آخر صيحة على الساحة «إجراء مقارنات» بين الحاضر والماضي.. وأنا بطبيعتي لا أحبذ مثل هذه المقارنات، فالماضي نأخذ عنه خبرة ودروسا ومواعظ نستفيد منها في حاضرنا.. ولكن الأمر لا يتعدى ذلك، فالماضي لا يتكرر مع تغير الظروف. على سبيل المثال ومنذ أن منّ الله علينا ب «أحمس المصري» (مع حبي وتقدير للمشير السيسى) رأينا البعض يربط بين «السيسى» وجمال عبدالناصر، وفى إطار هذا الربط تجرى محاولة للإقناع بأن «السيسى» ما هو إلا تكرار لجمال عبدالناصر!! مقارنة غير صحيحة، بل وظالمة، فالزعيم جمال عبدالناصر قاد انقلاباً عسكرياً في 1952 عكس ثورة شعبية عارمة على الملكية حينئذ، ثم تولى حكم مصر من منطلق «الحاكم الفرعون» أما «السيسى» فقد جاء بناء على طلب «الجمعية العمومية» للشعب المصري التي عقدت في 30/6/2013 بحضور أكثر من (30) مليون مصري، وطالبته بإنقاذ مصر من «البيع» و«التقسيم» و«الاستجابة للمؤامرة الكبرى على منطقة الشرق الأوسط» واستجاب «السيسى» وفق إعلان بخارطة طريق تسير بالبلاد نحو بناء مؤسسات الدولة الحديثة، وأنجزنا الدستور.. والبقية تأتى، فهنا نتساءل ما هو وجه الشبه؟ وجه الشبه الوحيد أنهما ينتميان للمؤسسة العسكرية فقط لا غير، ومن هنا كررنا أن ما حدث في 3/7/2013 ليس انقلاباً عسكرياً وإنما هو ثورة شعبية، وجاءت استجابة «السيسى» لإنقاذ مصر من «هلاك محقق»، إذن.. ما الهدف من المقارنة..؟! مقارنة أخرى برزت على الساحة.. مقارنة بين محمد حسنى مبارك و«محمد مرسى العياط».. مقارنة ظالمة ومغرضة.. لمن منهما..؟! أترك الحكم لفطنة القارئ..!! أحدهما تربى في مؤسسة عسكرية تدين بالولاء الكامل «لمصر الوطن» ووصل إلى قائد القوات الجوية في حرب النصر «أكتوبر 1973» والثاني تربى في مؤسسة «وصمت أخيراً بأنها إرهابية» تدين بالولاء «لدولة الخلافة» و«بغير مصر» و«للسمع والطاعة» ووصل إلى رياسة الجمهورية تنفيذاً لمؤامرة «غربية، تركية، قطرية، إرهابية» وحقق كرئيس فشلاً ذريعاً أدى إلى «عزله شعبياً» وهذا أقصى درجات العقوبة، أحدهما تحلى بأخلاقيات «الاحترام» وامتثل للقضاء.. والثاني تحلى بأخلاقيات البلطجة «ويرفض الامتثال للقضاء في تهم «قتل» و«خيانة وطنية» وفى الوقت ذاته لا يكتفي بانتمائه لجماعة «إرهابية» ولا يكتفي «بالفشل الذريع» الذي كاد يودى بالبلاد الغالية..بل تعدى كل هذا في محاولة يائسة ليستعدى العالم على مصر التي أطعمته وعلمته!! إذن ما الهدف من المقارنة؟! المقارنة الثالثة والتي لا أصفها بأنها «ظالمة» فحسب.. بل أعتبرها «جائرة» وفى الوقت ذاته «مغرضة» لأسباب في نفس يعقوب هي المقارنة بين علاقاتنا مع «الاتحاد السوفيتي» السابق في الفترة من منتصف الخمسينات وحتى بداية السبعينيات من القرن الماضي، وبين علاقاتنا حديثاً مع روسيا الاتحادية!! يا سادة، يا من تحاولون إيهام الناس بأنكم أعلم ببواطن الأمور، اعلموا وتعلموا من «صحيح التاريخ» ما يأتي: (1) روسيا الاتحادية اليوم تختلف تماماً عن الاتحاد السوفيتي، احتراماً للأديان، اقتصادياً، سياسياً، ديمقراطياً، قوة. (2) الرئيس بوتين أثبت للعالم كله أنه على أعلى درجة من درجات الحنكة السياسية وأنه قادر على إعادة روسيا بقوة إلى ميزان القوى على الساحة العالمية. (3) في الخمسينيات والستينيات كانت مصر تبحث عن سلاح لإنشاء جيش قادر على التصدي للغطرسة الصهيونية، ودفعها الصلف الأمريكي إلى الاتجاه نحو الاتحاد السوفيتي لشراء السلاح (صفقة تشيكوسلوفاكيا)، أما الآن فلدينا جيش قوى وقادر والموقف الأمريكي من تجميد المساعدات العسكرية جعلنا «نفيق» لنصحح سياساتنا في التسليح ووجوب تعدد مصادره، خاصة وأن قواتنا المسلحة لديها من الكوادر والقدرات البشرية ما يمكنها من حمل سلاح متنوع ومتعدد المصادر. (4) فى الماضي حاول الاتحاد السوفيتي وقادته استخدام مصر والسيطرة على جيشها كأداة يستخدمها فى الحرب الباردة مع الولاياتالمتحدة، أما الآن فإن روسيا الاتحادية بقيادة بوتين قدمت وتقدم لمصر علامات صريحة عن صداقة حقيقية تمثلت فى نصرة الحق المصري وتأييد موقف الشعب المصري والاستجابة لمتطلبات القوات المسلحة المصرية وعلى الأخص في الحرب ضد الإرهاب الذي ينظمه ويغذيه.. من؟ أجب أنت عن هذا التساؤل..!! وهناك أمور أخرى متعددة تجعلنا نتروى بشأن الكثير من التحليلات التي تطرح إعلامياً وغير إعلامي بشأن علاقات مصر مع كل من الولاياتالمتحدةالأمريكيةوروسيا الاتحادية وسيأتي الوقت الذي تتكشف فيه الكثير من الحقائق حول تلك العلاقات، أما الآن فيكفى أن نقول إن الأوضاع تؤكد أننا لا نحل صديقا محل صديق آخر، وإنما نحن نزيد عدد الأصدقاء، كما أننا نساعد «الأصدقاء»على مراجعة مواقفهم لتأكيد صداقتهم للعدل والحق، بعد أن كاد «السراب» أن يفقدهم أكثر مما يتصورون..!! أفهمتم ؟! أم أنكم تحتاجون إلى من يعلمكم «القراءة فيما بين السطور». وأخيراً.. هناك مقارنة غائبة، كنت أود ألا تقوم حتى لا تتوحش «شكلاً وموضوعاً» وهى مقارنة بين المناقشات التي تدور فى كل الفضائيات والقضايا حول «حقوق الجناة» و«غياب حقوق المجني عليهم».. «حقوق الإرهاب» و«غياب حقوق الشعب».. «حقوق قتلة الشرطة والجيش» و«غياب حقوق الشرطة والجيش» يا حماة «الحقوق» لا تسمحوا ل «راسبوتين ودراكولا» بالظهور على الساحة المصرية، إننا بصدد «حقوق شعب» بأكمله..!! هل وعيتم؟! وعلى الرغم من الولولة ولطم الخدود فإن الشعب المصري يستمر في مسيرته خلف «أحمس المصري» مرددين: «مصر فوق الجميع.. وتحيا مصر.. ولسوف تحيا».