فى ظل خريطة إقليمية مضطربة من جراء تحديات وتهديدات لاتستثنى دولة فى المنطقة، وفى ظل مايواجهه العرب من خطر وجودى مع التغييرات التى شهدتها خريطتهم للمرة الأولى منذ نحو قرن من الزمان. فى ظل ذلك جاء بيان الملك «عبدالله بن عبد العزيز» عاهل السعودية فى 19 من نوفمبر الحالى يناشد مصر الانضمام للمصالحة ويدعوها إلى إنجاح خطوة وحدة الصف والتوافق ونبذ الخلاف. وسارعت مصر بالاستجابة تكريسا لرغبة واضحة فى فتح صفحة جديدة عنوانها التضامن العربى. ولاشك أن كل منصف عاقل حريص على وحدة الأمة سيبادر بالسعى نحو المصالحة وصولا للتضامن العربى المفقود حاليا. ولكن لكى تكون المصالحة حقيقية يجب إزالة أسباب الخلاف التى لاتزال طافية على السطح بوضوح، ويجب أن تكون النوايا خالصة وألا تكون هناك أجندات خفية. ولأن المصالحة فى الأساس هى مصالحة بين الشعوب فيجب أن تكون مبنية على التعقل وإدراك المصالح، وأن تكون جزءاً من خطة لتنفيذ هدف أكبر وأن تكون حقيقية وليست مجرد هدنة للتراشق الاعلامى. وعلى هذا فإن الكرة تظل فى ملعب قطر التى تواجه تحديا كبيرا اليوم حيال مدى التزامها بهذه المبادرة ومدى قدرتها على وقف حملات التحريض المغرضة التى تتبناها ضد مصر عبر آلتها الاعلامية الجهنمية التخريبية المسماة بالجزيرة، ووقف مساندتها لقوى المعارضة المسلحة فى مصر وفى مقدمتها جماعة الاخوان الارهابية. ولأن قطر هى التى صبت عدوانها على الشعب المصرى إلى حد بات معه استهداف أمن مصر شغلها الشاغل فيتعين عليها اليوم أن تتحرك وتفى بالتزامات المصالحة ورأب الصدع الذى أحدثته بسياستها المبتسرة، وعليها أن ترفع يدها كلية عن دعم الارهاب وأن توقف حملاتها التحريضية المغرضة ضد مصر، وأن تدرك أن مصر دولة ذات سيادة وعصية على التطويع وبالتالى لا تسمح لأى من كان بالتدخل فى شئونها الداخلية، يتعين على قطر لو أرادت المصالحة مع مصر أن تبادر بتقديم أوراق اعتماد جديدة تعكس من خلالها شفافية المواقف ونقاء السريرة وصدق النوايا وألا تلعب دور العراب الذى يتم عبره تنفيذ السيناريوهات التآمرية الخارجية ضد المنطقة، ولتعلم قطر أننا لانريد وعودا على الورق بلا تفعيل، ولسنا بحاجة إلى عهود تلامس العواطف ثم ماتلبث أن تتبخر بمجرد فض الاجتماعات. نريد مواقف جادة حقيقية ورؤى نقية شفافة خالية من براثن الخداع والمؤامرات والمكائد بعيدة كل البعد عن سيناريوهات الشيطان الأكبر وأجندته الظلامية التى تسعى جاهدة إلى تفتيت دول المنطقة وتجزئتها.