زمزم.. بئر، ماء، تاريخ، واعجاز للخالق يتجلى فى الحرم المكى، وقصة عظيمة يرويها التاريخ بأحرف من نور وضياء. فى منبعه الأساسى سر غامض يعتبره علماء الجيولوجيا كنزا كبيرا ربما يستحيل كشف رموزه إلى أن تقوم الساعة، فما من ماء يصل إلى هذا النبع حتى يكتسب خواص ماء زمزم، نقاءه وطهارته. هذه النتيجة ليست نظرية أو غيبية أو منقولة من بطون الكتب القديمة، لكنها خلاصة أبحاث علمية شملت البئر وماءه ودرجة نقائه، وشملت مياه آبار أخرى قريبة جدا منه، وجد أنها لا تتمتع بنفس الخواص. يفيض الماء منه منذ آلاف السنين دون أن يجف البئر أو ينقص حجم المياه فيه، وكانت مفاجأة مدهشة للعلماء أثناء توسعة الحرم المكى وتشغيل مضخات ضخمة لشفط المياة من بئر زمزم، حتى يمكن وضع الأساسات، أن غزارة المياه المسحوبة قابلها فيضان مستمر فى الماء، يفور ويمور كأنه أمواج البحر. بئر زمزم مكانه شرق الكعبة المشرفة فى بيت الله الحرام بمكةالمكرمة، حيث أقدس مكان على وجه الأرض فى الجهة الغربية من المملكة العربية السعودية، وتقول المصادر التاريخية، أن بئر زمزم يستعمل فى السقاية منذ 4 آلاف سنة. تصل مياة بئر زمزم من صخور قاعية عبر ثلاثة تصدعات صخرية تمتد من الكعبة المشرفة والصفا والمروة وتلتقى فى البئر وتبعد الصخور القاعية 20 متراً شرق الكعبة بعمق 40 متراً، والتى تغذى بئر زمزم بالمياة امداداتها من الجبال الموجودة فى الناحية الشرقية وتتصل منطقة التعويض هذه بمنطقة البئر عبر مجموعة من التصدعات وتتصل مدينة مكةالمكرمة منطقة الأودية ومناطق النتوءات الصخرية، ويوجد اتصال نشط بين البيئة السطحية والبيئة السفلية المتحللة عبر التصدعات هناك صعوبات فى تصريف المياه الجوفية فى مناطق الصخور الصدعية. فى تاريخ بئر زمزم مجموعة من المحطات المهمة التى تطورت فيها، إلا أن أبرزها ثلاث، أولها فى العام 1383 ه، عندما انتهت مرحلة استخدام الدلاء نهائيا لانتشال الماء من البئر واستبدلت بالصنابير، بعدما أمر الملك سعود بتوسيع المطاف، فخفضت فوهة البئر أسفل المطاف فى قبو عمقه (2.7) م، يتم النزول إليه بدرج ينقسم إلى قسمين: أحدهما للرجال، والآخر للنساء، وتم تطوير البئر إلى أبدع ما يكون. والمحطة الثانية، كانت فى العام 1399ه عندما صدر أمر الملك خالد بتنظيف بئر زمزم على أحدث الطرق وأتم وجه بواسطة غواصين متمرسين، وكان هذا العمل من أعظم أعمال التنظيف فى تاريخ بئر زمزم، ونتج عنه أن فاضت البئر بماء أغزر مما كان بكثير. والمحطة الثالثة، كانت فى مطلع العام 1400ه، وهى محطة التنظيف الثانية للبئر، تنظيف البئر مرتين فى عصرنا الحاضر وأتيحت لى فرصة المشاركة فى المرتين، مشيرا إلى أن بئر زمزم ليس كغيره من الآبار التى يمكن وقف استعمالها لفترة لتنظيفها.