قال يوفال ديسكين المدير السابق لجهاز الامن الداخلي الاسرائيلية (الشين بيت) في مقابلة مع مجلة دير شبيجل الالمانية: "ان اسرائيل ليس امامها اي خيار سوى زيادة الضغط على حماس، وهذا يفسر نشر قوات على الارض"، مشيرا إلى أن الجيش الاسرائيلي يحاول تدمير كافة انفاق التهريب بين اسرائيل وقطاع غزة عن طريق ما يمكن وصفه ب "غزو صغير"، على حد قوله. وأضاف ديسكين ان الجيش يأمل في ان يجبر هذا الغزو حماس في نهاية المطاف على وقف اطلاق النار، زاعما ان الجيش لا يهاجم المناطق السكنية بل انه يدمر مداخل الانفاق لكن المشكلة هي أن الصواريخ مخبأة في مناطق سكنية ويجرى اطلاقها منها ايضا. وقال ديسكين ان وزير الدفاع الاسرائيلي موشيه يعالون ورئيس الاركان بني جانتس ليسوا من هواة المغامرة وان لا احدا منهم اراد هذه الحرب ولا احد منهم ايضا متحمس لاعادة احتلال غزة وان اسرائيل لم تخطط لهذه العملية مطلقا، بل استدرجت لها، وأضاف "ما نأمله هو الا يتخطى ذلك حدود الغزو المحدود، والا نجبر على توسيعه إلى المناطق السكنية ". واردف ديسكين يقول ان اسرائيل الان اصبحت اداة في يد حماس وليس العكس زاعما ان حماس لا تهتم بمعاناة سكان قطاع غزة ليس فقط لانهم يعانون بالفعل لكن لانهم لا يكترثون بالخسائر اساسا، وان هدفهم كله ينصب على احداث تغيير للوضع في غزة ولهذا فان الوضع معقد للغاية لاسرائيل، مؤكدا أن الامر قد يستغرق عامين للسيطرة على قطاع غزة والتخلص من حماس ومخازن الاسلحة والذخيرة تدريجيا. وقال ديسكين إن ذلك قد يستغرق وقتا وهو ممكن من الناحية العسكرية لكن المشكلة انه سيكون هناك نحو مليوني شخص معظمهم لاجئون تحت مسؤوليتنا وهذا سيولد انتقادات من المجتمع الدولي. وبسؤاله عن مدى قدرة حماس وإلى متى ستواصل إطلاق الصواريخ قال ديسكين انه ولسوء الحظ فقد فشلت اسرائيل في الماضي في توجيه ضربة قاضية إلى حماس وانه خلال عملية الرصاص المصبوب في شتاء 2008 كانت اسرائيل قريبة من ذلك في الايام الاخيرة من العملية حيث كانت حماس على وشك الانهيار لكن الوضع الان تغير ليصب في صالح الاسلاميين فقد عمقوا الانفاق واصبحت اكثر تعقيدا ويبلغ طول بعضها عشرات الكيلومترات وقد نجحوا في تخبئة الصواريخ التي يطلقونها وبوسعهم اطلاق الصواريخ في اي وقت مثلما ترون. وقال ديسكين ان المشكلة هي ان الناس في قطاع غزة ليس لديهم ما يخسرونه مثلهم مثل حماس، مشيرا إلى أنه عندما كان محمد مرسي وجماعة الاخوان في الحكم في مصر كانت الامور تسير بشكل جيد بالنسبة لحماس لكن عندما تولى الجيش زمام الامر وفي غضون ايام قليلة دمر النظام الجديد الانفاق بين غزة وشبه جزيرة سيناء وهي انفاق كانت حيوية للغاية لحماس ومنذ ذلك الحين تخضع حماس لضغط رهيب فهي لا تستطيع دفع رواتب موظفيها. وبسؤاله عن امكانية الحديث مع حماس مباشرة قال ديسكين ان هذا ليس ممكنا وان المصريين وحدهم هم الذين يستطيعون التوسط بمصداقية، وان تقدم اسرائيل ايضا تنازلات