أصبح حيدر العبادي مكلفا برئاسة وزراء العراق، من جانب الرئيس فؤاد معصوم، بعد ترشيحه من التحالف الوطني العراقي، في خطوة ربما تؤدي إلى مزيد من التوتر على الساحة السياسية هناك في ظل تمسك رئيس الوزراء المنتهية ولايته، نوري المالكي، بالترشح لولاية ثالثة. وجاء تكليف العبادي بعد قليل من إرسال بعض الأحزاب الشيعية الرئيسية في مجلس النواب العراقي خطابا للرئيس معصوم ترشيح نائب رئيس مجلس النواب، حيدر العبادي، لتشكيل الحكومة. المالكي يتمسك بالسلطة ويهدد وعلى الرغم من فشل المالكي، المنتمي لائتلاف دولة القانون، في إرساء الأمن في البلاد، وتوحيد صفوف القوى السياسية في فترة ولايته، إلا أنه مايزال يتمسك بمنصبه رئيسا للوزراء، فهدد نوري رئيس الوزراء، أمس الأحد، بمقاضاة الرئيس معصوم أمام المحكمة الاتحادية العليا متهمه بعدم احترام المهلة الموضوعة بشأن تكليف رئيس وزراء جديد، وأكد نوري أن ترشيح العبادي خلفا له جاء لتحقيق أهداف سياسية. ويشير ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه رئيس الوزراء نوري المالكي، إلى أنه الكتلة الأكبر داخل البرلمان، لذا فهو الأحق دستوريا بتشكيل الحكومة. أمريكا تبارك تكليف حيدر أما على الصعيد الدولي فباركت الولاياتالمتحدة خطوة الرئيس العراقي بتكليف حيدر، محذرة على لسان جون كيري، وزير خارجيتها، اليوم الاثنين، نوري المالكي من رفضه للأمر والتسبب في مزيد من التوتر على الساحة السياسية في العراق، قائلا "نقف تماما خلف الرئيس معصوم الذي يعلم تماما مسئولية حماية الدستور العراقي" مضيفا"أملنا ألا يحرك المالكي هذه المياه الراكدة". وأجرى جون بايدن، نائب الرئيس الأمريكي، اتصالا بالرئيس العراقي ليعبر عن دعم بلاده لموقفه وموقعه كضامن للدستور، مشيداً بتكليف العبادي. ورحب كاثرين آشتون، الممثلة العليا للأمن والسياسة الخارجية للاتحاد الأوروبي، بقرار معصوم، تكليف حيدر، وقال متحدث باسم آشتون، في بيان: "نرحب بقرار الرئيس العراقي ترشيح حيدر العبادي رئيسا لوزراء العراق خلفا لنوري المالكي". وأضاف المتحدث باسمها: "نشجع رئيس الوزراء المعين وجميع قادة السياسة العراقية على تكثيف الجهود من أجل تشكيل حكومة جديدة شاملة وضامنة للوحدة الوطنية وقادرة على معالجة الأزمة الحالية". العبادي يدعو لتوحيد صف العراق أما حيدر العبادي رئيس الوزراء الجديد فاستغل فشل المالكي في توحيد الصفوف، ليعلن في أول حديث له لوسائل الإعلام أول مبادرةبعد تكليفه بمهامه تدعو إلى التوحد ضد ماوصفها ب" الحملة الهمجية التي يشنها مسلحو الدولة الإسلامية" بعد اجتياحهم لشمال العراق وتسببهم في إحداث مزيد من القلق. وتم ترشيح العبادي من قبل ، وهو تحالف شيعي رئيسي، حيث أعلن التحالف أنه رشح نائب رئيس البرلمان حيدر العبادي لرئاسة الوزراء. من هو حيدر العبادي: وحيدر العبادي رئيس الوزراء الجديد هو أحد قياديي حزب "الدعوة" الذي يرأسه نوري المالكي، من مواليد عام 1952، درس في بريطانيا، وحصل على شهادة الدكتوراة في الهندسة الكهربائية والإلكترونية، وله إسهامات في الإسلام السياسي. سحب منه جواز سفره في فترة الثمانينيات، من جانب نظام الرئيس الأسبق صدام حسين، كما أن أشقاءه تعرضوا للسجن لسنوات عديدة خلال هذه المرحلة. ويواجه العبادي مهمة ثقيلة في ظل الخلافات السياسية القائمة بين القوى العراقية، وإمكانية توحيد صفوفها لمواجهة خطر توسع تنظيم "الدولة الإسلامية" شمالي البلاد. نوري المالكي: وُلد نوري المالكي بالقرب من مدينة الحلة في عام 1950، وحصل على درجة الماجستير في الأدب العربي. وفي سبعينيات القرن العشرين، غادر المالكي العراق إلى سوريا، وفي منفاه، قاد حزب الدعوة في فترة الثمانينيات. عاد نوري المالكي من منفاه بعد غزو العراق بقيادة الولاياتالمتحدة وسقوط نظام الرئيس الأسبق صدام حسين عام 2003، ليصبح متحدثا رسميا باسم حزب الدعوة الإسلامية وائتلاف الأحزاب الشيعية، والائتلاف العراقي الموحد الذي فاز بأغلب المقاعد في الانتخابات التشريعية التي شهدها بلده عام 2005. ساهم المالكي في صياغة مسودة الدستور العراقي الجديد بصفته أحد أعضاء اللجنة التي شكلتها الولاياتالمتحدة وكلفتها بمهمة تخليص العراق من تركة البعثيين. وكان عمل اللجنة محل انتقاد لامتداد ضرباتها إلى المسؤولين الذين كانوا أعضاء بحزب البعث. في عام 2007، فوض المالكي القوات الأمريكية بتوجيه ضربة إلى مليشيات السنة التابعة لتنظيم القاعدة، وقاد حملة ضد المليشيات الشيعية الموالية للزعيم الديني الشيعي مقتدى الصدر في عام 2008، بعدها انفصل المالكي عن الائتلاف العراقي الموحد وكون ائتلافا جديدا تحت اسم "ائتلاف دولة القانون". خاض الائتلاف الجديد الانتخابات البرلمانية في 2010 بحملته التي حملت شعار "عراق واحد"، إلا أنه خسر بفارق مقعدين عن ائتلاف "العراقية" المدعوم بأغلبية سنية والموالي لرئيس الوزراء السابق إياد علاوي. وواجه المالكي اتهامات بالتوجه إلى إيران لمساعدته في تدعيم سلطته للاستمرار في منصب رئيس الوزراء. توصل المالكي إلى تشكيل حكومة ائتلافية تضمنت أعضاء من تكتل العراقية. منذ عام 2012، يواجه نوري المالكي احتجاجات شعبية وتمردا مسلحا على نطاق واسع تقوده الجماعات المقاتلة المعروفة في المنطقة باسم "تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق". ووجهت اتهامات إلى نوري المالكي منذ انتخابات 2010 بأنه أهمل استراتيجية التوافق على حساب سعيه لتركيز السلطة في أيدي حلفائه الذين ينتمي أغلبهم إلى الطائفة الشيعية. كما أشارت الاتهامات إلى أنه متحالف أكثر مع إيران ويتخذ مواقف تتبناها طهران، بشكل دائم. وفشل المالكي في مواجهة الجماعات المسلحة التي تمارس أنشطتها على الحدود السورية العراقية، لتنجح ماتسمى ب"الدولة الإسلامية في العراق وبلاد الشام "داعش" في طرد قوات الأمن العراقية في العديد من المدن، كما وقعت أجزاء كبيرة من محافظة الأنبار تحت سيطرتها.