أقيم على هامش معرض الإسكندرية للكتاب الذى افتتحه د.صابر عرب وزير الثقافة ود.أحمد مجاهد رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، بمسرح عبد الوهاب بالأزاريطة والذى سوف يستمر حتى 6 مارس، عرض نشاط ثقافى كبير، شارك فيه مجموعة كبيرة من أدباء وشعراء الإسكندرية. وغطى نشاط المعرض فى الندوات جوانب كثيرة من الحياة الثقافية فى مصر، كما ناقش عددا كبيرا من الروايات منها «أيقونة قبطية» لعادل ناشد، والمجموعة القصصية «الوفاة المؤلمة لريسكى» لهيثم الوزيرى، رواية «جامعة المشير» لانتصار عبد المنعم، بالاضافة الى امسيات شعرية أحياها مجموعة من شعراء الاسكندرية منهم مفرح كريم – جابر بسيونى – ايمان السباعى – فوزى خضر – كمال العيادى – دعاء عرابى، وغيرهم. حول الثورة من الهدم إلى البناء دارت ندوة من أهم ندوات المعرض، أدارتها الدكتورة سهير المصادفة الروائية ورئيس تحرير سلسلة الجوائز، واستضافت فيها السياسى والمرشح السابق لرئاسة الجمهورية أبو العز الحريرى. وقالت المصادفة: أبو العز الحريرى يمثل علامة من علامات السلام، وهو صفحة مشرفة فى عمر الوطن، لقد رأينا أن ثورتنا أدهشت العالم، ونريد أن نبنى مصرنا الجديدة الغنية المعطلة منذ عهد بعيد، وأضافت: من حق الشباب الآن أن يكونوا فى بدايات المشهد السياسى، فهم الذين ضحوا بأرواحهم ودمائهم، ولكن يبقى السؤال هل هم موجودون حقا فى المشهد السياسى الآن؟ وتساءلت المصادفة كيف لا يساهم 60% من جسم هذا الوطن فى بناء هذا الوطن؟ وتحدث أبو العز الحريرى عن أن مصر تمر بلحظة فارقة، هى تحرير العقل المصرى والعربى بشكل عام مما لحق به من تشويش وظلام كان آخره الاستغلال الدينى وارتكاب الجرائم باسم الدين. وأضاف «الحريرى»: إن الثورة المصرية فى تجلياتها بدأت منذ عهد محمد على منذ تجنيد المصريين وتكوينهم للجيش المصرى، وأصبحت هناك أعداد متزايدة من المصريين ارتبطوا بالوطن واستشعر المصرى أنه فى وطنه، وبعد الحرب العالمية الأولى انتفض المصريون لاستقلال الوطن ثم أول دستور مصرى والانتكاس بالدستور وعمل دستور مضاد، ثم تكونت اللجنة الوطنية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وحدث ارتباط بين الجيش المصرى والحركة الوطنية. وكل ذلك يوضح أن الثورة المصرية امتدت حلقاتها لزمن بعيد ولم تقم فى 25 يناير. ونجد هنا الفكر الشعبى متشابهاً فى جميع العهود. ونحن منذ عهد السادات فنحن فى حالة مقاومة وليست معارضة لأن المعارضة تفترض وجود الديمقراطية وتلك المقاومة التى استمرت أكثر من أربعين سنة كان يجب أن تتجلى فى ثورة يناير. أهم سمات الطبقة الوسطى بعد 23 يوليو أنها ذات طابع وطنى. الثورة تقوم لكى تهدم ما هو فاسد وتبنى ما هو جديد، واستكمل «الحريرى»، التغيير القادم محفوف بالخطر ما لم نسرع بالتخلص من الفساد وإعادة بناء الوطن وحل المشكلات، ولذلك فالثورة لم تبدأ مفعولها الحقيقى وما زالت معطلة ويجب أن يتلازم الهدم مع البناء . وعن الاضرابات الفئوية قال الحريرى إنها شرارة الثورة عندما تتجمع تلك الاضرابات، مجموع كبار الموظفين يحصلون على 42 ملياراً فى السنة وتمثل 4 أضعاف مرتبات صغار الموظفين وهنا يتساءل «الحريرى» هل هذا لا يكفى لتطبيق الحد الادنى والحد الأقصى؟، والحكم ان تلم بكل الخطوط وترسم الطريق جيدا والأمر الآن متروك على الجيش المصرى اما أن تنتهج مسار ثورة يوليو 1952 اما سيتورط. أما رواية «كابتشينو» تأليف السيد حافظ والتى نوقشت فى إحدى ندوات المعرض، وشارك فيها الناقد محمد عطية، والشاعر والناقد فهمى ابراهيم، وأداراها الشاعر التونسى كمال العيادى، وحضرها كوكبة من الادباء والمبدعين بالاسكندرية، قال عنها كمال العيادى فى بداية الندوة: رواية كابتشينو هى من رباعية روايات المؤلف قهوة سادة ونسكافيه وكابتشينو ثم شاى أخضر، وتساءل: فى أى مكان تجد تلك المشروبات غير المقهى؟ وأضاف: المقاهى فى مصر عوالم لاتشبه أى مكان فى الدنيا، فهى مجالس وملاذ الفقراء والموظفين الذين حاصرتهم الحيطان والضيق، والرواية كتاب يوثق لشعراء قدامى ومحدثين ووقائع وتجليات، ولا تكاد تترك شاردة أو واردة، والكتاب مقسم الى قسمي المتن والحشو وكان كل منهما كتابا منفصلا تماما وهذا نادرا جدا فى عالم السرد، ومن هنا يأتى تشبيهى للكاتب بأبى العلاء المعرى لانه زج بالشعراء فى جنة الغفران. أما الروائى السيد حافظ صاحب الرواية قال : لأول مرة منذ 45 عاما تدعونى الدولة متمثلة فى هيئة الكتاب لندوة، وعن الرواية، قال السيد حافظ: أقتحم هذا المجال بطريقتى الخاصة وهذا ما جعل حياتى كلها مذابح أدبية لاتجاهى لطريق مختلف فى المسرح والأدب. ولا أبغى مهاجمة أحد ولكنى أفتح الابواب المغلقة لجيل جديد من المبدعين. وليس لأصبح رائدا أرفع راية أو علما، ففى العالم العربى الرائد لا يرفع راية وانما يجهز له خازوق. نحتاج لمصر جديدة وشعب جديد وعالم عربى جديد. وفى إطار النشاط الثقافى لمعرض اسكندرية للكتاب، عقدت ندوة بعنوان «الكتابة العلمية تجارب وشهادات» شارك فيها د. شريف قنديل استاذ علوم المواد، ود. رجب سعد السيد. وقال د. شريف قنديل: الكتابة العلمية تقنية تبنى على البحث ويجب أن يكون بها أربعة أجزاء رئيسية وتجربتى مع الكتابة العلمية عندما كنت فى بريطانيا، حيث طلب منى عمل تقرير عما كتبته وسلمته إلى أستاذى وأعطانى كتابا صغيرا عنوانه كيف تكتب تقريرا علميا واكتشفت أن ما كتبته لا يمت له بصلة، وطبقت بعد ذلك التجربة مع تلامذتى واكتشفت أنى أقول نفس الملحوظات لكل الطلبة، وأسس الكتابة العلمية هى إجابة أربعة أسئلة الأول: ما القضية وتوضع فى المقدمة ليعرف القارئ ما يتضمنه البحث، والسؤال الثانى: حول طرق بحث القضية، والثالث: هو ما النتائج الذى وصل لها البحث، والرابع: ما الخلاصة التى انتهى اليها البحث. وهى المناقشة. وكل الكتابات والمجلات العلمية قائمة على هذه الخطوات. أما عن الكتابة عن العلوم وتبسيطها قال: المنهجية العلمية تكاد تكون منتهية وقرأت كتابا يتحدث عن التجارب الطبية والكيميائية وفوجئت أنه لم يذكر أى مصطلح أو