يبدو أن النبي «نوح» سيأتى بطوفانه عبر شاشات السينما العالمية بعد أن أثار حالة من الجدل عن المصادر التي اعتمدها منتجوه في استقاء الأحداث التاريخية للقصة الشهيرة. ويُعد الفيلم أحد أهم أحلام أرنوفسكي السينمائية منذ أن كان في الثالثة عشرة من عمره، لأن الملحمة تتصل معه بالكثير من الأفكار عن العالم، ونهايته، والتعريف الحقيقي للخلاص. ويوضح أرنوفسكي أن قصة نوح وعائلته دائماً ما كانت مُلهمة بالنسبة له، حكاية ضخمة عن الأمل والمصير، وشعور الرجل الذي يحمل العالم فوق كتفه من أجل حمايته ولقد اعتمد «جو لوجان» الذي قام بكتابة العمل على الكتاب المقدس، ويقوم راسل كرو بتجسد شخصية النبي نوح عليه السلام مستعرضاً حياة وكفاح نبي الله نوح عليه السلام، بدءاً من دعوته قومه للإيمان، مروراً بصنعه السفينة وتسكين المؤمنين بها، وصولاً للطوفان العظيم الذي ابتلع المشركين، ولم ينج منه إلا المؤمنون ليبدأوا حياة جديدة على الأرض.. الفيلم من إخراج دارين أرنوفسكي، ومن المقرر أن يرى النور في 28 مارس 2014، بعد أن وقع الاختيار على أيسلندا ونيويورك للتصوير. وقال أرنوفسكي: شعرت بالفرحة لأن «راسل كرو» كان إلى جانبي في هذه المغامرة، فموهبته الكبيرة تساعدني على النوم ليلاً.. ولقد تم استخدام أحدث برامج المونتاج والجرفيك في إخراج الفيلم، وذلك بسبب رغبة أرنوفسكي في إظهار الطوفان كما تخيلته عقول البشرية عبر آلاف السنين، يشارك أرنوفسكي في تأليف الفيلم الملحمي كل من «أري هاندل» و«جون لوجان»، ويسلط المؤلفون الثلاثة خلال القصة على «الطوفان» وإنقاذ البشرية من الفناء، ولذلك بذل المخرج ومساعدوه جهوداً كبيرة لتوفير جميع أنواع الحيوانات التي اضطر النبي نوح لحملها على سفينته للحفاظ على النوع من الفناء، كما يرد في الرواية السائدة.وأعلن «أرنوفسكي»، أن ما يجذبه في سيرة النبي «نوح» ليس الجانب الديني الذي تم تناوله مراراً، ولكن الحدث الكبير الذي يتناول «نهاية العالم»، ومشاعر رجل واحد يجب عليه إنقاذ البشرية. ويشارك «راسل كرو» البطولة «إيما واتسون».. وقامت الشركة المنتجة على استقاء الأحداث التاريخية من الإنجيل أملاً في ألاّ يغضب الفيلم الطبقة المتدينة من المجتمع.. وفى الواقع أن الجدل منذ اللحظة الأولى من الإعلان عن البدء في إنتاجه كانت بسبب أن النسخة المسربة من السيناريو كشفت عن أن المخرج يصوّر النبي كمناصر للبيئة، ويعتبر الفيضان التاريخي عقوبة إلهية على مخالفي النبي ممن لا يأبهون للنظام البيئي.. أما الإعلان الجديد يدور حول حلم النبي نوح بالفيضان القادم ومواجهته للبشر الرافضين لترك الآلهة وعبادة الله والمقدر لهم الموت في الفيضان الذي سيغمر الأرض كلها.. وقد ذكر العديد من النقاد أن الفيلم يعتمد على الكثير من الإبداع مما يعني أنه غير ملتزم بالرواية الأصلية الخاصة بالنبي في الإنجيل. وعندما ضم «دارين أرنوفسكي» الممثل الكبير الحاصل على جائزة الأوسكار «أنتوني هوبكنز»، إلى فيلمه، كتب «أرنوفسكي» على صفحته في موقع «تويتر»: «أنا سعيد بالعمل مع السير أنتوني هوبكنز العظيم، لقد انضم للتو إلى فيلم (نوح)»، ويجسد «هوبكنز» في العمل دور «مَتُوشَالَحَ»، جد النبي «نوح» وأكبر من تم ذكرهم سناً في الكتاب المقدس، حيث عاش، تبعًا لآية في سِفر التكوين، لمدة «969» سنة قبل أن يموت قبل وقت قليل من الطوفان وهو الذى اطلق عليه هذا الاسم لقناعته بأن نوح سوف يخلص البشرية من العقوبة التي انزلها الخالق الأعظم على آدم ويوصل الإنسانية إلى حالة من الطمأنينة والاستراحة. وأكد «أنتوني هوبكنز» أن المعالجة التي يحملها الفيلم لقصة نبي الله هي شيء لم تره من قبل.. وأن الفيلم مختلف عن القصة في الكتاب المقدس وفي أي موضع آخر، إنها رؤية خاصة ومختلفة وعميقة من الحكاية.. وكلمة نوح تعني «استراحة» باللغة العبرية.. وتلعب «جينفر كونلي» دور زوجته، والشابان «لوجان ليرمان» و«دوجلاس بوث» في دوري ابنيه «سام» و«حام»، و«إيما ستون» في دور حبيبة «سام».. وسام أكبر الأبناء وكان عمره 98 عاماً عند حدوث الطوفان وعاش 500 سنة أخرى بعد الطوفان.. أما «حام» فيعتقد أنه والد الشعوب الأفريقية ومنهم المصريون القدماء «الأمازيج» وكان من المقرر أن يكون الفيلم من بطولة الممثل كريستيان بيل، لكنه اعتذر بسبب جدول أعماله المزدحم هذا العام.. ويقال إن المخرج قام بتقليل البُعد الديني في العمل، وركز حول كارثة فناء البشرية، والأثر النفسى الذى كان يعيشه النبى نوح لإنقاذ البشرية، وأعتقد أن الأزمة التى يواجهها أرنوفسكي لن تكون من رفض بعض القيادات الإسلامية فقط ولكن من اليهود والمسيحيين أيضاً، خاصة أن راسل كرو حاول إقناع البابا بمشاهدة الفيلم قبل رفضه، لأن اللقاءات الصحفية التى قام بها المخرج تركز على أنها قصة لا تحمل معاني دينية فقط أنها تتحدث عن نهاية العالم البيئي، وهي فكرة شغلته خاصة في ظل الكوارث البيئية التي يشهدها هذا الكوكب في عصرنا الحالي، فالعالم يموت ونحن نموت داخله.. ويرى أرنوفسكي أن الأفلام دائماً ما تناولت احتمالية الفناء في أجواء من الخيال العلمي، وأنه دائماً ما جذبه هذا الخوف الذي يشعر به أثناء قراءة سيرة النبي نوح، وهو ما يحاول التعبير عنه في الفيلم.