دقائق من الرعب جنوب قنا.. 24 مصابًا بينهم أطفال في انقلاب ميكروباص بقفط    بالصور.. تشييع جثمان والد «أطفال دلجا الستة» في ليلة حزينة عنوانها: «لقاء الأحبة»    رغم هرولة الشرع للتطبيع، مروحيات إسرائيلية تستبيح مقر "الفرقة 15" بالسويداء    ليلة استمتع فيها الجمهور.. تامر حسنى يختتم حفل مهرجان العلمين بأغنية "قدها" وسط تصفيق حار    التنمية المحلية: بدء تنفيذ مشروع تطوير شارع إبراهيم بمنطقة الكوربة    وزير الخارجية يختتم جولته الأفريقية بشراكة اقتصادية تحقق التكامل بين مصر والقارة السمراء    "مستقبل وطن دولة مش حزب".. أمين الحزب يوضح التصريحات المثيرة للجدل    فلسطين.. جيش الاحتلال يقتحم بلدة المغير شرقي رام الله بالضفة الغربية    ترامب: لدينا فرصة للتوصل لاتفاق تجاري مع الاتحاد الأوروبي    "الجبهة الوطنية": دعوات التظاهر أمام السفارات المصرية تخدم أجندات مشبوهة    هآرتس: ميليشيات المستوطنين تقطع المياه عن 32 قرية فلسطينية    رد ساخر من كريم فؤاد على إصابته بالرباط الصليبي    تقرير يكشف موعد جراحة تير شتيجن في الظهر    رسميًا.. دي باول يزامل ميسي في إنتر ميامي الأمريكي    تردد قناة الأهلي الناقلة لمباريات الفريق بمعسكر تونس    "هما فين".. خالد الغندور يوجه رسالة لممدوح عباس    أسعار الذهب اليوم في السعودية وعيار 21 الآن ببداية تعاملات السبت 26 يوليو 2025    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم السبت 26 يوليو 2025    24 مصابًا.. الدفع ب15 سيارة إسعاف لنقل مصابي «حادث ميكروباص قنا»    «الداخلية» تنفي «فيديو الإخوان» بشأن احتجاز ضابط.. وتؤكد: «مفبرك» والوثائق لا تمت بصلة للواقع    الحماية المدنية بالقليوبية تسيطر على حريق كابينة كهرباء بشبرا| صور    الإسماعيلية تكشف تفاصيل مهرجان المانجو 2025.. الموعد وطريقة الاحتفال -صور    "الذوق العالى" تُشعل مسرح مهرجان العلمين.. وتامر حسنى: أتشرف بالعمل مع منير    فلسطين.. شهيدة وعدة إصابات في قصف إسرائيلي على منزل وسط غزة    «مش عارف ليه بيعمل كده؟».. تامر حسني يهاجم فنانا بسبب صدارة يوتيوب .. والجمهور: قصده عمرو دياب    بعد «أزمة الحشيش».. 4 تصريحات ل سعاد صالح أثارت الجدل منها «رؤية المخطوبة»    مستشفى الناس تطلق خدمة القسطرة القلبية الطارئة بالتعاون مع وزارة الصحة    «لو شوكة السمك وقفت في حلقك».. جرب الحيلة رقم 3 للتخلص منها فورًا    محمد رياض يستعرض معايير التكريم بالمهرجان القومي للمسرح: لا تخضع للأهواء الشخصية    محافظ شمال سيناء: نجحنا في إدخال عدد كبير من الشاحنات لغزة بجهود مصرية وتضافر دولي    ترامب يحذر الأوروبيين من أمر مروع: نظموا أموركم وإلا لن تكون لديكم أوروبا بعد الآن    تامر حسني يهاجم عمرو دياب بعد تصنيف الهضبة لألبومه "لينا ميعاد": أنا تريند وأنت تحت    سعر الدولار اليوم أمام الجنيه والعملات العربية والأجنبية السبت 26 يوليو 2025    ليكيب: برشلونة يتوصل لاتفاق مع كوندي على تجديد عقده    خبر في الجول - اتفاق مبدئي بين بيراميدز وبانيك لضم إيفرتون.. ومدة