أخيراً على علماء أفاضل عاشوا بيننا تاريخ عطاء كبيراً وبعد أن بلغوا عمراً مديداً بإذن الله، ظهر هؤلاء «الرويبضة» ليهاجموهم، ويستحلوا كرامتهم!! وللأسف يجدون من يتجاوب معهم؟? ما علينا. طالت المقدمة!! ويحضرني في هذا المقام.. أن نتذكر في تلك الإشكالية كلمات قليلة، ولكنها تفسر تلك الظاهرة.. كلمات قالها عالم مصر الكبير وفيلسوف الأمة المصرية المغفور له المرحوم الدكتور زكي نجيب محمود، رحمه الله وأسكنه فسيح جناته.. يقول: «مرة أخرى.. أعيد لك التحذير بألا تقيم على أي فكرة تستمد صدقها من طريقة بنائها، أي دليل على صحة أمر يتعلق بالأشياء والظواهر.. وكن على أوثق ثقة بأن هذا المفتاح التنويري وحده كفيل لك بالنجاة من التورط في خطأ وخلط وخوض مما يقع فيه ألوف الألوف ممن أفلت منهم هذا الميزان». في حالة إعلامنا اليوم في مصر!! الميزان الذي وضعه د. نجيب محمود.. لم يفلت؟! ولكنهم يعرفون تماما كيفية الاكتيال بمكيالين على الناس، على عقولهم وقلوبهم!! وكيف أصبحوا يحرفون الكلم عن مواضعه!! فهم يستخدمون كل المحاذير التي حذر فيها الدكتور زكي نجيب محمود!!؟ ثم يعود د. نجيب محمود ليقول: «تكفيك حالة واحدة كثيرة التكرار في عالم الفكر بين الناس: «ومنه إعلامنا الموجه؟!». يقول د. نجيب محمود: «وهى أن يقدم صاحب الفكر تعريفاً لمدرك من المدركات ثم يتوهم - ويوهم الناس معه - بأن ما قدمه اليهم هو فكرة ملزمة بصدقها ونسى مثل هذا الكاتب - وأراد لنا أن ننسى معه - أن مصدر الصحة في هذه العملية الفكرية هو أن النتائج تكراراً لمضمون المقدمة، وبذلك تتوقف صحتها على صحة المقدمة مع أن تلك المقدمة كانت فرضا مفروضا، فالعملية كلها إنما بدأت وتساوت وانتهت داخل «الدماغ»!! ولا شأن لها بأي شىء من كائنات الواقع وظواهره ومواقفه». ثم يعود د. زكي نجيب محمود لينبهنا: «أين هذا كله مما نراه حولنا من إرسال لقول إرسالاً مهملاً في غير حيطة ولا تحفظ. استخفافاً بالقول وبالعلم وبأمانة القول ودقته.. «فما أرذل إعلام ما بعد 25 يناير ؟!» ويقول: «فما أيسر أن تجد الدين قد اختلط بالأدب، وما أهون عند المتكلم فينا أو الكاتب حتى في أعلى مستويات القول الكتابة أن تقذف بكلمات من قبيل: فقر.. غنى.. علم.. جهل، ومئات غيرها وآلاف وكأنها كلمات محددة المعاني وليست دالة على نسبة تختلف باختلاف الظروف» انتهى ومن قبيل هذه الكلمات: إرهاب.. وإرهابي - إخوان وإخواني - أخونة الأزهر - وكذلك: إسلام سياسي.. أسلمة الدولة.. الإسلام هو الحل.. وكذلك: الدولة الدينية.. الدولة العلمانية.. تجديد الخطاب الديني.. حيث تستعمل كل العبارات والتسميات السابقة استخداماً خاطئاً.. عن قصد أو بجهل!؟ وتكون النتيجة اختلال القيم والمفاهيم الثابتة في المُكون والتراث التاريخي للشعب!!؟ ويصبح الوطن.. لا وطن!! والشعب مسخاً من مسوخ الفكر الشيطاني!؟ كل تلك الألفاظ والتعبيرات شاع استخدامها بعد 25 يناير وبالطريقة التي حذر منها الدكتور زكي نجيب محمود رحمه الله في محاضرته القيمة السابق الاشارة إليها؟!. لي الحقائق!! إلقاء التهم جزافاً وبالباطل على أبرياء!! في نفس الوقت تبرئة مجرمين عتاة!! فأصبحت مصرنا تعيش في فتنة إعلامية!! بعد 25 يناير وأصبحت أسيرة في دائرة اعلام فاسد.. كاذب.. مُضلل، أتقن استخدام كل ما حذرنا منه الدكتور زكي نجيب محمود رحمه الله. ذلك.. ولنبدأ بوضع النقط على الحروف لبعض تلك الكلمات.. مثل: الإرهاب.. إرهابي.. «بسم الله الرحمن الرحيم» «وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم وآخرين من دونهم لا