«حد أدنى للى عايشين فى القبور وحد أقصى للى عايشين فى القصور»، هتاف لخص مطلباً ثورياً لم يخرج فى طيات ثورة 25 يناير وإنما سبقها ضمن إرهاصات كثيرة عانى منها الشعب المصرى، ومع اندلاع شرارة الثورة تأكد الهتاف وزاد تحت مسمى جديد «العدالة الاجتماعية»، ورغم وعود كثيرة وأحكام قضائية عديدة لم ينفذ الحلم العمالى، ولم يلق رواجا حكوميا، وبعد 30 يونية أرادت حكومة الدكتور حازم الببلاوى مكافأة الشعب المصرى بأحد مطالب الثورة وهو العدالة الاجتماعية ولكن جاء التنفيذ مشوهاً بحسب رؤية عدد من القيادات العمالية. فمع تنفيذ قرار وزير المالية تطبيق الحد الأدنى للأجور آخر يناير الجارى شهدت عدة قطاعات مشاكل كثيرة متعلقة بذات الأمر وعلى رأسها عدم إدراج المعلمين ضمن المطبق عليهم القرار، فضلاً عن استثناء موظفى قطاع الأعمال العام الذى شهد حالة من الغليان وهدد عدداً كبيراً من عمال الشركات القابضة والتابعة بالتظاهر والاعتصام لتطبيق الحد الأدني للأجور عليهم مثل باقي الجهاز الإداري للدولة، فيما تقف مجالس الإدارات علي صفيح ساخن بين سندان مظاهرات العمال ومطرقة قرار المالية باستثناء قطاع الأعمال العام والبنوك وقطاع البترول من تطبيق الحد الأدني للأجور لعدم إخضاع بند الأجور في القطاعات الثلاثة للموازنة العامة للدولة وتمويل القطاعات ذاتياً من ميزانيتها، فضلاً عن عدم تحديد سقف زمنى لوضع الحد الأقصى للأجور . واتفق عدد من القيادات العمالية على أن تنفيذ الحد الأدنى للأجور ما هو إلا مسكن للشعب المصرى وموظفيه لتمرير عدة خطوات سياسية ولإحراج جماعة الإخوان المسلمين، واعتبرت القيادات أن تنفيذ القرار لم يتم بشكل صحيح وبه كثير من الغموض، وأدانوا عدم تحديد الحد الأقصى للأجور، معتبرين أنها خطوة فى امتداد حكم الرئيس المخلوع حسنى مبارك. ناجى رشاد، القيادى العمالى، وصاحب الدعوى القضائية لتحديد الحد الأدنى للأجور, يرى أن ما تم ليس تطبيقا ولكن امتصاصاً لغضب بعض العاملين لتمرير خارطة الطريق والحد الأدنى للأجر كما عرفه القانون المصرى لسنة 1954 ومنظمة العمل الدولية، وأشار إلى أن الحد الأدنى يحسب على الأجر الأساسى وليس على إجمالى الدخل وجدول الأجور فى قانون 54 حدد الحد الأساسى 35 جنيهاً، وبعد الزيادات التى تمت من علاوات اجتماعية أصبح الحد الأدنى للأجر 296 جنيهاً. وأشار إلى أن عدم تطبيق الحد الأدنى على الأجر الأساسى يجعل العامل تحت ضغط نفسى دائم ويتحكم فيه المدير المباشر له حتى لو كان هذا المدير فاسداً، قائلاً: «الحكومة غير جادة فى تعريف الحد الأدنى للأجور». وكشف رشاد عن عزمه رفع دعوى قضائية مضمونها: «لو كانت الدولة تقوم بتطبيق الحكم القضائى الخاص بالحد الأدنى فهذا غير مطابق للحكم وأما إذا كانت الحكومة لا تطبق الحكم وهى مجرد تطبيق لقرار مختلف سنحكم بعدم الدستورية لأنه ميز بين العمال وبعضهم وبين الجهاز الإدارى للدولة ونطالب بإلغاء القرار، ومن هنا سنقوم برفع دعوى قضائية أخرى لمواصلة تنفيذ الفكرة. وأضاف رشاد: «بعد كسب القضية الخاصة بالحد الأدنى للأجر احتفلت جماعة الإخوان المسلمين بنا وعند توليهم السلطة كان الأولى أن يقوموا بتطبيقه ولكن لا حياة لمن تنادى وكان الأهم له تسكين الأهل والعشيرة وهو نفس الوضع لدى الحكومة الحالية التى تحافظ على مصالح أصحاب المصالح ولا يستطيع أحد القرب منه لذلك لم يتم تحديد سقف زمنى لتنفيذ الحد الأقصى للأجور الذى استثنى فئات كثيرة منه». واتفق القيادى العمالى وعضو مجلس الشعب السابق البدرى فرغلى مع الرأى السابق، مضيفا أن الحدين الأدنى والأقصى خدعة حكومية خرجت بطريقة مأساوية والحكومة ضللت الرأى العام، بينما الرأى العام كان يقصد فئات معينة بهذا القرار ولكن الحكومة حافظت على هذه الفئة وحفظت أماكنها من خلال قانون الحدين الأدنى والأقصى خاصة، والاستثناءات التى تمت فى الحدين الأدنى والأقصى نسفت فكرة القانون وتطبيقه منذ البداية. وأضاف فرغلى «أن فكرة عدم وضع حد أقصى من جانب الحكومة يوجد حقدًا طبقيًا بين صفوف الشعب وليس بحسن نية ولكن هناك ترصداً بأحوال الشعب». وأشار إلى أن هذا الحد الأدنى أحدث ارتباكاً وظلماً للقطاع الخاص الذى أصبح خارج نطاق التنفيذ. ووصف فرغلى قرار تنفيذ الحد الأقصى بأنه دعاية وشهرة خالية من المضمون الاجتماعى وإذا كان القطاع الخاص يرفض الحد الأدنى فيسقط الحد الأدنى نفسه، مضيفا أن هذه كارثة اجتماعية تؤدى إلى انشقاقات داخل المجتمع.