محمود فوزي: قانون الإجراءات الجنائية الجديد سيقضي على مشكلة «تشابه الأسماء»    متى تُعلن نتيجة انتخابات «النواب» 2025؟ وهذا موعد الإعادة بالخارج والداخل    سعر الذهب اليوم الخميس 13-11-2025 في الصاغة.. عيار 21 الآن بعد الارتفاع الجديد    ممثل المجموعة العربية بصندوق النقد الدولي: مصر لا تحتاج لتحريك سعر الوقود لمدة عام    دوامٌ مسائي لرؤساء القرى بالوادي الجديد لتسريع إنجاز معاملات المواطنين    "حقوق المنصورة "تنظم يومًا بيئيًا للابتكار الطلابي والتوعية بمفاهيم الاستدامة وترشيد الاستهلاك    النيابة العامة تخصص جزء من رسوم خدماتها الرقمية لصالح مستشفى سرطان الأطفال    الغرفة التجارية: إيقاف 51 ألف محمول في أكتوبر بسبب تطبيق «الرسوم الجمركية»    الإسكان: الوحدات المطروحة مشطبة وكاملة الخدمات والمرافق    القيادة المركزية الأمريكية: نفذنا أكثر من 22 عملية ضد داعش فى سوريا    إسرائيل تُفرج عن 4 أسرى فلسطينيين من غزة بعد عامين    الخارجية الروسية: تقارير تعليق أوكرانيا المفاوضات تشير لعدم إلتزامها بالسلام    روبيو يعرب عن تفاؤله بصدور قرار أممي بشأن غزة    الاحتلال الإسرائيلي يقصف بالمدفعية أطراف قريتين في ريف درعا الغربي    فضائح الفساد في أوكرانيا تثير أزمة سياسية ورفضا للمناصب الوزارية    إذا قالت صدقت.. كيف تتمسك مصر بملفات أمنها القومي وحماية استقرار المنطقة؟.. من سرت والجفرة خط أحمر إلى إفشال محاولات تفكيك السودان وتهجير أهالي غزة .. دور القاهرة حاسم في ضبط التوازنات الإقليمية    تعرف على ملاعب يورو 2028 بعد إعلان اللجنة المنظمة رسميا    خبير لوائح: قرارات لجنة الانضباط «تهريج».. ولا يوجد نص يعاقب زيزو    بيراميدز في صدارة تصنيف الأندية العربية والأفريقية    الفراعنة يرفعون وتيرة التدريبات قبل اللقاء الودي أمام أوزبكستان    تأكيد لليوم السابع.. اتحاد الكرة يعلن حرية انتقال اللاعبين الهواة بدون قيود    «يتميز بالانضباط التكتيكي».. نجم الأهلي السابق يتغنى ب طاهر محمد طاهر    «مكنش يطلع يستلم الميدالية».. مجدي عبد الغني يهاجم زيزو بعد تصرفه مع هشام نصر    «ده مش سوبر مان».. مجدي عبد الغني: زيزو لا يستحق مليون دولار    بتروجيت: حامد حمدان لم يوقع على أي عقود للانضمام إلى الزمالك    التصريح بدفن جثمان الزوجة المقتولة على يد زوجها فى المنوفية    حادث مرورى بنفق قناة السويس بالإسكندرية وعودة الحركة المرورية    حيثيات حبس البلوجر «سوزي الأردنية»: «الحرية لا تعني الانفلات»    ذروة الهجمة الشتوية.. إنذار جوى بشأن حالة الطقس اليوم: الأمطار الرعدية تضرب بقوة    السيطرة على حريق محل بسبب الأمطار وسوء الأحوال الجوية فى بورسعيد    سحر السينما يضيء القاهرة في افتتاح الدورة ال46 للمهرجان الدولي    محمود فوزي ل"من مصر": قانون الإجراءات الجنائية زوّد بدائل الحبس الاحتياطي    أروى جودة بإطلالة مميزة في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي    أحمد تيمور خليل: ماما مها والدة مى عز الدين معانا بروحها    ريهام حجاج تتألق بفستان كريستالي جذاب وتخطف الأنظار في افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي (صور)    محامي أسرة أم كلثوم: إجراءات قانونية ضد الشركة المخالفة لحقوق كوكب الشرق    