أقدم كتاب تمتلكه الشيعة يتضمن الأخبار التى رويت عن الأئمة هو كتاب بصائر الدرجات لأبى جعفر محمد بن الحسن بن فروخ الصفار، المتوفى سنة 290 ه، هذا الكتاب هو أول وأقدم ما ذكر أخبار مصحف فاطمة، وعنه أخذ سائر رواة الأخبار، مثل الكلينى(329ه)، وابن بابويه القمى(381ه)، وقطب الدين الراوندى(ت 573ه)، والمجلسى(111ه) وغيرهم. ذكر الصفار فى بصائر الدرجات عن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبدالله عليه السلام يقول: إني نظرت في مصحف فاطمة عليها السلام، فقلت: وما مصحف فاطمة؟، قال: إن الله تعالى لما قبض نبيه صلى الله عليه وآله دخل على فاطمة عليها السلام، من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله عزوجل، فأرسل الله إليها ملكا يسلي غمها ويحدثها، فشكت ذلك، إلى أمير المؤمنين عليه السلام فقال: إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي فأعلمته بذلك، فجعل أمير المؤمنين عليه السلام يكتب كلما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفا،(انظر الخبر فى الكافى للكلينى، وبحار الأنوار للمجلسى). يتضح من خبر الصفار أن نص المصحف نزل على السيدة فاطمة عقب وفاة الرسول عليه الصلاة والسلام، وجاءت الواقعة ومعظم الأخبار الخاصة بمصحف فاطمة مرفوعة إلى الأمام الصادق )الإمام جعفر بن محمد الصادق ت 148ه) ، وقد حكى أن أحد الملائكة نزل إلى فاطمة بنت الرسول عليه الصلاة والسلام لكى يخفف عنها حزنها، وكان الإمام على بن أبى طالب يسمع ما يقوله الملاك ويكتب خلفه، ما هو مضمون الذى كتبه الامام على؟، وما الذى كان يقوله الملاك؟، وما هى الفترة التى استمر فيها نزول الملاك؟، ومن هو هذا الملاك؟. حدد صاحب البصائر الملاك الذى نزل على فاطمة فى رواية له، وأكد أنه جبرائيل عليه السلام، والرواية نقلت عن طريق أبى عبيدالله، قال أبو عيدالله عليه السلام: وكان جبرائيل يأتيها فيحسن عزاءها على أبيها ويطيب نفسها، وقد نقل الخبر فى الكافى وفى بحار الأنوار. وفى رواية عن أبي بصير، قال: سألت أبا جعفر محمد بن علي (عليه السلام) عن مصحف فاطمة (صلوات الله عليها)، قال أبو جعفر (عليه السلام): فلما أراد الله (عز وجل) أن ينزله عليها، أمر جبرائيل وميكائيل وإسرافيل أن يحملوا المصحف فينزلوا به عليها، وذلك في ليلة الجمعة من الثلث الثاني من الليل، هبطوا به عليها وهي قائمة تصلي، فما زالوا قياما حتى قعدت، فلما فرغت من صلاتها سلموا عليها، وقالوا لها: السلام يقرئك السلام. ووضعوا المصحف في حجرها، فقالت لهم: الله السلام، ومنه السلام، وإليه السلام، وعليكم يا رسل الله السلام، ثم عرجوا إلى السماء، فما زالت من بعد صلاة الفجر إلى زوال الشمس تقرؤه، حتى أتت على آخره. الروايات السابقة أشارت إلى أن مصحف فاطمة نزل عليها خلال خمسة وسبعين يوما، وأن نصوصه أو مادته حملها جبريل إليها، وأن الإمام على بن أبى طالب(زوجها) كان يحضر هذه الجلسات ويستمع لكلام جبرائيل، وأكدت الروايات أنه كان يكتب هذا الكلام، وجميع هذه الروايات مثبتة ومنسوبة للإمام جعفر الصادق، بجوار هذه الروايات ذكر فى نفس المؤلفات روايات أخرى تشير إلى أن مصحف فاطمة ليس منزلا من السماء عن طريق جبريل، بل هو كلام من إملاء الرسول عليه الصلاة والسلام، وكتبه على بن أبى طالب، وقد ورثته فاطمة عن أبيها، وقد جاءت هذه الروايات منسوبة للإمام جعفر، ونقلها ثلاث شخصيات مختلفة، الرواية الأولى عن: «علي بن سعيد قال : كنت جالسا عند أبي عبدالله عليه السلام، وقال:عندنا والله مصحف فاطمة .. وإنه لإملاء رسول الله صلى الله عليه وآله، وخطه علي عليه السلام بيده»، وفى الرواية الثانية ذكر محمد بن مسلم قال : قال أبوعبدالله عليه السلام لاقوام: .. وخلفت فاطمة عليها السلام مصحفا.. إملاء رسول الله، وخط علي عليه السلام»، وفى رواية ثالثة ذكرها علي بن الحسين عن أبي عبدالله عليه السلام قال : .. وعندنا مصحف فاطمة.. ولكنه إملاء رسول الله، وخط علي عليه السلام».