لم يرد في مشروع الدستور الجديد، أى ذكر لانتخاب أو تعيين نائب أو أكثر لرئيس الجمهورية، وليس مفهومًا الحكمة من هذا الإغفال، وهل يقصد بعدم النص علي حظر تعيين نائب للرئيس وتحديد اختصاصاته، حظر إنشاء هذا المنصب ولو بقانون، رغم الحاجة السياسية والدستورية لهذا المنصب، سواء لمعاونة الرئيس، أو للحلول محله عندما يكون هناك مانع من أداء مسئولياته، وذلك اكتفاء بما نصت عليه المادة (160) من المشروع من حلول «رئيس مجلس الوزراء» محل الرئيس فى حالة وجود مانع مؤقت من مباشرة الرئيس لاختصاصاته. ولا شك في أنه ليس ملائماً بحسب العرف الدستورى فى مصر أن يتولى رئيس مجلس الوزراء هذا الاختصاص، بالإضافة إلى الاختصاصات الأخرى الخاصة بوضع وإصدار اللوائح التنفيذية، ولوائح الضبط، والقرارات اللازمة لإنشاء وتنظيم المرافق العامة، (المواد 170 - 173) من المشروع، حيث كانت هذه الاختصاصات في العهد الملكى أو العصر الجمهورى من اختصاصات الملك أو رئيس الجمهورية باعتبار أنه رئيس الدولة السلطة التنفيذية، كما أن رئيس الجمهورية منتخب مباشرة من الشعب، ورئيس مجلس الوزراء ليس منتخباً، ويجب أن يكون لرئيس الجمهورية اختصاصات تنفيذية وإدارية وتنظيمية كافية لتمكينه من الإدارة العليا للسلطة التنفيذية، وهو رئيس الدولة والقائد الأعلى للقوات المسلحة!! وقد نصت المادة (232) من المشروع في الأحكام الانتقالية على أن يستمر رئيس الجمهورية المؤقت فى مباشرة السلطات المقررة لرئيس الجمهورية والدستور، حتى أداء رئيس الجمهورية المنتخب اليمين الدستورية، كما نصت المادة (233) على أنه إذا قام مانع مؤقت يحول دون مباشرة رئيس الجمهورية المؤقت لسلطاته حل محله رئيس مجلس الوزراء، وعند خلو منصب رئيس الجمهورية المؤقت بالاستقالة أو الوفاة أو العجز الدائم عن العمل أو لأى سبب آخر حل محله بالصلاحيات ذاتها أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، وبالطبع فإنه ليس واضحاً السبب في أن يحل محل الرئيس المؤقت أقدم نواب رئيس المحكمة الدستورية العليا، بينما جرى العرف الدستورى علي أن يحل محل الرئيس المؤقت رئيس هذه المحكمة. ومن جهة أخرى فإنه كان أكثر ملاءمة تعيين نائب للرئيس المؤقت ليحل محله في الأحوال الموضحة في المادة (233)!! وقد نصت المادة (238) علي أن تضمن الدولة تنفيذ التزامها بتخصيص الحد الأدنى لمعدلات الإنفاق الحكومى علي التعليم والتعليم العالى، والصحة والبحث العلمى، المقررة في هذا الدستور «تدريجيًا» اعتبارًا من تاريخ العمل به علي أن تلتزم به كاملاً في موازنة السنة المالية (2016/2017) وتلتزم الدولة بمد التعليم الإلزامى حتي تمام المرحلة الثانوية بطريقة تدريجية تكتمل في العام الدراسى (2016/2017)، كما نصت المادة (240) علي أن تكفل الدولة توفير الإمكانيات المادية والبشرية المتعلقة باستئناف الأحكام الصادرة في الجنايات، وذلك خلال عشر سنوات من تاريخ العمل بهذا الدستور، وينظم القانون ذلك، ويتضح من هذه النصوص أنه رغم تخصيص الدستور الحد الأدنى من النفقات للتعليم والتعليم العالى والصحة... إلخ، فإن نفاذ ذلك يكون بعد ست سنوات، كما أن التعليم الإلزامى حتى تمام المرحلة الثانوية لن يكتمل قبل السنة المالية 2016/2017، أي بعد أربع سنوات، كما أن إعمال النص علي جواز استئناف الأحكام بالجنايات سوف لا يتم إلا خلال عشر سنوات، ورغم أن هذا التأجيل للأحكام الخاصة بالموضوعات السابقة قد يبرره عجز الموازنة العامة للدولة حالياً، والحاجة إلى تحقيق التوازن بين الإيرادات والنفقات العامة بزيادة الموارد العامة سواء من الضرائب العامة أو رسوم قناة السويس وترشيد الإنفاق العام، إلا أن المدد المنصوص عليها للتأجيل مدد طويلة ومن الضرورى زيادة الإنفاق علي التعليم الإلزامى والعالى والصحة العامة، وكذلك سرعة تحقيق الاستئناف لأحكام الجنايات تحقيقاً لكفالة العدالة!! وبمطالعة المادة (237) من المشروع نجد أنها تلزم الدولة بمواجهة الإرهاب بجميع صوره وأشكاله، وتعقب مصادر تمويلية وفق برنامج زمني محدد علي أن تحترم الحقوق والحريات العامة، وينظم القانون أحكام وإجراءات مكافحة الإرهاب وتعويض الأضرار التي يسببها!! وهذا النص يقرر ما هو واجب أساسى للدولة دون نص، ويوجد بالفعل فصل في قانون العقوبات لمكافحة الإرهاب، وتتضمن المادة (86) التعريف لكل الأعمال الإرهابية، وهناك بالفعل حرب شاملة بين الإخوان الإرهابيين والجيش والشرطة لمكافحة الإرهاب منذ 30/6/2012، ومع ذلك فإنه رغم هذه الملاحظات فإن ما قرره مشروع الدستور من النص علي التزام الدولة بالحريات والحقوق العامة في نظام حكم مدنى وديمقراطى ويلتزم بالعدالة الاجتماعية يقضى بأن يلتزم كل مصرى ومصرية بالتصويت بنعم في الاستفتاء علي الدستور، حتى تتحقق الدولة الديمقراطية الحديثة التي تلتزم بالشرعية الدستورية والقانونية وتحقيق العدالة الاجتماعية. رئيس مجلس الدولة الأسبق