التعاقد    رد فعل مفاجئ من كريم فؤاد بعد أنباء إصابته بالصليبي (صورة)    إحباط تهريب دقيق مدعم ومواد غذائية منتهية الصلاحية وسجائر مجهولة المصدر فى حملات تموينية ب الإسكندرية    أحمد السقا: «لما الكل بيهاجمني بسكت.. ومبشوفش نفسي بطل أكشن»    هاكل كشري بعد الحفلة.. المطرب الشامي يداعب جمهوره في مهرجان العلمين    روعوا المصطافين.. حبس 9 متهمين في واقعة مشاجرة شاطئ النخيل في الإسكندرية (صور)    وزير الأوقاف: الحشيش حرام كحرمة الخمر سواء بسواء والادعاء بحِلِّه خطأ فادح    أخبار كفر الشيخ اليوم.. شاب ينهي حياة آخر بسبب خلاف على درجة سلم    6 أبراج «الحظ هيبتسم لهم» في أغسطس: مكاسب مالية دون عناء والأحلام تتحول لواقع ملموس    تنسيق الثانوية العامة 2025.. التعليم العالي: هؤلاء الطلاب ممنوعون من تسجيل الرغبات    باحثة في قضايا المرأة: الفتيات المراهقات الأكثر عرضة للعنف الرقمي    عقود عمل لذوي الهمم بالشرقية لاستيفاء نسبة ال5% بالمنشآت الخاصة    مشروبات طبيعية تخفض ارتفاع ضغط الدم    الجلوكوما أو المياه الزرقاء: سارق البصر الصامت.. والكشف المبكر قد يساهم في تجنب العمى الدائم    يسرى جبر: حديث السقاية يكشف عن تكريم المرأة وإثبات حقها فى التصرف ببيتها    عالم أزهري: خمس فرص ثمينة لا تعوض ونصائح للشباب لبناء المستقبل    برلماني: الدولة المصرية تُدرك التحديات التي تواجهها وتتعامل معها بحكمة    رددها الآن.. أفضل أدعية لاستقبال شهر صفر 1447 هجريًا    جامعة دمنهور الأهلية تعلن فتح باب التسجيل لإبداء الرغبة المبدئية للعام الجديد    وزير الاستثمار والتجارة الخارجية يلتقي مسؤولي 4 شركات يابانية لاستعراض مشروعاتها وخططها الاستثمارية بالسوق المصري    أسعار الأرز في الأسواق اليوم الجمعة 25-7-2025    الحكومية والأهلية والخاصة.. قائمة الجامعات والمعاهد المعتمدة في مصر    متحف الفن المعاصر بجامعة حلوان يستعد لاستقبال الزوار    شائعات كذّبها الواقع    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



نبيل فؤاد: أمريكا غير جادة فى القضاء على "داعش"
نشر في الوفد يوم 17 - 10 - 2014

قبل قرابة 3 سنوات التقيته فى إحدى غرف ماسبيرو، كانت مصر وقتها تترنح بحثا عن ثمار ثورة 25 يناير التى لم يكن الشعب قطف ثمارها، وتتأرجح تحت صراعات الفصائل السياسية التى يزعم كل منها أن الأب الروحى أو محرك الثورة، وعلى رأسها جماعة الإخوان التى طفت فجأة على السطح وانقضت على ثمار الثورة واختطفتها.
وكان المجلس العسكرى يدير البلاد تحت مشاعر شعبية تتراوح بين الرضا والرفض بطلب عودته للثكنات وإجراء الانتخابات الرئاسية، التى أفرزت لنا فيما بعد أسوأ رئيس لأسوأ مرحلة عرفتها مصر، وكان اللافت للنظر أن اللواء فؤاد نبيل أحد أبطال حرب أكتوبر وأستاذ العلوم الاستراتيجية والخبير العسكري كان متفائلا بأن مصر ستجتاز كل هذا، وتعجبت حينها لتفاؤله رغم أن معطيات الساعة لم تكن تدعو أبدا للتفاؤل، لكنه قال ان مصر التى عبرت هزيمة 67 الى انتصار أكتوبر، قادرة على عبور تلك المرحلة الحرجة.
