طالما نظرنا إلى البعوضة على أنها شىء تافه لا قيمة لها، وعلى الرغم من ذلك نجد أن القرآن ذكر هذه المخلوقات الضعيفة، يقول تعالى: «إن الله لا يستحي أن يضرب مثلاً ما بعوضة فما فوقها فأما الذين آمنوا فيعلمون أنه الحق من ربهم وأما الذين كفروا فيقولون ماذا أراد الله بهذا مثلاً يضل به كثيراً ويهدى به كثيراً وما يضل به إلا الفاسقين» «البقرة 26»، ويكفي أن نتأمل هذه الصورة الرائعة التي عرضها الموقع العالمي ناشيونال جيوغرافيك، لنرى التصميم الخارق لرأس البعوضة حيث نرى العيون تغطي معظم الوجه «لها عيون متعددة»، ولولا ذلك لم تتمكن البعوضة من المناورة والرؤيا الصحيحة. يعتقد بعض القراء أن البعوضة يعيش فوقها حشرات أخرى وتحديداً على رأسها ويقولون إن هذا يفسر قوله تعالى: «بعوضة فما فوقها»، ونقول إن هذا الاعتقاد غير صحيح بل إن كل الحشرات يعيش على رأسها وجسدها بكتيريا ومخلوقات أخرى لا ترى! فالذبابة تحوي ملايين البكتيريا التي تعلق على سطحها وأرجلها، وكذلك البعوضة وغيرها من الحشرات. ولكن المقصود من قوله تعالى «فما فوقها» أي أن الله هو الذي خلق هذه البعوضة وهو أعلم بخصائصها وتركيبها وتعقيدها، ولذلك فهى نموذج يضربه الله لكل ملحد مستكبر، ليقول له: إياك أن تستهزئ بمخلوقات الله، فالله تعالى يذكر ما يشاء من مخلوقاته مثل البعوضة وما فوقها من مخلوقات أخرى أكبر أو أصغر منها، فجميع هذه المخلوقات صغيرة أم كبيرة قد أتقن الله صنعها، فهو القائل: «صنع الله الذي أتقن كل شىء إنه خبير بما تفعلون» «النمل 88».