لم يعد الطريق الدائرى من أخطر الطرق فى الحوادث المرورية فقط، بل بات يشكل خطورة كبيرة لافتقاده للأمن، بعد أن انتشرت عليه مؤخراً أعمال السرقة والقتل من قبل البلطجية، فتحول الطريق الدائرى إلى مصيدة لتثبيت المواطنين وسرقتهم بالإكراه، واستغل هؤلاء المجرمون انشغال الأمن فى تأمين المنشآت ومواجهة العنف والفوضى، وارتكبوا أسوأ الجرائم، الأمر الذى ينذر بكارثة خطيرة قد تزداد فى الأيام المقبلة، وبات يحتاج لتدخل أمنى سريع لوقف تلك المهازل ولحماية أرواح المواطنين على الطرق السريعة. يومياً يشهد الطريق الدائرى حادثة سرقة أو قتل أو تصادم ولهذا نال «الدائرى» لقب الأسوأ فى حصد أرواح المواطنين نتيجة للحوادث المرورية، ومن يكتب له القدر النجاة من الحوادث المرورية على هذا الطريق، لا ينجو من حادث سرقة أو قتل، بعدما تحول الطريق الدائرى إلى ملاذ للمجرمين لبث الرعب فى نفوس المواطنين وسرقتهم بالإكراه، حيث تعددت الحوادث به فى الآونة الأخيرة، ففى منطقة شبرا الخيمة تمكن رجال الأمن من القبض على اثنين من العناصر الإجرامية وبحوزتهم سلاح نارى على الطريق الدائرى، ويستقلان دراجة بخارية يتم استخدامها لسرقة المواطنين، كما تمكنت أجهزة الأمن بالقليوبية من ضبط تشكيل عصابى يستهدف سرقة السيارات والمواطنين بالإكراه على الطريق الزراعى والدائرى، وتبين ارتكابهم 30 حادث سرقة على مطالع ومنازل الدائرى، وفى نهاية شهر سبتمبر الماضى، نجحت أجهزة الأمن بالجيزة فى تحرير فتاة قام 5 ذئاب بشرية باختطافها داخل سيارة ميكروباص على الطريق الدائرى بجوار صفط اللبن، عندما استقلت السيارة لتوصيلها، إلا أن دورية الشرطة تمكنت من القبض عليهم، ومنذ ثلاثة أشهر تم ضبط عاطلين قاموا بسرقة السيارات بالإكراه على الطريق الدائرى، وتم إلقاء القبض عليهم أثناء محاولتهم سرقة تاكسى من صاحبه، وعثر بحوزتهم على ولاعة على شكل طبنجة وسكين يتم استخدامها لإرهاب المواطنين، وارتكاب جرائمهم. والمثير أن الطريق الذى شهد كل تلك الجرائم أنشئ أساساً لربط محافظاتالقاهرة الكبرى ببعضها ولتخفيف حدة الزحام داخل القاهرة وضواحيها، ولهذا وصل إلى 100 كيلو متر عليه أكثر من 150 ألف سيارة يومياً ومنذ سنوات طويلة، ومعاناة المواطنين لم تنته فهذا الطريق يعانى من مساوئ عديدة جعلته يحظى بسمعة سيئة، فكثرة ما به من عيوب فنية جعلته أحد أسوأ الطرق فى مصر، حيث تزداد الفواصل على طول الطريق، والتى تحولت إلى حفر كبيرة تدمر السيارات التى تمر فوقها، وتؤدى لوقوع الكثير من الحوادث عندما يحاول السائقون تفاديها، هذا فضلاً عن تآكل المفاصل التى تركت مساحات فيما بينها، وبرغم ما يتم إنجازه من أعمال صيانة دورية فإن الطريق مازال يعانى من نفس المساوئ، ومن ناحية أخرى استغل المواطنون الفوضى التى يعانيها الطريق وقاموا بإلقاء القمامة على جانبيه، مما يتسبب فى إعاقة الحركة المرورية عليه. ويقول الدكتور عماد نبيل، استشارى الطرق والكبارى، إن هناك أكثر من معيار للحكم على جودة الطريق، أولها معيار جودة الرصف والحالة الهندسية العامة للطريق بمعنى خلوه من الحفر والمطبات، وما خالف ذلك من أمور قد تؤدى لوقوع الحوادث، عندما يضطر السائقون لتفاديها، والمعيار الثانى هو التصميم الهندسى للطريق ومراجعة المعايير الهندسية التى تم بها عمل الطريق من مداخل ومخارج والمعيار الثالث يتمثل فى مراجعة السلامة المرورية للطريق كالعلامات والإشارات والدهانات الأرضية، ومدى توافرها على الطريق، هذا فضلاً عن تقييم الحوادث من خلال ما يسمى بالنقاط السوداء، وهى النقاط الموجودة فى أى طريق، والتى يتكرر فيها الحوادث، ويمكن حسابها إذا تم وقوع 5حوادث كل 3 سنوات فى نفس المكان وذلك من خلال الرجوع لسجلات الحوادث فى إدارات المرور أو هيئة الطرق والكبارى حيث يتولى فريق هندسى بمراجعة الطريق فى هذه المنطقة، لكى يتم