جامعة القناة تحقق المركز 653 عالمياً و13 محلياً حسب تصنيف "US News"    رسوب جماعي لطلاب مدرسة في بني سويف باستثناء طالبة واحدة    شيخ الأزهر ل«وفد طلابي»: العلم بلا إطار أخلاقي «خطر» على الإنسانية    وزير الإسكان يوجه بأهمية ترشيد استهلاك الطاقة والمياه في المدن الجديدة    مجموعة كونتكت المالية تسجل نموًا سنويًا بنسبة 306% في صافي الأرباح في قطاعي التمويل والتأمين خلال الربع الأول من عام 2025    وزير الدفاع الإسرائيلي يوجه الجيش بتصعيد الهجمات على إيران    آخر تطورات الحرب الإيرانية الإسرائيلية فى بومها السابع لحظة بلحظة    الكرملين: إيران لم تطلب مساعدات عسكرية لكن دعم موسكو لطهران موجود بشكل عام    نتائج مباريات الجولة الأولى من كأس العالم للأندية 2025    حمدي فتحي: نسعى لتحقيق نتيجة إيجابية أمام بالميراس    رفع 46 سيارة ودراجة نارية متهالكة من الشوارع    إصابة سائحتين أوكرانية وبولندية في تصادم بطريق سفاجا    ضبط 6 تشكيلات وعناصر إجرامية بالقاهرة ارتكبوا جرائم سرقة متنوعة    «في عز الضهر» يحقق إيرادات تقترب من نصف مليون جنيه بأول أيام عرضه    بكاء ماجد المصري في حفل زفاف ابنته يتصدر التريند| فيديو    من فاتته صلاة في السفر كيف يقضيها بعد عودته.. الأزهر للفتوى يجيب    الرزق ليس ما تملك..بل ما نجاك الله من فقده    محافظ الدقهلية يستقبل نائب وزير الصحة للطب الوقائي    «مدبولي»: الدولة المصرية تخطو خطوات جادة نحو توطين العديد من الصناعات    عبد الغفار يترأس الاجتماع الأول للمجلس الوطني للسياحة الصحية    سعر الريال السعودى اليوم الخميس 19-6-2025    بتكوين تستقر ضمن نطاق ضيق مع تصاعد التوترات الجيوسياسية وتلميحات الفيدرالى الأمريكى    خارجية أمريكا: نطالب جميع موظفى السفارة فى تل أبيب وأفراد عائلاتهم بتوخى الحذر    تفاصيل حفل افتتاح مهرجان كناوة ونجوم اليوم الأول    تخفيض إنارة الشوارع والميادين.. محافظ أسيوط يتخذ إجراءات عاجلة لترشيد استهلاك الطاقة    تكليفات جديدة بشأن تقنين الأراضي والتصالح في مخالفات البناء ب الفيوم    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 19-6-2025 في محافظة قنا    خرجوا من نص الوقت.. النحو يرسم البهجة على وجوه طلاب الثانوية الأزهرية "فيديو"    ضبط 9 أطنان دقيق مدعم قبل بيعها بالسوق السوداء    وكيل تعليم الغربية يتابع امتحانات الثانوية العامة لطلاب مدرسة stem    بونو يحصل على التقييم الأعلى في تعادل الهلال وريال مدريد    "الأهلي وصراع أوروبي لاتيني".. جدول مباريات اليوم الخميس والقنوات الناقلة    متوسط التأخيرات المتوقعة لبعض القطارات على خطوط السكة الحديد    مشروع قانون الإيجار القديم: معايير وضوابط تقسيم المناطق المؤجرة للغرض السكنى    إعلان الفائزين في بينالي القاهرة الدولي الثالث لفنون الطفل 2025    هيفاء وهبي تعلن عن موعد حفلها مع محمد رمضان في بيروت    الصحة: الولادة القيصرية غير المبررة ترفع خطر إصابة الأطفال بالتوحد 4 أضعاف    إعلام عبري: 7 صواريخ إيرانية على الأقل أصابت أهدافها في إسرائيل    فوائد التين البرشومي، فاكهة الصيف الذهبية تعزز الذاكرة وتحمي القلب    طرح البرومو التشويقي الأول لمسلسل «220 يوم» (فيديو)    زيزو يوضح حقيقة الخلاف حول ركلة جزاء تريزيجيه    وسط تصاعد التوترات.. تفعيل