وتسمح بمزيد من حرية الحركة. وقال ديسكين ان حماس لم ترغب في هذه الحرب في البداية هي الاخرى لكن هكذا تسير الامور في الشرق الاوسط فالوضع يختلف في المنطقة حيث يبدأ باختطاف ثلاثة شبان اسرائيليين ويتحول إلى حرب ، وحسب معلوماتي فان مكتب حماس السياسي فوجيء بهذا الامر ويبدو ان اختطاف الشبان الاسرائيليين لم يوجه من قبلهم ولم ينسق معهم ايضا. وقال ديسكين ان حماس ادركت انها وقعت في مشكلة مع اختطاف الشبان الاسرائيليين ومع توسع عملية الجيش في الضفة الغربية بدأ المتشددون في قطاع غزة في اطلاق الصواريخ على اسرائيل ورد سلاح الجو بغارات على قطاع غزة ولم تحاول حماس وقف الصواريخ مثلما كانت تفعل في الماضي وفي هذه الاثناء وقعت حادثة اختطاف صبي فلسطيني وقتله في القدس وهذا اعطى حماس مزيدا من الشرعية لمهاجمة اسرائيل. وقال ديسكين ان رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو اخطأ عندما هاجم حكومة الوحدة بين حماس وفتح تحت قيادة الرئيس الفلسطيني محمود عباس، مشيرا إلى أن اسرائيل كان ينبغي أن يكون ردها اكثر عمقا وانه كان يجب دعم الفلسطينيين لكي يجرى التوصل إلى سلام وليس فقط مع ثلث او ثلثي او نصف الفلسطينيين، كان الاتفاق مع حكومة الوحدة سيكون افضل من ترديد ان عباس "ارهابي" لكن كان على حكومة الوحدة في المقابل قبول جميع شروط اللجنة الرباعية الدولية والاعتراف باسرائيل ونبذ العنف والاعتراف بكافة الاتفاقيات السابقة بين اسرائيل والفلسطينيين. وقال محاور دير شبيجل ان لفظ الانتفاضة الثالثة تردد كثيرا على مدار الايام الاخيرة وسأل ديسكين عن تعقيبه على هذا الامر فقال: لا احد يستطيع ان يتنبأ بحدوث انتفاضة لانها تحدث على نحو غير متوقع ولكن في نفس الوقت يجب أن احذر من الاعتقاد بان الفلسطينيين اصبحوا مستسلمين بسبب انهاكهم من الاحتلال فهم لن يقبلوا ابدا الوضع القائم للاحتلال الاسرائيلي وعندما يفقد الناس الامل في تحسين اوضاعهم يتبنون منهجا متطرفا هذه هي الطبيعة الانسانية وقطاع غزة افضل مثال على ذلك، الاوضاع كلها قابلة للانفجار. وقال رئيس جهاز الشين بيت السابق ان عباس الذي يعرفه ليس زعيما حقيقيا وان كان رجلا صالحا ينبذ الارهاب ولديه الشجاعة الكافية لاعلان ذلك وان نتنياهو كذلك لا يمكن وصفه بالزعيم ولهذا لا يمكن لشخصين يفتقدان صفة الزعامة ان يصنعا سلاما، كما ان الثقة مفقودة بينها. وتابع ديسكين: الان اصبحنا قرب نقطة اللاعودة فعدد المستوطنين اخذ في الازدياد وايجاد حل لهذه المشكلة مستحيل تقريبا من وجهة نظر لوجيستية بحتة حتى وان توفرت الارادة السياسية وحكومة نتنياهو تتوسع في البناء اكثر من اي حكومة في الماضي. واضاف هناك امكانية لتحقيق هدف اقامة دولتين وهي ان يتعهد الفلسطينيون بقبول شروط الرباعية وان تجمد اسرائيل انشطة الاستيطان فورا خارج التكتلات الاستيطانية الكبيرة والا فسيكون الحل الوحيد الممكن بعد ذلك دولة واحدة مشتركة وهذا بديل سيء للغاية.