معالجة ما بها من عيوب وإذا تم تطبيق تلك الدراسة على الطريق الدائرى، نجده يعانى من نقص عوامل السلامة والأمان، فضلاً عن خلل الإضاءة الذى ينجم عنه العديد من الحوادث، ويؤكد الدكتور عماد نبيل أن الأمن تحسن فى الفترة الأخيرة لكننا نحتاج لمزيد من الدقة فى التعامل مع المجرمين الذين استغلوا الفرصة لارتكاب حوادث السرقة والقتل أعلى الطريق الدائرى والذين يبحثون عن المخارج المهجورة والتى تنعدم فيها الإضاءة، مثل منطقة السلام، والعاشر من رمضان، ولا شك أن تلك الحوادث الإجرامية تكمن فى مناطق سكن هؤلاء المجرمين، لذا لابد من عمل خريطة بتلك الأماكن التى تشكل خطورة على حياة المواطنين ومحاولة معالجة ما بها من مشاكل. ويواصل أن الطريق الدائرى هو الطريق الرائد فى الحوادث المرورية، والذى ازدادت عليه الحوادث الجنائية أيضاً، فلابد من تعاون الأجهزة الأمنية مع الجهات المختصة لتركيب كاميرات مراقبة لكشف الطريق وسهولة تحديد الجناة، فمصر من أكبر الدول التى تعانى من ارتفاع معدلات الحوادث المرورية وهذا الأمر يحتاج لمعالجة قوية. اللواء كامل ياسين، الخبير المرورى، مساعد وزير الداخلية لقطاع الأمن سابقاً، يؤكد أنه لا توجد علاقة بين حوادث المرور والجرائم التى باتت ترتكب مؤخراً على الطريق الدائرى فالطريق به العديد من العيوب الفنية التى تؤدى للحوادث، لكن هناك أفكار جديدة بدأت هيئة الطرق والكبارى فى اتباعها وتنفيذها على هذا الطريق لتلافى وقوع الحوادث عليه، أما الحوادث الجنائية فهى لم تتحول لظاهرة، لكن الطريق الدائرى يمر وسط العديد من المناطق العشوائية، وتلك المناطق ينتشر فيها الخارجون عن القانون، والذين يستغلونها لارتكاب جرائم السرقة والقتل، لكن تلك الجرائم يتم تحديدها من خلال الكاميرات الموجودة على الطريق، والتى يمكنها التقاط أى جريمة، لكنها تسجلها فى مجال لا يتعدى 200 متر فقط، ولتجنب وقوع حوادث مرورية أو جنائية، لابد من إصلاح الطريق من الناحية الفنية أولاً، وإصلاح ما به من عيوب، وتكثيف الحملات المرورية عليه لأن 70٪ من أسباب الحوادث ترجع للعنصر البشرى والسلوكيات السلبية للمواطنين، خاصة أن أغلب السائقين يتعاطون المخدرات، مما يؤدى لاختلال توازنهم أثناء القيادة، فتقع الحوادث التى يروح ضحيتها مئات الضحايا. ويرفض اللواء كامل ياسين الاستعانة بالدراجات البخارية التى تسعى هيئة الطرق والكبارى لاستخدامها على الطريق الدائرى، حيث يرى أن السائقين المخالفين لن يكون لهم سلطان، وبالتالى لن تكون الفكرة مجدية، فهى لن تساهم سوى فى منع المخالفات المرورية فقط، ولن تتمكن من تتبع المجرمين عند وقوع جريمة على الطريق. اللواء محمد ربيع الدويك، الخبير الأمنى، يرى أن حوادث السرقة بالإكراه والسطو المسلح ازدادت مؤخراً على الطريق الدائرى والطرق السريعة، وتلك الظاهرة تعنى أن وجود الأمن العام يحتاج لنشاط مكثف، وهذه الظاهرة انتشرت نتيجة لحالة الانفلات الأمنى التى عانينا منها فى السنوات الأخيرة، لذا أصبحنا بحاجة لمنظومة معالجة تقوم على دراسة أسباب الظاهرة، وتحديد أهم المناطق التى تتكرر فيها تلك الحوادث لوضع خطط أمنية لها، بالإضافة إلى إعداد فريق بحث من أفضل العناصر بالشرطة لأن هذا الأمر يعنى وجود خلل فى الأداء الأمنى سمح لهؤلاء المجرمين بارتكاب جرائمهم وهذا أمر لا يجب أن نتعامل معه بطريقة هزيلة، بل يحتاج لمزيد من الإجراءات الحاسمة والصارمة لمنع الجريمة قبل وقوعها، وهنا يمكن عمل كمائن خفية لسرعة ضبط الجناة، والتعامل المباشر معهم، فالانفلات الأمنى هو الذى يساعد ضعاف النفوس على الانضمام للعصابات، لذا لابد من تشديد العقوبة على هؤلاء المجرمين حتى يكونوا عبرة لغيرهم، مع ضرورة التوسع فى استخدام المرشدين من رجال الأمن لأن المواطن فى النهاية من حقه أن يحصل على خدمة أمنية كاملة، تحافظ على حياته من الأخطار.