قد يؤدي إلى العمى.. أعراض وأسباب التراكوما بعد القضاء على المرض في مصر    مقرمش جدا من بره.. أفضل طريقة لقلي السمك بدون نقطة زيت    مفارقة أكتوبر الأرقام تكشف ارتفاعًا شهريًا وتراجعًا سنويًا فى التصخم    أكلات مهمة لطفلك ولكن الإفراط فيها يضر بصحته    عودة الآثار    مركز أبحاث طب عين شمس يحتفل بمرور خمس سنوات علي إنشاءه (تفاصيل)    محمد رمضان يقدم واجب العزاء فى إسماعيل الليثى.. صور    قصر صلاة الظهر مع الفجر أثناء السفر؟.. أمين الفتوى يجيب    طلاب كلية العلاج الطبيعي بجامعة كفر الشيخ في زيارة علمية وثقافية للمتحف المصري الكبير    رئيس الإدارة المركزية لمنطقة شمال سيناء يتفقد مسابقة الأزهر الشريف لحفظ القرآن الكريم بالعريش    وزيرالتعليم: شراكات دولية جديدة مع إيطاليا وسنغافورة لإنشاء مدارس تكنولوجية متخصصة    ضبط مصنع حلويات بدون ترخيص في بني سويف    انطلاق اختبارات «مدرسة التلاوة المصرية» بالأزهر لاكتشاف جيل جديد من قراء القرآن    البابا تواضروس الثاني يستقبل سفيرة المجر    الرئيس السيسي يصدق على قانون الإجراءات الجنائية الجديد    رئيس الوزراء يتفقد أحدث الابتكارات الصحية بمعرض التحول الرقمي    السعودية تستخدم الدرون الذكية لرصد المخالفين لأنظمة الحج وإدارة الحشود    «لو الطلاق بائن».. «من حقك تعرف» هل يحق للرجل إرث زوجته حال وفاتها في فترة العدة؟    رئيس هيئة الرقابة المالية يبحث مع الأكاديمية الوطنية للتدريب تطوير كفاءات القطاع غير المصرفي    وزارة العمل تكشف نتائج حملات التفتيش على تطبيق قانون العمل الجديد في القاهرة والجيزة    18 نوفمبر موعد الحسم.. إعلان نتائج المرحلة الأولى لانتخابات النواب 2025 وخبير دستوري يوضح قواعد الفوز وحالات الإعادة    دعاء الفجر | اللهم ارزق كل مهموم بالفرج واشفِ مرضانا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



سباق التسلح وصراع الطاقة والانقسام الطائفى مؤشراتها
العالم على أعتاب حرب عالمية ثالثة ميدانها الشرق الأوسط
نشر في الوفد يوم 01 - 12 - 2014

نعيش هذه الأيام الذكرى المائة للحرب العالمية الأولى،و التى قامت بسبب الصراع العرقى كما يذكر "صمويل هاننجتون" فى كتابه "صراع الحضارات"،و تكاثرت آراء و اجتهادات المفكرين و المتخصصين فى شئون الشرق الأوسط و السياسة الخارجية للمعسكرين الغربى المتمثل فى الولايات المتحدة و حلفائها الأوروبيين و نظيره الشرقى و الذى يتمثل فى روسيا و الصين و اليابان و كوريا و تايوان،فى تفسير و رصد تحركاتهم و ربطها بالحالة الراهنة فى الدول العربية بصفة عامة ،و العراق و سوريا و اليمن و ليبيا بصفة خاصة.
و يشبه البروفيسور"جون كيجر" أستاذ التاريخ الأوروبى فى جامعة كامبريدج أن مبدأ توازن القوى فى العالم هام و لابد من وضعه فى الاعتبار ،حيث أنه من ضمن أسباب قيام الحرب العالمية الأولى هو منافسة و صعود القوة الروسية فى مواجهة مثيلاتها الألمانية و الأوروبية الأخرى(إنجلترا و فرنسا و إيطاليا و النمسا و الباقين) مجتمعة،و مع استحضار هذا المشهد الآن يقول "كيسنجر" أن صعود الصين الآن و منافستها للقوة الأمريكية و الأوروبية مجتمعة مرة أخرى مماثل لنفس الموقف منذ 100 سنة،و لكن فى المقابل هذه المرة القوة الصينية مجتمعة مع مثيلاتها الروسية و الكورية.
