أكد الدكتور «كمال حبيب»، الباحث المتخصص في الحركات الإسلامية، أن العنف خصم من رصيد الحركة الإسلامية ولم يضف إليها أو يحقق أهدافها لأنها دائماً ما تخسر في مواجهة الدولة لأنها لا تستطيع إسقاطها، ولكنها لا تتواضع ولا تعرف حجم قدراتها الحقيقية، ولهذا يغيب عنها رؤية الواقع الذي تعيش فيه، وأوصلت الصراع السياسي إلي شكل من أشكال الفتنة المظلمة. وقال «حبيب» في حوار إلي «الوفد» إن جماعة الإخوان أصبحت منفتحة علي أفكار السلفية الجهادية لأنهم اتجهوا إلي جماعات العنف مثل «حازمون والجماعة الإسلامية والجهاد الإسلامي»، وتعاملوا مع السياسة كتعاملهم مع التجارة لأنهم تربوا في أروقة التنظيمات السرية المظلمة، وليست لديهم قامة يلتفون حولها مثل «حسن الهضيبى» تتخذ القرار وتلتزم به الجماعة، ولهذا من الصعب عليهم إصدار وثيقة فكرية في ثقل «دعاة لا قضاة» حتي يغلقوا باب العنف المؤدى إلي الفتن. ما قراءتك للحركة الإسلامية في مصر؟ - الحركة الإسلامية لا تعرف حجم قدراتها الحقيقية، وليست لديها سمة التواضع، ولا تقدر الأمور حق قدرها، ودائماً تعلي فكرة الصخب واللغة الخطابية ذات الطابع الشعرى العاطفى الذي يقوم علي فكرة الإجلاب وكأنهم يستعدون لمعركة قادمة، ويغيب عنها الحسابات الحقيقية للواقع. أكبر فصيل وماذا عن جماعة الإخوان؟ - جماعة الإخوان أكبر فصيل في الحركة الإسلامية ومن كثرة ما كتب عنها ومن كثرة ما قدم تنظيم الجماعة نفسه باعتباره قوة كبيرة ضخمة أصبح المجتمع يحسب لهم حساباً أكبر من حجمهم، وظهر هذا عند اختبارهم علي أرض الواقع. كيف ظهر تنظيم الإخوان علي أرض الواقع؟ - ظهرت فجوة إدراكية ضخمة بين التنظيم وبين ما قدموه فعلياً من حيث عدم وجود كفاءات أو مشروع أو حتي رؤية سياسية لأن التنظيم استبطن رؤية عقائدية وخطاباً عقائدياً يختلف عن الخطاب الذي كان يوجهه إلي المجتمع، حيث انتقل إلي فكرة الخطاب اللغوى الذي يعتمد علي الدعوة والفصاحة وكأننا نستورد من العرب القدماء الذين يعيشون في قبيلة صغيرة ثم يصورون بلغتهم الشعرية أن قبيلتهم هي العالم عبر صفة الفخامة والألفاظ التي لا تعبر عن قوة حقيقية علي أرض الواقع، وهذا الخطاب في مجتمع حساس يصبح خطاباً مخيفاً، فأصبح الخطاب الإسلامي غير مطمئن للفئات التي كانت تخشي وصول الإسلاميين إلي السلطة، أو صعودهم كظاهرة مثل المرأة والأقباط. الجدال والاختلاف تقصد خلط الدين بالسياسة؟ - هذا ما يقوله العلمانيون، ونقول التمييز بين ما هو عقائدى وما هو سياسي، والعقيدة مصدرها السماء والسياسة اجتهادية مصدرها الأرض، والإخوان خلطوا بين السياسة والعقيدة، وانتهى الأمر إلي الجدال والاختلاف، ومن يختلف معهم يتهمونه بالكفر لأنه اختلاف مع العقيدة من وجهة نظرهم، والسياسة قائمة علي قبول الآخر والتنافس والبرامج العلمية والاستخلاف ولا تقوم علي الوعظ الدينى. وماذا حصدت الحركة الإسلامية؟ - الحركة الإسلامية تعرضت لمحنة شديدة جداً، مع وصولها إلي السلطة لأنها حركة دعوة وهداية وإصلاح المجتمع وتقوم علي مواطن التصالح والتجميع والتوفيق والعطاء، ولكنهم جعلوا الحركة الإسلامية طرفاً في صراع سياسي علي السلطة، ودخلوا في منزع دنيوى، وتبدل الصراع مع الأنظمة إلي صراع مع المجتمع لأنه اعتاد أن يري الحركة الإسلامية تقف هذا الموقف فأصبح جزءاً من صراع سياسي، وفيه يدخل منطق الصراع والغلبة والدنيا، وليس المنطق القائم علي فكرة التقوى والرحمة والتآلف والتزكية والتنازل، والحركة الإسلامية عندما تواجه الدولة تخسر لأنها لن تستطيع إسقاطها، وهذا الصراع تكرر مرات عديدة ولم تكتسب الحركة الإسلامية الخبرات. الفتنة المظلمة ما الخبرات التي كان عليهم اكتسابها؟ - إذا اكتسبوا الخبرات، كانوا سيعلنون خروجهم من الصراع السياسي الذي وصل إلي شكل من أشكال الفتنة المظلمة، وأمامنا شباب يقتل تحت ستار وجود ثورة إسلامية جديدة ولا يوجد شيء اسمه ثورة إسلامية، بل يوجد ثورة شعب، وعليهم الدخول في السياسة بالانسياب اللطيف والرفق الذي لا يخيف الناس منهم. كيف تري الخلاف علي الهوية المصرية بين الحركة الإسلامية وباقي القوي المدنية؟ - أولاً: الدولة المصرية حديثة بدأت مع دستور 23 وقبل هذا التاريخ كانت تتبع عالماً أوسع وهو الأمة الإسلامية والخلافة العثمانية، لذلك كلمات الحرية والوطن والقومية كلمات جديدة في المصطلح السياسي، ثم بدأت فكرة المصري تطرح علي الخطاب السياسي، وكان البعض يراه متعارضاً مع الإسلام والعالم العربى، ولكن انتهي الجدال إلي أن «المصرية» و«العروبة» والإسلام كلها دوائر انتماء متداخلة ومتقاطعة ولا تعارض معها، لكن الصراع يأتي مع رؤى عاطفية، وعندما قال «سيد قطب» إن جنسية المسلم عقيدته، بعضهم اعتقد أن هذا يتجاوز فكرة الوطن ورأوا أن المصرية نفي للإسلام، وأن المصرية قبل مجىء العرب، مع أنه لا يوجد تناقض ويجب ألا تستغرقنا صراعات الهويات لأنها تشتت القوي وتبددها ونحن مصريون وعرب مسلمون. بعد عنف الإخوان.. هل خرجت جماعة الإخوان من المشهد السياسي؟ - نعم.. وما حدث سيؤثر علي جماعة الإخوان لوقت طويل، وقد يؤثر عليهم في المستقبل لأن لحظة حساب التجربة ربما تأتي بعد قليل، وحينها ربما نجد شكلاً مختلفاً لجماعة الإخوان، وهل تسير في خطها المحافظ أم يخرج جيل إصلاحي جديد يطرح رؤية مختلفة تغير من الأفكار والرؤى وتعيد اندماج الجماعة في المجتمع. لكن العنف لا يدع لهم مجالاً للتفكير والتراجع؟ - بالطبع.. وأهم نقطة يجب على الإخوان حسمها هو موقفهم من العنف، كما حسموا فكرة التكفير في الستينيات، والشيخ «علي إسماعيل» من الإخوان وكان رجلاً أزهرياً، واقتنع بفكرة التكفير وأسسها وجاء «شكرى مصطفى» وبني عليها، ولكن مع النقاش مع «علي إسماعيل» وبحكم خلفيته الأزهرية، خلع الرجل عمامته وقال: «أخلع الفكر التكفيري كما أخلع عمامتى هذه»، ولكن عندما تأثر شباب الإخوان بفكر «سيد قطب» و«أبو الأعلى المودودى» صدر كتاب المستشار «حسن الهضيبى» (دعاة لا قضاة)، أي أنهم يدعون الناس للهداية ولا يستلبون حق القاضى ولا يحكمون علي الإنسان بالكفر، ثم يذهبون إليه ويقتلونه، والآن يواجهون مشكلة العنف، ودخل شباب في دائرة العنف مثل «أجناد مصر» ولهذا يحتاجون إلي تأسيس موقف فكري جديد من العنف وإصدار وثيقة فكرية في ثقل وقيمة «دعاة لا قضاة» حتي يغلقوا هذا الباب. القائد الجديد هم في حاجة إلي موقف فكري جديد؟ - أكبر أزمات جماعة الإخوان الكبري أنها تفتقد المفكر وليس لديهم قامة مثل «الهضيبى» تستطيع أن تتخذ قراراً وتلزم به الجماعة، وليس لديهم اجتهاد مثل الذي تقدمه حركة «التوحيد والإصلاح» في المغرب الذي يقوم علي فكرة المقاصد ومصلحة الأمة ولكن فوجئنا بالإخوان يقدمون السلفية و«حازم أبو إسماعيل» وكأنه نموذج القائد الجديد. وما نوعية القيادة داخل جماعة الإخوان؟ - قادة الجماعة حركيون تربوا في أروقة التنظيمات السرية المظلمة مثل «خيرت الشاطر» و«محمود عزت» وهم تجار تعاملوا مع السياسة والوطن والأفكار كما لو كانت أشياء، وعند التعامل مع المعنى لابد أن تحدث الأخطاء الكبرى، لأن الأشياء يملكونها ويستطيعون توجيهها، لكن الأفكار هي التحدي الرئيسى، ومعظم الفاعلين في الإخوان كانوا برجماتيين ظنوا أنهم كما يتعاملون مع التجارة سيتعاملون مع قضايا السياسة والاجتماع. إذن فكرة المصالحة أصبحت مستحيلة لأنها بين الأفكار والأشياء؟ - ليست مستحيلة ومهما قيل في النهاية لن يصح إلا الصحيح، ومهما كان هناك صراع لابد أن ينتهي بالجلوس علي مائدة التفاوض، والجيش الجمهورى الأيرلندى حارب بريطانيا سنوات وفي النهاية تفاوض وأصبح حزباً سياسياً، ومصر لا تتحمل انفتاح جماعة ضخمة مثل الإخوان علي العنف(!!). لكن ألمانيا لم تتصالح وطبقت القانون؟ - النازية قصة أخري وكانت أيديولوجية ضد التاريخ والإنسانية، وأقاموا المذابح واعتنقوا فكرة العرق النقى، وأنا ضد الخطاب المتصدر المشهد والقائم علي فكرة رفض المصالحة وإقصاء الآخر لأننا في لحظة تاريخية صعبة، مصر لم تطبق العلمانية المتطرفة أو الاستئصالية مثل علمانية تركيا، والدين الرسمي لمصر هو الإسلام منذ دستور (23)، وجماعة الإخوان موجودة، ولدينا مسئولية أخلاقية تجاه شبابها وفقاً لمعايير السياسة، وإذا ضيقنا علي هؤلاء الشباب ووضعنا ظهورهم في الحائط معناه أننا ندفعهم إلي العنف، ولكننا نريدهم أن يتركوا العنف. تقسيم المجتمع وماذا عن الأفكار التي يعتنقونها بأن الإخواني لا يتزوج إلا إخوانية؟ - نريد أن نفكك هذه الأفكار بدولة ديمقراطية تسع جميع أبنائها بقواعد قانونية واضحة لفكرة تداول السلطة والرقابة، ودور البرلمان، وعلاقة الجيش بالمؤسسات المدنية وأسس ديمقراطية سليمة بوجود طبقة وسطى مستعدة لأن تدفع ثمن الديمقراطية، وحينها لن نجد أفكاراً مثل تقسيم المجتمع وتكريس الإقصاء. ما المطلوب من جماعة الإخوان ليتقبلها المجتمع وتندمج في الحياة بشكل كامل؟ - علي أعضاء الجماعة ترتيب أوضاعها وفق الدستور والقانون، ولا تترك كما كانت، وتعمل علي الدعوة ويكون لها حزب سياسي له برامج سياسية واقتصادية واجتماعية، ولا يقولون للمجتمع إن «الإسلام هو الحل» بل يقدمون حلولاً مدنية ومطعمة بالمرجعية الإسلامية، أي يكون الإسلام إطاراً للحل، ولا ننسي أن هذه الجماعة أعطيت فرصة لحكم مصر، وأري أن المصالحة قادمة وربما لو جاء «السيسي» يقوم بمصالحة مع الإخوان(!!) علي صيغة دستور الدولة المصرية، وما تم في 30 يونية كان ثورة شعبية. كيف وبعض أفكار جماعة الإخوان أصبحت منفتحة علي أفكار السلفية الجهادية؟ - بالفعل جماعة الإخوان أصبحت منفتحة علي أفكار السلفية الجهادية، وهذا خطر، والشباب الذي اتجه إلي العنف بعد أن أغلقت جماعة الإخوان رئتها المدنية التى كانوا يطلون بها علي المجتمع وكانت كارثة كبري علي الإخوان غلق هذه الرئة، لأنهم تحالفوا مع الوفد في انتخابات 1984 و«فؤاد سراج الدين» عمل هذا التحالف التاريخي، وأيضاً تحالف الإخوان مع حزب العمل في الانتخابات التالية. وهذه التحالفات كانت رئة للإخوان نحو المجتمع المدنى، ولكن الإخوان بعد وصولهم إلي السلطة قطعوا الحبل السرى مع الرئة المدنية، واتجهوا إلي رئة جماعة العنف مع أنهم كانوا في أشد الاحتياج إلى رؤية أوسع تلم الشمل ولا تفرق، تصل للتوافق، ولا تكرس الانقسام ولكنهم استخدموا رئة العنف في «حازمون» والجماعة الإسلامية، والجهاد الإسلامي. مزيد من الانقسامات لكن جماعة الإخوان بإصرارها علي موقفها تنتحر؟ - نعم وهذا خطأ ولا نريد أن ندفعها إلي الانتحار والشباب المتواجدون فى «داعش» والسلفية الجهادية انتحاريون دون جدوى، والجماعة الإسلامية بها قوة وتريد أن تدمر نفسها، ولابد أن تصلح من وجهتها وتنظم أوضاعها حتي لا تكون طائفة داخل المجتمع، ولنتذكر كيف تحول الخلاف السياسي بين «علي بن أبي طالب» وبين «معاوية بن أبي سفيان» إلي درجة أنه أسس طائفة الشيعة، ولهذا لا نريد المزيد من الانقسامات. لماذا ترفض الجماعة أي مراجعات فكرية؟ - مراجعات جماعة الإخوان قادمة لا محالة، وهم عملوا مراجعات داخلية، ولكن لا نعرف هل كانت مراجعات حقيقية أم لا؟ لأنها كانت مراجعات لأفكار الجماعة نحو المرأة والأقباط والديمقراطية. هل هي غير حقيقية؟ - فعلاً كانت مراجعات غير حقيقية، ولهذا تحتاج الجماعة إلي مراجعات جديدة، لأن تجربة الإخوان الحالية في أشد الاحتياج إلي التوقف والتفكير والمراجعة، ولكنها لم تتم الآن، ربما بعد أن تذهب السكرة وتأتي الفكرة حينها ستكون المراجعات تطورت نحو صيغة أكثر انفتاحاً علي المجتمع وأكثر صدقًا بعد التجارب التي مروا بها لترتيب أوضاع الجماعة من جديد. هذه الأزمة هل تختلف عن الأزمات السابقة لجماعة الإخوان؟ - الأزمات السابقة لجماعة الإخوان كانت مع نظم سياسية، ولكن الأزمة الحالية مع المجتمع بالكامل، وجماعة الإخوان لم تتعرض إلي النقد والتشريح بهذا الشكل طوال تاريخها، كما يحدث في هذه الفترة لأن صراع الناس مع من كان يتحدث معهم بلسان ثم فوجئوا بأشياء أخرى عند التنفيذ، ففقدوا الثقة بجماعة الإخوان، وهذه تحديات أخري أمام الجماعة إذا أرادت أن تعود لتندمج في المجتمع. ما أزمة الإسلام السياسي؟ - في السابق الإسلاميون قالوا نعم للنهضة، والإسلام فيه جواب وشفاء لأمراض هذه الأمة، ثم بعد ذلك قالوا «الإسلام هو الحل»، والإمام «محمد عبده» دخل في صراعات كبيرة مع مستشرفين حول صلاحية الإسلام لكي يكون ديناً لكل زمان ومكان، وفي الحقيقة الإسلام مرجعية للحل، لكن الحل في برامج متعلقة بحل المشاكل الاقتصادية والاجتماعية. أسئلة العصر الإسلام منتهي المدنية عندما يقول «اسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون»؟ - نعم وأقصد هذا عندما قلت جواب النهضة وقبل الحملة الفرنسية كان يوجد مجتمع وحضارة وجيش وطبقة وسطى، والدكتورة «نيللى حنا» أستاذة في الجامعة الأمريكية قدمت دراسات عن تلك الفترة، وإذا كان يوجد تطور لمجتمع كان يمكن أن يعتمد علي قوته وقدرته الذاتية لكي يتطور، وكان يوجد اجتهاد حول مفهوم الإسلام الحضارى، وليس الإسلام النص العقدي وبالتالى المجتمع كان قادراً علي التطوير من خلال قدرة الشريعة في الإجابة عن أسئلة العصر. كيف تري فكرة التأثر مع الدولة؟ - المفترض وجود شكل من أشكال العدالة الانتقالية, ومنذ 25 يناير وحتي الآن قتل أفراد في عهد المجلس العسكرى الأول ثم عهد «محمد مرسى» وفي الفترة الانتقالية، وهذا يتطلب لجنة تقصى حقائق تصل إلى حلول شافية مرضية لمن ظلم من كل الأطراف، ونبدأ في تأسيس المستقبل، والدولة تنشئ صندوق «ديات» لهؤلاء القتلى. هذا القتل لن يتوقف إلا إذا تحولت الحركة الإسلامية من المواجهة إلي المراجعة؟ - أول شيء بأن تأخذ العبرة من التاريخ لأن العنف يخصم من رصيد الحركة الإسلامية ولا يضيف لها، ولا يحقق أهدافها، ولهذا لابد من وجود رؤية سياسية، ولكن الحركة الإسلامية دون مراكز دراسات ولا أبحاث تعمل علي فكرة الإسلام والإنسان أي تحرر الإنسان، كما أن الإسلام يحض علي تحرره من الرق والعبودية، فعلى الحركات الإسلامية أن تحرره من سطوة التنظيمات المعاصرة والتي تختزل قدرة الإنسان علي الفعل ليصبح مجرد ترس في آلة التنظيم، وعظمة الإسلام أن الإنسان مسئول عن فعله، وأن التنظيم لن يجيب له أمام الله، وعليه أن يتخذ قراره بعيداً عن سطوة التنظيم. تقديس الإنسان هذا ينسف فكرة السمع والطاعة. - نعم.. وما قصدته السمع والطاعة لأن الإسلام واضح وصريح في الفصل بين اللاهوت والناسوت، أي أن الله له حق يعطيه الإنسان له حتي لا يقع في الحلولية بتقديس الإنسان الموجود في قيادة التنظيمات، كما يحدث في بعض الحركات السلفية الذين يقدسون مشايخهم. وأين فكرة تحرر النص من سطوة العقل؟ - السلفية قائمة علي فكرة تحرير النص من سطوة العقل، وفي النهاية السلفية تعطي النص إلي شيخ حلت فيه القداسة ويتبعون ما يقوله، وهذه فكرة فلسفية مهمة جداً وهي تحرير الإنسان المسلم من أي قوة تختزل أو تمتهن إنسانية فتقوم المقام بدلاً منه، والمسئولية في الإسلام فردية، ولابد من تحريره من سطوة أي قوة سواء فرد أو جماعة أو تنظيم. هل سيستمر العنف حتى بعد مجىء الرئيس؟ - طبعاً سيستمر العنف لأننا نعيش في بيئة إقليمية تستدعي العنف، ولهذا لن ينتهي سريعاً وعلي قدر ما تستطيع الدولة المصرية أن تضمد جراحها وتقف علي قدميها وتكمل مؤسساتها وتكون منحازة لأهداف الثورة، بقدر ما سيقل هذا العنف وينتهي. من هي الجماعات الإرهابية المتواجدة في سيناء؟ - نحن نعيش في سياق إقليمي ملتهب، دول سقطت ولم تبن بعد، وحروب داخلية في سوريا، وليبيا منهارة، ومالى كان بها «الأزواد» و«الطوارق» والقاعدة تسيطر علي شمالها، وكل هذا انهار وتفكك بعد التدخل الفرنسى في مالي، وهذا السيناريو تُصعد معه القاعدة أفكارها التي هي أفكار السلفية الجهادية.. وطبعاً وجود «غزة» في الجوار والأنفاق وعدم وجود رقابة عليها في الداخل والخارج زاد البؤر الإرهابية في سيناء مع التهميش والتمرد علي سلطة الدولة، ولكن هذه الجماعات ليس لها مستقبل لأنها دون تنظيمات كبيرة ودون أيديولوجية، بل هي مجموعات صغيرة تتكون من بعض الشباب الغاضب المحبط، ويعيدون ما جري في التسعينيات حين هاجموا محل ذهب يملكه مسيحي يدعي «إسكندر» في محافظة كفر الشيخ واستولوا علي الذهب، ثم هاجموا مكتب بريد كفر الشيخ وسرقوا 1.5 مليون جنيه، وهذا عنف ضعيف لأنهم شباب دون خطة ولا استراتيجية ولا يمثلون أي تحد في المستقبل وبمجرد استقرار الدولة سينتهي كل هذا الإرهاب في سيناء وسيتم القضاء علي هذه الجماعات ولن يكون لها أي تهديد فعلي علي الأمن القومى المصرى.
بطاقة شخصية صحفى وسياسى. متخصص في شئون الحركات الإسلامية. ليسانس آداب 1992. قاد مراجعات داخل الجماعات الإسلامية في الثمانينيات. ماجستير في العلوم السياسية جامعة القاهرة. درجة الدكتوراة 2006 جامعة القاهرة. له العديد من الدراسات عن: - حزب الرفاة الإسلامى 1983 - 1997. - الأقليات والممارسات السياسية في الخبرة الإسلامية. - حالة الدولة العثمانية 1985. مؤلفاته: - الحركة الإسلامية من المواجهة إلي المراجعة. - تحولات الحركة الإسلامية والاستراتيجية الأمريكية. - الإسلام في آسيا الوسطى والبلقان. - الدين والدولة في تركيا. - صراع الإسلام والعلمانية.