عبر بوابة الوفد الإلكترونية سيطل علينا الدكتور أحمد حمد أستاذ الفقه والقانون السابق بجامعة قطر أسبوعياً بسلسلة مقالاته التى سيتناول خلالها عدداً من المفاهيم بالشرح والتوضيح ونعرض هنا الحلقة الثالثة. "الصلاح" هو الالتزام بالكلام الجميل، والسلوك النبيل، و"الفساد" هو ممارسة الكلام الساقط، والسلوك الهابط، ولأن الصلاح يشد الناس أو الكثيرين منهم إلى صاحبه، يتخذ المدعون سمة "الصلاح" ويتظاهرون بمظهر الصالحين، وهم في الباطن على عكس ذلك، حيث يخالف ظاهرهم باطنهم، ويكذب باطنهم ظاهرهم، وكثيرا ما ينكشف أمرهم وينفضح تناقضهم . والمتظاهرون بالصلاح إنما يقصدون بذلك الوصول إلى مراكز قيادية، أو الثراء وتحقيق الغنى الواسع. وقد يتظاهر الصالح بمظهر الفساد للهرب بمن يتابعون أهل الصلاح لإنزال السوء بهم دون أي جريرة إلا صلاحهم، ولكن ظهور الصالح بمظهر الفساد قد لا يستمر طويلاً، وربما ينكشف في الحال لأن بيعه حياته التي انسجمت مع الصلاح من الصعب أن تتحول إلا بمشقة قد لا تتحملها طبيعته التي انسجمت مع متطلبات الصلاح . والفرق بين المتظاهر بالصلاح، والمتظاهر بالفساد واضح ، فالمتظاهر بالصلاح يغش الناس بمظهره، والمتظاهر بالفساد يهرب بنفسه ممن يلاحقون أهل التقوى لإيذائهم . ولعل هناك من يتساءلون عن الاشتغال ببعض المهن، هل فى ممارستها صلاح أم فساد : كاحتراف التمثيل، والغناء، والرسم، والتصوير، والألعاب الرياضية، والضرب على الأوتار، والتجميل، وغير ذلك من احترافات تظهر بمرور الأيام وتطور أوضاع الناس. ولأنه ليس من الصواب إصدار حكم شخصي على هذه الإحترافات، فإن الحكم الصائب بشأنها لابد أن يصدر من هيئة علمية تجمع كل العلماء من جميع التخصصات، ولكى يكون هذا الحكم صائباً لابد أن يكون محوره إفادة المجتمع المسلم أو عدم إفادته من هذه الاحترافات. وهناك تساؤل آخر عن حكم التصرفات التي يقوم بها بعض الأفراد هل هي صلاح أم فساد: كالجلوس على المقاهي، والذهاب إلى الحدائق، وقضاء الصيف في المصائف، ويمكن إصدار حكم شخصي على هذه التصرفات وهو: إن كان ما يعود على واحد منهم من خير أكثر مما يعود عليه من سوء، فلا بأس بهذه التصرفات، وإن كان الأمر بالعكس فهي من قبيل الفساد. والإنسان أولاً، وأخيراً هو القيم على نفسه: (بل الإنسان على نفسه بصيرة ولو ألقي معاذيره).