هو صريح وعلى الصحفيين تقدير ذلك، متحدثة البيت الأبيض تبرر وصف ترامب لمراسلة ب"خنزيرة"    فلسطين.. قوات الاحتلال تعتقل شابًا من طولكرم شمال الضفة الغربية    هشام حنفي: أتمنى تتويج المنتخب الثاني بلقب كأس العرب.. وأحمد الشناوي كان يستحق فرصة في مباراتي الفراعنة    زد يفاوض كهربا للعودة للدوري المصري عبر بوابته (خاص)    أخبار فاتتك وأنت نايم | إغلاق الطريق الصحراوي بسبب الشبورة.. قائمة منتخب مصر في كأس العرب    والدة هند رجب تبكي الحضور في افتتاح مهرجان الدوحة السينمائي 2025    محمد منصور: تحولت في يوم وليلة من ابن عائلة ثرية إلى طالب فقير ومديون.. ومكنتش لاقي فلوس آكل    رئيس مياه البحيرة يتابع الموقف التنفيذي لمشروعات «حياة كريمة»    محافظ البحيرة تلتقى أعضاء مجلس الشيوخ الجدد وتؤكد على التعاون المشترك    أبرز مواجهات اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025 في مختلف الدوريات العالمية    الأزهر ينظِّم مهرجانًا ثقافيًّا للطفل المبدِع والمبتكِر    محافظة الإسكندرية تعلن إغلاق الطريق الصحراوي بسبب الشبورة    البابا تواضروس: مصر واحة الإيمان التي حافظت على وديعة الكنيسة عبر العصور    أوقاف القاهرة تنظّم ندوة توعوية بالحديقة الثقافية للأطفال بالسيدة زينب    طلب هام.. تطور جديد بشأن «نورهان» قاتلة أمها في بورسعيد    المؤشر نيكي الياباني يتراجع بفعل هبوط أسهم التكنولوجيا    غلق الطريق الصحراوي بالإسكندرية بسبب شبورة كثيفة تعيق الرؤية    خاص| عبد الله المغازي: تشدد تعليمات «الوطنية للانتخابات» يعزز الشفافية    أسعار العملات أمام الجنيه المصري اليوم الجمعة 21 نوفمبر 2025    عراقجي يؤكد جاهزية إيران لهجوم إسرائيلي جديد بصواريخ مطوّرة    نجوم «صديق صامت» يتألقون على السجادة الحمراء بمهرجان القاهرة    «المهن التمثيلية» تحذر من انتحال اسم مسلسل «كلهم بيحبوا مودي»    فضل سورة الكهف يوم الجمعة وأثر قراءتها على المسلم    دعاء يوم الجمعة.. ردد الآن هذا الدعاء المبارك    ما الأفضل للمرأة في يوم الجمعة: الصلاة في المسجد أم في البيت؟    إصابة 4 أشخاص في انقلاب توك توك بطريق تمي الأمديد في الدقهلية    محمد رمضان يغنى يا حبيبى وأحمد السقا يشاركه الاحتفال.. فيديو وصور    عازف البيانو العالمي لانج لانج: العزف أمام الأهرامات حلم حياتي    لأسباب إنتاجية وفنية.. محمد التاجي يعتذر عن مشاركته في موسم رمضان المقبل    بعد 28 عاما على وفاتها، الأميرة ديانا تعود إلى "متحف جريفين" في باريس ب"فستان التمرد" (صور)    سرب من 8 مقاتلات إسرائيلية يخترق الأجواء السورية    التنسيقية: فتح باب التصويت للمصريين بالخارج في أستراليا بالمرحلة الثانية لانتخابات مجلس النواب    إحالة المتهم بقتل مهندس كرموز ب7 رصاصات في الإسكندرية للمحاكمة الجنائية    القرنفل.. طقس يومي صغير بفوائد كبيرة    نائب رئيس الألومنيوم يعلن وفاة مدرب الحراس نور الزاكي ويكشف السبب    سبب غياب راشفورد عن تدريبات برشلونة    تجديد حبس سيدتين بسبب خلاف على أولوية المرور بالسلام    تجديد حبس المتهمين بسرقة طالب بأسلوب افتعال مشاجرة بمدينة نصر    أسامة كمال: نتنياهو يتجول في جنوب سوريا.. وحكومتها لا هنا ولا هناك تكتفي ببيان «انتهاك خطير».. وبس كده!    