هناك آراء أخرى ترى أن اجتماع مجموعة القوات المسلحة الغربية و العربية الذين يحاربون فى منطقة الشرق الأوسط ما هى إلا عمليات عسكرية لمحاربة الإرهاب،أما الرأى الثالث و يمثله جيمى كارتر الرئيس الأمريكى الأسبق أنها بمثابة حرب "عالمية ثالثة" فى الشرق الأوسط ،و ردد هذه العبارة فى أحد زياراته إلى القاهرة بعد ثورة 25 يناير 2011،
و قال فى نهاية زيارته: "أشم رائحة الحرب العالمية الثالثة"،و بالنظر إلى ساحات القتال و الصراعات الموجودة الآن بين الجماعات الإثنية و العرقية من جهة، و بين جماعات الإسلام السياسى والنشطاء الحقوقيين ضد أنظمة بلادها الحاكمة من جهة أخرى،نجد أن هناك دعوة لمناقشة "افتراض" وقوع حرب عالمية ثالثة و يكون ميدانها فى الشرق الأوسط حيث الصراع العرقى و الإثنى على أشده.
مع الوقت توافرت معطيات و عوامل وقوع لمثل هذه الحرب و هى:
أولا:سباق التسلح:
تتسابق الدول الكبرى بما فيها الدول العربية لتسليح جيوشها خاصة خلال الثلاث سنوات الماضية، حيث صرح المتخصصون فى قناة "دويتش فيلا" الألمانية الأسبوع الماضى أن مصانع الأسلحة الألمانية باعت للدول العربية و على رأسها دول الخليج العربى كميات و معدات من الأسلحة المتنوعة بين خفيفة و ثقيلة، خلال الشهور القليلة الماضية ما لم تبعه فى تاريخ ألمانيا بالكامل، كما تصاعدت جيوش إلى المراتب المتقدمة بين جيوش العالم فى العدد و السلاح و على رأسها الصين الذى يبلغ عدد أفراد جيشها ما يزيد عن 2 مليون جندى، و كوريا الشمالية التى يصل احتياطى جنودها إلى 7 ملايين جندى، و الهند و عودة قوة الجيش الروسى من بين أقوى عشرة جيوش على مستوى العالم ،إلى جانب الجيش الأمريكى والبريطانى و الألمانى الذين يأتون فى مراتب متأخرة بعد الجيوش الآسيوية،و كذلك صعود الجيش الإسرائيلى من بينهم.
وتناولت وسائل الإعلام الألمانية و من بينهم مجلة "دير شبيجل" التى تم ذكرها فى أحد البرامج الحوارية الأسبوع الماضى فى التليفزيون الألمانى أن حلف الناتو يطالب الآن الدول الأوروبية و حتى الشرقية منها أن يكون لديها كميات و أنواع معينة من المعدات و الطائرات على رأسها "اليورو فايتر"بما لا يقل عن 60 طائرة لكل دولة،تكون جاهزة و على أهبة الاستعداد للقتال فى أية لحظة.
و تساءل المتخصصون "ما هى الحرب التى يطلب فيها حلف الناتو أن تتوفر لألمانيا فقط على سبيل المثال لا الحصر 60 طائرة "يورو فايتر"،فى حين أنها تمتلك 40 طائرة جاهزة للاستخدام الفورى؟.
وزاد أعداد و حجم و تسليح الجماعات الإرهابية و على رأسها "داعش"و "جيش الشيعة" الذى تم تكوينه من قبل نورى المالكى قبل توليه رئاسة الوزراء فى العراق بتمويل أمريكى،لضرب القوى السنية هناك تمهيدا لإقامة دولة شيعية مستقلة فى العراق فى المستقبل.
أما عن الفصائل المسلحة المتعددة فى الشرق الأوسط و أفغانستان و إفريقيا و على رأسها الصومال والكونغو، فقد دخلت فى مقارنة و ترتيب على مستوى العالم بينها و بين الجيوش الرسمية للدول كما تذكر مواقع"التوب تن و الويكيبيديا"،فقد زادت أعدادها المئات و بلغت أكثر من 500 ألف مجاهد و مقاتل فى بعض المناطق و الدول.
