دفعت الاشتباكات الجارية في طرابلس منذ ثلاثة اسابيع، آلاف الليبيين إلى ترك منازلهم في العاصمة الليبية، والبحث عن مأوى آمن بعيدا عن القذائف التي تصيب المدنيين من أطفال ونساء وشيوخ. وتشهد ليبيا أسوأ موجة من العنف منذ احتجاجات 2011 التي أطاحت بمعمر القذافي، حيث يقود مسلحون من مدينة مصراتة هجوما على مطار طرابلس الدولي، لانتزاع السيطرة عليه من كتائب الزنتان. وأدى القصف والاشتباكات بين الجانبين إلي مقتل وإصابة العشرات من المدنيين بمحيط مطار طرابلس والمناطق القريبة منه، جراء القذائف العشوائية والتي سقطت بعض منها على مستودع النفط بشركة البريقة على طريق المطار، ما أدى إلي اشتعال النار في بداية الأمر بأحد الخزانات ومع تواصل القصف اشتعلت ثمانية خزانات، مما جعل هيئة السلامة الوطنية بطرابلس، تناشد جميع المواطنين بالمدينة بسرعة إخلاء المحور المحيط بخزانات النفط في جميع الاتجاهات لمسافة لا تقل عن 4 كيلو مترات. وقالت الهيئة عبر منشور لها على صفحتها بموقع الفيس بوك "لسنا مسئولين عن حياة أي شخص يكون ضمن هذه المسافة لعدم استطاعتنا الوصول للمكان بسبب استمرار القصف واستهداف الخزانات التي وصل عدد المتضررة منها 8 خزانات والنيران تصل لعدة أمتار فى الارتفاع وارتفاع درجة الحرارة واقتراب النيران من خزانات الغاز". وفي السياق ذاته حيت الحكومة الليبية المؤقتة، رجال الإطفاء التابعين لهيئة السلامة الوطنية وشركة البريقة لتسويق النفط على جهودهم الجبارة فى مكافحة ألسنة اللهب الناتجة عن الحرائق التي أندلعت فى مستودع البريقة للمتشقات النفطية بطريق المطار. وقالت الحكومة - في بيان لها، إنها تقف إجلالا وإكباراً لأبطال ليبيا الأشاوس رجال الأطفاء التابعين لهيئة السلامة الوطنية وشركة البريقة لتسويق النفط، الذين يواصلون الليل بالنهار، طيلة هذه الأيام والأيام الماضية، وهم يكافحون الحرائق دون كلل أو ملل، رغم تواضع الإمكانيات.. مفضلين قضاء العيد فى هذا العمل الوطني الجبار، على قضائه بين أسرهم فكل التحية لهؤلاء الرجال . كما وجهت الحكومة في بيانها، الشكر لكل الجهات التى تساهم فى هذا العمل، وخصوصاً المتطوعين الذين تبرعوا بجهدهم وإمكانياتهم من أجل المساهمة فى القضاء على النيران وتجنيب البلاد كارثة لم يسبق لها مثيل . وأضاف البيان، أن كل هذه الجهود تثبت بما لا يدع مجالاً للشك، أن معاول البناء تنتصر دائماً على معاول الهدم كما ثتبت أن الليبيين قادرون على بناء بلادهم متى توفرت لديهم الإرادة والتصميم. من جانبه، قال مسئول قسم التنسيق والتعاون باللجنة الدولية للصليب الأحمر، رابح الفقيه، إن عدد النازحين جراء أعمال العنف في العاصمة الليبية طرابلس بين 2000 و2500 أسرة. وأضاف الفقيه في تصريح له، أن بعثة اللجنة الدولية للصليب الأحمر في ليبيا لا تملك إحصاءً دقيقًا لعددهم، مضيفا إن أعداد النازحين في تغير مستمر. وأوضح أن هذه الأسر تركت منازلها القريبة من أماكن الاشتباكات إلى مدن مجاورة للعاصمة الليبية أو إلى بيوت أقارب أو أصدقاء في أماكن أخرى أكثر هدوءًا. وأبدى الفقيه استعداد اللجنة الدولية للصليب الأحمر إلى تقديم العون للهلال الأحمر الليبي في حال رأى الأخير ضرورة إقامة مخيمات لإيواء الفارين من القتال في طرابلس. وحذَّر الفقيه من أن استمرار الاشتباكات ونقص الوقود يعوق عمل المؤسسات الطبية، حيث يحول ذلك دون إمكانية وصول الأطباء والأطقم المعالجة إلى أماكن عملهم، مطالبًا الأطراف المتقاتلة باحترام المنشآت الطبية والسماح بالوصول الآمن للمسعفين إلى المصابين. وتشهد العاصمة طرابلس نقصا ملحوظا في الوقود بجميع أنواعه، حيث قطعت الاشتباكات طرق إمداد المدينة باحتياجاتها من المحروقات، كما امتنعت محطات وقود عن العمل بسبب غياب الأمن. ويقطع أهالي العاصمة التي أصيبت بشلل شبه تام، مئات الكيلومترات للحصول على الوقود من خارج طرابلس، كما أثرت الأزمة على عمل المرافق العامة وأهمها المستشفيات والمخابز وهيئة الكهرباء. وبدوره، أكد عبد المنعم اليسيير رئيس لجنة الأمن القومي بالمؤتمر الوطني العام الليبي "البرلمان" أنه حان وقت الانتفاضة الشعبية لإنقاذ ليبيا، مشيرا إلي أن البلاد سوف تدخل في كارثة أكبر من ما يحدث في سوريا، إن لم يتكاتف كل الليبيين إلي إبطال مؤامرة تنظيم القاعدة على ليبيا . وقال اليسيير على موقعه الرسمي إنه على كل الليبيين، بغض النظر عن الانتماءات السياسية والقبلية والجهوية، المدن الثائرة والمدن التي لم تؤيد ثورة 17 فبراير والذين يريدون أن تكون لهم دولة إسلامية والذين يريدون دولة علمانية والذين يريدون دولة فيدرالية أن ينسوا خلافاتهم لإبطال مؤامرة تنظيم القاعدة. ودعا الشعب الليبي أن يخرج بأكمله للمطالبة بتسليم السلاح من الجميع للدولة الليبية تحت مراقبة الأممالمتحدة وخروج كل المقاتلين الإرهابيين الأجانب من ليبيا وفك جميع التشكيلات المسلحة بدون استثناء وتأسيس الجيش الوطني الاحتياطي من جميع المدن الليبية بالنسبة السكانية وفقا لميثاق وطني شامل ومصالحة وطنية شاملة.