والآن ونحن نعيش اجواء ذكرى انتصارات أكتوبر، ومصر تعيش مرحلة جديدة، تذكرت اللواء نبيل فؤاد، وحاورته حول التهديدات الجديدة التى تحيط بمصر عسكريا وأمنيا، وتنظيم داعش، ومستقبل الإخوان، والتقارب المصرى الروسى وعمليات التسليح، ودور مصر الإقليمى، وحقيقة مخاوفنا من ايران، والخطر القادم على قناة السويس من باب المندب، والقضية الفلسطينية ومستقبل السلام، والجيش العربى الموحد، والحالة السياسية المصرية والانتخابات البرلمانية، وغيرها من القضايا الأمنية والعسكرية والسياسية وكان الحوار.
تعيش مصر أجواء احتفالات أكتوبر، وتحيطها تهديدات من الداخل والخارج احدثها تهديد ميليشيات داعش بغوز مصر عبر ليبيا، ما مدى جدية وخطورة هذا التهديد؟
- أولا: لا يمكن لميليشيات داعش ان تدخل مصر عبر ليبيا او غيرها، فمن ناحية ليبيا التى يأتينا تهديد داعش عبرها، يوجد على الحدود المصرية الليبية جيش قوى بالمرصاد لأى تهديدات، وهذا ليس سرا، فالمنطقة الغربية العسكرية تحت قيادتها جيش ميدانى، وهو قادر على حماية حدودنا تماما لو حاولت داعش الانتقال الينا بميليشيات، كما أن داعش «تعنى دولة اسلامية فى العراق والشام» ومصر ليست العراق أو الشام، وبيننا وبينهم مساحة شاسعة من الاراضى، ولا يمكنهم التوصل الينا بسهولة وفقا للطبيعة الجغرافية، قد يمكنهم مثلا الوصول الى تركيا، الاردن واثارة المشكلات بها، اما مصر، فبعيدة عن ميليشاتهم المسلحة بأسلحة ثقيلة.
ولكن هذا لا يعنى ان خطرهم يصل الى النقطة صفر حيال مصر، لا بل يمكنهم إرسال عناصر منهم بصورة او باخرى، بالتسلل عبر الحدود، او حتى الدخول عبر المطارات والموانئ بصورة متخفية وكأنهم زوار لمصر او سياح، فمن المؤسف ان داعش تضم جنسيات مختلفة، عربية، خليجية، اوروبية، امريكية، وحتى مصرية، اى يمكنهم إرسال عناصر منهم لتنفيذ عمليات تخريب او تفجيرات ارهابية، وهذا ما يمكنهم عمله فى مصر.
ويجب أن ألفت النظر إلى أن داعش ترى فى جماعة الإخوان بمصر ارضية خصبة، وتعمل على استقطابها للعمل باسمها داخل مصر فى التخريب والارهاب وليشكلوا لها قاعدة، لان فكرهم يتقارب مع فكر الإخوان فى اقامة خلافة وولايات اسلامية، وترى داعش فى الإخوان بمصر ما يتفق مع فكرها لتنفيذ اعمال ارهاب وتخريب تحت رايتها، كما ستجد أيضا المأجورين من الفقراء الجهلاء، الذين يمكن شراؤهم لتنفيذ مخططاتهم الارهابية، وتلك هى الثغرات التى يمكن ان تنفذ منها داعش لمصر، ولكن ليس عبر الميليشيات كما يزعمون.