ثانيا:مصادر الطاقة:
كان ديك تشينى وزير الدفاع الأمريكى الأسبق أعد بحثا استراتيجيا عن مصادر الطاقة فى العالم و توزيعها فى الدول ، و جاءت العراق و سوريا و دول الاتحاد السوفييتى القديم من أهم الأراضي الحاضنة للبترول و الغاز الطبيعى، و نشرت شبكة "ثورات و حقائق سرية"هذا البحث الذى تضمن خطة تمهيد الأرض للعمليات العسكرية من سنة 2000 حتى 2008 ،بما فى ذلك إعادة توزيع و توازن القوى الاستراتيجية بين الولايات المتحدة و مثيلاتها الروسية المصحوبة بالقوى الاقتصادية و العسكرية الصينية بشكل مباشر،و ذكر البحث أن هناك "سلما عالميا جديدا"على حد تعبيره،تبحث كل قوة عن مكان و ترتيب داخله و من بين عوامل الحصول على ترتيب متقدم هو السيطرة على الممرات البحرية التى تتحكم فى حركة تجارة البترول و مشتقاته على مستوى العالم،و هو ما تحاول الولايات المتحدة و حلفاؤها فى "الناتو" عمله بفرض قواهم العسكرية فى كل من العراق التى تطل على الخليج العربى و بحر العرب مشتركة مع إيران،سوريا و تحكمها فى حركة نقل الغاز الطبيعى من أذربيجان و إيران مرورا بالأراض السورية و منها إلى البحر المتوسط ثم إلى أوروبا.
و الطريق الثالث الذى يتحكم فيه مضيق باب المندب فى اليمن،تشعل الولايات المتحدة نيران الحرب الأهلية بين السنة و الشيعة بتقوية و تسليح "الحوثيين"تمهيدا للتحكم فى المضيق.
ثالثا:أوضاع الدول العربية و الشرق أوسطية"ميدان المعركة":
بالنظر إلى أوضاع دول الشرق الأوسط و التى من المفترض أن تكون أراضيها و هى بالفعل الآن ساحة للحرب ، فسنجد أن معظم الدول ذات أنظمة سياسية ضعيفة حتى و إن ما زالت فى مكانها،مثل العراق و سوريا و اليمن لأنها ليست على المستوى المطوب من إحكام السيطرة على مقاليد الأمور فى بلادها سواء على المستوى العسكرى أو الاقتصادى أو السياسى .
حيث نشأت أطراف داخلية و خارجية متناحرة فيما بينها و بين السلطة الرسمية للبلاد على اقتسام كعكة الحكم،مع الاختراق المخابراتى والتمويلى الذى يحدث داخل هذه الخلايا و الفصائل وتفريغ كيانات ومجتمعات هذه الدول من أسباب قوتها على المستوى الديموجرافى والاقتصادى و العسكرى أيضا ، مصحوبا بالاستدعاء و الاستنزاف المستمر للجيوش داخل أراضيها فى معارك فرعية،و هذا ما يسمى فى علم السياسة بأساليب "الإنهاك السياسى"للدول.
رابعا:الحرب الباردة الجديدة:
يؤكد كل المحللين السياسيين و الشخصيات الفاعلة فى الماضى و الحاضر على نشوب أو عودة الحرب الباردة بين المعسكرين الغربى و الذى يتمثل فى الولايات المتحدة و حلفائها،و نظيره الشرقى و المتمثل فى روسيا و حلفائها الآسيويين الآن،حيث عادت بوادر هذه الحرب فور تولى الرئيس الروسى الحالى "فلاديمير بوتين" رئاسة الوزراء فى1994،عندما أسس شركة "بروم"الروسية عام 1995 و التى تستخرج الغاز الطبيعى من أذربيجان و دول الاتحاد السوفييتى القديم لتصديره إلى أوروبا،و هو الأمر الذى وجدته الولايات المتحدة يمثل تهديدا لمصالحها التجارية .
وفى المقابل قامت بإنشاء شركة "ناباكو" و التى تتحدى و تنافس مثيلاتها الروسية على نفس الآبار فى نفس الدول، ثم تلتها محاولات الفريق الأمريكى بتمويل الجماعات المسلحة من المجاهدين و غيرهم فى أفغانستان و الصومال ، و الآن العراق و سوريا و غدا ليبيا و اليمن ، وذلك لقطع الطريق أمام قوة روسيا و حلفائها الصاعدين فى المنطقة.
