لا تزال محافظة الشرقية هى الأفقر حظاً من بين مثيلاتها فى قطاع مياه الشرب والصرف الصحى، حيث تنتشر القرى التى تفتقد المياه وتنتظر الموت عطشا بعدما خاب أمل الأهالى فى مسئولين لا يجدون فى أنفسهم حرجا أن يحدثوا بما لم يفعلوا، ليصل الأمر إلى حرمان الواحد منهم من أبسط حقوقه الآدمية فى تناول كوب ماء نظيف، فيتجرعه ولا يكاد يسيغه، ذلك الماء الملوث الذى يختلط دوماً بمياه الصرف الصحى الذى يعانى تآكل شبكاته بعد أن عفا عليها الزمن. هذا وتعد قرية الزهراء التابعة لمركز الزقازيق مثالاً حياً للإهمال الشديد الذى يعانى منه ذلك القطاع، ولعل ما حدث مؤخرا من إصابة مئات الأهالى بحالات تسمم جماعى وقعت بين الأطفال والكبار على حد سواء بسبب تلوث مياه الشرب واختلاطها بمياه الصرف الصحى خير دليل على ذلك الإهمال الجسيم. وأكد الأهالى أنهم يعانون الأمرين مما دفعهم إلى التقدم بعدد من الشكاوى بسبب سوء حالة المياه وعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمى، حيث أكد أحد الأهالى ويدعى محمد السيد عبد الحليم أن عددا من الكيميائيين المختصين كانوا قد حللوا مياه الشرب منذ أشهر قلائل وأثبتت نتائج العينات التى تم سحبها من القرية عدم صلاحية المياه للاستخدام الآدمى، ولكنهم فوجئوا بالتعتيم الكامل على تلك التقارير من جانب المسئولين الذين بادروا بدفع الاتهامات التى وجهت إليهم حول مسئوليتهم عن واقعة التسمم الجماعى، حيث قاموا باستخراج نتائج مضللة تثبت صلاحية المياه ومطابقتها للمواصفات. أضاف رضا عبد الله –أحد الأهالى أن مياه الشرب غير صالحة بسبب اختلاطها بمياه الصرف الصحى، حيث إن القرية لا تزال تعمل بنظام الصرف على خزانات يتم كسحها كل 5 أيام تقريبا، وفى حالة إضراب أصحاب الجرارات وامتناعهم عن الكسح تعوم القرية فى بحور من الصرف الصحى الذى تمتصه مواسير المياه، هذا إلى جانب ترعة القرية التى تقوم جرارات الكسح بإلقاء مخلفات الصرف فيها رغم أنها تروى 4500 فدان من الأطيان الزراعية المهددة بالبوار إلى جانب تسرب تلك المخلفات إلى مواسير مياه الشرب بسبب عدم تدبيش جوانب الترعة دون تدخل يذكر من جانب المسئولين. وطالب بضرورة تفعيل دور شرطة البيئة والمسطحات المائية لمراقبة الجرارات التى تلقى بمياه الصرف فى مصادر المياه الرئيسية للقرية، كما طالب المسئولين بضرورة اتخاذ جميع الإجراءات لتوصيل الصرف الصحى إلى القرية. وفى قرية كفر حمودة التابعة لمركز ههيا لا يختلف الحال كثير، حيث شهدت القرية مؤخرا واقعة مشابهة جاءت عقب واقعة قرية الزهراء بحوالى أسبوعين على الأكثر، حيث أصيب العشرات بأعراض مرضية خاصة بالحمى التيفودية كالقىء والإسهال وارتفاع ملحوظ فى درجة حرارة الجسم، وتم نقل 18 حالة إصابة إلى مستشفى الحميات بالزقازيق كما تم نقل 6 حالات أخرى إلى مستشفى ههيا المركزى، بينما بادر المسئولون بدفع التهم عنهم وإلصاقها إلى طلمبات المياه الحبشية التى يستخدمها الأهالى. من جانبه قال أحد الأهالى ويدعى حسن شعبان إسماعيل إن نجليه أحمد وهشام تعرضا للإصابة بالحمى التيفودية التى شاعت مؤخرا فى القرية بسبب تلوث مياه الشرب وعدم صلاحيتها للاستخدام الآدمى، حيث أوضح أن تصريحات المسئولين التى حصرت أسباب الإصابة فى تلوث مياه الطلمبات الحبشية التى يستخدمونها ما هى إلا ادعاءات باطلة، مشيرا إلى أن تلك الطلمبات تعمل منذ عشرات السنين وتضخ الماء من على عمق 54 مترا تحت الأرض بعيداً عن طبقات الأرض المشبعة بمياه الصرف الصحى الذى أنشأته الأهالى بالجهود الذاتية ويعانى الطفح المستمر بعد تردى حالته، وأكد أن مياه الدولة التى يتم ضخها فى صنابير المياه هى السبب الرئيسى وراء تفشى مرض الحمى التيفودية فى القرية. واستنكر شعبان إنذار الوحدة المحلية للطريقة التى تتبعها القرية بإزالة الطلمبات الحبشية بزعم أنها إحدى مسببات التلوث البيئى وانتشار الأوبئة، حيث أكد أن مثل ذلك الإنذار ما هو إلا دليل على ضعف حجة المسئولين، مطالبا بضرورة نقل خطوط مياه الشرب إلى محطة المياه اليابانية بكفر أبو حطب، ومؤكداً على أنهم حتى الآن يقومون بغلى المياه قبل تناولها لضمان تعقيمها ولو بشكل جزئى. وفى قرية المسلمية التابعة لمركز الزقازيق فقد توقف مشروع الصرف الصحى رغم إنجازه بنسبة بلغت نحو 60%، حيث توقف العمل فى إنشاء محطة الصرف الصحى منذ بداية ثورة 25 يناير، ولا تزال القرية حتى الآن تعمل بنظام الخزانات «الطرنشات» حيث تقوم جرارات الكسح بشفط مياه الصرف من الخزانات المنزلية وإلقائها فى مصادر رى الأراضى الزراعية المشبعة بمخلفات الصرف والقمامة والحيوانات النافقة، التى تختلط هى الأخرى بمياه الشرب مما ينذر بعواقب وخيمة. فى الوقت ذاته تشتكى قرية بيشة قايد التابعة لمركز الزقازيق من عدم صلاحية مياه الشرب، حيث أعرب الأهالى عن استيائهم الشديد جراء تجاهل مسئولى شركة المياه لصرخاتهم، لاسيما مع انتشار حالات الإصابة بفيروس A بين أطفالهم وهو ما أرجعه الأهالى إلى عدم صلاحية المياه للشرب، مطالبين المسئولين بالتدخل الفورى وعدم انتظار وقوع الكارثة.