قوة داعش
لكن كيف اصبح تنظيم داعش بهذه القوة والتسلح وبصورة فجائية؟
- ليس بصورة فجائية كما يعتقد البعض، التنظيم ظهرت نواته فى العراق اولا منذ اجتياح امريكا للعراق عام 2003، لكن القوات الأمريكية لم تسمح بهذا التنظيم للظهور مع تواجد قواتها هناك فتوارى قليلا لأن هدف ظهوره لم يكن قد تبلور بعد بالنسبة لأمريكا، ومع الاضطرابات فى سوريا، عمدت امريكا الى احياء فكرة هذا التنظيم فى سوريا لمحاربة بشار الاسد وإسقاط نظامه، حتى يتم ذلك بأيادٍ اخرى بعيدا عنها، لأن لها ثلاث تجارب مريرة فى الحرب على الأرض بدولة أخرى، متمثلة فى حرب فيتنام، حرب افغانستان، واخيرا العراق، فتم تدريب عناصر داعش وتسليحها بأسلحة ثقيلة لضرب الجيش النظامى السورى.
وبالتالى ظهور داعش بهذه القوة فى سوريا، احيا التنظيم فى العراق، والمثير للدهشة ان داعش تمكنت بالأسلحة التى سرقتها من مخازن السلاح فى سوريا والأسلحة القادمة لها من أمريكا، ومن الاستيلاء على أسلحة الجيش العراقى، الذى اختفى معظمه وفر من أمام ميليشيات التنظيم، وتمكنت داعش من استقطاب العديد من القبائل والعشائر للانضمام اليها تحت زعم مواجهة العدو الشيعى وغيرهم ممن لا ينتمون لفكرهم.
أمريكا سمحت بظهور داعش واستفحال قوته، وها هى تحاربه لماذا؟
- كما خلقت أمريكا طالبان ثم حاربتها، وأوجدت القاعدة وأعلنت عليها حربا ضد الارهاب، انها سيناريوهات أمريكية هدفها ابقاء مناطق بعينها ساخنة، ودفع أطراف أخرى للحرب بالوكالة عنها، لابعاد شبح الارهاب والتطرف عن أراضيها، وشغل العالم او منطقة الشرق الأوسط خاصة بهذه الصراعات.
ومخطئ من يعتقد ان امريكا تنوى بالفعل القضاء تماما على داعش بهذه الضربات الجوية، فهى تعلم تماما ان القضاء على داعش لن يتم الا عبر تدخل من القوات العربية، وشن حرب برية، وامريكا ترغب فى بقاء داعش أطول فترة ممكنة، لابقاء هذا التنظيم كشوكة تهديد فى قلب الخليج، وتعتقد بالتالى أنها بذلك تضمن بقاء الخليج تحت عباءتها طلبا لحمايتها.
كيف يمكن القضاء على داعش؟
- هناك سيناريو عسكرى وحيد، يتمثل فى تقديم الدول العربية لدعم متكامل من السلاح والعتاد والمساعدات للجيش العراقى، والعمل على احياء هذا الجيش للقضاء على تنظيم داعش، وبدون الجيش العراقى، سيزداد التنظيم قوة ووحشية، ونفس الحال بالنسبة للجيش السورى، وأنا لى وجهة نظر، ان كل من يدعم الفصائل التى تحارب جيش سوريا النظامى، خائن، قضية سوريا لن تحل عسكريا، بل سياسيا، وقد رأينا الفصائل التى تحارب الجيش النظامى انقسمت على نفسها، كان بعضها منبثقاً من القاعدة وانفصل عنها، وكل فصيل يبحث من الآن عن نصيبه فى الكعكة بعد رحيل الأسد، وفى النهاية سوريا ستتقسم وتنتهى، وهذا ما لا يجب ان يسمح به العرب، فمخطط التقسيم يسير على قدم وساق فى دول الشرق الاوسط، تنفيذا لمخطط سايكس - بيكو جديد.
مصير الإخوان
يدفعنا هذا للسؤال البديهى، ما هو مصير الإخوان فى مصر ومتى سينتى ارهابهم واقتتالهم مع الشعب والدولة أملا فى العودة للحكم؟
- تاريخ الإخوان على مدى 82 عاماً اتسم بالصدام مع الانظمة، فى العهد الملكى، عبد الناصر، السادات، مبارك، ففى كل عهد كان يحدث الصدام الذى وصل لحد محاولة اغتيال عبد الناصر، وتنفيذ اغتيال السادات، لذا يأتى السؤال، هل نجح العنف والبندقية فى القضاء على الإخوان كجماعة وفكر، الاجابة: لا، وعلى مدار التاريخ الانسانى، لم يثبت ان اى صراع بين طرفين ادى الى قضاء طرف على الاخر حتى أفناه او أباده نهائيا.