رمز كيميائى أو معادلة كيميائية وأبهرنى كيفية الكتابة عن شئ شديد التعقيد بطريقة مبسطة يستوعبها القارئ العادى، وقد تعلمت من هذا الكتاب الكثير جدا ونحن نحتاج بالفعل لهذه النوعية من الكتابة بدلا من الخزعبلات التى نسمعها ونشاهدها. وتحدث أيضا عن وسائل الاتصالات وكيف يمكن لورقة أو رسالة ان تجوب العالم بالضغط على زر واحد. وأضاف: فى تصورى ان تبسيط العلوم سيعتمد بشكل أساسى على الكتابة كعنصر أساسى، بالإضافة إلى الصور وعمليات المحاكاة، وهذه التوليفة ستبلور الكتابة العلمية فى المستقبل وتوصيل العلوم سيحتاج الى تطور كبير لن ينتهى .والرؤية الفلسفية للعلوم تجعلنا نفهم المجتمع ونفهم الحياة بشكل أكبر. وقال د.رجب سعد السيد: الثفافة هى تبسيط العلوم وهى الثقافة الغائبة وقد أعددت دراسة حول الإصدارات العلمية ووجدتها لا تتعدى ال 10%، وبدأت تجربتى فى الكتابة العلمية من خلال كلمة ليحيى حقى لا أنساها أبداً «لماذا لا يكتب كتاب القصة والشعر وهم يملكون ناصية الكتابة فى الكتابة العلمية»، وأضاف: وأقنعت شعراء بهذه المقولة وطلبت من شاعر بقنا أن يكتب كتابا علميا فكتب كتابا يعد من أروع الكتب بعنوان «حيوانات التجارب شكرا». وتابع: الثقافة العلمية غريبة وليس لها مجال كافٍ فى حياتنا، بالرغم من أن جميع الظواهر الطبيعية يمكن تطبيقها على العديد من الظواهر الاجتماعية، والإصدارات العلمية اختفت وادعو للاهتمام بها. ربما كان للجماعات الأدبية دور محورى فى الحياة الثقافية ولا نريد أن نضع الثقافة الموجهة أمام الجماعات المستقلة ثمة نجاحات حققها النشر المستقل وثمة اخفاقات وقد كرس بشكل خاص الكتاب التجارى، وهل هو إضافة للمجتمع الأدبى بشكل عام أم هو تزييف لمنافسة النشر الخاص. هذا ما دارت حوله الندوة التى عقدت بالمعرض تحت عنوان « شهادات وتجارب.. الجماعات الأدبية المستقلة»، وشارك فيها ايمان السعيد مدير دار ليليت، ولبنى عبدالله مدير دار كلمة ،والناشطة د. نجوى السودا. قالت إيمان السعيد: نواجه الكثير من الصعوبات كدور نشر خاصة ولكن نحاول التغلب عليها ودور النشر العملاقة تفرض علينا واقعا معينا. وعن انتقاء الأعمال قالت: يجب ان تكون هناك لجان لها مكانتها ويجب ان تحرص أى مؤسسة على العمل الذى تقدمه ولكن المؤسسات الكبرى لا تهتم بذلك وتعتمد على اسمها وهذا يشكل عقبة امامنا نحن. وظاهرة النشر الجماعى أرى أنها جريمة بمعنى الكلمة ولا يستفيد منها سوى الناشر. وعن المشاركة المادية من قبل المؤلف فهى تؤدى لانعدام الثقة. وقالت لبنى عبد الله: نعانى من المركزية الشديدة وهذه المركزية وحتى الجودة بها مركزية لان كل مقوماتها موجودة فى القاهرة فقط، وكذلك مشكلة الأسعار. وقالت د. نجوى السودا: نحن فى قمة المأساة وكأن كل فرد يحارب بممفرده، ولا يوجد جماعات ادبية ولا يوجد نشر. والمسئولية الثقافية هى مسئولية جماعية. وأضافت أن الدلالات المباشرة لم تعد هى المطلوبة ويجب أن يجتهد القارئ فى النص وهنا يجد القارئ متعته فى قراءة العمل ويثبت بعقله.