بنك مصر والمجلس القومي للمرأة يوقعان بروتوكول تعاون لتعزيز الشمول المالي وتمكين المرأة    كاسبرسكي تُسجّل نموًا بنسبة 10% في المبيعات وتكشف عن تصاعد التهديدات السيبرانية في منطقة الشرق الأوسط    الكويت تدين بشدة الهجمات الإسرائيلية على غزة وتدعو لتحرك دولى عاجل    مستوطنون يشعلون النار فى مستودع للسيارات بحوارة جنوبى نابلس    "عائدون إلى البيت".. قميص خاص لمباراة برشلونة الأولى على كامب نو    ضياء السيد ل dmc: الرياضة المصرية بحاجة لمتابعة دقيقة من الدولة    كأس العرب .. الننى والسولية وشريف على رأس قائمة منتخب مصر الثانى    ستارمر يستعد لزيارة الصين ولندن تقترب من الموافقة على السفارة الجديدة بدعم استخباراتي    وزير الرياضة يطمئن على وفد مصر في البرازيل بعد حريق بمقر مؤتمر المناخ    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    غلق باب الطعون الانتخابية بعدد 251 طعنا على المرحلة الأولى بانتخابات النواب    تطعيم 352 ألف طفل خلال الأسبوع الأول لحملة ضد الحصبة بأسوان    هل عدم زيارة المدينة المنورة يؤثر على صحة العمرة؟.. أمين الفتوى يوضح    احتفالية مستشفى الناس بحضور سفراء ونجوم المجتمع.. أول وأكبر مركز مجاني لزراعة الكبد بالشرق الأوسط "صور"    أطعمة تعيد التوازن لأمعائك وتحسن الهضم    الجبهة الوطنية يكلف عبد الظاهر بتسيير أعمال أمانة الجيزة عقب استقالة الدالي    رئيس الوزراء: مشروع الضبعة النووي يوفر 3 مليارات دولار سنوياً    محافظات المرحلة الثانية من انتخابات مجلس النواب وعدد المترشحين بها    دعاء الفجر| اللهم إن كان رزقي في السماء فأنزله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



3 محاور إسرائيلية لتهويد القدس وهدم الأقصى
نشر في الوفد يوم 28 - 11 - 2014

أتاح انشغال المنطقة العربية بربيعها العربي وتداعياته فرصة لتسريع سياسة إسرائيل في تهويد القدس والمقدسات وفرض هيمنتها على المسجد الأقصى.
وتسابق إسرائيل الزمن لحسم معركة القدس والأقصى عبر إقامة المشاريع التهويدية والاستيطانية بالمدينة المحتلة، وتستغل أيضاً انشغال المجتمع الدولي بتداعيات الربيع العربي والمخاض الذي تمر به الثورات والتحديات التي تواجه الشعوب العربية والإسلامية بتصعيد وتيرة اقتحامات المستوطنين والجيش للمسجد الأقصى، وإقرار مشاريع قوانين بالكنيست تكرس السيادة الإسرائيلية على ساحات الحرم وتمهد لبناء الهيكل المزعوم.. ويرون أن الأوضاع الإقليمية غير مستقرة وقابلة للتغير ويجزمون بأن المستقبل مبهم، ومن هنا تجدهم يسارعون لفرض حقائق ميدانية ومشاريع استيطانية وتهويدية، لفرض السيادة على الحرم القدسي الشريف والسيطرة على كامل المدينة المحتلة.