ويقول "ستيفن كوهين" فى مقاله الذى نشر تحت عنوان "الصمود فى مواجهة نذير الحرب الباردة" فى صحيفة "لو موند ديبلوماتيك" الأسبوع الماضى،أن حلف الناتو يحاصر الروس الآن فى القواعد العسكرية وقواعد الصواريخ ،تحسبا للجوء روسيا إلى السلاح النووى فى مواجهة الناتو
وحليفها الولايات المتحدة على أرض المعركة أينما كانت.
و يذكر "كوهين" أن هنرى كيسينجر و جيمى كارتر فى مناسبة أخرى وجه كلاهما انتقادات شديدة للسياسة الخارجية للرئيس الأمريكى الحالى باراك أوباما فى الشرق الأوسط ، واعتبرها كيسينجر أنها متغيرة و غير ثابتة أو عاقلة بحيث تقود المنطقة إلى الاستقرار فى مواجهة ما نعت به الرئيس الروسى بوتين بأنه لديه صفات"الشيطنة" على حد تعبيره،و أضاف كيسينجر أنه لا يوجد حول أوباما من المستشارين الناصحين له بكل أمانة ،سواء داخل الكونجرس أو خارجه بل إنه يستجيب مع الباقين لأصحاب دعاوى الحروب،كما هو الحال فى ألمانيا حيث صار لمصنعى الأسلحة فى السنوات الأخيرة "لوبى" فى منتهى القوة ،يملى أوامره على الحكومة الألمانية نفسها كما ورد فى برنامج حوارى فى قناة "الدويتش فيلا".
و يعتبر المحللون أن أول استعراض للقوة الروسية على الأرض كان فى أوكرانيا خلال الأزمة السابقة ،و التى تحدى فيها بوتين القوة الأمريكية و الأوروبية ،نظرا لإستراتيجية موقع جزيرة القرم التى تعتبر المنفذ الوحيد لمرور تجارة الغاز الطبيعى من دول البحر الأسود و بحر قزوين و دول الاتحاد السوفييتى القديم إلى مضيق هرمز و إيران وصولا إلى المياه الدافئة و منها إلى أوروبا و أمريكا، و هو الأمر الذى وجدته القوى الغربية مهددا رئيسيا لمصالحها و شريان الحياة و الطاقة لها فى المنطقة، فانطلقت لمواجهة المارد الروسى الجديد بفرض العقوبات التجارية تجنبا للمواجهة العسكرية التى قد تمتد لاستخدام الجانب الروسى للسلاح النووى.
و بالنظر مرة أخرى لدعاوى العسكريين الأمريكيين و الأتراك للدخول و المواجهة البرية مع تنظيم "داعش" فى سوريا،نجد أنفسنا أمام احتمال كبير للجوء الرئيس السورى "بشار الأسد" إلى الاستعانة بالقوة الروسية العسكرية،و هى أحد مشاهد الحرب الباردة بين الأمريكيين و الروس على أرض سوريا،و هو ما يبدى تخوف "كيسينجر" من تداعيات وقوع المزيد من الخسائر نظير عودة الحرب الباردة مرة أخرى بين المعسكرين،و قال "أن على الإدارة الأمريكية أن تدرك النتائج الكارثية عليها و على باقي بلدان العالم ،والتى قد تحدث فى مقابل سياستها الحالية"جاء ذلك فى مقال ستيفان كوهين فى مجلة "ذا نيشن" فى نيويورك فى سبتمبر الماضى.
و يدعو الرئيس الأمريكى الأسبق "جيمى كارتر" نظيره أوباما إلى التدخل الشخصى فى حل مشكلات الشرق الأوسط ممثلا لدور الوساطة الأمريكية الفاعلة،و ذلك تمشيا مع خطوات كارتر فى كامب ديفيد و كلينتون فى حل مشكلة الصراع العربى الإسرائيلى سابقا،مما يعنى أن التدخل العسكرى ليس كافيا كما يراه كارتر و كيسينجر أيضا الذى يؤكد على ضرورة وجود دليل داخلى أمين يقود و يدل القوات الأمريكية على طريقها فى دروب المعركة البرية على أرض سوريا.
