مازالت هناك حالات من الاختلاف والاتفاق حول قرار رئيس الوزراء إعادة تقييم الفيلم المثير للجدل «حلاوة روح» بعد وقف عرضه، فهناك من يرى ضرورة مراعاة البعد الأخلاقى والنفسى والدينى فى أفلام السينما، خاصة أفلام السبكية وما تلعب به لجذب جمهور المراهقين والمكبوتين فى هذا المجتمع، وتلعب على وتيرة الغرائز تحت مسمى حرية الإبداع التى تستباح فيها كل الأخلاق والقيم، وهناك من يرى ضرورة ترك الحكم للشعب أو الجمهور الذى يذهب للسينما بقراره، وأن الإبداع ليس له «سقف» وعلى أصحاب القرار أن يحترموا قانون الرقابة على المصنفات التى أجازت عرض الفيلم. وهناك طرف ثالث يرى أن الجنازة حارة والميت فيلم تافه، وما كان لرئيس الوزراء أن ينزلق فى هذا المطب، وما كان عليه أن يطلب من وزير الثقافة دراسة هذا الموضوع ويتفرغ هو لرغيف العيش أفضل من «حلاوة روح هيفاء» ولحمة السبكية. المخرج مجدى أحمد على، رئيس مركز السينما الأسبق، أحد كبار المخرجين، يقول فى هذه القضية: الحكاية واضحة هناك رقابة لها قانون ونحن رغم اعتراضاتنا على وجودها لكن علينا أن نتحمل وجودها لفترة حتى تستقر الأوضاع فى مصر وما كان لرئيس الوزراء أن يتخطى دورها ويخترق القانون ويفرض وصايته على الجمهور لأننا المفترض أن نكون بعد ثورتين آمنا بثقافة دولة المؤسسات ويعطى لكل مؤسسة دورها، لكن المفزع، والكلام لمجدى أحمد على، هو أن هناك بعض الفنانين والمثقفين مع قرار المنع وهذا يعنى أن هناك من يقفون ضد مبدأ الحرية والحرية لا تعنى هنا الاختلاف أو الاتفاق على أن الفيلم سيئ أو جيد، لكن الحرية تعنى ترك القرار للجمهور الذى يذهب بإرادته واختياره لدور العرض والفيلم لم يذهب إليه فى بيته بخلاف وجود عبارة للكبار فقط، لكن القرار يعنى تخريباً للصناعة وإهداراً لقيمتها أياً كانت وإن قرار المنع جاء من غير ذى صفة، خاصة أن عنده رقابة لها قانون وسلطة وكان عليه أن يعدل من دورها وقانونها والدليل أنها وافقت فى البداية على الفيلم كسيناريو ثم كنسخة وأجازته بعد حذف مشاهدة كثيرة، ولكن أن تضع وصاية على الشعب وتتعامل معه على أنه طفل يحتاج لوصى فهذه كارثة لا يمكن أن تحدث فى أى دولة ديمقراطية ولو هذا الموقف والكلام لأحمد على حدث فى فرنسا لقامت الدنيا ومن الممكن أن يحدث هذا الموقف الذى يحدث لأول مرة فى مصر على أفلام أخرى قد تتطرق لبعض الشخصيات أو تتحدث فى السياسة. وتساءل أحمد على ماذا كان سيفعل المتشدقون بالرقابة مع أفلام أخرجها كبار مثل «حمام الملاطيلى» لصلاح أبوسيف أو فيلم «زوجتى والكلب» لسعيد مرزوق أو «المذنبون» أو فيلم «لاشين» أيام الملك فاروق أو فيلم «انفجار»، فسوابق الخلاف بين الرقابة وصناع السينما كثيرة ومعروفة لكنها السابقة الأولى التى يتدخل فيها مسئول رفيع بمنع أو وقف فيلم تحت أى مسمى لمجرد السماع والوشاية، وللأسف قد تضرب صناعة السينما فى مقتل وهى فى الأساس «شبه ميتة». وأضاف: الديمقراطية والحرية التى ثرنا من أجلها لابد أن تعلى من قيمة دولة المؤسسات، وحرية الإبداع لابد أن تكون مطلقة وتعطى حرية الرفض والقبول للجمهور الذى أصبح عنده الكثير من الوعى أو المسئولية أن يقبل على فيلم أو ينصرف عنه.