ففي الماضي لم يطرح الملف بشكل كبير من قبل هذه الجمعيات وإن كانت تريد وتتطلع لذلك، لكن الظروف التي تعصف بالشرق الأوسط والدول العربية والإسلامية تعتبرها إسرائيل ظروفاً في غير صالحها، فهي تسابق الزمن لفرض وقائع وحسم ملف القدس والأقصى وتصفية القضية الفلسطينية.
وإسرائيل دائماً تكون لديها مخططات جاهزة، لأن هناك من يرى في المسجد الأقصى «هيكل سليمان»، ويعتقدون أن هيكل سليمان المزعوم مكان المسجد ولا يخفى على أحد أن جزءاً كبيراً مما يحدث في المنطقة إسرائيل ليست بعيدة عنه، لأن لديها مخططاً لتقسيم المنطقة، وتريد تحويل المنطقة لدويلات وطائفية حتى تبرر وجود دولتها اليهودية وسط هذه الصراعات.
ومن شأن الأحداث في منطقة الشرق الأوسط التي تتسم بعدم الاستقرار وبالصراعات العرقية والطائفية والدينية والقبلية، إلى جانب محاربة تنظيم داعش، أن تخلق شعوراً بصرف النظر إقليمياً ودولياً عما يدور في القدس، ومع ذلك فإن من شأن تطورات درامية في القدس ان تشكل احتمالاً لأن تكون الكارت الذي «يغير قواعد اللعبة»، فالحساسية الدينية التي تسود في المكان من شأنه أن تخلق تأثيراً على دوائر واسعة تبدي تضامناً مع المكان وأن تثير في جميع أنحاء العالم العربي والإسلامي موجات دعم لسكان المدينة العرب بدرجات عنف متفاوتة.
وإذا كان رئيس الوزراء الإسرائيلى الأسبق «شارون» قد تحدث مرة فى أحد الحوارات الصحفية قائلا : «أخشى أن يظهر صلاح الدين جديداً فى العالم العربى والإسلامى»، فإن الصحفية التى كانت تجرى الحوار معه قد ردت عليه قائلة: «ولكن العالمين العربى والإسلامى فى حالة صعبة من التمزق والانحلال»، فإذا بتعليقه العميق قد تضمن قوله: «فى مثل هذا المشهد العربى والإسلامى ظهر صلاح الدين» وتحسباً لهذا الوضع تسرع إسرائيل إجراءاتها لتهويد القدس وهدم المسجد الأقصى عبر ثلاثة محاور رئيسية:
آخر الاختراعات اليهودية:
مدينة أنفاق متكاملة للصلاة فى معابد أسفل الأقصى
منذ اللحظة الأولى لاحتلال مدينة القدس تقوم قوات الاحتلال الإسرائيلية بسلسلة من الإجراءات، الهدف منها إحكام قبضتها وسيطرتها على المدينة، تهويدها وهذه الإجراءات مستمرة إلى الآن دون توقف، فقد قام حاخام الجيش «الإسرائيلي» شلومو جورين عام 1967 بالوقوف قريباً من حائط البراق وأقام الصلاة فيه معلناً أن القدس هي لليهود ولن يتراجعوا عنها أبداً، وآخر الاختراعات التي طغت على الساحة بشكل لافت في الأيام الأخيرة هي ان اسرائيل تسعى جاهدة من خلال حفرياتها للقضاء على التراثين الإسلامي والمسيحي وتدمير المقدسات، وطمس كل ما هو عربي إسلامي، وصبغها بالصبغة العبرية، حيث تجلى ذلك بالعديد من الخطوات التي اتخذتها سلطات الاحتلال، فقامت بالعديد من الحفريات حول المسجد الأقصى المبارك وتحته للبحث عن أسطورة «الهيكل المزعوم» مدعية أنه موجود في منطقة المسجد الأقصى المبارك. والاحتلال منذ مطلع عام 2007 قام بتكثيف حفرياته أسفل وفي محيط المسجد الأقصى. إذ قام بهدم السور الخشبي وغرفتين قرب حائط البراق، بعد الكشف عن وجود نفق جديد يجرى حفره أسفل الحرم القدسي. هذه الحفريات تزامنت مع تشديد إجراءات منع الفلسطينيين بمن فيهم سكان القدس المحتلة من الصلاة في الحرم القدسي.
وما تقوم به سلطات الاحتلال الإسرائيلى فى القدس بالقوة هو الأمر الواقع الذى يفرض نفسه على الأرض، فما هو الوضع القانونى المتعلق بعلاقة إسرائيل بالقدس من الناحية النظرية.
كشفت «مؤسسة الأقصى للوقف والتراث» أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تضع اللمسات الأخيرة لافتتاح أنفاق وقاعات واسعة أسفل منطقة باب المطهرة على بعد 20 متراً عن الحدود الغربية للمسجد الأقصى، وذلك بعد عمليات حفريات وتفريغات ترابية وتغييرات واسعة في الموقع استمرت لعشر سنوات.
وقالت «مؤسسة الأقصى» الناشطة في الدفاع عن المقدسات الإسلامية بالأراضي الفلسطينية المحتلة إن عشرات العمال يقومون بأعمال شبه ختامية في أطراف الموقع أسفل الوقف الإسلامي المعروف بوقف حمام العين – نهاية شارع الواد – في البلدة القديمة بالقدس المحتلة وليس بعيدا عن منطقة حائط البراق. وأشارت إلى أن الاحتلال يخطط قريبا لافتتاح الموقع الذي يتضمن أنفاقا وقاعات واسعة استمرت عمليات الحفريات فيها أكثر من عشر سنوات بشيء من السرية وتحويله الى موقع تهويدي تحت اسم «خلف جدارنا».
وكشفت ان الاحتلال الإسرائيلي قام على مدار عشر سنوات بحفريات واسعة ومتشعبة أسفل منطقة باب المطهرة تتضمن عملية حفر وتفريغ ترابي واسع، حفر أنفاق ترتبط بشبكة أنفاق الجدار الغربي للأقصى، حفريات تكشف عن قاعات واسعة في الموقع ذاته. وأوضحت أن من يقوم على مشاريع الحفريات والتهويد المذكورة كل ما يسمى «صندوق الحفاظ على إرث المبكى» (المسمى الاحتلالي الباطل لحائط البراق) وهي شركة حكومية تابعة مباشرة لمكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو، بالإضافة الى ما يسمى ب «سلطة الآثار الإسرائيلية»، وأن من بادر ومول هذا المشروع ابتداء هو جمعية «عطيرت كوهنيم» الاستيطانية.
وأكدت أن كل الموجودات الأثرية في الموقع هي موجودات إسلامية عريقة وأبنية مقوسة وقناطر من فترات إسلامية متعاقبة، خاصة من الفترة المملوكية، لكن الاحتلال الاسرائيلي يخطط لطمس وتزييف حقيقة هذه المعالم ويدعي أنها من تاريخ الهيكل المزعوم.
وأحد أهم أحداث العام الحالى هو الإعلان فى إسرائيل بطريقة صريحة ومدوية عن نيتهم لإقامة الهيكل اليهودى مكان المسجد الأقصى، وهو ما أعلنوا عنه بوضوح عند افتتاحهم لكنيس «الخراب» بالقدس عبر الإشارة إلى نبوءة يهودية تتضمن أن إقامة الهيكل مكان المسجد الأقصى ستحدث عقب إقامة كنيس الخراب.
والخطير ان تلك الخطوات الإسرائيلية تتضمن تجهيزات قتالية لتنفيذ مخطط الاستيلاء على المسجد الأقصى بالقوة فى الوقت الذى يتطلب الأمر ذلك، دون توقفهم عن مواصلة استخدام وسائل عديدة ما زالوا يستكملون بواسطتها ما بدأوه خطوة خطوة ضد الأقصى منذ أكثر من أربعين عاما بمجرد احتلالهم للمدينة المقدسة، ومازالوا يقومون بالتطوير فيما اقترفوه ووضع اللمسات شبه النهائية عليه.