الدفاعات الجوية الإيرانية في طهران    كوريا الشمالية تندد بالهجوم الإسرائيلي على إيران    حزب الله بالعراق: دخول أمريكا في الحرب سيجلب لها الدمار    ملف يلا كورة.. ثنائي يغيب عن الأهلي.. مدير رياضي في الزمالك.. وتحقيق مع حمدي    إسرائيل: منظومات الدفاع الجوي الأمريكية اعترضت موجة الصواريخ الإيرانية الأخيرة    تموين الإسماعيلية تكثف حملات المرور على المطاعم (صور)    هل الحسد يمنع الرزق؟.. الشيخ خالد الجندي يوضح    خالد الغندور يكشف صدمة للأهلي بسبب مدة غياب طاهر    ريبييرو: مواجهة بالميراس صعبة.. وسنبذل قصارى جهدنا لتحقيق الفوز    دور الإعلام في نشر ودعم الثقافة في لقاء حواري بالفيوم.. صور    بين الاعتراض على الفتوى وحرية الرأي!    من قال (لا) في وجه من قالوا (نعم)؟!    السفير السعودي بالقاهرة يلتقي نظيره الإيراني لبحث التطورات الإقليمية    دموع الأب تسبق النعش.. «السيدة زينب» تودّع ابنها طالب الثانوية العامة ضحية العقار المنهار    ما حكم سماع القرآن أثناء النوم؟.. أمين الفتوى يجيب (فيديو)    المغرب 7,57م.. أوقات الصلاة في المنيا والمحافظات الخميس 19 يونيو    احتفالية لرسم البهجة على وجوه ذوي الهمم بالفيوم.. صور    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



عبدالوهاب بدرخان يكتب: «إسلام» الإرهابيين إذ يمضي في تدمير الإسلام
نشر في الوفد يوم 04 - 09 - 2014


عبدالوهاب بدرخان
لا بدّ من التصارح. فالرؤوس تُقطع والدم يُراق والأرواح تُزهق والناس تُروّع وتُذلّ والبلاد تُضَيّع، والشرق يُسلب فلذة التنوّع أو ما تبقّى منها كعنوان لروحانيته وتسامحه وتعايشاته وآخر أمل في حضاريته.
لا مجال للتراوغ اذاً، فالمسلمون متيقنون بأنهم مستهدفون في دينهم تشويهاً وشيطنةً وأدلجةً وأن أعداءهم منهم وفيهم بمقدار ما هم خارجيون، والمسيحيون وغيرهم من الأقليات يشعرون بأنهم يُسقَطون اسقاطاً من معادلة الشرق «الجديد» لجعله معزلاً مغلقاً، وأن العهود الاسلامية القديمة تلاشت تحت وطأة خطر «اسلامي» محدق أيضاً بالمسلمين أنفسهم، أما الضمانات الغربية الأقل قِدَماً فتبدو كما لو أنها تبخّرت، فلا جهة في المجتمع الدولي اليوم تعتبر حماية المسيحيين من أولوياتها. أصبح مصيرهم في معمعة الصراع الدولي، الدائر باحتراب أهلي - طائفي بالوكالة، أن يكونوا الثمن، وأن يدفعوا هذا الثمن.
لم تكن المشكلة الرئيسة في أي بلد، لا في مصر ولا في سورية أو العراق أو فلسطين، أن هناك سكاناً زائدين، أن هناك مسيحيين وآخرين يطالبون باحترام حقوقهم وخصوصياتهم. بل كانت هناك أنظمة حكم مستبدة وفاسدة عاملت الجميع بالقمع وبالشدّة الدموية ولم تعترف ب «مواطنية» أي من رعاياها، كما لم يسعفها استعلاؤها على الأعراف والأخلاقيات ولا تكوينها السياسي والعقائدي في إعلاء القانون فوق الجميع. ترد «الحال الفلسطينية» في هذا السياق لأن اسرائيل شكّلت تاريخياً - باعتمادها على الارهاب والمجازر واحتقار القانون الدولي وطرد السكان الى مخيمات اللجوء - النموذج الأول في المنطقة للأنظمة التي نشأت تباعاً في المشرق العربي وراحت تتجذّر في التطرّف، الى أن أجبرتها هزائمها العسكرية على توسّل الدعم الغربي لبقائها وقد نالته بشروط مركّبة ومتداخلة خلخلت «شرعيتها» إن وُجدت أصلاً، اذ كان تحصين وجود الدولة العبرية وأمنها أول هذه الشروط.
