ارتبط اسم «شل» في الأذهان في جميع دول العالم بمحطات الوقود فقط، ورغم تغير أسماء المحطات حالياً، مازال اسم «شل» لدي المواطنين في مصر يقتصر علي محطات الوقود ومنتجات الزيوت والتشحيم منذ أكثر من عشرين عاماً. وفجأة وبدون مقدمات تغيير اسم محطات «شل» إلي «توتال» وسط حزمة من التساؤلات والدهشة لماذا تركت «شل» محطات الوقود بالتزامن مع أحداث ثورة 25 يناير؟.. وهل تغيير اسم المحطات وبيعها إلي شركة أخري بداية لرحيل «شل» وإلغاء الاستثمارات في البلاد؟ وللتعرف علي حقيقة الأمر والرد علي الأسئلة حول حقيقة وضع «شل» علي خريطة الاستثمارات في قطاع البترول بمصر كان لابد من مواجهة رئيس الشركة. والحوار مع «يورون ريختين» رئيس مجلس إدارة شركة شل في مصر، ينقلك من عالم الحيرة والتساؤلات إلي الحقيقة بحلوها ومرها، خاصة أن استثمارات «شل» في قطاع الاسكتشاف والحفر تبلغ 500 مليون دولار وتنتج أكثر من 105 آلاف برميل غاز وزيت خام يومياً. ما تأثير الوضع السياسي منذ ثورة 25 يناير علي أعمال واستثمارات شركة شل في مصر؟ - بصراحة شهدنا 3 سنوات علي درجة عالية من الصعوبة، خاصة من الناحية الأمنية، بالإضافة إلي التعافي الاقتصادي ولكن حبنا لمصر جعلنا نعبر المواقف الصعبة، بالإضافة إلي أن مصر بلد لديه إمكانيات تساعد علي تنمية الاقتصاد بوجه عام. ما حجم الاستثمارات لشل حالياً؟ - دعينا نقول إن استثمارات شل في مصر ترجع إلي مائة عام، وتعد «شل» مصر من أكبر الشركات العاملة في الصحراء الغربية في مجال البحث والاستكشاف لسد حاجة الطاقة في البلاد بالتعاون مع الهيئة العامة للبترول المتمثلة في شركة بدر الدين، كما تقوم الشركة في تنمية حقول الغاز في مناطق بدر الدين وشمال شرق أبوالغراديق وسترا والأبيض وغرب علم الشاويش، وتبلغ قيمة الاستثمارات ما بين 450 و500 مليون دولار. ما تقييم شركة شل لأزمة الطاقة في مصر في السنوات الأخيرة الماضية؟ - الوضع الاقتصادي والسياسي في مصر مازال صعباً لكننا نعتمد علي النظرة بعيدة المدي ومن خلالها نري أن المستقبل في مصر مبشر وواعد، وأري أن قرار الحكومة الأخير برفع أسعار الطاقة قرار جريء، وللخروج من أزمة الطاقة لابد من تدعيم إعادة النظر في الدعم لضمان وصوله إلي المستحقين فقط، وهذا يتطلب مجموعة من الخطوات التدريجية لضمان حدوث ذلك بشكل متوازن لتجنب الآثار غير المقصودة من رفع الدعم، وللعلم أن الدعم يشكل عبئاً علي الوضع الاقتصادي وأرباح الهيئة ما يؤدي إلي عدم قدرتها علي سداد مديونيات شركات البترول العالمية. والكلام مازال علي لسان رئيس شركة شل، إن دعم الطاقة يشكل عبئاً علي الحكومة يجبرها علي فرض سقف أعلي من أسعار الغاز بما يضعف زيادة الاستثمار للشركات العالمية وبالتالي يؤثر علي إمدادات الغاز المتوافرة علي المدي الطويل. ونحن مستمرون في الاستثمار في إنتاج الغاز والبترول الذي تحتاجه مصر ونطالب بتغيير عقود اقتسام الإنتاج وسعر الغاز لأنواع الغاز صعبة الاستخراج وعالية التكلفة التي لا تزال متوافرة في مصر بكميات كبيرة. كما نساعد الحكومة المصرية حالياً للخروج من أزمة الطاقة من خلال تقليل فاقد الطاقة لضمان استخدام البترول والغاز المستخرج بأعلي فعالية ممكنة. ما حجم ديون شل لدي هيئة البترول؟.. وإلي أي مدي وصلت المفاوضات؟ - لا يمكن الإفصاح عن حجم الديون ولكن الحكومة تتفهم المشكلة جيداً وبدأت في التعامل معها، ولضمان عدم استمرار مشكلة الديون لابد من إعادة هيكلة قطاع الطاقة وتحريره بالتخلص من عبء الدعم الذي سيوفر للهيئة الموارد اللازمة لسداد الديون القائمة لديها. ما عدد الاتفاقيات في مجال البحث والاستكشاف في مناطق الامتياز بمصر؟ - 20 اتفاقية في مناطق بدر الدين وشمال أبوالغراديق وسترا والأبيض وغرب علم الشاويش. هل بيع محطات الوقود لشركة توتال بداية لتقليص الاستثمارات في مصر؟ - أبداً تقوم استراتيجية شركة «شل» علي تركيز أنشطتها في قطاع التسويق وتوزيع الوقود علي عدد أقل من الأصول والأسواق التي تعتبر «شل» منافساً قوياً بها، ففي مجال التسويق والتوزيع ستحتفظ «شل» بشركتها العاملة في مجال زيوت ومواد التشحيم، وتسمي شركة «شل» للزيوت في مصر، بالإضافة إلي أن المزج بين علامة «شل» التجارية المعروفة والمنتجات ذات الجودة العالية سيضمن تواجداً في مجال الزيوت ومواد التشحيم في مصر. وفي مجال الاستكشاف والإنتاج قررت «شل» دراسة الفرص المتاحة لتطوير الشراكة مع هيئة البترول، بالإضافة إلي الاستثمار في مشروعي الأصيل وكرم للغاز لإضافة 150 مليون متر مكعب غاز يومياً. هل تتجه «شل» إلي الاستثمار في مجال الطاقة أم تقتصر علي أعمال البحث والتنقيب؟ - تركز «شل» جهودها في مجال الاستكشاف والإنتاج في مصر في الصحراء الغربية الغنية بالمواد الهيدروكربونية. وهل التنقيب عن الغاز الصخري في الصحراء الغربية يحل أزمة الطاقة؟ - قامت الشركة بالتنقيب عن الغاز الصخري عام 2012 بحفر القليل من الآثار الاستكشافية التي تستهدف الغاز الصخري ومازالت دراسة النتائج، وبالمناسبة هناك حقول غير اعتيادية كحقل «أبولونيا» الذي لا يمكن تنميته بناء علي أسعار الغاز الحالية التي حددتها الحكومة ونقوم حالياً وشركاؤنا في شركة أباتشي مصر بالتفاوض مع شركة إيجاس ووزارة البترول لإعادة النظر في شروط اتفاقية السعر واقتسام الغاز. أسباب وقف العمل في حقول نيميد؟ - بخصوص هذا الحقل منحت شركة شل مصر امتياز التنقيب في المياه العميقة لمنطقة شمال شرق البحر المتوسط بعد مناقصة عام 1998 ووقعت الحكومة المصرية وشل اتفاقية التزام للبحث عن البترول في المياه العميقة بالبحر المتوسط بعمق من 800 إلي 2800 متر علي بعد 150 كيلو متراً من الخط الساحلي للدلتا حتي نهاية منطقة الامتياز في الحدود الحصرية لمصر. والاتفاقية مدتها 12 عاماً علي ثلاث مراحل وقامت الشركة بإعداد برنامج تسجيل بيانات المسح السيزمي وإجراء دراسات جيولوجية وجيوفيزيقية وهندسية واقتصادية وحفر تسع آبار استكشافية، كما تم استخدام تقنية الحفر في المياه العميقة الخاصة بشركة شل، وأنفقت الشركة 230 مليون دولار، وفي نهاية المراحل وجدت «شل» نفسها تنفق أكثر من ضعف النفقات المنصوص عليها ونظراً لعدم الجدوي قامت الشركة بإجراء مسح سيزمي مكثف في المياه المصرية في ذلك الوقت، بالإضافة إلي أن كمية الغاز المكتشف قدرت ما بين 0٫8 إلي واحد تريليون قدم مكعب، وفي النهاية لم تؤد عمليات حساب التكلفة الكلية إلي نتائج مبشرة، واتخذت «شل» قرارها بعدم الجدوي الاقتصادية لتنمية الغاز المكتشف. وماذا عن المسئولية المجتمعية لشل لمواجهة أزمة الطاقة في الوقت الحالي؟ - مما لا شك فيه أن مصر تمر بأزمة في الطاقة نتيجة لزيادة الطلب مقارنة بالكميات المتاحة، ونحن في «شل» بدورنا قدمنا الحلول العملية بالتعاون مع الشركات الأجنبية العاملة في مجال البترول والهيئة العامة للبترول من خلال المبادرة المصرية للحفاظ علي الطاقة لنشر الوعي لترشيد الاستهلاك وتصحيح المفاهيم الخاطئة لدي الجمهور بواسطة شعار الحملة «بالمعقول» كما قامت «شل» بمشروع الإنارة بالطاقة الشمسية في محافظة مرسي مطروح.