ويؤدى اليهود الصلاة اليهودية تحت أرض المسجد الأقصى فى ثلاثة معابد أو كنس هى: كنيس «مقابل قدس الأقداس»، وهو يحمل هذا الاسم باعتباره موجوداً بالقرب من أسفل قبة الصخرة التى يعتبرون أنها كانت حسب زعمهم موقع «قدس الأقداس» بالهيكل اليهودى، وكنيس «قنطرة ويلسون» تحت المدرسة «التنكزية» التى هى جزء من المسجد الأقصى. أما الكنيس الثالث فهو كنيس أقاموه مكان «مصلى المدرسة التنكزية» نفسه، وهذه المدرسة جزء من المسجد الأقصى، إنما تتميز بأن لها بابا من ناحية حائط البراق من خارج المسجد، ولها فى الطابق الأعلى باب يؤدى إلى المسجد الأقصى، وهم يدخلون حالياً من الباب الخارجى.
وهناك ما هو أكثر من ذلك، وهو أمر يفسر مدلول التحذير الذى كثيرا ما كرره المقدسيون حول أن الأنفاق التى حفرها ثم جهزها الإسرائيليون قد حولت ما تحت أرض المسجد الأقصى إلى ما يمكن اعتباره مدينة سياحية يهودية.. إلا أن العرب والمسلمين قد تعاملوا مع نداءات المقدسيين برتابة، قد تصل إلى درجة التجاهل. بينما الحقيقة أن هذا التحذير من الأنفاق الذى جف حلق المقدسيين فى الصياح لتنبيهنا إلى خطورته على المسجد الأقصى لم تكن فيه أية مبالغة. لأنه بالإضافة للجولات السياحية داخل ما يسمى بنفق الجدار الغربى وهى الجولة التى أشرنا إليها فى النقطة السابقة، فهناك أيضاً جولة سياحية أخرى يتم فيها استخدام طريقة «الصوت والضوء» عبر نفق تم افتتاحه فى 28 سبتمبر 2005 تحت المسجد الأقصى يسمى بنفق أو متحف قافلة الأجيال العبرية حيث تم تصميم محتوياته على درجة عالية من الفن والإبهار قام به مصمم يهودى صاحب تصميمات عالمية باستخدام الزجاج بطريقة فنية مع استخدام الإضاءة والدخان وبالطبع الموسيقى وصوت الراوى الذى يحكى تاريخ ما يسمونه بالأمة اليهودية منذ البداية بمرحلة يسمونها «الآباء والأسباط» ثم مرحلة «الملوك» التى يحكون عبرها عن الدولة التى أسسها سيدنا داود وسيدنا سليمان.
الاستيطان.. حملة مسعورة لاغتصاب «ما تبقى» من المدينة المقدسة
شكل الاستيطان الأداة الرئيسية للحركة الصهيونية في فرض سيطرتها السياسية بالتدريج على فلسطين منذ أواخر القرن التاسع عشر ولقد كانت حدود الاستيطان إضافة للقوة المسلحة تقرر إلى حدٍ ما الحدود السياسية المقترحة ل (إسرائيل) ويقول موشيه سنيه رئيس قيادة الهاجاناة في عام 1943: «الاستيطان ليس هدفاً في حد ذاته فحسب، بل أيضاً وسيلة الاستيلاء السياسي على فلسطين، ولذلك يجب أن نسعى في آن واحد لإقامة مستوطنات عبرية سواء وسط المراكز السياسية والاقتصادية للبلد «فلسطين» أو بالقرب منها أو حولها.
وعليه فبناء شبكة من المستوطنات في الأراضي الفلسطينية وفي القدس على وجه الخصوص، تعتبرها إسرائيل ورقة لها وزنها في حالة التسوية، وخير مثال مستوطنة «ياميت» في مفاوضات كامب ديفيد مع مصر السادات وخطة الانفصال من جانب إسرائيل الخاصة بقطاع غزة التي هدمت جميع مستوطناته، بهدف إنهاء النزاع الفلسطيني الإسرائيلى، وبحيث يكون لكل مستوطنة معنى عندما يحين الوقت.
