سلطت صحيفة "لوموند" الفرنسية الضوء على مستجدات الوضع فى تركيا على خلفية فضيحة الفساد التى هزت أركان نظام أنقرة، مشيرة إلى أن "النموذج التركى" فى طريقة إلى النفاذ. وأضافت "لوموند" اليوم الجمعة أن النموذج التركى شكل لفترة طويلة حلمًا للعديد من الدول العربية، كما كان مصدر طمأنينة للغرب لأنه يجمع بين الديمقراطية والرأسمالية، نموذج يقوده حزب إسلامى محافظ واثق بنفسه وعلى علاقة وثيقة بالولاياتالمتحدة. وأشارت الصحيفة اليومية الباريسية، فى افتتاحيتها، إلى أن "النموذج التركى" كان مسار الحداثة فى العالم العربى والإسلامى، حيث كانت تركيا تجمع بين المال والمسجد فى توليفة فريدة من نوعها ضمنت استمرار التوسع الاقتصادى والدبلوماسي، ما مكنها من أن تحتل المركز السابع عشر عالميًا من حيث الناتج المحلى الإجمالى، كما جعلها عضوًا فى حلف الشمال الأطلنطى الناتو بالإضافة إلى كونها مرشحة للانضمام للاتحاد الأوربى. وذكرت "لوموند" أنه منذ الصيف الماضى بدأ النموذج التركى فى الاهتزاز، حيث شهدت تركيا خلال أشهر الصيف تمرد جزء من الطبقة الوسطى ضد "النزعات الاستبدادية" لرئيس الوزراء رجب طيب أردوغان زعيم حزب العدالة والتنمية، الذى يترأس الحكومة منذ عام 2003 ، ليضاف إلى ذلك منذ 17 ديسمبر الجارى "فضيحة" الفساد فى قلب الدولة والتى تمس المحيطين المباشرين لرئيس وزراء تركيا. وأضافت أن أردوغان وتحت الضغط أعلن إجراء تعديل وزارى واسع لحكومته " لكن المعركة تعكس الانقسام العميق داخل الحركة الإسلامية المحافظة" فى أنقرة لاسيما وأن "النموذج التركي" يقوم بالفعل منذ فترة طويلة على أساس تحالف أيديولوجى بين اتجاهين: من جهة حزب العدالة والتنمية، من ناحية أخرى ائتلاف يقوده الإمام فتح الله جولن. وأشارت "لوموند" إلى أن المعسكرين يتنافسان واقعين للسيطرة على جهاز الدولة، فمعسكر أردوغان يتهم معسكر جولن بكونه المتسبب فى التحقيقات الجارية بشأن فضيحة الفساد المالى، كما يعلن أروغان أن هناك "مؤامرة" مصدرها الولاياتالمتحدةالأمريكية طالما أن جولن يقيم بفلادلفيا منذ عام 1999. وذكرت الصحيفة الفرنسية أن العلاقات بين أنقرة وواشنطن كانت تعد أحد أعمدة "النموذج التركى" حيث ارتبط الجانبان بروابط وثيقة منذ فترة طويلة عمود آخر من "النموذج التركي"، ولكن تلك العلاقات تدهورت فى الآونة الأخيرة، حيث أن أردوغان الذى يدافع عن الاخوان المسلمين فى القاهرة والفصائل الإسلامية الأكثر راديكالية فى سوريا أصبح بعيدا عن الرئيس الأمريكى باراك أوباما، كما تطالب الصحافة التركية الموالية لأردوغان بطرد السفير الأميركى من أنقرة. وإختتمت "لوموند" إفتتاحيتها بالقول أن أجواء نهاية عهد تخيم داخل البلاد وسط انقسامات فى قلب النظام؛ وتدهور العلاقات مع الحليف الأمريكى الكبيرو"النموذج التركي" يبدو فى طريقه إلى النفاذ.