يتعلمونهم الله يعلمهم» «صدق الله العظيم». ورد في الآية «ترهبون».. وهى كما وردت بها إنما تعني: «الردع» = في الانجليزية «Restrain» والردع عمل معروف ومتعارف عليه في أوساط السياسة الدولية، وهو مستوى أوسع وأشمل من حالة «الدفاع = Defence» ذلك لأن الدفاع عمل أو فعل حركي - رد فعل - يتمثل في صد العدوان.. أما «الردع» فهو عمل - مع إيقاف التنفيذ - ولكنه كبير جداً ومهم جداً لاحتوائه على التهديد بالضرب في حالة التعرض للاعتداء، بل في بعض الاحيان المبادأة بالضرب في حالة التوجس وتوقع الخيانة من الطرف الآخر!! ذلك ما أمرنا به الله تعالى في الآية الكريمة.. وذلك بال?بط ما يمكن أن يطلق عليه الآن «حروب الجيل الثالث». وهو أمر يدركه تماما الرجال الساهرون في مصر على أمن هذا البلد سواء في المخابرات العامة أو المخابرات العسكرية.. وبقدر قوة واستقرار واستقلال هذه المؤسسات الأمنية في بلادنا وعدم اختراقها، بذلك القدر نضمن استقلال وسلامة وأمن مصرنا الغالية.. ولذلك.. صار الأعداء والمضللون يترجمون ويستعملون ويحورون مصطلح الردع الى «Terrorism» أي ارهاب!! ومن يقوم بدور المقاومة - جهاد العدو - هو «إرهابي» أي Terrorist!! ذلك.. فتجد أنه قد تم التحريف عن قصد ليتحول: الجهاد للردع.. الى.. الإرهاب بالإرهاب!! وهكذا يمكن وصف أي حركة لمقاومة ظلم المجتمع الدولي الغربي الأمريكي الاسرائيلي، بأنها حركات ارهابية، وبذلك تسقط تماما معني المقاومة المشروعة حيث اعتبرت ارهاباً!! بل ووصل الأمر أخيراً باتهام الاسلام بأنه المحرض على الارهاب!! بل اتسعت تلك الصفة لإلصاقها بأزهرنا الشريف!! وانه المحرض!! وانه المتأخون!! وانه آن الاوان لتغيير ما أطلق عليه «الخطاب الديني»!؟؟ وكما ذكرنا في المقال السابق أن الرئيس السابق «مبارك» ظل سنين طوالاً يطالب المجتمع الدولي محذراً من خلط الأوراق في حالة عدم وضع تعريف واضح يفصل فيما بين ما هو عمل مقاومة مشروع وعمل ارهابي!؟ كما كان يحذر في نفس الوقت.. بأن الارهاب لا وطن له!! مثال آخر.. من قبيل: إسلام سياسي.. أسلمة الدولة.. الدولة الدينية.. الدولة المدنية.. يقول تعالى «بسم الله الرحمن الرحيم.. فلا وربك لا يؤمنون حتى يحكموك فيما شجر بينهم ثم لا يجدوا في أنفسهم حرجاً مما قضيت ويسلموا تسليما» «صدق الله العظيم». يعلم كل مصري على أرض مصر أن من مظاهر ايمانه وتأكيدها، هو الرضا بأحكام الشريعة الاسلامية الغراء، وأن بعده عنها انما يمثل ضياع هويته وضياع كيانه وحياته كلها «إنما يدعوكم لما يحييكم».. رحمة للعالمين.. ذلك هو رسولنا الكريم.. وقد مَنَّ الله علينا في مصرنا الغالية وأكرم هذا البلد الطيب الأمين بأن تكون المادة الثانية من الدستور المصري، تقرر تلك الخاصية وتؤكد عليها.. الحكم بما أنزل الله وسيرة محمد ابن عبدالله عليه الصلاة والسلام «دين الدولة الاسلام، واللغة العربية لغتها الرسمية، والشريعة الاسلامية المصدر الرئيسي?للتشريع». فلا عجب!! أن يتحزب الطرف الآخر الكاره لتطبيق شرع الله، من الرويبضة والمرجفين في البلاد ممن يصرون على رفض وكراهة المادة الثانية من الدستور، فخرجوا علينا بتلك العبارات مثل: الاسلام السياسي.. أسلمة الدولة.. الدولة الدينية.. لا يقصدون من وراء تلك الألفاظ والنعوت إلا هدم المادة الثانية، فتنهدم الدنيا على رؤوسنا وؤوسهم!! ربنا لا تؤاخذنا بما فعل السفهاء منا.. ربنا لا تول علينا من لا يخافك ولا يرحمنا.. ربنا لا تجعل مصيبتنا في ديننا.. والسلام على من اتبع الهدى.. والى لقاء.. فللحديث إن شاء الله بقية.