وفي ظل غياب المجتمع الدولي والدول العربية وعجزها عن محاسبة إسرائيل على جرائمها، واصلت حكومة نتنياهو اقرار مزيد من المخططات الاستيطانية حيث، صادقت ما تسمى اللجنة المحلية للتخطيط والبناء لبلدية الاحتلال في مدينة القدس على بناء 78 وحدة استيطانية في القدس الشرقية حيث سيتم بناء 50 وحدة استيطانية في مستوطنة «جبل أبوغنيم» جنوب القدس، و28 وحدة استيطانية في مستوطنة «رموت» شمال القدس، وصادقت اللجنة اللوائية للتنظيم والبناء الإسرائيلية مؤخراً على إيداع مخطط لبناء مئات الوحدات السكنية في مستوطنة «رمات شلومو» شمالي القدس المحتلة.
وكشف المكتب الوطني للدفاع عن الأرض ومقاومة الاستيطان تصعيداً استيطانياً غير مسبوق شنته الحكومة الإسرائيلية على الأراضي الفلسطينية والذي تزامن مع زيادة ميزانية الاستيطان إلى 240%، حيث أقرت عدة مخططات استيطانية وبشكل غير مسبوق اخطرها قرار لجنة التشريعات الوزارية المصادقة على اقتراح قانون قدمه حزب المستوطنين، «البيت اليهودي»، يقضي بنفاذ وتفعيل القوانين التي تشرّعها الكنيست على الضفة الغربية المحتلة، «قانون المعايير» أي فرض القانون الإسرائيلي على منطقة محتلة، ما يعني ضمّها بهذا الشكل ويراد به تحويل جزء كبير من أراضي الضفة الغربية المحتلة لتكون تحت السيطرة الإسرائيلية، مثلما هو حاصل في شرقي القدس ومرتفعات الجولان.
وشهد عام 2014 حملة استيطانية مسعورة على أراضي الفلسطينيين وممتلكاته وتم الكشف عن مخطط خطير «خطة درج» وهو مخطط ضخم لشق عشرات الطرق الالتفافية لمستوطنات الضفة الغربية تمتد على طول 300 كم، وتصادر عشرات آلاف الدونمات من الأراضي الفلسطينية، وتوطد سيطرة إسرائيل على مناطق واسعة في الضفة الغربية ومنطقة القدس، ويتطلب شق هذه الشوارع مصادرة حوالي 25 ألف دونم، تمتد من اقصى شمال الضفة الى الوسط والجنوب والقدس، وقرار حكومة الاحتلال أيضاً بمصادرة 13 ألف دونم من أراضي قرية بيت إكسا و66 دونم من أراضي قرية الشيخ سعد ومصادرة 35 دونم في بيت حنينا، والمصادقة على بناء 200 وحدة استيطانية في القدس، وتحويل 4 آلاف دونم «كأراضي دولة» في منطقة غوش عتصيون القامة عنوة على أراضي الفلسطينيين في منطقة بيت لحم، مغزى هذا القرار تحويل المؤسسة التعليمية الموجودة في بؤرة «جفاعوت» التي تقطنها عشر عائلات فقط إلى مدينة يبلغ تعدادها الآلاف خارج الخط الأخضر وإخطار صادر عما يسمى ب «قائد جيش الاحتلال الإسرائيلي» بوضع آلي، على أراض تقع في جبل أبوسودا، وفريديس، ووادي العروب لأغراض أمنية مستعجلة في محافظة الخليل.
