بدأت رياح المعارك البرلمانية تلوح في الأفق علي إثر إقرار قانون مباشرة الحقوق السياسية وقانون الانتخابات البرلمانية، حيث تشهد الأوساط السياسية بوادر نشأة بعض التحالفات والتكتلات السياسية مبكراً، خاصة بعد أن نص القانون علي أن الانتخاب سيكون بالنظام الفردى بنسبة 80٪ ونظام القائمة يصل إلي نسبة 20٪ فقط.. ولا شك أن ذلك النظام سيصعب من فكرة وجود أغلبية لحزب ما، لذا فالسؤال الذي يشغل بال الكثيرين هو كيف يمكن أن يكون هناك حزب حاكم يشكل الحكومة؟ وما هو موقع الأحزاب السياسية في البرلمان القادم؟ في البداية يجب أن نشير إلى أن قانون الانتخابات البرلمانية المعدل قد يعد بمثابة حكم بالإعدام علي الأحزاب السياسية، خاصة أن عدد المقاعد التي خصصها القانون لنظام القائمة لا يفيد الأحزاب بشىء علي الإطلاق، فنظام القائمة من شأنه إقرار الحياة الحزبية وتشجيع الأحزاب، ولم يعد هذا قائمًا الآن. وفي معرض قراءته للمشهد الراهن يقول الكاتب نبيل زكى -أمين الشئون السياسية بحزب التجمع- لن يستطيع حزب بمفرده الحصول على أغلبية في البرلمان القادم، ولكن المأمول أن يتشكل تحالف قوي انتخابى يضم الأحزاب الكبيرة والرئيسية من أجل الحصول علي أغلبية المقاعد وتشكيل الحكومة.. والمطلوب من الأحزاب أن ترقى إلي مستوي المسئولية وألا يفكر حزب بمفرده أو يعتقد بأنه قادر علي صنع المعجزات وحده، خاصة أن برامج الأحزاب الليبرالية واليسارية متقاربة خاصة تلك التي أيدت ترشيح السيسي وناصرت الدولة المدنية الحديثة.. لقد جاء الوقت لكي توحد جهودها وتشكل جبهة وطنية أو تحالفاً قوياً لكي تتم استحقاقات المرحلة الانتقالية بنجاح، خاصة أن نجاح الرئيس الجديد يتوقف علي البرلمان القادم نظراً لأن هذا البرلمان يتمتع بسلطات كبيرة. ما أشبه اليوم بالأمس يقول فاروق العشرى، عضو المكتب السياسي وأمين التثقيف بالحزب الناصرى، إن الدورة القادمة للمجلس النيابى الذي سوف يجري انتخابه خلال أشهر معدودة، لن توجد في خريطته حزب يشكل أغلبية داخل المجلس، حيث لن يستطيع أي من الأحزاب القائمة أن يحوز علي الأغلبية ككتلة في تشكيل المجلس، أو في تشكيل الوزارة بالحكومة نفسها.. إذ إنه من الواضح الضعف الحالى للأحزاب القائمة لعدم تمكينها منذ نشأتها من المشاركة الحقيقية في صنع القرار أو المشاركة الوطنية العميقة في جميع شئون المجتمع منذ عهد الرئيس «مبارك» ثم «مرسى» حيث لم يكن من بين أحزاب المعارضة من حصل علي الأغلبية في المجلس النيابي، وبالتالى لم تكن هناك إمكانية لتكليفه بالوزارة. ويرى «العشرى» أن هناك صعوبة في تشكيل ائتلاف بين كتل أو ممثلى الأحزاب في المجلس، حيث إن نفس الأحزاب المعارضة لم تعتد الجلوس معاً لتشكيل جبهة وطنية يتضامن فيها الكل حول مصلحة الوطن بعيداً عن الأيديولوجيات التي تحكم كل حزب.. حيث لم ينجح من قبل التكتل الوطني عندما سمحنا للإخوان بالجلوس مع حزب عريق كالوفد علي أمل التنسيق معاً، وتكوين كتلة أو قائمة لكن خروج حزب «التجمع» من هذا التكتل وكذلك الإخوان لاختلاف وجهات النظر ولم ينجح هذا الائتلاف.. ويشير «العشرى» إلي أن نفس الوضع مازال قائماً، المسألة إذن تحتاج إلي تعميق وتوسيع قاعدة كل حزب علي حدة علي مستوي القري والمحافظات، وتوسيع الانتشار الجماهيرى حتي تكون عضوية الأحزاب بالمليون بما أن تعداد الشعب يصل إلي 90 مليون، فليس من المعقول أن تصل العضوية بالأحزاب إلي بضعة آلاف. باختصار.. يري «العشرى» أنه يجب علي جميع الأحزاب استغلال هذه الدورة لعمل حزبي ناضج يتغلغل ويتجمع فيه الجماهير التي خرجت في 25 يناير و30 يونية. كما يجب علي الأحزاب القيام بتدريب كوادرها مبكراً مع التغلغل في المحليات حتي تأخذ خبرتها الأولى من المجالس المحلية ثم يأتي منها مرشحون علي قدر عال من الكفاءة، وبدون هذا ستظل الأحزاب علي الهامش. تعددية حزبية يقول حسين عبدالرازق، عضو مجلس رئاسة حزب التجمع، إنه لا يوجد حزب الآن في مصر مهيمن أو يمكنه الحصول علي أغلبية، فقد انتهت فكرة الحزب المسيطر -كالحزب الوطنى- إلى غير رجعة، ولابد أن يدرك المواطنون أنه لن يكون هناك في الفترة القادمة حزب مسيطر يحتكر الأغلبية ولكن سيكون هناك تعددية حزبية حقيقية وبالتالى سنشهد ائتلافات تشكل أغلبية داخل البرلمان ونحن الآن نشهد بدايات لذلك، حيث بدأت بالفعل بعض الأحزاب الليبرالية في القيام بائتلاف يخوض الانتخابات علي أمل الحصول علي أغلبية في البرلمان، ونظراً لأنه لا يوجد حزب أغلبية، فلابد أن الحكومة ستكون ائتلافية مكونة من أكثر من حزب، وهذا هو النظام المعمول به في دول العالم الحديث. أما المستشار كمال الإسلامبولى، رئيس المجلس الوطني المصرى وعضو مجلس أمناء التيار الشعبى، فيتصدى للأمر قائلاً: إن الأحزاب في مصر مازالت منفصلة عن الشارع المصرى، فقد اعتادت علي أن يكون دورها مجرد ديكور منذ عهد الأنظمة الاستبدادية، لذا ينبغي عليهم التحرك الآن وأن يكون لهم برامج حقيقية واتصال حقيقي بالجماهير، فلو تحرك فقط 5 ملايين مثل من الناخبين لن يأخذ أي حزب الأغلبية لكن قد يأخذ الأكثرية، ولا يعني النظام الفردي أن المرشح لن يكون حزبياً، بل قد يحصد أيضاً الحزب العديد من المقاعد الفردية.. لكن قد تحصل الأحزاب علي الأكثرية داخل البرلمان ولن نجد حزباً واحداً يحصل علي الأغلبية. ولا شك أن المرشحين في النظام الفردى الذين لا ينتمون لأي حزب سيكون عددهم أكبر من هؤلاء الذين ينتمون للأحزاب حيث إنهم سيمثلون الأكثرية العددية.. ونظراً لأن الرئيس نفسه لا ينتمي لأي حزب، فسيمثل هذا فرصة عظيمة للأحزاب أن تتنفس وتحصل علي مقاعد عديدة بالبرلمان.