أكد الأمين العام لجامعة الدول العربية الدكتور نبيل العربي أن الجامعة العربية لن تتوان عن التعاون مع دولة فلسطين لاستخدام جميع السبل القانونية لملاحقة المسؤولين الإسرائيليين قضائياً في جميع المحافل ومحاكمتهم على مختلف الجرائم التي يرتكبونها بحق الشعب الفلسطيني، بما في ذلك تشكيل لجنة تقصي حقائق أممية للتحقيق في جرائم الحرب التي تقترفها إسرائيل في قطاع غزة، واتخاذ الإجراءات والآليات اللازمة لملاحقة مقترفيها. جاء ذلك في كلمته أمام أعمال الدورة الحادية والعشرين الطارئة للاتحاد البرلماني العربي حول العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني التي عقدت اليوم بمقر الأمانة العامة لجامعة الدول العربية برئاسة مرزوق الغانم رئيس مجلس الأمة الكويتي ،وحضور رؤساء المجالس النيابية والشورى العربية ، والتي جاءت بناء على طلب سليم الزعنون رئيس المجلس الوطني الفلسطيني وبمشاركته. وقال العربي إن النكبة الإنسانية التي يعيشها الأشقاء في قطاع غزة تتطلب تنسيق العمل لتقديم كل الدعم الممكن لرفع بعض المعاناة الإنسانية وتدهور الحياة المعيشية في غزة جراء العدوان الحالي والحصار المتواصل . وصولاً إلى إعادة إعمار ما دمرته آلة الحرب وأكد أهمية الدور الذي يلعبه الاتحاد البرلماني وباقي البرلمانات العربية لدعم القضية الفلسطينية على الساحة البرلمانية الدولية، وأثر هذا الجهد الإيجابي في كسب نصرة كثير من برلمانات العالم للشعب الفلسطيني ، وأيضا دوره في توجيه بوصلة حكومات هذه البرلمانات لصالح القضية الفلسطينية. و أشار العربي إلى أن اجتماع مجلس الجامعة العربية الذي عقد منذ يومين على مستوى وزراء الخارجية واجتماع اليوم يأتي من أجل نصرة الشعب الفلسطيني ودعم صموده ونضاله وبعث برسالة قوية إلى جميع الشعوب فى كل مكان مفادها أن أياً كان الظرف السياسي الذي يمر به الوطن العربي فسوف تظل الدول العربية حكومات وبرلمانات وشعوباً تعتبر أن القضية الفلسطينية هي قضيتها المركزية المحورية الأولى وأنها لن تتأخر يوماً عن نصرة الشعب الفلسطيني ودعم حقه في النضال بكافة أشكاله من أجل إقامة دولة فلسطينية مستقلة قابلة للحياة. ونوه العربي بنتائج اجتماع مجلس الجامعة على المستوى الوزاري ، حيث اتخذ قراراً يدين بكل قوة العدوان الإسرائيلي الوحشي ضد المدنيين والذي يمثل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية لا تسقط بالتقادم ، كما انه دعم المبادرة المصرية لوقف اطلاق النار،ويقف بكل قوة إلى جانب الوفاق الوطني الفلسطيني. ووجه العربي تحية تضامن واحترام واعزاز للشعب الفلسطيني في غزة وبقية الأراضي العربية المحتلة الذي يقاوم بكل صمود آخر معقل من معاقل العنصرية الابارتايد والاستعمار في القرن الواحد والعشرين. وقال الأمين العام للجامعة العربية " إنه ولليوم التاسع على التوالي تتواصل آلة الاحتلال العسكرية الإسرائيلية العنصرية سعيها الغاشم لسحق صمود الشعب الفلسطيني المقاوم في غزة وتستمر قوات الاحتلال الإسرائيلية في قصف الشعب الفلسطيني الأعزل لكتم صوته الذي يطالب بنيل حقوقه الأساسية المحروم منها وفي طليعتها حقه في الحياة بحرية دون احتلال أو حصار أو هدر لآدميته كي يصل عدد الشهداء إلى ما يقرب من 200 شهيد .. من بينهم 36 طفلاً و 30 إمرأة بالإضافة إلى 1400 جريح ومئات المنازل المدمرة بشكل كلي أو جزئي جراء القصف " .. وتابع : " إنه أيضا لليوم التاسع على التوالي يفشل مجلس الأمن الدولي ، كما فشل على مدار السنوات السبع وستين الماضية ، في اتخاذ تدابير تجبر قوة الاحتلال الإسرائيلية على الانسحاب من الأراضي المحتلة أو تضمن حماية الشعب الفلسطيني من التنكيل والمجازر المتكررة التي تطال أفراده دونما تمييز بين طفل أو إمرأة أو كهل". ومن جانبه ، قال مرزوق الغانم إن هذا الاجتماع الطاريء يأتي تكريسا وتأكيدا لعهدنا بنصرة غزة وأهلها الذين يتصدون لاحدى أكثر القوى العسكرية قوة ولؤما وتوحشا وجرما وأكثر التحالفات الدولية تحيزا وتآمرا. ووجه الغانم - خلال كلمته - الشكر للدكتور نبيل العربي لسرعته في الاستجابة لطلب استضافة اجتماع الاتحاد بمقر الجامعة العربية ، لافتا إلى أن الجهد العربي المشترك ليس له إلا مصب واحد لانحيد عنه ولانميل لسواه هو الجامعة العربيسة بكل ما تمثله وما ترمز إليه. وشدد الغانم على أن الهدف الأساسي الذي نعمل عليه هو حل القضية الفلسطينية حلا عادلا شاملا يضمن للشعب الفلسطيني المرابط كامل حقوقه في الأرض والقدس والدولة المستقلة. وأوضح أن الجريمة الإسرائيلية التي ترتكب بحق غزة أخطر بكثير من ان تغيب عن اجتماعات الاتحاد البرلماني العربي وجهوده ومساعيه خاصة وان القضية الفلسطينية بكل أبعادها لم تغب يوما عن فكر الاتحاد وهمومه وأولوياته بل الأكثر من ذلك أن القضية الفلسطينية بالذات وعلى وجه الخصوص كانت بشكل أو بآخر من مبررات قيام هذا الاتحاد ومنطلق رسالته. وأشار إلى أن كل تظاهرات الوعيد والتهديد والتنديد لاتشفي جراح طفل من أطفال غزة فضلا عن كل الأصوات الهادرة في الشوارع والساحات وفي الاذاعات والفضائيات لاتشفي شعورنا العميق بالتقصير ولاتغسل الإحساس بالقهر والعجز. وشدد الغانم على أنه كان لابد من الاجتماع اليوم ليس فقط للتنديد بالجريمة الإسرائيلية وإدانة الوحشية الإسرائيلية حيث انه لسنا بحاجة للتذكير بأن إسرائيل قامت على الاغتصاب وتوسعت بالعدوان وتحصنت بالظلم واستقوت بالظالمين وبالتالي اي استفاضة في هذا الكلام لن يعزي أمهات الشهداء ، وانما انطلاقا من المسؤولية القومية للاتحاد وللتعبير عن روح الأمة على الرغم من أن الاتحاد لايملك السلطات والأدوات التي تتيح لها دورا فاعلا في نصرة غزة. وأضاف أن الصراع العربي الإسرائيلي لايزال العامل الأهم في رسم حاضر المنطقة ومستقبلها وفي تحريك أدواتها وأحداثها ، مشيرا إلى أن القضية الفلسطينية تمثل أيضا محور الخطاب السياسي العربي الرسمي والشعبي حيث انه بسببها عاشت المنطقة في حالة توتر دائم وانفجر عنها أربعة حروب رئيسية. وأعرب الغانم عن أمله في أن يسهم الاجتماع في إعادة قضية العرب الأولى دورها في توحيد الصف العربي ،مشددا على أن الإجرام الإسرائيلي ليس حالة استثنائية أو مفاجئة لكونه أسلوب إسرائيل منذ قيامها ، والتقصير العربي ليس جديدا أو طارئا ، حيث أنه حصاد متراكم لتفرق متواصل واختلاف متجدد منذ استقلال دول المنطقة. وطالب الغانم بضرورة أن يكون اجتماع اليوم دعوة للعمل من أجل ايجاد آليات وقنوات جديدة أقرب للواقعية من مجرد الشجب والإدانة والاستنكار ، ومن أجل منع مذابح جديدة ومن أجل توحيد العرب حول قضيتهم الفلسطينية ومن أجل استعادة الوحدة الوطنية الفلسطينية. وبدوره ، أكد سليم الزعنون رئيس المجلس الوطنى الفلسطيني أن العدوان الإسرائيلي الغاشم القائم على قطاع غزة الآن والذي بدأ في القدس هو تتويج لسلسة طويلة من الاعتداءات والانتهاكات المستمرة من اغتيالات وتدمير للمنازل واجتياحات واعتقالات ومصادرة للأراضى وبناء المزيد من المستوطنات والاستمرار فى بناء جدار الفصل العنصرى والسماح لقطعان المستوطنين المدججين بالسلاح بممارسة جميع صور الاذلال والتحرشات والاعتداءات ضد أبناء الشعب الفلسطيني وممتلكاته من عقارات ومزروعات ومؤسسات ومنازل ، إضافة الى تدنيس مقدساته الإسلامية والمسيحية. وقال الزعنون - خلال كلمته - إن إسرائيل دائما تسعى إلى قلب الحقائق ، حيث استغلت دولة الاحتلال حادثة خطف ومقتل ثلاثة مستوطنين والتى لم تعلن أية جهة فلسطينية مسئوليتها عنها رغم سلسلة الجرائم التى ترتكبها ضد الشعب الفلسطيني يوميا وقامت بتعبئة الرأى العام لديها بمزيد من الحقد والكراهية ضد الشعب الفلسطيني. واضاف أن الكيان الغاصب لايزال يقوم بعدوان شامل على قطاع غزة من البحر والجو والأرض و يستخدم كل أدوات القتل والتدمير الجهنمية التى يمتلكها بما فيها الأسلحة المحرمة دوليا كما جاء فى شهادة الطبيب النرويجي ، مستهدفا المنازل وسكانها والمؤسسات المدنية والبنية التحتية بما فيها المساجد مما أوقع أكثر من مائتي شهيد وأكثر من ألف من الجرحى إلى جانب تشريد عشرات الآلاف من السكان من منازلهم. وأعرب عن أمله في أن تنجح المبادرة المصرية فى لجم العدوان الإسرائيلي الهمجى على قطاع غزة مع عدم تكراره وان يتم رفع الحصار الإسرائيلي الظالم الذى يفرض بالقوة العسكرية المسلحة المعتدية على الشعب الفلسطيني وان يتم فتح المعابر. واوضح أن هناك جملة من الأهداف يريد الكيان المغتصب تحقيقها من وراء هذا العدوان أولها ضرب المصالحة والوحدة الوطنية التي انجزت مؤخرا ، وثانيها الخروج من أزمته الداخلية على مستوى الائتلاف الحاكم ، وثالثها محاولة تلميع وجه حكومة الاحتلال المتطرفة أمام الرأى العام العالمي بشكل عام والأوروبي بشكل خاص بعد المقاطعة الواسعة لمنتجات مستوطناتها وبوادر عدم الرضى من سياستها الاستعلائية والاستيطانية وإفشالها لأي حل سياسي قائم على حل الدولتين بالتظاهر بانها تدافع عن مواطنيها ضد إرهاب فلسطيني يستهدف حياتهم وكيانهم وموظفة آلتها الإعلامية ولوبياتها المتعددة في أمريكا وأوروبا بتحقيق هذا المسعى ..كما يهدف هذا العدوان الآثم إلى التغطية على محاولات إسرائيل لتهويد القدس والتوسع الكبير في الاستيطان ومحاولة كسر صمود الأسرى الفلسطينيين. وأعرب عن أمله في أن تقوم الأممالمتحدة بإنشاء نظام خاص تضع فيه الأراضى الفلسطينية التي تتعرض لهذا العدوان الهمجي تحت نظام الحماية الدولية كما طالب الرئيس الفلسطيني محمود عباس ..داعيا البرلمانات العربية إلى دعم هذا المسعى. وطالب الزعنون البرلمانات العربية بضرورة التنديد بإعادة اعتقال رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني ونواب آخرين بلغ عددهم حتى الآن 35 نائبا ، والطلب من الاتحاد البرلماني الدولي والمؤسسات البرلمانية الإقليمية والدولية الأخرى الضغط على حكومة الاحتلال وبرلمانها للإفراج عنهم ،و التنديد بإعادة اعتقال الأسرى المفرج عنهم بموجب اتفاقية شاليط وغيرهم من الأسرى الإداريين والمطالبة بالإفراج عنهم. وشدد على ضرورة دعم قطاع غزة بالمواد والمستلزمات الطبية وغيرها من المساعدات الضرورية والعاجلة والمطالبة برفع الحصار الإسرائيليى الظالم عنه وفتح المعابر لحركة الأفراد والبضائع. ودعا إلى العمل على عقد مؤتمر جنيف للدول المتعاقدة على اتفاقيات جنيف لإلزام إسرائيل باحترام وتطبيق هذه الاتفاقيات على الشعب الفلسطيني الواقع تحت هذا الاحتلال الوحشى والتركيز فى الاتصالات على تحريم القانون الدولي والإنسانى لاستهداف المدنيين وعمليات الإبادة التي تقوم بها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني. وأكد الزعنون على أهمية توجيه الدعم والمساندة العربية لحكومة الوفاق الوطني الفلسطيني لدعم الوحدة الفلسطينية وتعزيزها. ومن جانبه ، حذر محمد المر رئيس المجلس الوطني الاتحادي بدولة الإمارات من أن سياسة القمع والتنكيل والدمار والقتل الجماعي التي تنتهجها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني ستكون لها عواقب وخيمة ليس فقط على الأمن والاستقرار في الشرق الأوسط بل على الأمن والسلم الدوليين. وقال إن الموقف في غزة لم يعد يحتمل الصبر أو مجرد عبارات التعاطف والإدانة لأنه في كل لحظة تستباح دماء فلسطينية مما يجعلنا مسؤولين أمام الله وأمام شعوبنا بحكم مسؤوليتنا في الإسهام في وقف هذا العدوان. واقترح المر على الاتحاد البرلماني العربي اتخاذ مجموعة من التدابير العملية التي يمكن أن تساهم في توفير الحماية الدولية للأراضي والشعب الفلسطيني، ومؤازرة جهد الفلسطينيين في هذا الشأن ، وذلك من خلال الاتفاق على طرح بند عربي واحد طارئ على أعمال المؤتمر البرلماني الدولي القادم حول الدور البرلماني في توفير الحماية الدولية للأراضي والشعب الفلسطيني، بحيث تكون هناك قوات دولية متعددة الجنسيات تتولى حماية هذه الأراضي وعزل المدنيين لحين إنهاء كل مظاهر الاحتلال الإسرائيلي على الأراضي الفلسطينية وأن ندعو إلى عقد مؤتمر برلماني دولي في هذا الشأن. ودعا إلى إصدار نداء وبيان عاجل إلى الكونجرس الأمريكي، والبرلمان الأوروبي، وبرلمانات الدول الأوروبية للضغط على حكوماتهم للموافقة على الطلب الفلسطيني في الأممالمتحدة في توفير هذه الحماية الدولية ، بالإضافة إلى توجيه رسالة عاجلة إلى رئيس البرلمان السويسري بصفة أن سويسرا الدولة الحاضنة لاتفاقيات جنيف والمقرر الإضافي لهذه الاتفاقيات ، ومناشدة البرلمان السويسري في اتخاذ الإجراءات اللازمة لمطالبة حكومته بالتحقق من تطبيق إسرائيل لهذه الاتفاقيات وانتهاكاتها في الأراضي الفلسطينية خاصة فيما يتعلق بالعدوان الإسرائيلي الأخير. كما دعا إلى أن تعمل البرلمانات العربية وفق ما يتيحه دستور كل دولة في التعاون مع الحكومات، ومؤسسات المجتمع المدني، وجمعيات رجال الأعمال والمستثمرين لتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة خاصة فيما يتعلق بالموارد الطبية، والغذائية منعا لوقوع كوارث إنسانية خاصة في هذا الشهر الفضيل. ولفت إلى أن دولة الإمارات بادرت بتوجيهات الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة بإرسال مساعدات عاجلة، وإقامة مستشفى ميداني متكامل وتجهيزه لإسعاف ضحايا العدوان الإسرائيلي، ومنوهًا بأن هذه المواقف العروبية الأصيلة لدولة الإمارات وحكامها إنما هي امتداد طبيعي لقواعد متأصلة أرساها الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان بتأسيسه لمدينة الشيخ زايد في قطاع غزة ، وإعادة إعمار مخيم جنين، ثم جاءت مدينة الشيخ خليفة في رفح، وإقامة المركز الإسلامي في القدس لتؤكد على معاني التضامن والمؤازرة وتطبيقا عمليا لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم " المسلم للمسلم كالبنيان يشد بعضه بعضا. "