قد يبدو من حيث الشكل ألا صلّة البتّة بين انتخابات رئاسة حزب الوفد التي جرت في 25 أبريل الماضى وبين الانتخابات الرئاسية المزمع إجراؤها في 27-28 مايو الجارى بين المرشح الرئاسى المحتمل عبدالفتاح السيسي والمرشح الرئاسى المحتمل حمدين صباحى، باعتبار أن الأولى انتخابات حزبية، والثانية انتخابات رئاسية على أهم موقع للحكم في مصر بعد ثورة 30 يونية التي أطاحت بحكم الإخوان وعزل مرسى العام الماضى، ولكن المتأمل بدقة لطبائع الأشياء ولخريطة التفاعلات السياسية في مصر أخطر مراحلها في التاريخ المعاصر، يكتشف أن هناك نقاط تماس عديدة وقواسم مشتركة بين الانتخابات الأولي التي جرت داخل حزب الوفد أعرق وأقدم الأحزاب السياسية في الشرق الأوسط، وبين الانتخابات الثانية الرئاسية التي تنتظرها مصر والمنطقة والعالم علي أحر من الجمر لرسم خريطة المنطقة لسنوات وربما لعقود قادمة. أولاً: انتخابات رئاسة حزب الوفد جرى تقديمها من 15 مايو الجارى إلى 25 أبريل الماضى بعد تصويت الهيئة العليا للوفد بالموافقة علي قرار رئيس الحزب الدكتور السيد البدوى بتقديم موعد الانتخابات داخل الوفد لكي يتفرغ الحزب للانتخابات الرئاسية، وقد أعطت نتائج انتخابات رئاسة الوفد بتصافح السيد البدوى وفؤاد بدراوى المرشحين المتنافسين بعد الانتخابات درساً في الديمقراطية التي يجب أن تكون عنواناً للفترة القادمة بعد إقرار الدستور وقبل إجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية. ثانياً: كان السيد البدوى هو الأوفر حظاً في الفوز بالانتخابات علي منافسه فؤاد بدراوى، تماماً كما المشير عبدالفتاح السيسي الأوفر حظاً بالفوز بالانتخابات الرئاسية علي منافسه حمدين صباحى، والحقيقة أن هناك أسباباً موضوعية لفوز البدوى والسيسى معاً، ولم تكن المسألة من قبيل الحظ أو الصدفة أبداً، فبالنسبة للبدوى يكفي أنه زاد عضوية الحزب من 12 ألفاً قبل توليه رئاسته إلي 124 ألف عضو ونجح للوفد في البرلمان ومجلس الشورى السابق 57 نائباً منهم وكيلان للمجلسين، ناهيك عن وصول 4 شخصيات وفدية لمقعد الوزارة هم د. على السلمى وأسامة هيكل ومنير فخري عبدالنور وطاهر أبو زيد، وكان هذا إنجازاً غير مسبوق لحزب الوفد منذ عودته للحياة السياسية في العام 1978 علي يد الزعيم الراحل التاريخى فؤاد سراج الدين، وهناك أسباب موضوعية ترجح فوز السيسي أيضاً أبرزها انحيازه إلي ثورة 30 يونية 2013 التي أطاحت بحكم مرسى والإخوان وإنقاذ مصر من حرب أهلية حقيقية وحماية الجيش المصرى من التفتيت كما حدث في العراق وسوريا وليبيا، كما أن السيسي تصدى ويتصدى لعنف جماعة الإخوان وإرهابهم حتي اللحظة مما جعله في نظر كثير من المقربين البطل التاريخي الذي لا يقل أهمية عن أحمس ورمسيس الثاني ومحمد على وعبدالناصر رغم هزيمته في حرب 1967 الشهيرة. ثالثاً: انتخابات الوفد وقد وعد السيد البدوى قبل وبعد فوزه بالانتخابات بإصلاح البيت الوفدى من الداخل والمنافسة في الانتخابات البرلمانية القادمة وتشكيل الحكومة أو الفوز بأكبر المقاعد فيها ليصبح حزب الأكثرية، ليعود الوفد كما كان قبل ثورة 1952 هو الحزب الأول في مصر الذي يضم المصريين جميعاً، نفس الشيء ينطبق علي مصر بعد فوز السيسي المتوقع في الانتخابات الرئاسية القادمة، حيث يتطلع السيسي إلي استعادة مفهوم الدولة أولاً عبر الأمن والحريات والقضاء على الفساد والمصالحة الوطنية إلي تدشين المشروعات القومية الكبري التي تنقل مصر نقلة حضارية وتجعلها في مصاف الدول المتقدمة خلال عقد من الزمان أو أقل إن خلصت النية وصدقت الإرادات. المستقبل واعد.. ويبشر بالخير.. سواء بالنسبة لحزب الوفد أو إلى مصر، ويكفي أن نذكر أن مصر قبل ثورة 1952 كانت دائنة لإنجلترا، كما أن ثورتى 25 يناير و30 يونية أبهرتا العالم وجعلت قادة الدول الكبرى ينبهرون بأعظم ثورة بشرية سلمية عرفها التاريخ عبر موجتين متتاليتين، الأولى أطاحت بمبارك (الفساد) والثانية أطاحت بمرسى (الإرهاب).