كما واصلت حكومة نتنياهو تصريحاتها العلنية بأنها لن توقف البناء الاستيطاني وتحديداً في القدس حيث جدد وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيجدور ليبرمان، رفض إسرائيل وقف أي بناء استيطاني في القدس الشرقية المحتلة، وإعلان رئيس حكومة اليمين بنيامين نتنياهو عن نيّته تسريع سن قانون «القومية» ويعتبر إعلان نتنياهو بمثابة دعم لوزراء اليمين ولرئيس الائتلاف عضو الكنيست زئيف ألكين صاحب القانون، وينص مشروع القانون، إلى تعريف إسرائيل كدولة قومية «للشعب اليهودي»، وعدم تعريف اللغة العربية كلغة رسمية وإنما منحها «مكانة خاصة»، وتشجيع الاستيطان وعدم التعهد بتنفيذ أعمال بناء للعرب، وأن تشكل الشريعة اليهودية إيحاء لسن القوانين وللمحاكم.
الجيش المدنى استعداداً للحرب الدينية
تصاعدت في الفترة الأخيرة موجة مقلقة من التدهور في الوضع الأمني في القدس، التي تعبر عن نفسها في التوتر المتصاعد بين قوات الاحتلال والفلسطينيين، بوتيرة متزايدة من الاحتجاجات العلنية، كما توجد هناك عناصر تحريضية إضافية ساعدت على الاحتكاك، كشراء بيوت والاستيطان اليهودي في الأحياء العربية، بمبادرة من جمعيات أيديولوجية يهودية. وعلى هذه الخلفية نشبت مواجهات عنيفة، وما ساعد في ذلك الزيارات التي قام بها وزراء وأعضاء كنيست إلى «جبل الهيكل» بالإضافة إلى تفوهاتهم فيما يتعلق بالموضوع.
وقامت حكومة الاحتلال الإسرائيلي بتسليح مواطنيها وإنشاء الجيش المدني لمواجهة ما وصفه بالتدهور الأمني في القدس المحتلة، وفي خطوة اعتبرها المراقبون بمثابة إعلان حرباً دينية من جانب إسرائيل التي لم يكفها ما يسمى «حرس الحدود» والأجهزة الأمنية المختلفة وشركات الحراسة الخاصة وعناصر الأمن وما يسمى «الحرس المدني» الذي انضم له 300 إسرائيلي، فقد قرر وزير الأمن الداخلي «يتسحاق أهرونفيتش» تسليح الجمهور الإسرائيلي، لمواجهة ما وصفه بالتدهور الأمني في مدينة القدس بالتحديد وفي إسرائيل بوجه عام.. ووافق الوزير على مجموعة من التسهيلات لحمل السلاح في إسرائيل بعد استشارة المستشار القانوني للحكومة الإسرائيلية، هذه التسهيلات سوف تسمح لغالبية الجمهور الإسرائيلي بأن يحمل السلاح، خاصة بعد تشكيل جسم جديد في مدينة القدس تحت مسمى «الحرس المدني» لمساعدة الشرطة.
وتتلخص هذه «التسهيلات» بالسماح لكافة عناصر الأمن والحراسة في إسرائيل بالاحتفاظ بالسلاح لدى إنهاء ساعات الدوام والعودة به إلى المنزل لمدة 90 يوماً من تاريخ القرار، كذلك توسيع الكيبوتسات في إسرائيل والمستوطنات التي يسمح لها بالتسليح، كذلك يسمح لكافة ضباط الاحتياط في الجيش الإسرائيلي بكافة الدرجات امتلاك السلاح وما يقابلهم في الشرطة، على أن يأخذوا موافقة قائدهم على حمل السلاح.
وكافة المتطوعين لديهم القدرة على حمل السلاح واستخدامه، وبدأ العديد من الإسرائيليين الانضمام لهذا القطاع الجديد فور الاعلان عن تشكيله، خاصة أن الشروط المطلوبة تتمثل بالقدرة على حمل السلاح واستخدامه ودون أن يكون له ملف جنائي، ولم يوضع شرط حيازته على رخصة حمل السلاح.. وسيباشر هذا القطاع المستحدث في الأجهزة الإسرائيلية عمله في مدينة القدس داخل الأحياء السكنية وأمام المؤسسات المجتمعية والأماكن العامة، تحت مبررات تقديم العون لقوات الشرطة والأمن الإسرائيلي لمنع تنفيذ عمليات في مدينة القدس.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.