لا أعرف ما هي الظروف والملابسات «الضاغطة» إلي هذا الحد الذي تراجعت معه سلطات مصر «الرسمية» عن موقف سلطاتها «الأمنية» مما رفضته هذه السلطات من دخول مصر من الأجهزة اللاسلكي بصحبة «فيلق» المراقبين التابعين للاتحاد الأوروبي لمراقبة الانتخابات الرئاسية التي تزمع مصر اجراءها في الأسبوع القادم!، وقد تبين لي مما قرأت أن الاتحاد الأوروبي قد مارس «ضغطاً» علي سلطات مصر الرسمية بمعرفة مكتب المفوضة الأوروبية للشئون السياسية والأمنية كاترين آشتون الزائرة الدائمة لمصر!، إذ أعلن المكتب عن تراجع الاتحاد عن المشاركة في مراقبة الانتخابات المصرية، والسبب عدم موافقة مصر علي «الضمانات» التي طالب بها الاتحاد. لافتاً إلي الاكتفاء بالعدد المتواجد وقصر مهمته علي تقييم ما ستشهده من أحداث!، وكان الاتحاد الأوروبي قد رتب لمشاركة 150 عضواً في عملية الانتخابات بالمراقبة!، ثم دارت اتصالات واجتماعات بين المسئولين في لجنة الانتخابات الرئاسية وممثلي الاتحاد الأوروبي بالقاهرة، وذلك بعد ساعات من قرار الاتحاد بالتراجع عن مراقبة الانتخابات المصرية!، في حين نفت بعثة الاتحاد في القاهرة إلغاء مهمتها لتذكر أن مسمي البعثة قد تغير من فريق «متابعة» إلي فريق «تقييم للانتخابات». بينما رجحت مصادر رفيعة المستوي لجريدة «الوفد» التوصل لاتفاق شامل علي إنهاء هذه «الأزمة» بين مصر والاتحاد!، وضمان اشراف البعثة علي الانتخابات في كافة المحافظات بالمهمات والمعدات التي تريدها! ويتضح من ذلك عندي أن مصر تجنح إلي «تنازلات كثيرة» بغية الحصول علي «القبول» الغربي عامة لما يجري في مصر من تطورات سياسية تتحول من الاتهام الغربي القديم بأن ما حدث في مصر في 30 يونية ليس أكثر من «انقلاب»!، وبذلت جهود دبلوماسية مصرية مضنية لكي تتلاشي هذه النظرة الغربية، وتحل محلها نظرة أكثر واقعية وتفهماً لكون أن ما جري في مصر ثورة شعبية حماها جيش مصر، ولتمضي مصر بعد ذلك بخطواتها المعروفة نحو اقامة نظام ديمقراطي، واجراء انتخابات رئاسية تعقبها انتخابات المجلس النيابي «البرلمان»، ولكنني أجد فيما جري بشأن ما يحمله الفيلق الأوروبي من المعدات والتجهيزات بعض مظاهر «الاستفزاز» من جانب الاتحاد الأوروبي للسلطات المصرية!، فهذه الزيارة- بمناسبة الانتخابات الرئاسية المصرية- لبعثة مراقبين من الاتحاد الأوروبي لا ينبغي أن تكون معلقة علي شرط نزول السلطات الأمنية المصرية علي إرادة الاتحاد الأوروبي الذي رأي انه لابد من إذعان سلطات مصر «الرسمية» لتجهيزات ومعدات الاتصال اللاسلكي التي حملها فيلق «المراقبين»!، والتلويح بالعدول عن الزيارة والتقييم لمجريات الانتخابات عن بعد، ومع ذلك فإن هذه التجهيزات والمعدات إذا ما كانت ضرورية لعمل بعثة الاتحاد، فإن مصر- فيما أظن- يمكنها أن تقدم كافة المعاونات المطلوبة بمعرفة السلطات المصرية، ولا يجوز للمفوضة الأوروبية أو غيرها من فرق مراقبة الانتخابات الأجنبية التي دعوناها لمتابعة التجربة المصرية في انتخاباتها الرئاسية، ولا أظن أن هذه الفرق ستأتي بمعدات وأجهزة بهذه «الكثافة» التي تراها سلطات الأمن غير جائز قبولها تحت أي مسمي!، فالانتخابات الرئاسية المصرية ستجري في موعدها طبقاً للأصول التي تحقق نزاهتها اللائقة بدولة مصرية ذات سيادة!، ولن يضير هذه التجربة أن يتخلف عن متابعتها فريق أجنبي من هنا أو هناك!، ثم هل رأينا سلطات الأمن الأوروبية والأمريكية تتراجع عن قراراتها فيما يخص أفراداً يدخلونها من بلاد أجنبية ويحملون معدات خاصة بهم!، فلماذا تتراجع سلطاتنا «الرسمية» عما رأته سلطاتنا «الأمنية» فيما يمس السيادة المصرية!، ووجهة نظري ليست «عنترية» بقدر ما هي تتفق مع الأصول الدولية المرعية.