إذا أردت أن تعرف ما يحدث فى أوكرانيا الآن وتفهم حقيقة ما يدور فعليك معرفة أن ما قامت به واشنطن في أوكرانيا، ما هو إلا حالة استنساخ متواز من «الثورات الملونة»، وهذ يفسر إيفاد اثنين من المسئولين، فيكتوريا نولاند (نائبة جون كيري) وجون ماكين (عضو مجلس الشيوخ) لدعم المتظاهرين.. ومن منطلق أنه لا تملك سوى القليل من المتطرفين الموجودين فى جزيرة القرم وعصاها السحرية فى المنطقة العربية المتمركزة فى الجهاديين والجماعة الارهابية لذلك فهى مضطرة للاعتماد على عدوها الأيدولوجى السابق المتمثل فى النازيين العاملين في وزارة الخارجية، وبهذا نرى نموذجاً عجيباً من التحالف بين إدارة أوباما والنازيين. ولاعجب من ذلك فهى لم تحرك ساكنا بينما يتم تأهيل النازية مع رئيسة لاتفيا، فيرا فايك فريبيرجا، التي فرت مع عائلتها إلى ألمانيا ثم فرنسا ثم المغرب بعد سيطرة القوات السوفيتية على لاتفيا.. ودعونا نرجع الى الوراء قليلا إبان دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي.. حيث بدأت الحرب الأهلية هناك.. وغيرت السلطة في كييف فور الإعلان عن انتهاء دورة الألعاب الأولمبية في سوتشي.. وأصبحت روسيا حرة طليقة تفعل ما تريد هناك وخاصة أن الغرب شرب المقلب وأعتقد أن الشعب الأوكراني استولى على كل القصور العامة، بدون أدنى تدخل خارجى.. وتلك نقلة فى لعبة الشطرنج الأوكرانية لصالح روسيا.. وربما من هذا المنطلق يرى زبجنيو بريجينسكي أنه ينبغي على الغرب في الوقت الحالي العمل على خلط أوراق الخطط التي يحكيها فلاديمير بوتين حاليا، ويوفر له خيارات لتجنب الدخول في صراع مسلح. ومن جهة أخرى، إجراء توضيح الصورة كاملة لبوتين، ولا سيما بشأن العواقب السلبية التي ستعود على روسيا في حال اندلاع صراع مسلح. بإعلان أن أمريكا تريد التسوية السلمية في أوكرانيا، وأنه ينبغي على حلف شمال الأطلسي (الناتو) دعوة الروس للمشاركة في المناقشات التي يجريها الحلف حاليا بشأن الأزمة الأوكرانية. لكن، في الوقت ذاته، يجب أعلام الروس أن أمريكا لن تقف مكتوفة الأيادي. يسبق ذلك الاعتراف رسميا بالحكومة الجديدة في أوكرانيا، من منطلق أنها تعبر عن إرادة الشعب الأوكراني».. وللتأكد من أن ما يحدث فى أوكرنيا هو حلقة من حلقات الربيع العربى فى صورته البرتقالية علينا أن نعلم جورج سوروس أحد داعمى ومفجرى الثورات العربية طلب من ألمانيا القيام بدور قيادي في مساعدة أوكرانيا. ولهذا وجدنا الاتحاد الأوروبي جاداً فى ضخ مزيد من الأموال للمساعدة في استقرار الاقتصاد الأوكراني المترنح، بتقديم مساعدات اقتصادية واستثمارية تصل الى 11مليار دولار ما بين منح وقروض ميسرة. وبالطبع سيستجيب الاتحاد الأوروبي للتطلعات التي أثارتها أوكرانيا، وتسديد جزء سريع من محفظة 35 مليار دولار من أصل ديون أوكرانيا. ولا أعرف الى متى سيلعب الغرب الادوار المزدوجة فبينما يرى أن ما يحدث فى مصر انقلاب رغم خروج الملايين لا يرى أن ثورة ميدان الاستقلال نموذجا للانقلاب كما يقول الكتاب، فبماذا يفسرون أقدام البرلمان الأوكراني وبحضور «دبلوماسيين» أمريكيين على انتهاك الدستور الذي ألغاه دون استفتاء شعبي، وعزل رئيس جمهورية في الحكم دون مناقشة أو محاكمة، ومنح كامل سلطاته التشريعية والتنفيذية للرئيس الأسبق لجهاز الاستخبارات أوليكساندتورتشينوف..ويرى نيكولاس بيرنز، المدير المسؤول عن الشئون الروسية والأوكرانية والأوروبية الآسيوية في مجلس الأمن القومي في عهد الرئيس كلينتون، أنه لا يزال من المبكر جدا القول الى أين سيقود العالم الشعب الأوكراني. لأن فلاديمير بوتين، لن يقبل بسهولة فصل أوكرانيا عن قبضة موسكو، وأوباما تعنى له أوكرانيا مسألة حياة أو موت سياسية.لذلك فالجميع ينتظرون شهر مايو المقبل، عندما تنظم العاصمة البلجيكية بروكسل انتخابات البرلمان الأوروبي، وفي التاريخ نفسه تنظم كييف انتخاباتها الرئاسية، على حين تنظم شبه جزيرة القرم استفتاء يطرح على الشعب حول تقرير مصير شبه الجزيرة. وما إن تنال شبه جزيرة القرم استقلالها حتى يتسنى لها أن تختار إعادة الارتباط مع روسيا التي ظلت جزءاً منها حتى عام 1954. ومن المعروف أن شبه جزيرة القرم في جنوبأوكرانيا، موالية لموسكو وكان اسمها فيما مضى «آق مسجد» أي «المسجد الأبيض»، وكان تتار القرم المسلمون عام 1770م نسبة 93% من سكانها ومع حلول عام 1959م لم يُسجَّل أي وجود للمسلمين التتار في القرم أبدًا، في حين أصبحت نسبة الروس الذين يسكنون القرم 71%، والأوكران 22%، والبقية من اليهود وقوميات أخرى. لكن الأمر بدأ بالتغير عندما سُمِحَ لهم بالعودة إلى أراضيهم تدريجياً، ثم تعقدت الأمور مرة أخرى، وهم اليوم يشكلون 20% فقط من سكان القرم، بينما بقية التتاريين لا يزالون في محاولات مستمرة للعودة من شتى أماكن وجودهم التي أجبروا على العيش فيها، في مناطق مختلفة من روسيا وأوزباكستان وأوكرانيا نفسها وغيرها.وتم إدراج مسلمي القرم التتار في قائمة الأممالمتحدة للشعوب، باعتبارهم من الأمم المهددة بالانقراض، نتيجة لما يتعرضون له من ضغوط ثقافية وزواج مختلط وفقدان للقيم والتلاعب بمفاهيم الدين والتقاليد والعرف.. هؤلاء المهمشون ربما يلعبون دورا هاما فى الايام القادمة وربما يحسمون صراع تكسير العظام فى أوكرانيا بين الدب الروسى والكاوبوى الأمريكى.