لذلك، يجب ان نلجأ الى الحل الاقرب للتنفيذ، وهو الحوار، دحض الفكر بالفكر، ولدينا تجربة ناجحة فى الثمانينيات، عقب اغتيال السادات، قام الشيخ الشعراوى وفريق من الشيوخ الملمين بأمور الدين والدنيا، ونجح الشيوخ بنسبة 85% في تصويب أفكار الجماعة الاسلامية التى انشقت عن الإخوان، وعمل مراجعات فكرية، لذا أرى ان الحل الأمنى فقط لن ينجح، ويجب ان يكون الحل متكاملاً، سياسياً، اقتصادياً من خلال مكافحة الفكر لانهاء استقطاب البسطاء، وفكرى بالحوار.
إننا نحتاج الى مئات الشيوخ مثل المرحوم الشعراوى، لديهم إلمام وثقافة عميقة بالدين وامور العلم والدنيا، وربط الدين بالدنيا، لتكون لديهم قوة وحجة الاقناع.
ننتقل من التهديد الداعشى والإخوانى لمصر الى الهجمة الاردوغانية، ماذا تريد تركيا من مصر؟
- أردوغان يتفق مع الإخوان فى حلم الخلافة، ولكن بصورته العثمانية القديمة، فهو يحلم بعودة الامبراطورية العثمانية، وان تعود مصر تحت عباءة هذه الدولة العثمانية، وكان يرى فى الإخوان ظهيرا لحلمه، فالإخوان ايضا يحلمون بأن تصبح مصر ولاية فى دولة خلافتهم.
والإطاحة الشعبية المصرية بالإخوان شكلت ضربة لأردوغان، وهو لا يريد ان يستسلم ويصدق بسهولة، انه لا مكان لحلمه العقيم، خاصة وأنه لا يزال يقف على أبواب أوروبا التى ترفض انضمامه للاتحاد الأوروبى، لذا توجه بسياسته الى الشرق، وحقق بها بعض النجاحات، ولكن لم تأت الأمور كما اشتهى، و يجب ان الفت ان هناك تضخيماً وتهويلاً اعلامياً لما يقوله أردوغان، وكان يجب معالجة الأمر عبر القنوات السياسية والدبلوماسية، دون النفخ فى النيران، فتحول الأمر إلى رأى عام وحراك شعبى، يضر دوما باحتواء الأزمات بصورة سياسية دبلوماسية، ويطيل من امد الازمة، وأنا أرى انها مرحلة وتمر، وكلما قويت مصر داخليا، كلما انتهت هذه الزوابع، وتراجعت هجمات الدول علينا.
هل ترى أن مصر بدأت تستعيد عافيتها اقليميا ودوليا خاصة فى ظل وساطتها الأخيرة بين فلسطين وإسرائيل وبالأمس القريب تبنى مؤتمر إعمار غزة؟
- بصورة نسبية، والسيسى رجل عسكرى وسياسى ذكى، وقد بدأ التحرك على عدة محاور دولية، ولكن يجب العمل بإيقاع أسرع وأعمق على دعم وتحسين العلاقات مع كل دول العالم، بصورة متوازنة لمصلحة مصر، وفيما يتعلق بالقضية الفلسطينية، لا يجب تصور ان دور مصر وحدها كافٍ لحل هذه القضية طويلة الامد، بل يجب ان يكون هناك تكتل عربى ضاغط على امريكا بقيادة مصرية لتحييد موقفها مع إسرائيل، فالانحياز الامريكى لتل ابيب وراء عرقلة عملية السلام.
