صحت الحكومة وأجهزتها علي إهانة وتجريح شعب مصر.. وتزييف تاريخه.. وتشويه صورته.. وتقديمه أمام العالم علي أنه يعيش تحت خط الفقر.. ويأكل من صفائح وتلال القمامة ليسد جوعه.. ويسكن في العشش والأكواخ والعشوائيات غير الآدمية هو أمر مرفوض! طوال شهر رمضان خرجت علينا حملة إعلانات الجوع التي أطلقها ما يسمى «بنك الطعام» المملوك لأحد رجال الأعمال.. وهو بنك مجهول ولم نسمع عنه من قبل.. ولم نر له أي أنشطة ولا أعمالا خيرية في مجال إطعام الفقراء أو توفير احتياجاتهم الغذائية قبل أن يطلق عليها ما سماه بمسلسل الجوع! أراد البنك أن يتسول التبرعات والهبات والإعلانات الرمضانية.. فلم يتورع في حملته الإعلانية عن نشر أفلام وصور لفقراء يأكلون من صفائح القمامة.. ومن تلال المخلفات في الخرائب ووصل به الأمر إلي حد تصوير طفل يربط حجراً علي بطنه لسد آلام الجوع.. ويطلق كل تلك المشاهد علي جميع الفضائيات المصرية والعربية طوال الشهر الفضيل! لو كان أصحاب هذا البنك ومروجو حملته الإعلانية يملكون الحد الأدنى من الأخلاقيات المهنية والإنسانية ويحترمون بلدهم لكانوا اكتفوا بنشر نشاطهم المزعوم في تقديم إعانات الغذاء.. ومناشدة الناس مساعدتهم.. لكن الأكل من الزبالة وربط الأحجار علي البطون هو ادعاء كاذب ومرفوض لأن شعب مصر مشهور ومعروف بالتكافل.. ولا ينام إنسان في بلدنا وهو جائع! إعلانات الجوع واستجداء التبرع لبنك الطعام هي حملة مشبوهة ومقصود بها تصوير شعب مصر علي أن الفقر طحنه.. وأصبح بؤساؤه يأكلون من الزبالة.. وتصديرها ليراها العالم! يرتبط بحملة التشويه المنظمة والمتوالية تعمد تصوير أغلب المسلسلات والأعمال الدرامية في الأحياء الفقيرة والمناطق العشوائية والتركيز على أعمال البلطجة والفتونة.. وعلي المهمشين في المجتمع.. وبصورة تبدو فيها بلدنا وكلها حوارى وأزقة وعشش وعشوائيات.. ومستنقع للعصابات والأنشطة الإجرامية! هذا عدا انتشار الشتائم والألفاظ البذيئة وسب الأم والأب في كثير من المشاهد والحوارات في مسلسلات الشهر الفضيل.. وبالقطع أن الهدف تشويه صورة الإنسان المصرى! كل ذلك يدعوني إلي التساؤل.. ماذا تفعل اللجنة الفنية والإعلامية التي يتم تشكيلها سنوياً.. وتضم نخبة من المتخصصين في الدراما والأعمال الفنية.. ومهمتهم مراجعة كل الأعمال المقدمة والمتنافسة علي فرص العرض في الشهر الكريم.. واختيار الأفضل منها وتمريره.. ومقابل تلك المهمة يتقاضون مكافآت مجزية جداً! هؤلاء السادة الخبراء مسئولون عن إجازة وتمرير مسلسلات البلطجة والعشوائيات والشتائم والسباب التي تشوه مصر صوراً وحواراً وألفاظاً نابية! لو اتقوا الله في سمعة مصر ما وافقوا عليها.. ولا ارتضى ضميرهم تمرير مسلسل «سرايا عابدين» الذي قصد به تشويه «تاريخ الخديو إسماعيل» رائد النهضة الحضارية في بلدنا.. من كاتبة كويتية لا تحمل ما يؤهلها لكتابة هذا النوع المتخصص من الدراما هي وفريق معاون لها يجهل التاريخ أيضاً ويتآمر علي صفحات مضيئة من مسيرة الخديو! انظروا إلي المسلسلات التركية وكيف تحرص صناعة السينما هناك علي إبراز بحر وكبارى البسفور وجزره ومبانيها التاريخية كدعاية سياحية رغم أنها بلد مليء بالحوارى والأزقة والمناطق الفقيرة! لكن مصر التي تملك نهر النيل وجزره والأهرامات وأبو الهول والمعابد والمتاحف الأثرية والمساجد التاريخية وأجمل الشواطئ العالمية في شرم الشيخ والغردقة وطابا وغيرها تترك الهواة ومرتزقة الفن يقدمون صورتها بالعشوائيات وأوكار القمامة والمهمشين في المجتمع! إنها أزمة ضمير.. وغياب الولاء والانتماء.. وحب الوطن.. والدليل علي ذلك غياب المسلسلات الدينية والتاريخية.. وتمويل تلك الأعمال التي تشوه مصر بأكثر من مليار جنيه.. فمن يدفع هذا التمويل من وراء الستار؟!