عزيزي الزوج أنت اليوم على موعد مع غسيل الصحون ، وإن كنت تعاني من حساسية البشرة لن تجد أمامك إلا الركوع على قدميك على طريق غير ممهدة في انتظار عفو زوجتك .. قبل أن تغضب من كلامي أحب أن أعلمك بأن الغضب ممنوع هنا، فنحن في أول مدينة للنساء فقط ، وشعارها " النساء لا يخطئن أبداً وعلى الرجال السمع والطاعة" . حتى لو امتنعت عن الزواج من بنات المحروسة وقررت اللجوء إلى العروس الصينية الموفرة والتي لا تخالف لك أمراً مهما كان، فلن تكون في مأمن من العقاب إن أغضبت زوجتك يوماً، فقد أعلنت الصين مؤخراً استعدادها لإنشاء أول مدينة للنساء فقط ، وتبلغ مساحتها 3ر2 كيلومتر مربع ، وتقع المدينة بقرية "لونجشويهو" الكائنة في منطقة "شوانج تشياو" . ففي هذه المدينة السيادة للنساء والكلمة العليا للمرأة ولا مكان لنكد الزوج أو تهديداته ، حتى وإن كانت مدة الأجازة التي يقضيانها هناك قصيرة.. إلا أن المدينة وقوانينها مجهزة لإسعاد حواء وفرض العقوبة على آدم بلا استثناء له إن لم يلتزم، فما على الرجال هناك إلا السماع والطاعة ، فشعار المدينة " النساء لايخطئن أبداً وعلى الجال السمع والطاعة". إجازة سعيدة " احجزوا لي مكان من دلوقت .. أكيد لما جوزي يغسل المواعين هيبطل نكد ويعتقني لوجه الله" .. هكذا قابلت مها ( 27 عاماً ) الخبر بكل بهجة وفرحة ، فهي ترى أن ولو إجازة قصيرة في تلك المدينة ستذيق زوجها من نفس كأس الذل الذي تتجرعه ما بين الحين والآخر، فهو لا يعرف أسلوباً للتفاهم – بحسب قولها - سوى الضرب من أجل فرض هيمنته وعدم الاعتراف برأيها وتعمد التقليل من شأنها خاصة أمام أهله . أما نرمين ( أم لطفلين) فهي تتوعد لزوجها قائلة: "أنا لازم أستفزه كل يوم عشان يزعلني وأسيبه بعدها في صحبة صحون المطاعم ، ما هو لازم يعرف قد إيه أنا بتعب وهو مبيقدرش وقد إيه طعم الظلم وحش، أنا مهما عملت فيه مش هرد له جزء من بهدلته ليا قدام العيال". وتضيف: احنا محتاجين المدينة دي هنا بقوانينها بس، مش عاوزين السيادة للمرأة بس عاوزين احترام متبادل، محتاجين قانون يجيب للزوجة حقها من غير انتظار ولف ودوران، بجد احنا محتاجين نقلة حضارية، مش بس مدينة تحسن من سلوك الأزواج. كيس جوافة "ليه هو أنا متجوزة كيس جوافة؟!! " بدهشة ورفض تام أعربت سها ( أم لثلاثة أولاد ومتزوجة منذ 20 عاماً ) رفضها التام لفكرة مدينة النساء فقط ، وتتابع : أرفض هذا النوع من العقاب ، أنا متزوجة من إنسان قد يخطئ وقد أقع أنا أيضاً في الخطأ ، أريد عندما يغضبني يصالحني ولا أريد إذلاله بالركوع أو غسل الصحون او أي وسيلة كانت ، فما بيننا هي المودة والرحمة ". شيماء أيضاً ( غير متزوجة) ترفض زيارة مدينة النساء، رغم اعترافها بأنها وسيلة جيدة لتأديب الأزواج الشاذين في معاملة زوجاتهم، وتقول : أريد من زوجي ألا يغضبني لأنه يحبني وليس لأنه خائف من العقاب فلابد وأن يكون رجلاً ناضجاً وليس تلميذاً. عجرفة مصرية " مش هيروح هناك غير المصريات والشرقيات، لأنهن الأكثر عجرفة وغروراً والأقل تقديراً لقيمة الرجل " هكذا بدأ خالد ( متزوج من أوروبية ) تعليقه على مدينة النساء . مضيفاً : الشرقيات عامة والمصريات خاصة متعجرفات بلا داعي رغم جمالهنّ وثقافتهن المتواضعة، إنهن لا يقدرن الرجل حق تقديره، فعندما أقارن زوجتي الأوروبية بزوجة أحد أصدقائي المصريات أقدر مدى معاناة الرجل الشرقي، أتذكر جملة رفاعة الطهطاوي عند عوته من الدراسة في فرنسا وقال " وجدت هناك إسلاما بلا مسلمين ووجدت هنا مسلمين بلا إسلام)، وهذا ما أجده مع زوجتي فلماذا لا أتزوج من أوروبية تقدر قيمتي وأكسب ثواب إدخالها في الإسلام ، فأكسب ديني ودنيتي . "دي مدينة بنت ( ... )" هذا أول وصف لأحمد ( مبرمج غير متزوج) لمدينة النساء وقال : هو انتوا مش عاوزين مساواة ؟ فين المساواة في المدينة دي؟! ولا الهدف إذلال الرجل وقمعه وخلاص ؟ طبعا أنا مش ممكن أوافق إن مراتي تقضي فيها فترة أجازة أبدا ولا هسافر معاها.. إذا كنتم عاوزين المساواة لازم تعملوا بيها انتم الأول ويبقى العقاب على الزوجين لمن يغضب التاني . أما أحمد المغربي فيؤكد أنه لن يترك مجالاً لزوجته لتفكر في زيارة مدينة النساء ولو بدافع السياحة والاستجمام . ويقول : إن الذكي هو الذي لا يغضب زوجته كي تمر الحياة، وعلى الرجال أن يعلموا أن عليهم إقناع المرأة بأنهم يطيعونها حتى وإن لم يكونوا يفعلوا ذلك كي تمر الحياة بسلام وكي يستمتعوا بحياتهم بعيداً عن النكد وإلا ستنقلب حياتهم إلى جحيم . مرفوضة ثقافياً يعتبر د. رفعت عبد الباسط ،أستاذ علم الاجتماع، مدينة النساء الصينية مدينة أفلاطون الفاضلة للمرأة، ويؤكد أن هذه المدينة ماهي فرقعة إعلامية من أجل جذب السياحة والاستثمار والأنظار إلى الدولة المعلنة عن المدينة، وأنها لا تناسب ثقافتنا الشرقية . ويوضح : قبل الانصياع وراء أي تجربة والترحيب بها لابد وأن تكون مناسبة ثقافياً لمجتمعنا، ، فالمجتمع الشرقي يتمتع بعادات وتقاليد وقيم مختلفة عن المجتمعات الأوربية والآسيوية، والصين نفسها تختلف عن ثقافتنا الشرقية. ومشيراً إلى أن الوقاية خير من العلاج ، والأهم من عقاب الرجل وإذلاله بطريقة لا تتماشى مع مجتمعنا الذكوري ، هو التركيز في التربية على إنشاء جيل سليم نفسياً لا يعترف بالتمييز على أساس الجنس، يقول : إن جميع مؤسسات التنشئة الاجتماعية تحرض الذكر من المهد إلى اللحد على التمييز ضد المرأة ، لذا على مؤسسة الأسرة الاهتمام بعدم ترسيخ ثقافة التمييز بين الولد وأخته خلال التربية ليغرس الأبوان دائماً مبدأ المساواة بين الأطفال ومبدأ الشورى في التربية أيضاً حتى لا ينشأ الولد ديكتاتور . وفي المؤسسة التعليمية كذلك يجب أن تهتم المناهج الدراسية بالعلاقات الأسرية والصحة الإنجابية، أما بخصوص المؤسسة الدينية سواء كانت المسجد أو الكنيسة عليها التأكيد دائماً على حسن العشرة بين الزوجين وضرورة حسن المعاملة . وفي النهاية ينصح د. عبد الباسط المقبلين على الزواج بضرورة التوافق الاجتماعي والثقافي والاقتصادي بين الطرفين وأسرتيهما ، مؤكداً أن عدم التوافق هو أول أسباب الخلافات الزوجية وأقواها ، وأول طريق الطلاق .