وإسرائيل ترتكن الى ان امريكا تحرص على بقائها قوة متفردة فى المنطقة، وتردد دوما ان أمنها القومى مرتبط بأمن اسرائيل، تمدها بأسلحة متطورة ترفض إعطاءها لأى دولة عربية أذكر منها طائرات إف 15 وطائرات إف 16 المتطورة، بل ان امريكا سمحت لاسرائيل بالتفوق فى صناعة طائرات بدون طيار، وباتت أمريكا نفسها والصين ودول أخرى تستوردها من اسرائيل، حيث باتت الاخيرة من الدول المصدرة للسلاح، وللأسف استغلوا امكانياتهم وذكاءهم فى صناعة ما خف وزنه وغلا ثمنه من تصنيع الالكترونيات.
لذا أطالب الدول العربية باستلهام روح أكتوبر، الذي شهد تكتلا عربيا عسكريا واقتصاديا وسياسيا لتسديد ضربات موجعة لإسرائيل، وكادت اسرائيل ان تنتهى لولا دعم امريكا وجسر الاغاثة الذى مدته اليها لدعمها عسكريا، التكتل العربى فى 73 أقنع أمريكا بان قوى جديدة بدأت فى الظهور عالميا هى القوة العربية، واعتقدت أن العرب أدركوا أخيرا مصلحتهم، ولكن للأسف لم يمسك العرب بالفرصة، وأضاعوها فيما بعد بسبب مصالح منفرده، ولاعتقاد كل منهم أن همه ودوره هو تأمين نفسه من أى تهديدات، دون الالتفات الى أن الخطر والتهديد واحد لكل المجموعة العربية.
لماذا تم تجميد مشروع الجيش العربى الموحد؟
- لأن بعض الدول استكثرت ان يكون هذا الجيش تحت قيادة مصرية، او حتى قيادة دولة اخرى، وتضاربت الآراء والمصالح، رغم ان مثل هذا الجيش، سيجعل من العرب قوة فاعلة ورادعة لأى دولة تفكر فى الاعتداء على اى دولة عربية او المساس بسياتده، وبدأت فكرة هذا الجيش فى عهد عبد الناصر، والذى طرح تكوين جيش عربى تحت قيادة الفريق على على عامر، وشاركت عدة دول كالسعودية، وسوريا، وغيرها وتم تحديد اختصاصات وخطط، وبدأت القيادة تمارس اختصاصاتها، وظهر نوع من التحفظ والحساسية لدى بعض الدول، فكيف للواء مصرى ان يتفقد جيشا عربيا ويشرف على تدريباتهم، وتم وأد الفكرة، وتلتها ارهاصات عديدة.
وأرى ان تشكيل هذا الجيش ممكن، اذا ما تنازلت كل دولة قليلا وغلبت المصلحة العربية القومية، فهذا سيوفر للدول ملايين الدولارات من الانفاقات فى الموازنات العسكرية، وسيكون بمثابة تكتل عسكرى وقائى للمنطقة، ويجب أن نعرف ان مصر والدول العربية من أكبر دول العالم فى الموازنات العسكرية، رغم ان قوة تسلح هذه الدول ليست على المستوى العالمى القوى، ولا تضاهى حتى إسرائيل.
هل ترى أن التقارب المصرى الروسى على حساب علاقتنا بأمريكا؟
- بعد عام 73 اتخذنا قرارا بتنويع مصادر السلاح، لأننا عندما طردنا الخبراء الروس، تلكأت روسيا فى امدادنا بالسلاح وقطع الغيار، وقامت أمريكا باستقطابنا، ولكن محاباة أمريكا لإسرائيل وتمييزها علينا وعلى كل العرب بالاسلحة المتقدمة، جعلتنا نبحث عن مصادر اخرى لتنويع اسلحتنا، فروسيا مثلا ليس لديها طفل مدلل على غرار أمريكا واسرائيل، لذا لن يكون لديها موانع من بيع أى أسلحة متقدمة لمصر، وليس سرا أن هناك صفقة أسلحة روسية كبيرة ستتم، ويجب ألا يتم التقارب المصرى مع روسيا على حساب أمريكا، بل يجب عمل نوع من التوازنات والتفاهمات، لتحقيق مصلحة مصر على أفضل وجه.

