قامت ثورة يناير، بهدف القضاء على الفساد وبناء دولة قوية قائمة على العدل، وهو ما دعا "بوابة الوفد" لفتح ملف التحاليل الطبية في مصر لما به من انتهاكات صارخة في حق المرضى، إما لعدم أهلية العاملين بها، أو لنقص الأجهزة، أو بسبب إهمال في فصل وحفظ ونقل العينات ما يؤدي لنتيجة مضللة قد تودي بحياة المريض. ذهب محرر الوفد لمعامل التحاليل الأكثر شهرة في مصر، فوجد أن معظم فروعها غير مطابقة للمواصفات المحلية أو العالمية والتي تأخذ رخصة مزاولة المهنة على أساسها، حيث خلت من طبيب متخصص في التحاليل، بينما وجد ببعضها أشخاصا ليسوا أطباء ولا ممرضين ولا كيميائيين كما هو الحال في معمل ساريدار بالدقي . وعندما طلب المحرر إجراء تحليل سكر من معمل، وتحليل الكالسيوم من معمل آخر، اعترف البعض بأن النتيجة لن تظهر في نفس اليوم لعدم وجود أجهزة، وأن العينة ستنقل للمركز الرئيسي للمعمل، رغم سهولة هذه التحاليل. وبتتبع ثلاثة من مندوبي نقل العينات وجدناهم غير مؤهلين علميا للتعامل، فأعلاهم مرتبة حاصل على دبلوم صناعي، ولما سألناهم عن مدة النقل قالوا "ليس أقل من ساعة"، فضلا عن درجة الحرارة المرتفعة، واهتزاز حقيبة حفظ العينة، ما يؤثر في النهاية بالسلب على نتيجة التحليل. كما استطلعت الوفد آراء خبراء التحاليل حول هذه القضية وإليكم بعضها.... أغلب المعامل غير صالحة قال دكتور علي أحمد بيومي المدير الإداري لمعمل الحياة فرع فيصل "مشكلتنا في مصر أن كل الناس مؤهلين أو غيرهم فاتحين معامل، مثلا اتصل بي واحد من هؤلاء وأخبرني أنه أعطى مريضا نتيجة عينة بشكل معين، فقلت له أصلا لا يوجد شىء بهذا الاسم، لكن طبعا لا يستطيع الاتصال بالمريض والاعتذار عن النتيجة الخاطئة وإن أدت إلى وفاته، حفاظا على سمعة المعمل" . وأضاف أن هناك معامل تحاليل موجودة وتتعامل مع المرضى وليست معها تصاريح لمزاولة المهنة، وبالتالي ليس عليها رقابة، ومن ثم فهي ترتكب كوراث في حق المرضى، وهناك كيميائيون يتعدون حدود الرخصة التي حصلوا عليها بإنشاء معمل مايكرو بيولوجي "متخصص في تحاليل البول والبراز والمثانة فقط"، لكن هم يقومون بكل التحاليل على عدم أهليتهم ومن ثم تحدث الأخطاء المتكررة الكبيرة ولا عزاء للمريض، فلا يوجد هيئة يمكن أن تأخذ له حقه ". معامل كبرى لا تتقي الله من جانبه أكد دكتور هشام عيسى طبيب تحاليل وصاحب معمل وجود تجاوزات كثيرة من قبل معامل معروفة لا تتقي الله في المرضى، وتنظر إلى الربح فقط . وقال " لا مانع من نقل العينة لأن ذلك يحدث عالميا على أن يتم أخذ العينة بشكل سليم من قبل الطبيب المتخصص أو الممرض، ثم فصل العينة، ثم تخزينها، ثم نقلها بحرص شديد ما يحافظ على العينة دون تأثر، لكن للأسف هناك معامل ذات اسم لا تفصل العينة قبل إرسالها إلى المعمل الرئيسي، ما يعرضها للتلف، و يؤثر على النتيجة النهائية للتحليل". وصرح أن إصلاح منظومة التحاليل الطبية في مصر يتوقف على الضمير، أكثر منه على الرقابة من قبل الوزارة التي تعجز عن رقابة عدد كبير جدا من فروع المعامل الكبيرة. كلية للتحاليل الطبية أشار د محمد بسيوني طبيب عضو رابطة أطباء التحاليل إلى إمكانية إنشاء كلية مستقلة للتحاليل الطبية، نظرا لخطورة تعدد فروع المعامل بمصر ما يتعارض مع جودة الخدمة المقدمة للمريض ولا يغتر البعض بشهادات الجودة العالمية التي تعطى للمعامل الكبرى في مصر، حيث يحصل عليها الفرع الرئيسي فقط، لكن لا يصح أن يعمم المعمل هذه الشهادة على فروعه لأن ذلك يعد تضليلا وخداعا. وعن رأيه في نقل العينات قال"هي طريقة موجودة فعلا بكل مكان في العالم لكن بنسبة قليلة جدا لكننا ننقل أغلب العينات ولا نلتزم بالمعايير حيث يقوم بالنقل شخص غير مؤهل ولا يدرك أهمية النقل في جودة التحليل وليس ملما بالممارسات السلبية في عملية النقل والتي غالبا ما يقع فيها مثل خلط العينات على بعضها. صحة المريض أمن قومي بدوره قال حميدة حسانين كيميائي:" لقد عملت في معظم المعامل الكبرى، فلم أجد إلا الإهمال والتقصير في حق المريض إما لعدم جاهزية المعمل، أو لعدم أهلية العاملين، أو لتخزين ونقل العينة بشكل خاطئ". وأضاف"سلامة المعامل ودقة النتائج تمثل قضية أمن قومي لما لها من دور في التشخيص المبكر للمرض، ما يكفل للمريض وقاية مبكرة أو تدارك المرض في مراحله الأولى ما يعجل بالشفاء ويوفر الأموال والمعاناة النفسية والصحية، لذلك فإن صحة المصري أهم من الرأسمالية المتوحشة التي تسعى للكسب بأي وسيلة وإن كان على حساب حياة إنسان". تجارب سلبية مع معامل التحاليل ومن أمثلة الأداء السلبي لمعامل التحاليل قيام سيدة بإجراء تحليل للكشف عن حقيقة ورم بأحد أعضائها إن كان حميدا أو خبيثا، فجاءتها النتيجة بأنه خبيث، فقامت بإجراء عملية جراحية استئصلت على إثرها عضوا من جسمها، وبعد ذلك اكتشفت أن الورم كان حميدا. شاهد الفيديو: