رغم مكانتها العالية إلاّ أنها عُرفت بتواضعها الكبير وعشقها لمشاهدة مباريات كرة القدم والاستماع لأوبرا "فاجنر"، لا تحب الصراخ وتخاف الكلاب والخيول، ولكنها استطاعت أن تنحت اسماً مرموقاً ليصبح اسم "أنجيلا ميركل"، أو "ماما ميركل" كما يُطلقون عليها، علامة فارقة فى تاريخ السياسة الألمانية. فتحت "ميركل" أعينها على عشق كبير لدراسة اللغات والعلوم وموهبة فذة فى الرياضيات، فى أسرة يميل عائلها إلى السياسية ولكن لم يتوقع أفراد العائلة أن تُصبح "أنجيلا ميركل" على رأس السلطة فى ألمانيا رغم أن والدها هو "هورست كاتسمرساك" الذى كان وزيراً لإحدى البلدان الصغيرة فى شرق ألمانيا أو "أبرشية" البلدة كما يُطلق عليها بالنظام الكنسى فى بعض أشكال المسيحية. عُرفت "إنجى"، كما كانت تطلق عليها والدتها، منذ طفولتها بالنشاط الدراسى لذا لا عجب من أنها أنهت دراستها بتفوق ثم انتقلت لدراسة الفيزياء فى جامعة "كارل ماركس" بولاية براندنبورغ وأخذت تصعد بسرعة الصاروخ إلى أن حصلت على درجة الدكتوراه فى الفيزياء وعملت كيميائية فى أحد المراكز الأكاديمية بشرق ألمانيا. لم يلهها عشقها للعلوم والرياضيات عن الانغماس فى السياسة لذلك انضمت "ميركل" عام 1990 إلى الحزب المسيحى الديمقراطى وسرعان ما أثبتت تفوقاً ملحوظاً إلى أن رأى فيها "هيلموت كول" المستشار الألمانى الأسبق بذرة القائدة ونزعة القيادة حتى أنه كان يدعوها باسم "ابنتى"، لعب "هيلموت كول" دوراً كبيراً فى صعود وترقى "ميركل" فقد اختارها لتولى وزارة الشباب والمرأة. وكان عام 1994 هو النقطة الفاصلة فى المستقبل السياسى ل"أنجيلا ميركل" عندما تولّت وزارة البيئة والأمان النووى والتى أظهرت فيها تفوقاً سياسياً ملحوظاً وبالتالى كانت بالنسبة لها منبراً ساعدها على بناء حياتها السياسية وانطلقت بعدها لرئاسة الحزب المسيحى الديمقراطى عام 2000 لتكون أول امرأة تتولى دفة الحزب. ولم تقف الفتاة ذات الجذور البولندية القادمة من شرق ألمانيا عند هذا الحد من السياسة بل نجحت فى أن تكون أول امرأة تتولى منصب المستشار الألمانى بعد فوز حزب الاتحاد المسيحى بالنسبة الأعلى فى الانتخابات النيابية عام 2005 ثم أُعيد انتخابها فى عام 2009. استطاعت "ميركل" من خلال عملها المخلص أن تهدم كل الصور النمطية وأن تبنى صورة جديدة للقائدة الحكيمة والواقعية التى تصدت بكل قوة للأزمات التى واجهت ألمانيا وتقود اقتصادها لكى يكون الأقوى فى أوروبا. ولم تكتفِ الشابة البرجماتية بمشكلات ألمانية ولإيمانها بأن أزمة اليورو ستمثل تهديداً على ألمانيا ظهرت موهبة "ميركل" حين نجحت فى بناء توافق بين دول الاتحاد الأوروبى من أجل استعادة الثقة مرة أخرى فى اليورو.