و كان ل " أود أرنى ويستاد" الأستاذ الباحث فى جامعة كامبريدج البريطانية رأيا مماثلا فى نفس القضية،حيث ذكر فى كتابه الصادر مؤخرا بعنوان"الحرب الباردة العالمية و تدخل القوى العظمى فى دول العالم الثالث"،و أشار إلى إثبات فشل كل التدخلات الخارجية للولايات المتحدة لحل مشكلات الشعوب سواء فى إفريقيا أو كوبا أو أفغانستان أو فيتنام و غيرها من الدول،التى تبارت فى محاربة الوجود و السيطرة الروسية على أنظمتها،ووصف "ويستاد" التدخل الأمريكى بأنه "مدمر" على حد تعبيره ولم تجن من ورائه شعوب هذه الدول سوى التراجع و التأخر عن اللحاق بركب الشعوب المجاورة لها.
و يدعونا ويستاد إلى النظر فى تاريخ الحرب الباردة التى قادت أصحابها فى النهاية مثل الرئيس الروسى الأسبق "جورباتشوف" إلى وضع نهاية لهذه الحرب نظرا لاستنزافها موارد و جيش بلاده،و البحث عن حليف الغد بدلا من معاداته.
وبالطبع عند النظر إلى الحرب الخفية الدائرة بين الأمريكيين و الروسيين سنجد أن شعوب الدول العربية مثل العراق و سوريا و اليمن و ليبيا هى التى تدفع الثمن غاليا جدا، بل و تحقق أهدافا كانت بعيدة المنال من دولتى إيران عندما قال المرشد الايرانى "خامنئى " و هو على فراش المرض فى باريس فى سبتمبر الماضى"إن أمريكا تطربنى بما تفعله"و رفض تخلي أو اشتراك بلاده فى الحرب على داعش بما يعنى فى طيات الحديث أن المهمة ستكتمل فى القضاء على القوة السنية المسلحة ستتم بدون أن تتسخ أيديهم بنقطة دم واحدة.
و على الجانب التركى أيضا تنتظر إدارة "أردوجان" إسقاط نظام بشار الأسد فى تركيا حتى تتدخل فى شمال سوريا و تقضى على ما تبقى من "حزب العمل الكردستانى" النسخة السورية من مثيله التركى و هو أحد المنافسين و المعارضين الأقوياء له فى تركيا.
رابعا:الشرعية الدولية للحرب:
أصدرت الأمم المتحدة قرارا يسمى"المسئولية من أجل حماية الشعوب"،و هو قرار تم إصداره عقب التفجيرات التى وقعت فى 11 سبتمبر فى الولايات المتحدة عام 2001،و تم تفعيله فى عام 2005 و ذلك لتبرير التدخل العسكرى من قبل الدول الأعضاء فى الأمم المتحدة،إبان طلب أي من شعوب الأرض الحماية من بطش و اضطهاد أنظمتها السياسية لها،مع عدم قدرتها على حماية نفسها مثلما كان الحال فى رواندا و كوسوفو ،و التى اعتبرت إدارة الأمم المتحدة نفسها مقصرة فى حماية هذه الشعوب من الجرائم اللا إنسانية التى وقعت ضدها،و لم يكن هناك ذريعة لدى هذا الكيان الدولى للتدخل لحمايته،فابتدع و اقترح "كوفى عنان" أمين عام الأمم المتحدة السابق هذا المبدا أول مرة فى اجتماع الجمعية العامة فى الألفية الجديدة عام 2000.
و بالتالى تستند و تتكىء القوى الدولية المتحالفة فى مواجهة تنظيم "داعش" الإرهابى إلى هذا السند القانونى الدولى الذى يبرر تدخلها العسكرى فى كل البلاد العربية المنكوبة،و التى ضربت ليبيا فيها المثل الحى عندما طلبت من حلف الناتو حماية شعبها من ظلم القذافى،و تلتها العراق فى طلبها الحماية من الولايات المتحدة من تنظيم "داعش".
و من كل ما سبق يمكننا أن نظل فى صفوف المراقبين لتطورات الأحداث على أرض المعركة التى يحذر المتخصصون من الوصول لحد المواجهة العسكرية بين المعسكرين الغربى و الشرقى على أرض سوريا و العراق، بحجة القضاء على تنظيم "داعش"، و هل يمكن أن تتحقق نبوءة "كارتر"بوقوع الحرب العالمية الثالثة فى الشرق الأوسط بعد هذه المعركة متعددة الأطراف؟.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.