واستطاع الربيع الأخضر حيث الورد والفل والياسمين أن «يطرق أبواب الأمة العربية في ثوب قشيب من السياسة وأنظمة الحكم» وهل نجح.. ربيع الطبيعة أن يرسم ويخطط لوجوده مع الأمة العربية شعبا قد ثار وحكومات انهارت وأصبحت خبرا من الأخبار أو هي في «عز الربيع» وراء الأسوار ورهن الحبس والاعتقال. بدأ الربيع السياسي يطرق أبواب الخضراء تونس، ومعه تذكرنا الوصف العربي الشاعري الرائع للشاعر الجميل في كل شعره «البحتري» حين خاطب الدنيا فرحا بمقدم الربيع: أتاك الربيع الطلق يختال باسما ... من الحسن حتي كاد أن يتكلما وقد نبه النيروز في غسق الدجى ... أوائل ورد كن بالأمس نوما تماما كما كان في الربيع السياسي، وكان الشعب العربي - مواجهة حكامه والذي كان في ثبات نوم عميق - حتي تمكن الشعب أن يستيقظ علي طرقات الحرية ووقف عملاقا في ميدان العزة والكرامة يريد الحياة وكانت استجابة المقادير وردده في صوت عال «هادر كأمواج البحر أو كشلالات الجنوب» وفي صوت واحد: إذا الشعب يوما أراد الحياة ... فلابد أن يستجيب القدر ولابد لليل أن ينجلي .. ولابد للقيد أن ينكسر وكان للشعب ما أراد،وكانت الثورة في تونس وامتد لهيبها الي مصر الحبيبة، ثم انتفض الشعب الليبي ضد القذافي وتمكن أن يقتله بطريقة «سينمائية» أو هكذا يموت الرؤساء الذين لعبوا في حياتهم مثل هذه الأدوار وامتد لهيب الثورة في سماء الأمة العربية، والملاحظة الجوهرية والسؤال يتردد علي ألسنة شعوب هذه الأمم: هل أتت الثورة هنا أو هناك ثمارها؟ وهل عادت الطمأنينة والأمن والأمان، وحقوق الإنسان هدية من الثورة الي من حمل لواءها والتي في سبيل تحقيقها كانت دماء الشهداء خير شاهد ومعبر علي أن الدم هو الحقيقة المؤكدة في ثبات الشعوب وبناء صرحها من حديد.. وكل هذا كان يدق علي أبواب مصر.. ولكن وقد دفعت مصر الثمن غاليا وانتظرت أن تقطف ثمار ثورتها الأولي وأيضا الثانية إلا أن «الطابور الخامس» والمجهول الذي عكر مياه النيل الصافية بدأ يبطش في الأرض «جبارا شقيا» واستخدم كل صور القهر والإرهاب والدمار أسلوبا انتهجه للوقوف ضد المسيرة الثورية الخضراء» ولكن مادام في مصر شعب أراد الحياة ودفع الثمن من دماء أعز الناس «الشهداء».. الذين قدموا أرواحهم فداء لسعادة البلاد والعباد. «وقبل شهيدا علي أرضها دعا باسمها الله واستشهدا» وللعلم مادام في مصر شعب صمم علي الحياة بعزيمة جبارة فإن دماء شهدائهم لن يضيع هباء أو قبض الريح سواء هنا في الأرض «لمصر الخلود» أو هناك في السماء في «مقعد صدق عند مليك مقتدر».. إن هي إلا غمامة سوف تحرقها أشعة شمس في عليائها نحو غد جميل قد أطل صباحه، لأن أبناء مصر «مواكبا.. مواكبا»: يمشون في شوق وفي جزل لأنهم تحت ظل الله يمشونا. البناء والرفاهية وعنوان الأمل القريب والأمن والأمان قد كتبتها دماء الشهداء، وسوف نري ورؤيانا صادقة «أنه آن لليل الأسود أن ينتهي وللقيد والدمار والبلطجة والاغتيالات العمياء سوف تذروها الرياح.. وأن موعدنا مع القدر وسنري وتري الدنيا معنا، «إن نصر الله قريب» وأنه بالصبر والإيمان والعزيمة القادرة علي مواجهة كل صور القدر البشري هي المنتصرة ولنا في رسول الله - صلي الله عليه وسلم - أسوة حسنة وقصة «الهجرة النبوية» وهذا موعدها كفار الأمس كفار قريش حول الغار ويقول النبي لصاحبه أبي بكر الصديق: «لا تحزن إن الله معنا» وأقول لشياطين اليوم ما قاله الحكماء عن انتصار الحق في مواجهة الظلم: وأدبروا ووجوه الأرض تلعنهم كباطل من خلال الحق منهزم لولا يد الله بالجاريين ما سلما ... وعينه حول ركن الدين لم يقم تواريا بجناح الله واستترا ... ومن يضم جناح الله لا يضم ودائما وأبدا إلي لقاء تحت ظل عدالة قدسية الأحكام والميزان.