لا قواعد عسكرية
تثور أقاويل أن روسيا تسعى لإقامة قاعدة عسكرية لها فى مصر مقابل امدادنا بالاسلحة المتطورة؟
-مصر لن تقبل أبدا إقامة قواعد عسكرية روسية أو غير روسية على اراضيها، ولا مجال للحديث عن هذا كل ما يمكن ان تقدمه مصر، هو فى إطار التسهيلات مثلا لعبور قوات روسية، أو المرور ترانزيت فى طريقها لمناطق أخرى، أو تموين الطائرات الروسية حال الحاجة لذلك، ويجب ان نعلم ان رفض مصر اى قواعد عسكرية على أراضيها مبدأ لا نتراجع عنها.
فى عام 2012 كنت أول من تنبأ بأن المجلس العسكرى لا يرغب فى التمسك بالحكم، فهل أخطأ المجلس بالتعجيل بالانتخابات الرئاسية التى أفرزت لنا خيارات رئاسية محدودة نجم عنها فوز مرسى الذي حكم أسوأ أعوام مصر؟
-لم يخطئ المجلس العسكرى، لان وجوده كان حالة مؤقتة، وكلنا يعلم الضغوط الشعبية والنداءات السياسية فى حينها بعودة الجيش للثكنات، وكان لا بد للانتقال للمرحلة المدنية، وتنفيذ الاستحقاقات الديمقراطية، وانا شخصيا انتخبت مرسى، فلم يكن الإخوان قد كشفوا بعد عن وجههم القبيح، ولم يكن الشعب الذى اختارهم يعلم حقيقة هذا الوجه، واعتقدت شخصيا ان «مرسى» استاذ الجامعة الذى تعلم فى أمريكا، عاد لمصر وبداخله فكر متطور ومتحضر ديمقراطى، فأنا زوجتى استاذة جامعية، وأعرف جيدا قدر أساتذة الجامعة، وأيضا زوج شقيقتى استاذ جامعى، حصل على دكتوراه فى الهندسة من أمريكا، وعاد لمصر بفكر وأفق مستنير ومختلف تماما، لذا كنت أعتقد أن «مرسى» سيخدم مصر ويدفعها للامام، وانه انسلخ عن ولائه لجماعة الإخوان، خاصة بعد ان سألوه، كيف ستكون رئيسا وقد أديت قسم البيعة للمرشد، فقال إنه تحلل من القسم ليكون رئيسا لكل المصريين، واتضح فيما بعد ان هذا ليس حقيقيا، وهو ما لخصته السفيرة الأمريكية فى القاهرة فيما بعد بقولها «ان هناك 6 أشخاص يحكمون مصر ليس بينهم مرسى» وكانت تعنى مكتب الارشاد.
فى نقاط، ما هى معطياتك كرجل عسكرى للرد على مزاعم الإخوان بأن وراء 30 يونيو انقلاباً عسكرياً؟
-30 يونيو ثورة شعبية بالأدلة المنبثقة من اى انقلاب عسكرى عرفه العالم، فأى انقلاب العسكرى يؤدى الى انقسام داخل الجيش بين مؤيد للرئيس الذى تم الانقلاب عليه وبين مؤيد للانقلاب، وهذا لم يحدث فى جيشنا الذى كان على قلب رجل واحد فى تلبية نداء الشعب والوقوف وراء للاطاحة بحكم مرسى والإخوان.
ثانيا: لم يسيطر الجيش على مؤسسات الدولة ومصالحها الحكومية، بل قام بحمايتها وتأمينها فقط، وهو نقيض ما تم فى انقلاب 23 يوليو عام 52، فقد سيطر الجيش على كل مؤسسات الدولة وإعلامها بما فيها ماسبيرو، ولم يكن هناك خبر او معلومة تنشر او تذاع إلا بموافقة مجلس قيادة الثورة العسكرى .
