أراد جمال ريّان المذيع بقناة الجزيرة القطرية أن يكحلها فأعماها. وأرادت عزة الجرف القيادية الإخوانية أن تعلي من شأن الرئيس المعزول محمد مرسي بوصفه بمانديلا مصر والعرب، ففتحت علي نفسها وعلي مرسي والإخوان أبواب جهنم، وانهالت التعليقات والسخرية عليهم جميعا علي مواقع التواصل الاجتماعي والفيس بوك وتويتر ولم تتوقف بعد لغرابة التشبيه من ناحية واختلاف شخصية مرسي عن مانديلا جملة وتفصيلاً من ناحية أخري. لا علاقة البتة - في الواقع - بين مرسي ومانديلا، كلاهما ينتمي إلي عالم مختلف من الآخر، وقراءة سريعة في ملامح الشخصيتين يمكن رصد الآتي: - مرسي ينتمي إلي تنظيم الإخوان المسلمين، انضم إليه خلال دراسته بالولايات المتحدةالأمريكية مثل سيد قطب، يأتي ترتيبه في المركز السادس بين قيادات الإخوان كما ذكر خبراء سياسيون انشقوا عن الإخوان، خاض انتخابات الرئاسة «استبن» لخيرت الشاطر، ولما جري استبعاد الأخير أصبح مرسي مرشح الإخوان بالانتخابات الرئاسية، وفاز فعلاً بالمنصب الرفيع بعد أن هادن عاصري الليمون من الأحزاب السياسية الأخري في اجتماع فيرمونت الشهير، نظير التمسك بمدنية الدولة والقصاص للشهداء، إلا أنه بعد فوزه بالرئاسة حنث بوعوده وسعي إلي أخونة الدولة وأصدر إعلانه الدستوري الشهير وتخبط في إدارة الوطن مع مكتب الإرشاد وتدهورت الأحوال مما أدي إلي إسقاطه في ثورة 30 يونية، بعدها تم تقديمه إلي المحكمة علي ذمة التحريض علي قتل متظاهري الاتحادية، إضافة إلي جرائم أخري قد يحاكم عليها وأبرزها الهروب من سجن وادي النطرون خلال ثورة يناير والتخابر مع حماس وقطر، وهو حالياً محبوس في سجن برج العرب بالإسكندرية. أما نيلسون مانديلا الزعيم الجنوب أفريقي الذي رحل مؤخراً، فهو أبرز الزعامات الوطنية في أفريقيا والعالم، نال شهرته من نضاله الطويل ضد سياسة الأبارتهية، أو الفصل العنصري الذي انتهجته الأقلية البيضاء ضد حكم الأغلبية السوداء فحكم عليه بالسجن لمدة 27 عاما، وبعد الإفراج عنه تولي رئاسة جنوب أفريقيا لمدة 3 سنوات ترك الحكم بعدها ليدعو للتسامح والتصالح بين الأقلية البيضاء والأغلبية السوداء ونجح في ذلك فعلا حتي أصبح زعامة تاريخية تنتظر ان تصبح جنازته الثانية في التاريخ بعد تشرشل. - لا يمكن المقارنة بين مرسي ونيلسون مانديلا، لضآلة حجم الإنجاز التاريخي بين كل منهما وكل ما فعله مرسي قبل توليه الرئاسة انه تولي الاتصال بين مكتب الإرشاد للإخوان المسلمين ومباحث أمن الدولة لتقسيم الدوائر الانتخابية بين الإخوان والحزب الوطني الديمقراطي، أصبح بعدها رئيسا لكتلة الإخوان في البرلمان، ثم رئيسا لحزب الحرية والعدالة بعد ثورة يناير، وقد دارت حوله علامات استفهام كثيرة خصوصاً خلال دراسته بالولايات المتحدةالأمريكية في قضية الكربون الأسود وتوجيه اتهام له من بعض كبار المسئولين بتورطه في الإبلاغ عن المهندس عبدالقادر حلمي عالم الصواريخ المصري إلي السلطات الأمريكية، ناهيك عن قيامه بالإفراج عن العديد من الإرهابيين بعد توليه الرئاسة وتجنيس آلاف الفلسطينيين خلال العام الذي حكم فيه البلاد. أما نيلسون مانديلا زعيم جنوب أفريقيا الراحل فهو أحد أبرز القيادات الوطنية في العالم، لا يقل شهرة عن غاندي في الهند وسعد زغلول في مصر وتشرشل في بريطانيا، ومانديلا هو زعيم حزب المؤتمر الوطني في جنوب أفريقيا وقد تبني سياسة المصالحة بين البيض والسود في وطنه عبر دعوه إلغاء الحواجز بين رياضة الرجبي المفضلة لدي البيض وكرة القدم المفضلة لدي السود وبعد الإفراج عنه وتوليه الرئاسة حوّل دعوته إلي برنامج عملي بذهابه إلي إحدي المباريات الدولية للرجبي للأقلية البيضاء في وطنه ووقف وسط 60 ألف مشجع يهتف للأقلية البيضاء التي استحسنت دعوته لتزول بعدها جبال العنصرية والكراهية للسود في جنوب أفريقيا وتنتهي سياسة الفصل العنصري بعدها إلي الأبد، وانعكس هذا علي حجم التطور الذي حققته جنوب أفريقيا في السنوات الأخيرة، فأصبحت أكثر دول أفريقيا تقدما. ومن أبرز الإنجازات التي حققها مانديلا وارتبطت باسمه تحديه للحصار الدولي الظالم علي ليبيا بعد قضية لوكيربي وقيامه بركوب طائرة صغيرة حتي حدود ليبيا ومنها إلي طرابلس حيث التقي الزعيم الليبي السابق معمر القذافي، لتنفرج بعدها أزمة ليبيا تعويضات لأهالي ضحايا الطائرة المنكوبة التي تم تفجيرها فوق قرية لوكيربي باسكتلندا ويتم تقديم اثنين من القيادات الليبية إلي المحاكمة بتهمة التورط في القضية. استراحة.. وطنية أضم صوتي لصوت الكاتب الكبير علي سالم الذي دعا مؤخرا عبر مقال له إلي قيام الثوار براحة لمدة 3 شهور سواء من التيار الثوري أو الإسلامي يتوقفون خلالها عن التظاهر لالتقاط الأنفاس، وحتي تستعيد الدولة هدوءها وتلتقط الأجهزة الأمنية أنفاسها ويسترد المواطنون حياتهم الطبيعية التي افتقدوها منذ اندلاع ثورة يناير حتي الآن.. الدعوة مفيدة للجميع.. للثوار والحكومة والشعب.. لأن استمرار الوضع الحالي بزخمه وفوضويته لا يرضي أحداً ومن حق الجميع الحصول علي هدنة وراحة.