لن تفلح محاولات نظام مبارك الفاسد في تضليل الرأي العام، بعدما عاني الشعب جراء ما ارتكبوه من جرائم فساد علي مدى عدة عقود، احتكروا فيها العمل السياسي، وشكلوا فيما بينهم سدوداً لطالما احتجزت مقدرات الوطن بعيداً حقوق أبنائه في حياة كريمة حرة. ولا شك أن الادعاءات الكاذبة التي يمررها بقايا نظام مبارك الفاسد بأنهم أصحاب، أو شركاء زحف الملايين في الثلاثين من يونيو، هو أمر لا يقابله إلا ادعاءات جماعة الإخوان الإرهابية، وأعوانها، بأنهم شركاء في ثورة الخامس والعشرين من يناير، بينما لا تجد الثورة المصرية نصيراً لها في أداء كل منهما وقت أن كان في الحكم.! ولعل في ذلك ما يشير بجلاء إلي ذات المنهج الفكري الحاكم لأداء النظامين، السابق والأسبق، وقد تأسس أداء النظامين علي إفلاس في الرؤي، وتطبيق يستند إلي مفهوم الاحتكار، حيث لا محل لكافة القوى الوطنية، ولا مجال كذلك أمام الرأي العام ليعبر عن نفسه بحرية، تضمن فرض مطالبه علي القائمين علي إدارة شئون الدولة من النظامين. وفي ذلك ما يبرر تعمد حكم مبارك الفاسد الترويج بأن جماعة الإخوان هي القوة الوحيدة علي الساحة الداخلية، لعلمه يقيناً أن الجماعة لا تنتهج منهجاً ثورياً، قدر ما تتجه نحو إبرام الصفقات السياسية التي تحقق بها أغراضها في التسلل عبر الانتخابات البرلمانية، لتؤدي دورها علي نحو أفضل داخل ثنايا المجتمع المصري. فلم يغب عن نظام مبارك المستبد أن الجماعة غير معنية بالحريات، إلا حرية أعضائها، ولا تلتفت الجماعة إلي ما يواجهه المواطن المصري من تدهور في مستواه المعيشي، طالما أفسح نظام مبارك لقادتها مكاناً تنمو فيه تجارتهم ومواردهم تحت أعين النظام، كذلك أدرك نظام مبارك أن الجماعة تشاركه إهمال ما للدولة المصرية من قدر كبير جسده تاريخها الحضاري الطويل، فلم تكن الجماعة يوماً تصطدم بسياسات مبارك جراء تدهور الوزن النسبي للدولة المصرية علي الساحة الإقليمية والدولية. ومثلما غاب مفهوم الدولة عن مبادئ الجماعة، علي أمل الوصول إلي الخلافة المزعومة، حيث لا وطن، ولا حدود جغرافية للدولة تقف حائلاً دون تحقيق «أستاذية» الفكر الإخواني للعالم!، فقد أهمل نظام مبارك كل ما من شأنه دعم الدور الخارجي للدولة، فتراجعت فعالية مصر تجاه القضايا الدولية، حتى باتت لا تشكل عبئاً في مواجهتها من قبل القاصي والداني، فكان سعي نظام مبارك لا يتجاوز الرغبة المُلحة في البقاء في السلطة، وتوريث الحكم؛ ومن ثم كانت محاولاته المُذلة نحو كسب تأييد كافة القوى في هذا الاتجاه، مانعاً من اتخاذ مصر الكثير من المواقف التي تعبر عن استقلالية وسيادة قرارها، وهو ذات الفكر الذي ساد حكم الإخوان، بصفقات بين مرسي وعشيرته تتجاوز المصالح الوطنية، بل تهدد الأمن القومي للوطن. وعلي هذا النحو، لا ينبغي لنظام منهما، السابق والأسبق، الادعاء بأنهم أصحاب، أو شركاء ثورة شعبية حقيقية، فمن شأن الثورات الشعبية الإعلاء من شأن الرأي العام، والانحياز للمصالح الوطنية، وقد أدهشت ثورتنا العالم، وأتاحت الفرصة أمام الشعب المصري ليسترد مكانته في صدارة شعوب العالم، فكراً وعملاً، إذا ما أحسن الحفاظ علي ثورته، والتزم بمبادئها وقيمها الإنسانية النبيلة. الثورة إذن، ملك للشعب، تحميها إرادته الحرة، وتقودها القوى الوطنية المخلصة، التي بشرت بها، وخرجت في طليعتها، تحمل أكفانها، تسقط حكم مبارك، دون أن تنادي بمبادئ جماعة الإخوان التي خيرتنا بين أن تحكمنا أو تحرقنا، تماماً مثلما خرجت الملايين في الثلاثين من يونيو، لتزيل الإخوان وقيمهم المستبدة، ولم يصدر عنها نداء واحد يطالب بعودة نظام مبارك الفاسد، فأي ثورة هم شركاء فيها، وقد جمعت بين النظامين ذات القيم الفاسدة التي نهض الشعب ثائراً عليها؟!.