في الزمن الجميل كانت الإذاعة والتليفزيون يتقاسمان نسبة الاهتمام في الشهر الكريم وفي البرامج والمسلسلات، ربما كان هذا سائداً حتي حقبة الثمانينيات. ولكن مع نهايات القرن الماضى وبداية الألفية الجديدة تشعر أن الإذاعة يتراجع دورها أمام كثرة المسلسلات وتعدد الفضائيات. وتفقد الدراما الإذاعية بريقها رغم أنها تضم كبار النجوم سواء في الإذاعات الرسمية أو الخاصة، وربما تسمع هذه المسلسلات في السيارات وسط زحام المرور، ولكني لا نرى اهتماماً لهذه المسلسلات، عكس ما كان يحدث في الماضى حينما كانت دراما الإذاعة ملء الأسماع بدليل أننا الآن مازلنا نذكر مسلسلات الإذاعة في رمضان التي أنتجت منذ عشرات السنين مثل «شنبو فى المصيدة». أرجوك لا تفهمنى بسرعة السنين. «سها هانم رقصت علي السلالم» و«دندش» «صابرين» و«أفواه وأرانب». ولكن في العصر الحالى لا أحد يشعر بدراما رمضان الإذاعية، معظم الناس إن لم يكن جميعهم غارقين في «سجن النسا» و«السبع وصايا» و«صاحب السعادة» و«الصياد» و«جبل الحلال» و«ابن حلال» وغيرهما. ولكن هل يشعر أحد حالياً ب«المستخبى» و«أبناء العزيز» و«الهانم» و«المتمرد» و«بيلسان» رغم أن أبطالهم هم نجوم الصف الأول في الدراما منهم سوسن بدر وباسم ياخور ومحمد رياض وريهام عبدالغفور ومحمود حميدة وهشام عباس وبشرى ونضال الشافعى، فضلاً عن النجوم السوبر ستار الذين يشاركون في بطولة المسلسلات الإذاعية علي الإذاعات الخاصة بدون أي صخب إعلامي الإذاعة متألقة في رمضان بمجموعة كبيرة من البرامج والمسلسلات وبرامج الذكريات. الإذاعة تخاطب العقول، وتزيد ثقافة الشعوب. من برامج الإذاعة الرائعة التي تذاع في شهر رمضان «أيام الفشل الجميلة» تقديم منال العارف، و«حضرة النائب» تقديم محمد فؤاد، و«مائدة إفطار الشرق الأوسط» الذي يستضيف يومياً كبار النجوم، و«دعوة علي السحور». ولا ننسي فوازير الإذاعية الكبيرة آمال فهمي التي تذاع يومياً عقب الإفطار بالبرنامج العام. وهناك العديد من السهرات الرائعة علي مختلف الشبكات، «علي باب مصر» «كانت أيام» التي تستعرض الأعمال الفنية التي قدمتها الإذاعة في رمضان في الأعوام السابقة. والبرنامج الدينى «هكذا علمنا الصيام» الذي يذاع على شبكة القرآن الكريم وصلاة التهجد التي تذاع حالياً علي شبكة القرآن الكريم من مكةالمكرمة. من يستمع للإذاعة في رمضان لا يمل منها أبداً لأين هناك العديد من البرامج وحتي الفواصل الموسيقية تذكر الناس بالماضي الجميل، هناك حكايات «ألف ليلة وليلة» و«المسحراتى» و«السمسمية» و«عازم ولا معزوم» وليالى رمضان في جميع المحافظات والقرآن الكريم وكبار المنشدين والمبتهلين والأحاديث الدينية. ربما كان الارتباط الوثيق للملايين بالأثير في شهر رمضان كان عن طريق سماع القرآن الكريم بصوت محمد رفعت والابتهالات بصوت الشيخ سيد النقشبندى، هذا الارتباط مازال حتي الآن بل ويتعاظم خاصة في فترة أذان المغرب. الحقيقة تؤكد أن نسبة الاستماع تقل في فترة المساء والسهرة بسبب انصراف الناس لمشاهدة الفضائيات، وإذا كان هناك استماع في تلك الفترة فهي للقرآن الكريم، وإذاعة الشباب والرياضة وعندما تكون هناك مباريات. تألق الإذاعة في رمضان شىء طبيعي ولكن ربما يشعر معظم مذيعي ومذيعات الإذاعة ببعض الأسى لضعف نسبة الاستماع وشعورهم أن مقدمي البرامج في الفضائيات يحصلون علي أكثر مما يستحقون في الرعاية والمال وحتي النقد، رغم رداءة معظم تلك البرامج. بالطبع دراما وبرامج الإذاعة الآن أقل كثيراً مما كانت عليه في السنوات الماضية، ولكن يبقي دائماً عبق الإذاعة وسحرها، الذي جعلها موجودة حتي الآن في وجود الفضائيات، ورغم أهمية الصورة تبقي الإذاعة دائماً أسرع وأسهل وسيلة إعلامية. الإذاعة في رمضان تبقي أكثر جذباً حتي لو قل عدد المستمعين مقارنة بالسنوات الماضية. مسلسلات وبرامج الإسفاف لن تستمر، وتبقي الإذاعة وسيلة إعلام منضبطة، تمتلك ميديا مختلفة تحفظ لها سحرها الخاص.