كانت تلك الثغرة التي بحث تيار الاسلام السياسي عنها طوال عقود، فراح يطرح نفسه كبديل داخلي (ضد الأنظمة المستبدّة لكن أيضاً ضد اليسار العلماني) وقومي (ضد العدو الصهيوني) وإسلامي (ضد الشيوعية الملحدة)، ما أوجد تقاطعات مصالح دفعت الأنظمة أحياناً الى استمالة هذا التيار ضد معارضيها الآخرين، وأغرت رعاتها الغربيين أحياناً اخرى باستخدامه كما حصل في افغانستان، هناك حيث اختمرت البذرة الأولى للإرهاب الخاص الذي انتج تنظيمات كان «القاعدة» رائدها المنظّم ثم أفرخت العشرات وصولاً الى «داعش». لكن قبل أن تتبلور تجربة «الأفغان العرب» في مشروع مغرق في الفوضوية والضبابية، كانت ايران الثورة سبقتهم بطرحها «تصدير الثورة» كمشروع هادف ومنظّم يتبنّى بل يتخطّى منطلقات «الأفغان العرب» وأهدافهم (ضد اميركا والغرب، وضد الأنظمة العربية)، مستخدماً بعض خططهم ومطوّراً أساليب اخرى (نسف السفارة الاميركية ومقار عسكرية غربية، أو خطف رهائن غربيين، في بيروت). كان العالم لا يتحدّث إلا عن «الارهاب الايراني» الذي صنّفه كثيرون ب «الاسلامي» وأشار اليه البعض ب «الشيعي» (طوال الثمانينات)، ثم تبدّلت الحال مع ظهور التنظيمات المنبثقة من المستنقع الأفغاني، اذ راح الارهاب الايراني يتمايز مستفيداً من أخطاء المشروع الآخر ومغامراته، وبعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر) 2001 في الولايات المتحدة لم يعد «الارهاب الاسلامي» ايرانياً أو شيعياً، بل سنّياً. ثم أن حربي افغانستان والعراق أتاحتا لايران سبلاً جديدة غير متوقعة لتطوير مشروعها الذي ظهرت أهدافه ومعالمه أولاً في لبنان ثم في العراق وسورية وغزّة واليمن والبحرين وغيرها، معتمداً «مأسسة» الارهاب في ميليشيات مسلّحة أو فرق مدرّبة على أعمال العنف.
في سياق المواجهة بين الأنظمة والتيار الاسلامي استسهل الأخير استهداف الأقليات تحدياً للغرب وباعتبارها متمتعة ب «حصانة» غربية. وعندما ضعفت تلك الأنظمة داخلياً ثم سقطت بشكل أو بآخر، بالغزو في العراق أو برفع الدعم الاميركي في مصر أو حتى بترك النظام السوري يقتل مواطنيه ويدمّر بلاده، لم يكن متوقعاً شيء آخر غير صعود الاسلاميين الى الحكم أو الى الواجهة. جاؤوا مستعجلين ومتعطشين الى السلطة التي لم يعرفوها ولم يخْبروها، وجاؤوا مدججين بحمولة عقائدية ثقيلة وبالية لا تفيد في ادارة الدول، ما حال دون رؤيتهم حقيقة مجتمعاتهم التي مرّت بالكثير من التحوّلات على مدى قرن كامل، وإذا كانت ترحّب بوجودهم في المشهد وبمساهماتهم الايجابية المحتملة في التغيير والاصلاح، إلا أنها ترفض اطروحاتهم الاجتماعية وتطبيقهم البدائي لما يعتبرونه «الاسلام». وبمعزل عن وصولهم الى السلطة عبر صناديق الاقتراع (العراق ومصر وتونس وفلسطين) أو محاولتهم التسلّط ولو بافتعال حرب أهلية (ليبيا واليمن)، فإن المشتَرَك بينهم، سنّة وشيعة، أنهم غير مؤهلين للحكم أو لقبول الآخر، وكونهم انتخبوا لم يمنعهم بحثهم عن «التمكين» من توسل الدعم الاميركي ايضاً.
