الصمت، الحياد هما أداته للتوان ومجارة التيار السائد، فدائما ما كان محتلا المركز الأول فى صف مجاراة الأقوى، الأمر الذى ظهر جليا إبان ثورتى 25 ينايرو30 يونيو، فكشفت مواقف حزب النورمن تلك الثورات، عما يخفيه فى جعبته من مصالح وأهداف شخصية. عندها ارتدى الحزب السلفي قناع الحياد، تجاه ثورة 30 يونيو، خافيا وراءه انتظار الرابح الأخير لمساندته ويكون بذلك هو الورقة الرابحة لمفاداة لفظه من الحياة السياسية أو اتخاذ موقف يضعه فى قائمة الأحزاب المحظورة، ولم يكن هذا التلون بالغريب عن التيار السلفى. ففى ثورة 25 يناير خرجت منشورات مشايخ السلفية إبان الثورة تُكفر الخروج على الحاكم, وترفض المظاهرات ضده وسط اتهامات وجهت لهم بأنهم كانوا عملاء لجهاز أمن الدولة, ولكن سرعان ما نجحت الثورة وظهروا على الساحة السياسية, وكأنهم قادة الثورة, حيث قاموا بترديد نغمة الدفاع عن الشريعة الإسلامية, وتطبيق شرع الله وذلك من خلال التأكد على هوية المادة الثانية, وتصوير الأمر للرأى العام أن القوى المدنية تسعى لعلمانية الدولة, وترفض تطبيق الشريعة الإسلامية. ولكن مع بوادر ثورة 30 يونيو وانطلاق الدعوات من كافة الأحزاب والقوى السياسية للحشد ونزول المواطنين آثر النور الالتزام بالصمت تجاه تلك التظاهرت والدعوات حيث أعلن الدكتور يونس مخيون، رئيس الحزب ،عدم مشاركة الحزب فى تظاهرات30 يونيو والاعتصام الذى دعت إليه حركة تمرد وكذلك تظاهرات 28 يونيو التى دعا إليها بعض القوى الإسلامية، مبرراً ذلك بتفادى مخاطر التصعيد الذي لن يستطيع أحد التحكم فيه أو حدوث صدام يؤدى إلى سقوط البلاد ومؤسستها، كما نفى مشاركة الحزب في مليونية "لا للعنف" التي أقيمت آنذاك من قبل أنصار الجماعة أمام مسجد رابعة العدوية، وذلك على خلاف مشاركة الحزب فى مليونية نبذ العنف الأولى بميدان النهضة. وعلى الرغم من هذا الموقف إلا أن الحزب وقياداته قرر الانضمام إلى جبهة الإنقاذ قبل 30 يونيو في محاولة منهم للحصول على جزء من شعبية الإخوان التي يفتقدوها، ومن المواقف التى لن يغفرها التاريخ إلى حزب النور هو سفر الحزب قبل 30 يونيو إلى أمريكا لتقديم أنفسهم بديلا لجماعة الإخوان. وجاء تأييد النور لثورة 30 يونيو فى مؤخرة الأحزاب الداعمة والمؤيدة للثورة فى هذا الوقت ،حيث ظهر تأييد الحزب عقب خروج الملايين للشوارع للمطالبة بانتخابات رئاسية مبكرة, بينما كان ظهور ممثل الحزب , فى الجلسة التى عقدها الرئيس عبد الفتاح السيسي، يوم 3 يوليو الخاصة بعزل مرسى وإعلان خارطة الطريق بشأن المرحلة الانتقالية، تأكيدا على سعي حزب النور لتحقيق أهدافه الشخصية ومصالحه فقط . حيث أكد ممثل الحزب المهندس جلال المرة، وقتها أن مساندتهم لخارطة الطريق كانت من أجل حماية مصر من الحرب الأهلية, وذلك فى الوقت الذى اتفق النور فى جلسة السيسى على عدم حل مجلس الشورى ليكون الغرفة التشريعة، بالإضافة إلى الإبقاء على مواد الشريعة الإسلامية فى الدستور وعدم التعرض لها, والسعى نحو إلغاء المادة المفسرة الخاصة بالشريعة الإسلامية. وعلى النقيض رفض الحزب السلفي فض اعتصام رابعة العدوية والنهضة، معتبرا أن المخرج الوحيد من هذه الأزمة هو المفاوضات بين الجانين وإيجاد حل سياسي. وعن دور الحزب بلجنة الخمسين ومواقفه من تعديل الدستور رفض النور من خلال ممثليه بلجنة الخمسين المساس بأي من المواد المرتبطة بالشريعة الإسلامية، حيث انسحب باسم الزرقا ممثل الحزب داخل اللجنة آنذاك، بسبب موافقة أعضاء اللجنة على حذف المادة 219 من الدستور، ولكن بعدها طالب الحزب باستبدال ممثلي الحزب باللجنة وهوالأمر الذى دفع بالرئيس المؤقت عدلى منصور فى هذا الوقت بإصدار قرار بالاستبدال، كما وصف النور أن انسحاب الزرقا لايعنى انسحاب الحزب وأن قراره بالعودة جاء ل "استشعاره بالمسئولية ودفاعا عن مكتسبات ثورة يناير". واصفا تشكيل اللجنة بأنه "غاية في السوء ويعبر عن سيطرة الفصيل اليساري القومي على اللجنة مع إقصاء متعمد وواضح للتيار الإسلامي". وفى هذا فى إطار انطلقت بعض الفتوى من شيوخ السلفية وعلى رأسهم الحوينى الذى أفتى بضروروة مقاطعة الانتخابات الأمر الذى أربك قيادات الحزب لكثرة محبية من الشباب، ولكن الحزب قرر المشاركة فى التصويت ودعوة الجماهير للتصويت ب"نعم"على التعديلات الدستورية. ومع استمرار استحقاقات خارطة الطريق، وقرب الانتخابات الرئاسية، كان موقف حزب النور ودعمه للمشيرعبد الفتاح السيسي فى السباق الرئاسي مفاجئا لكافة القوى الإسلامية، وظهر هذا الدعم والمساندة جلياً من خلال الدعايا التى أطلقها الحزب خلال المارثون الانتخابى. ومع اقتراب الانتخابات البرلمانية يبدو مستقبل النور غير واضحا، عقب إعلانه المنافسة على المقاعد الفردية، رافضاً لوجود نساء غير محجبات على قوائمه الانتخابية، بالإضافة إلي أن الحزب لم يعلن انضمامه حتى الآن إلى تحالف انتخابى فى انتظار البحث عن تحالف يتناسب مع رؤى الحزب واتجاهاته، فيما أعلن حزب النور عدم مشاركتة فى احتفالات 30 يونيو القادم . وهذه المواقف لم تكن غريبة عن حزب النور لأنه كثيراً ما ضبط متلبساً بمواقف "سرية" تتناقض مع مواقفه العلنية، مما أدى في وقت سابق إلى انشقاقات داخلية واستقالات جماعية وصلت لنحو 150 من قادته وأعضائه الفاعلين.