طريق لا يصل إلى حد المرصوف, على جانبيه مجموعة من الحقول التى ما زالت تتخذ رونقها الأخضر من الزروع داخلها, دقائق قليلة ووصلنا امام متحف «دنشواى» التابع لقطاع الفنون التشكيلية بوزارة الثقافة, والذى يجسد يوما عظيما من ايام الكفاح والنضال التى عاشتها محافظة المنوفية خلال عام 1906, بدأ بناؤه فى عام 1964 وجددته سوزان مبارك زوجة الرئيس المعزول حسنى مبارك فى عام 1999 ليظل يعمل طوال هذه الفترة حتى صدر قرار بايقافه للتجديد خلال الثلاثة الأعوام الماضية وقبل ثورة 2011. كانت البداية فى مدخل المتحف لم يكن احد - على غير العادة - يجلس على البوابة وكأن قدمك قد خطت ارض مقبرة قد كتب لها ان تبتعد عن الدنيا منذ عدة أعوام, «لا حياة لمن تنادى» هذا هو الحال داخل «متحف دنشواى», غرفة خارجية كان من المفترض ان يجلس فيها عدد من العاملين بالمتحف والتابعين لقسم الأمن وغرفة التذاكر التى كانت منذ ثلاثة أعوام تعمل بكامل قوتها لم تعد أي من الارقام المالية بل تحولت الى فراغ واحيل بين العامل بداخلها وبين الواقف امامه من الزوار سد من الزجاج. تحولت «مشنقة الموت» التى كثيرا ما شهدت توافد الآلاف من زوار المتحف عليها الى قطع من الخشب المصلبة والتى تراكم عليها التراب بكثافة معرضة لأشعة الشمس وللهواء وكل عوامل التعرية بدون رقابة من أحد. هم 80 موظف مقسمين ما بين أقسام الأمن والنشاط الثقافى والعلاقات العامة وأمناء متحف وشئون عاملين ومحاسبين يجلسون داخل المبنى يوميا يأتون الى العمل لإنهاء عدد من المصالح الروتينية التى لا تليق باشخاص ظلوا طوال حياتهم المهنية يعملون من أجل خدمة المواطنين واستقبال الزيارات من طلاب المدارس والبعثات الخارجية, يجلس عدد منهم على ارصفة المتحف الداخلية يتحدثون معا فى أمور مختلفة يكسو وجوههم هم كبير من الفراغ الذى سيطر على حياتهم. «ممنوع التصوير يا أستاذ» بهذه الالفاظ بدأ أحد العاملين الحديث معنا ليمنع تصوير اى من الاشياء الموجودة بالمتحف والتى تحولت الى ركام من التراب لا يستطيع احد ان يغير ما فيها إلا بقرار من وزارة الثقافة. قرر العمال الخروج من المتحف والحديث عن الأحوال الخاصة به بسبب القرارات العليا, بدا الحديث معنا أحد العاملين ومرارة الغضب تسيطر على حالة «رافضا ذكر اسمه»: المتحف مغلق منذ ثلاثة أعوام ونصف وذنبه فى رقبة وزير الثقافة الأسبق الدكتور فاروق حسنى بعد ان أصدر قراراً بإغلاق المتحف عقب سرقة لوحة زهرة الخشخاش بسبب ان كاميرات المراقبة لاتعمل بصورة جيدة رغم اننا كنا نقوم بعملنا بكل الإمكانيات أمامنا. مضيفاً: عقب سرقة لوحة زهرة الخشخاش تحولت حياتنا إلى جحيم بحجة عمل تطوير وترميمات داخلية إلا انه لم يتم عمل سوى مجموعة بسيطة من الخرسانات الداخلية فقط وعندما قامت الثورة لا نعرف ماذا حدث ولم يأت المقاول الى هذا اليوم وكل يوم نقوم بعمل مذكرات لاننا نريد ان نعمل ولكن لا احد ينظر الينا ولا احد يهتم بنا.