لعل تجربة العراق التي امتدّت لثمانية أعوام تمثّل، أكثر من التجارب الاخرى، حالاً يمكن الحكم عليها بالقول إن الاسلاميين حققوا فشلاً ذريعاً، اذ اهتموا ب «مشروعهم» أياً كانت مذاهبهم ومرجعياتهم، وأرادوا التأسيس من الصفر لإقصاء كل من كان قبلهم. ومنذ لحظة سقوط النظام السابق تعامل الحكام الجدد للعراق مع الأقليات ولا سيما المسيحيين باعتبارهم حلفاء لذلك النظام، واذا لم يتعمّدوا الاساءة اليهم علناً ومباشرةً، فإن التمييز والتهميش والإهمال كانت بمثابة ترخيص لاستهدافهم من الارهابيين ورميهم بين أنيابهم وتحت حوافرهم... لكن الأخطر والأهم أن هؤلاء الحكام دخلوا السرايات بعقول مثقلة بتقاليد عملهم سابقاً في المعارضة ولم يفطنوا الى أن عقلية الدولة ومسؤولياتها تحتّم عليهم اتخاذ موقف بالغ الوضوح والحزم ضد جماعات الارهاب والتطرّف والعنف وليس اعتبارها من زمالات النضال، لذلك عندما حان انكشاف فشلهم وسقوطهم لم يكن متوقعاً شيء آخر غير صعود الارهابيين الى الواجهة كبديل منهم.
لم يعش أقباط مصر حقبة أكثر سوءاً من العامين اللذين أعقبا ثورة 25 يناير 2011، فمنذ بوادر وصول الاسلاميين الى الحكم وحتى غداة تنحية الرئيس «الاخواني» تكررت الاعتداءات عليهم بوتيرة متسارعة قتلاً وتنكيلاً واحراقاً للكنائس وتحرضاً سافراً. اما في سورية حيث نصّب النظام نفسه حامياً للمسيحيين وسائر الأقليات لأن نواته المذهبية تأتي أساساً من النسيج الأقلوي، لكن جرائمه وأخطاءه وغباءاته عرّضتهم لمواقف لا يريدونها ولمواجهات لا يحبذونها ولأخطار ليسوا مضطرّين لها، فقد كانوا يجدون السبل للتعايش مع مَن في الحكم ومّن في المعارضة، وعلى رغم بطش النظام بالمعارضة، فإن هذه لم تستهدفهم لكونهم مسيحيين، غير أن تعاظم دور الارهاب الذي استورده النظام ورعاه فتك أولاً بالغالبية السنّية وثورتها وبات يرجّح مصائر المسيحيين بين الهجرة والتشرّد والذبح.
المصارحة المطلوبة هي داخل بيت المسلمين أنفسهم. فالعالم يقول إن ثمة مشكلة إما في الاسلام أو تحديداً في تطبيقاته، أو في فتاواه، أو حتى في «صمت» الدول العربية والاسلامية الذي شكا منه بيان لبطاركة الشرق بعد اجتماعهم الاسبوع الماضي في لبنان، اذ قال إنها «مدعوة الى اصدار فتوى دينية جامعة تحرّم تكفير الآخر الى أي دين أو مذهب أو معتقد انتمى». اللافت أكثر في ذلك البيان دعوته أيضاً الى «فصل الدين عن الدولة وقيام الدولة المدنية (حتى) لا يعود الدين يستولي على السياسة ولا السلطة السياسية توظّف الدين في خدمة مصالحها، ولا المنظومة الفقهية تسيطر على مقتضيات الحداثة». معلوم أن جهداً بذل ويبذل لتنظيم الإفتاء لكنه فقد فرصة النجاح، فالمؤسسة الدينية ظلّت طويلاً ضعيفة أمام كل ما يدّعي الاسلام مرجعية حتى علقت في فخ المجموعات الارهابية واستغلالها الدين تسويغاً لجرائمها. وإذا كان العاهل السعودي وجّه لوماً الى علماء الدين، فإن الواقع يُظهر أن «المؤسسة» لم تأتِ بأي موقف قوي وواضح في مواجهة خطاب «داعش» ولا الفظاعات التي ترتكبها ولا اقدام زعيمها على ادّعاء «الخلافة».
نقلا عن صحيفة الحياة


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.