«يبدو أن الإطلالة الجديدة لمهرجان برلين تميل للعودة إلي الوراء خاصة فى عام 1932 الذى يقع فيه أحداث الفيلم الجديد «فندق بودابست الكبير» للمخرج الأمريكي ويس أندرسون. الذى عرض في حفل افتتاح مهرجان «برلين» مقدما السحر المميز لأدرسون بإنتاج بريطاني ألماني مشترك، وقد تم تصويره بصورة رئيسية في ولاية سكسونيا، وفي ستوديو بابلسبرج، ويحكي الفيلم عن سرقة إحدى اللوحات الزيتية القيمة التي تعود إلى عصر النهضة. ويعد عودة جديدة للمخرج أندرسون، الذى شارك في مهرجان برلين، بفيلمين في عام 2002 وفي عام 2005، ومن المنتظر أن يشارك الآن فى الدورة الرابعة والستين من مهرجان برلين السينمائي الدولي الذى بدأ الخميس الماضى ويتم حتى السادس عشر من فبراير». من المعروف أن الفيلم يدور قبل عام 1933 الذى استلمت الحركة النازية التي كانت صغيرة في الماضي زمام الأمور في ألمانيا، وكان هذا أهم تغير سياسي في أوروبا منذ عام 1918 وفي عام 1929 بينما أخذت الأجواء الاقتصادية تضطرب، باتت «فايمار» في مهب الريح، وسرعان ما تحولت العاصفة إلى إعصار بلغ أشده في عام 1932 عندما وصل عدد العاطلين عن العمل في ألمانيا إلى ستة ملايين شخص، وصار الناس يخشون حدوث تضخم مثل الذي قضى على مدخراتهم قبل عشر سنوات. وقد حصد هتلر والنازيون الفوائد السياسية لتلك التطورات، فكانوا يجتذبون الألمان الكثيرين الراغبين باتخاذ إجراءات صارمة وبالوحدة الوطنية، واستغلوا نفاد صبر الناس بالسياسيين البرلمانيين الذين عجزوا عن منع الكارثة الاقتصادية، والرغبة بإيجاد كبش فداء، والحقد على تسوية فرساي التي كان الكثيرون من الألمان يعتقدون أنها أساس مشاكلهم وأنها أيضاً غاشمة بحقهم. ومع تفاقم الأزمة ازدادت أعداد قوات العاصفة ازدياداً سريعاً، وهي تنظيمات شبه عسكرية للحركة النازية شكلت بالأصل من أجل حماية اجتماعاتهم، ولكنها تحولت إلى عصابات من قطاع الطرق الذين يتشاجرون في الشوارع مع أندادهم من الشيوعيين، وسرعان ما راحوا يرهبون خصومهم السياسيين مثلما فعل الفاشيون الإيطاليون في البداية واليهود أيضاً من دون أن تتدخل الشرطة. وفى فيلم «فندق بودبست الكبير» الذى يدور عام 32 يقوم بدور البطولة في الفيلم الممثل البريطاني رالف فاينس (الذى اشتهر بأنه ولد في أسرة مثقفة لأم روائية وأب مصور فوتوجرافي، عرف بتأدية أدوار مركبة لشخصيات من مسرحيات وليام شكسبير ومجرم حرب نازي في (قائمة شندلر) وكونت بريطاني في (المريض الإنجليزي وفيلم عن حياة الروائي البريطاني الشهير تشارلز ديكنز...) ويشاركه البطولة توني ريفولوري، بالاشتراك مع ادرين برودلي، وويليام دوافوي، وتيدا سوينتون التى قدمت مع المخرج من قبل فيلم «بزوغ القمر» وهى ممثلة إنجليزية من مواليد 5 نوفمبر 1960، حاصلة على جائزة الأوسكار 2007 لأفضل ممثلة في دور مساند عن فيلم مايكل كلايتون، كما حصلت بنفس الدور على جائزة البافتا 2007 لأفضل ممثلة في دور مساند. الطريف أن فيلم «فندق بودبست الكبير» لا يدور في بودابست عاصمة المجر، ولكن في دولة متخيلة تدعى جمهورية زوبروكا، وقد صور في برلين وفي بلدة على الحدود بين بولندا وألمانيا، وهو فيلم كوميدي يدور حول ما ينشأ من مفارقات بسبب علاقة الصداقة التي تربط بين خادم في الفندق الفخم الكبير وبين موظف من موظفي الفندق وما يكتنفها من ألغاز وأسرار بجريمة قتل تقع في الفندق ولوحة فنية يخفيها البطل عن عيون رجال الشرطة ومطاردات وقصة حب لا تكتمل. ومن المعروف أن المخرج أندرسون مخرج وكاتب امريكي ولد في هيوستن، لعائلة لديها ثلاثة أبناء، ترتيبه الثاني بينهم. أخوه الأصغر إيريك يقوم بتصميم ديكورات أفلامه، بينما أخوه الأكبر ميل طبيب. والده مليفر لينارد أندرسون كان يعمل في مجال الدعاية والإعلان ولديه شركة علاقات عامة