ثالثا: الانقلاب العسكرى ليس له ظهير شعبى كما فى انقلاب 23 يوليو، وفي 30 يونيو كان الشعب هو الباعث والمحرك، وكان الجيش هو ظهير الشعب لتحقيق مطالبه.
كنت قبل 3 أعوام تطالب بالانتخابات البرلمانية اولا ثم الرئاسية، ما موقفك الان وقد حدث العكس؟
- كنت أرجح الانتخابات البرلمانية أولا، حتى لا تكون كل السلطات فى يد الرئيس، فقد اكتوت مصر بمراحل الحكم الشمولى، فعلى سبيل المثال كانت كل السلطات فى يد الرئيس عدلى منصور بالمرحلة الانتقالية، وصدر فى عهده قانون التظاهر، والآن القانون تم الطعن فى دستوريته، وتمت إحالته الى القضاء الدستورى الذى يرأسه الآن المستشار عدلى منصور، وهو موقف شائك، وذلك على سبيل المثال، ولكن وقد حدث الواقع وتمت الانتخابات الرئاسية، فنحن نطلع الى انتخابات برلمانية ديمقراطية ناجحة يتم من خلالها عمليات فرز للاحزاب، وتكتلات، لتغير وجه السياسة فى مصر للأفضل.
هل ترى ان مصر دوما بحاجة الى رجل عسكرى ليرأسها؟
- ليس بالضرورة، مصر ولادة، وبها كفاءات وكوادر مدنية هائلة، ولكن لدواعى المرحلة, وبسبب التهديدات الداخلية والخارجية الهائلة، كان الترجيح لاختيار رجل من صفوف الجيش.
اتسمت احتفالات أكتوبر هذا العام بزخم متميز وإلقاء الاضواء على ابطال لم يتم ذكرهم سابقا.. لماذا برأيك؟
- لأن الرئيس السيسى قادم من صفوف الجيش، ويعلم تماما مقدار البطولات والتضحيات التى قدمها الجيش بكل فئاته، ويعلم ان هناك ظلم وتهميش واقصاء تم للبعض، لذا لزم السعى لاحتفاليات شاملة تضم الجميع، والمتميز هذا العام انه قام بدعوة عناصر ونماذج ممثلة لجيوش البلدان العربية التى شاركت معنا فى الحرب، وهى لفتة ذكية من السيسى وتنم على رغبته فى تجميع الصف العربى مرة أخرى، واستلهام تلك الروح التى كان عليها العرب فى أكتوبر.
كيف ترى المشروعات التنموية التى تم إطلاقها مؤخرا؟
- مشروعات جيدة وستثمر لمصر الخير ولكن علينا الصبر، وأريد أن ألفت الى ضرورة إصلاح مشروعات تنموية سابقة نفذها مبارك، ووقعت بها أخطاء، مثل مشروع توشكا، وسيناء، وشرق التفريعة، وغرب السويس، لأن امكانيات وموارد مصر المحدودة لا يصلح معها مشروعات متفرقة هنا وهناك، وأخرى مجمدة أو فاشلة، بل يصلح بها مشروع قومى واحد، تنبثق منها مشروعات فرعية، لذا كنت أتمنى أولا تصويب المشروعات القديمة قبل الانطلاق فى مشروعات جديدة.
كيف ترى مستقبل مصر؟
- داخليا أراها تسعى لحل متكامل سياسى، اقتصادى، فكرى، وذلك بعيدا عن الإقصاء لعمل تصويب مسارات ومصالحة، وخارجيا أرى ضرورة أن تسعى مصر للانفتاح عربيا، واقليميا على تركيا وايران، وأن تواجه مخاوف التشيع عن طريق اعمال الفكر ومواجهة الحجة بالحجة، اقتصاديا، أراها تسير فى مسارها الحالى مع تصويب مسار مشروعات قديمة، وسياسيا اراها تسير الى عملية الفرز السياسى من خلال التكتلات الحزبية.
ويختم اللواء نبيل فؤاد كلامه.. فى الواقع أنا متفاءل.. ولكن الى حد ما.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.