أشرنا في مقال سابق بعنوان «السيسي وبرنامجه الانتخابي» الي انفراد المرشح الرئاسي المحتمل عبدالفتاح السيسي دون غيره من سائر المرشحين المحتملين بخاصية فريدة لا ينازعه فيها مرشح آخر ألا وهي أن برنامجه الانتخابي يتكون من جانبين أساسيين هما الجانب الأول التطبيقي العاجل وهو بعنوان «إنقاذ مصر» والجانب الثاني النظري الأجل وهو بعنوان «مستقبل مصر». وكنا قد ذكرنا أن «السيسي» - بحسه الوطني واستشعاره الخطر المحدق بالبلاد - التعجيل بالجانب التطبيقي لأنه عده بمثابة جراحة عاجلة ينبغي سرعة إجرائها لإنقاذ البلاد مخالفا بذلك كل الأعراف المتبعة في البرامج الانتخابية التي يتم فيها البدء بالجانب النظري أولا ثم التطبيقي ثانيا، ويمكن القول إن «الأصالة» تمثلت بوضوح في الجانب الأول «التطبيقي» من البرنامج الانتخابي ل«السيسي»، وهنا يجدر التساؤل الآتي كيف تمثلت «الأصالة» في الجانب «التطبيقي» من برنامج السيسي الانتخابي؟ والجواب ببساطة أن هذا الجانب الذي نفذ ميدانيا علي أرض الواقع اعتبارا من يوم الثالث من يوليو سنة 2013 بإقصاء الرئيس السابق، ووضع البرنامج المناسب لتنفيذ خارطة المستقبل - أنقذ البلاد من ثلاثة أخطار محتملة وهي: أولا: تقسيم البلاد وتفكيك أجزائه والتفريط في أجزاء عزيزة من أرضها في سيناء وحلايب وشلاتين حسب ماتم الاتفاق عليه مع حماس والسودان. ثانيا: الإرهاب المسلح الذي حمل لواءه رموز الجماعة الإرهابية بالتهديد والوعيد والترويع لأفراد الشعب المصري. ثالثا: الحرب الأهلية التي كان من المتوقع اندلاعها بين تيار الأهل والعشيرة من جانب وبين جموع الشعب المصري - بكافة أطيافه - من جانب آخر. وبتحليل تلك الأخطار، التي وأدها في مهدها اعتبارا من يوم الثالث من يوليو سنة 2013م يمكن ببساطة استنتاج أبرز النتائج التي ترتبت علي هذا الوأد وهي: أولا: تحقيق وحدة تراب الوطن واستقلال أراضيه، بديلا عن الخطر الأول المتمثل في «تقسيم البلاد». ثانيا: تحقيق الأمن والسلام المجتمعي بديلا عن الخطر الثاني المتمثل في «الإرهاب». ثالثا: تحقيق الوحدة الوطنية بين أفراد الشعب المصري - بكافة أطيافه السياسية والدينية - بديلا عن الخطر الثالث المتمثل في «الحرب الأهلية». ومما لا شك فيه أن تلك النتائج التي تحققت تمثل ثوابت «الأصالة» تمثيلا حقيقيا وما أشبه الليلة بالبارحة وكأن التاريخ يعيد نفسه، فقد أعادت تلك النتائج الي الأذهان شعارات «الاستقلال التام أو الموت الزؤام وعاش الهلال مع الصليب»، تلك الشعارات المتأصلة في وجدان المصريين جميعا منذ قرابة المائة عام وذلك إبان ثورة سنة 1919م. أما الجانب الثاني النظري - من برنامج السيسي الانتخابي - وهو بعنوان «مستقبل مصر»، فمن المتوقع أن تتمثل «المعاصرة» في هذا الجانب، إلا أنه من السابق لأوانه طرح ذلك دون الاطلاع عليه.