أحلام تطايرت كالدخان مع ثورتى يناير ويونية، والتى راودت ما يقرب من 5 ملايين منياوى فى تحسين أحوال الصحة والمستشفيات، وإذا كان الشعب المنياوى قد سخط كثيراً وزادت حدة نقمته، على تعيين، وكيل لوزارة الصحة، فى عهد المعزول، لكونه أحد قيادات تنظيم الإخوان، إلا أن تعيين وكيلة جديدة للوزارة عقب ثورة يونية المجيدة، جاء مخيبا للآمال، والتى تجاهلت كل التقارير الرقابية والتى تثبت جميعها، إهمالاً ينخر كالسوس فى العظام بجميع المستشفيات والبالغ عددها ما يقرب من 17 مستشفى عاماً، وما يقرب من 300 وحدة صحية أغلبها بدون طبيب. والواقع الذى بداخل المستشفيات هو الذى يرصد لنا الحقيقة فمستشفى الحميات بالمنيا أكد المرضى أنهم يعانون من نقص المادة الكيميائية التى تستخدم فى تحليل الفيروسات خاصة تحليل الحمى التيفودية أساس عمل مستشفيات الحميات مما يضطر الأهالى لإرسال مرضاهم إلى المستشفيات المجاورة لإجراء هذه الشائعات. هذا بخلاف أن الأطباء تفرغوا لعياداتهم الخاصة والممرضات أصبحت تؤدى أعمال الطبيب، والعمليات الجراحية بالواسطة والمحسوبية ولا عزاء للفقراء. رصدت «الوفد» الحقيقة الكاملة، عن أوضاع المستشفيات وما يدور داخلها، ما يواجهه المرضى من إهمال جسيم من الأطباء والقائمين على الإدارة الصحية، والمستوصفات الطبية المنتشرة داخل القرى، حيث تحولت هذه المستشفيات لمستودع مخالفات، ومقبرة جماعية للمواطنين، فى ظل تعطل الأجهزة الطبية وغياب الأطباء، والذين تفرغوا لعياداتهم الخاصة، وتركوا الممرضات يقمن بالعمل بدلا منهم، خاصة فى الغسيل الكلوى. فى البداية من داخل مستشفى أبو قرقاص العام، قسم الكلى الصناعية والذى أصبح مرفوعاً من الخدمة، فالمرضى يعانون تعطل المعدات والأجهزة، كما تقول علياء سعيد، والدموع تسبق كلماتها أنه بسبب ذلك لم تجر عملية الغسيل الكلوى للمرة الخامسة، رغم احتياجها للغسيل ثلاث مرات أسبوعياً. بينما فجر «وليد. م. ب» موظف، قنبلة من العيار الثقيل، بأن الإهمال السائد داخل مبنى الغسيل الكلوى، والذى من المفترض أنه مبنى جديد يوجد به تسرب ناتج من مواسير الصرف الصحى، وتسبب فى الوصول للخرسانات. والحوائط والأرضيات وكل ذلك نتيجة الإهمال من المسئولين، وعدم الرقابة على المستشفى، وأكد أن عمليات الصيانة والترميم تكلف مبالغ مالية كبيرة، وكل هذا إهدار للمال العام، ومن حق المريض الفقير البسيط أن يصرف كل هذه الأموال داخل المستشفيات على العناية به، ويجب على إدارة المستشفى تخصيص جزء من الاموال لتطوير الأجهزة لعلاج المرضى. هذا ناهيك عن الوساطة والمجاملات والتى تلعب دورها فى المستشفيات الحكومية والتأمين الصحى، أثناء صرف الادوية فى الصيدليات الخارجية. ومن داخل مستشفى بنى مزار، أكد بعض المرضى أن المستشفى يمتلئ بالحشرات، والقطط، وفى قسم الاستقبال بالمستشفى، قال أحد المرضى ويدعى «صالح عبدالحفيظ» من قرية البهنسا، والذى يعانى من مرض القلب، والذى يستوجب بعد إجراء عمليات جراحية له، المتابعة المستمرة من قبل طبيب متخصص، إلا أنه أكد أن من تقوم بمتابعتى فى غياب الطبيب هى إحدى الممرضات. وقال «عادل حكيم» أحد المرضى بمستشفى مطاى العام، إنه بالرغم من انتشار فيرس الالتهاب الكبدى «سى» بالمحافظة فإنه لا توجد له أقسام بالمستشفيات العامة، ويذوق مرضاه وأغلبهم من الفلاحين والبسطاء صنوفاً من العذاب أثناء انتظارهم لجلسات الحقن. وقال محمد على إسماعيل من العاملين بالتأمين الصحى، إن طرق التعقيم بالمستوصفات الطبية كارثية وتقليدية لأنها تسير بطريقة عشوائية، وخاصة أن المستوصفات المنتشرة بقرى المحافظة تسعى فقط لجمع الأموال وتتاجر بصحة المواطنين، فضلاً عن عدم مطابقة هذه المستوصفات للشروط المعروفة من مساحة، وتوافر الأجهزة والتهوية، وأدوات التعقيم وطرق أخذ العينات، وتحليلها وعدم تواجد الأطباء بشكل منتظم، مشكلة يواجهها المرضى فى جميع المستشفيات. وأضافت ياسمين عبدالنبى عاملة نظافة بمستشفى سمالوط، أن البلطجية يتحكمون فى المستشفى ولا يجرؤ أحد من الإدارة، على التحدث معهم أو مطالبتهم بالحفاظ على النظافة، ومن يحاول التحدث مع الأهالى يتعرض إلى الإهانة والسب. كما أشار حامد على، مريض بمستشفى سمالوط إلى وجود عجز فى الأطباء بالفترة المسائية ونقص الأدوية بل هناك مشكلة كبرى وهى مشكلة الصرف الصحى التى تسببت فى حدوث طفح متكرر لمياه المجارى. أما عن مستشفى المنيا العام، فحدث ولا حرج فبرغم الإمكانيات الكبيرة، فإن المريض لا يوجد له أى اهتمام ولا عناية، كما أن غياب الأطباء داخل المستشفى يعانى منها الجميع، وتزداد الصورة سوءا أمام صيدلية المستشفى، حيث أكد عدد من المرضى أن الصيدلية لا تصرف غير شريط حبوب واحد لجميع الأمراض، متسائلين فى صرخة (ألم) أين تذهب أدوية المستشفى، والصيدليات خالية من جميع الأدوية، حتى الشاش والقطن، يشتريه المريض من الصيدليات الخاصة على نفقته، وكل هذا يضيف معاناة جديدة للمرضى، والكارثة أن الأجهزة معطلة دائماً. كما أشار سمير مرقص مريض بمستشفى المنيا العام إلى وجود عجز فى المستلزمات الطبية مما يتسبب فى إثارة أهالى المرضى وتعديهم على العاملين بها، إلى جانب تضرر المواطنين من الأطباء لقيامهم بالانصراف من عملهم للعمل بعياداتهم الخاصة، الأمر الذى يؤدى إلى انتظار المريض فى الاستقبال لفترات طويلة لحين حضورهم، ويطالب الأطباء من جانبهم بإلغاء قرار وزارة الصحة باصطحاب طبيب داخل سيارة الإسعاف، خاصة فى الحالات الحرجة والطوارئ، حيث يؤدى ذلك إلى تأخر وصول السيارة لإسعاف المريض. ويضيف محمد سعد، مريض بمستشفى المنيا الجامعى أن معظم الأطباء ينصرفون من المستشفى بعد الثانية ظهراً، بالإضافة إلى نقص الأدوية اللازمة لعلاج المرضى. وأشار خلف فايز إلى أن دورات المياه سيئة للغاية وانقطاع الكهرباء بمعدل كل ربع ساعة هذا بخلاف نقص واضح فى العلاج. وفى النهاية نجد أن الفقراء على موعد مع الشقاء يبدأ من داخل مستشفيات التأمين الصحى، هذا ما أشار إليه حسنى فرغلى، مدرس بمدرسة قرية الإسماعيلية فالمعامله سيئة لا تليق بالآدميين والأدوية غير موجودة والأطباء يتعاملون مع المرضى على طريقة (خلص علشان أشوف غيرك) رغم أن نظام التامين الصحى معمول به فى جميع أنحاء العالم.