حالياً. أمه كانت عالمة آثار وتعمل حالياً سمسارة عقارات، تلقى تعليمه في المدارس الخاصة، واختار مدرسته الثانية (مدرسة سانت جون) لتصبح موقع تصوير ثاني أفلامه، الذي يحمل عنوان «راشمور». ومثل شخصية ماكس فيشر بطل فيلمه «راشمور»، كان أندرسون يقوم بكتابة المسرحيات وإخراجها في المدرسة، درس الفلسفة في جامعة تكساس، وهناك قابل شريكه الفني الممثل أوين ويلسون. قاما سوياً بعمل فيلم قصير عام 1994 بعنوان Bottle Rocket، ثم جذب الفيلم انتباه أحد المنتجين وبمساعدة هذا المنتج استطاعا ادخال الفيلم لمهرجان «صن دانس» الشهير للبحث عن تمويل لنسخة طويلة من الفيلم، يقسم أندرسون حياته بين نيويورك وباريس. أصدقاؤه هم الكاتب نواه بومباك، الذي شاركه كتابة بعض أفلامه، أوين ويلسون الذي شاركه كتابه أفلامه. ترشح المخرج أندرسون لأول مرة للأوسكار عن فيلم The Royal Tenenbaums عام 2002 لافضل سيناريو وعام 2009 لأفضل فيلم كرتوني، أفلام أندرسون لكل من يشاهدها سيلاحظ الفن في الديكور والألوان والموسيقي التى يختارها المخرج أندرسون الذي صنع لنفسه أسلوباً خاصاً، ونلاحظ بأفلامه الشخصيات الكوميدية والجافة أحيانا الأحداث غير جدية لكن بالمنطق ستجدها واقعية!، وأيضا نشاهد دمجه بين الطبقات الغنية والفقيرة.. عرف عن أندرسون عمله مع فريق من المقربين ليصبحوا بمثابة «عائلة أندرسون». فقائمة أفلامه تضم العديد من الأفلام التي أنجزت بفضل علاقات التعاون المتكررة. على غرار الظهور المتكرر للملحن مارك ماذرزبو في الجينيريك من أجل الموسيقى.. الطريف أن المخرج مارتن سكورسيزي من أكبر المعجبين بأعماله. ولقد قابل صديقه اوين ويلسون الذي شاركه بكل أعماله في جامعة تكساس عندما كانو رفاق بالسكن...والمعروف عنه أنه دائما ما ينهي أفلامه بحركات بطيئة وغالبا ما يستعمل موسيقى تصويرية من تأليف فرقة The Rolling Stones أفلامه دائما ما تدور حول العائلة المحطمة أو غير التقليدية أحيانا.. رشح للأوسكار لأفضل سيناريو أصلي عن فيلم The Royal Tenenbaums مشاركة مع أوين ويلسون ورشح أيضا للبافتا. وللأوسكار لأفضل فيلم انيميشن –أبهار مستر فوكس (الذى يدور عن قرر السيد فوكس أن يبتعد عن سرقة الدجاج ليصبح صحفيا ورب أسرة ويكون عائلة صغيرة تتألف من السيد فوكس وزوجته وابنهاما اش ويعيشان حياة سعيدة ويخططان لشراء منزل قرب مزرعة يملكها البشر يشعر السيد فوكس بالملل ويقوم بأعمال السرقة مجددا من دجاج والبط وعصير التفاح من ثلاثة مزارعين, مما يتسبب له في المشاكل مع المزارعين لإطعام عائلته يستاء المزارعون من سرقة السيد فوكس ويحاولون قتله. الفيلم مقتبس عن رواية أطفال للكاتب (Roeld dah).. ولكنه فاز بثلاث جوائز عن فيلم الانيمشن (Annie & Annecy). ورشح لأفضل نص لجائزة Chlotrudis عن فيلم Rushmore بمشاركة اوين ويلسون. وقدم مهرجان كان السينمائي في افتتاحه فيلمه مملكة «ضوء القمر» الذى اعتبره الكثير من النقاد والمتابعين أحد أفضل الإنتاجات الدرامية الأمريكية الحديثة واستحق ويز أندرسون اعتراف أغلب المتابعين والنقاد بكونه من كبار المخرجين الحاليين وقصة فيلم «مملكة ضوء القمر» عن فتاة وشاب بالثانية عشرة من العمر يعيشان على جزيرة نائية مع عائلتهما ويقعان فى الحب ويقرران الهرب من مجتمعهما والعيش وحيدين، الفيلم فيه أكثر من عشرين شخصية ولكن كل شخصية لها مساحة مناسبة ومهمة في العمل، أندرسون أعطى توزيعا ممتازا جداً للشخصيات مع النص والحورات الممتازة والأداء العالي والشكل البصري للعمل خلّاب أندرسون يصنع صورة براقة الألوان والديكورات وتصميم المشاهد والأماكن رائعة ومشوقة جداً ويعطي مساحة واسعة للتصوير ليبدع لوحات بصرية رائعة مستفيداً ليس فقط من رؤية أندرسون الخاصة، بل أيضاً من موقع التصوير الطبيعي الخلاب جداً.