مع بداية العام الدراسى ينتشر الباعة الجائلون أمام المدارس بمأكولات ومشروبات تهدد الأطفال بالإصابة بالأمراض المعدية وعلى رأس هذه الأمراض فيروس الكبد (أ) وهو من أكثر الأمراض شيوعاً ليس فى مصر وحدها، بل فى دول العالم الثالث أيضا نظراً لتعرض هذه البضائع المكشوفة للذباب والأتربة والتلوث البيئى مما يسهل انتشار العدوى بين الأطفال. ويقول الدكتور يحيى الفقى أستاذ محاضر الباطنة بالكلية الملكية: فيروس التهاب الكبد الوبائى من نوع (أ) من أكثر الأمراض انتشارا فى مصر ودول العالم الثالث ويصيب الملايين سنويا خاصة مع دخول العام الدراسى وطوال فترة العام الدراسى بسبب انتشار الباعة الجائلين وما يسوقونه من أطعمة ومشروبات غير خاضعة لمعايير النظافة والإشراف الصحى للتأكد من خلوها من الأمراض وما يحمله الباعة الجائلون أنفسهم وتحت أظافرهم وأيديهم الملوثة والعرض المكشوف للسلع وتعرض الأطعمة للذباب والأتربة والملوثات الأخرى التى تسهل انتشار هذا الفيروس وتجعل معدل انتشاره فى مصر شائعاً جداً لكل من لم يسبق له الإصابة به، حيث إنه من الحميات التى تصيب الإنسان مرة واحدة فى العمر يعقبها مناعة مستديمة من الفيروس طول العمر، كما أن التطعيم ضد هذا الفيروس والذى يؤخذ جرعة واحدة فقط يعطى مناعة دائمة وبنسبة حماية تقارب 100%. وشدد الدكتور يحيى الفقى على أن أسباب الإصابة بفيروس (أ) هى انتقال براز إنسان مصاب حامل المرض إلى فم إنسان آخر غير مصاب ولا توجد طريقة أخرى للإصابة غير ذلك، وهذه المعلومة عن طريق العدوى بفيروس (أ) من المفترض أن تكون كافية لأن تجعل أى انسان ينبذ الأطعمة والمشروبات غير المغلفة والتى تتعرض للتلوث المباشر ببقايا براز مريض أو حامل للمرض وربما يكفى التوعية بهذه الطريقة التى تتم بها العدوى وذلك لنبذ الأطعمة المعدة خارج المنزل ولا شك أن الذباب والحشرات الأخرى ممكن أن تكون الوسائط لنقل العدوى من مخلفات مريض أو حامل للمرض إلى الأطعمة غير المغلفة والتى تتعرض للعراء أمام المدرسة. ويشير الدكتور يحيى الفقى إلى أن أعراض المرض تكون على مرحلتين تبدأ من أسبوع إلى أسبوعين من تناول الطعام الملوث بالفيروس وتسمى فترة الحضانة والتى يتكاثر فيها الفيروس فى دم المريض، ثم تبدأ المرحلة الأولى من المرض وتسمى مرحلة ما قبل الصفراء وأعراض هذه المرحلة تستمر من أربعة إلى خمسة أيام ويصعب تشخيصها إذ تتشابه أعراضها بأعراض نزلات البرد والنزلات المعوية من ارتفاع متفاوت فى درجة الحرارة إلى غثيان شديد على أن هذا الغثيان يعد العرض الوحيد الثابت تواجده فى أى مصاب بالالتهاب الكبدى (أ)، بجانب أعراض أخرى مثل القىء والذى يكون شديداً ومتواصلاً أحياناً ويصعب على أغلب الأطباء تشخيص المرض فى هذه المرحلة لما يبدو من أعراض تشابه النزلات المعوية ونزلات البرد وبمرور من أربعة إلى خمسة أيام تبدأ المرحلة الثانية والأخيرة من المرض وهى مرحلة الصفراء وهنا يظهر اصفرار بياض العين وتزداد درجة الاصفرار يوميا فى الوقت الذى تنخفض فيه درجة الحرارة ويتحسن الغثيان والقيء فيبدو المريض مع مرور الأيام أفضل نشاطا فتتحسن شهيته بالتدريج لكن تصل درجة اصفرار العين والجلد إلى أقصى مدى فى اليوم التاسع إلى العاشر من الإصابة وتكون الصفراء هى آخر الأعراض التى تختفى عند المريض بعد أسبوعين إلى أربعة أسابيع. والوقاية الأساسية من الفيروس (أ) متوفرة من خلال تطعيم جرعة واحدة توفر حماية مستديمة وهو تطعيم ليس له أى آثار جانبية وأضرار تذكر وفى حالة تعميمه وجعله من التطعيمات الإجبارية يمكن التخلص من هذا الفيروس وخلو البلاد منه فى بضع سنوات، أما إجراءات الرقابة الصحية للباعة الجائلين أمام وداخل المدارس والتوعية الصحية عن الفيروس وطريقة العدوى عن طريق وسائل الإعلام فلا شك من الممكن أن تحد من معدلات الإصابة السنوية والتى لا تزال عالية فى مصر. ويؤكد الدكتور يحيى الفقى أن الفيروس لا يترك أى أثر فى كبد أو باقى جسم المريض بعد الشفاء باستثناء احتمالية أن يظل المريض حاملا للفيروس فى فضلاته، وبالتالى يصبح مسببا للعدوى لفترة ما بعد الشفاء ولذا يجب منح التلميذ المصاب فترة عزل عن باقى أقرانه لا تقل عن ثلاثة أسابيع منذ التشخيص ولا يعود للمدرسة إلا بعد تصريح الطبيب المعالج.