مع بدء العد التنازلي للاستفتاء على الدستور بات الحديث عن الضمانات المطلوبة لنزاهة الاستفتاء، وغلق الباب أمام الطعن عليه حتمياً، خاصة أن يوم الاستفتاء ليس يوماً عادياً، وإنما معركة بين الشعب المصرى الذى خرج بالملايين فى 30 يونية لإنهاء حكم الإخوان والتخلص من دستورهم المشوه، وبين جماعة الإخوان التى تحشد بكل قوتها من أجل إفساد هذا اليوم الذى يعتبر فارقاً فى تاريخها. فجماعة الإخوان تعى جيداً أن وصول خارطة الطريق لمرحلة الاستفتاء علي الدستور قضاء علي كل أحلامهم بالعودة حتي إلي أوضاعهم قبل ثورة 25 يناير, خصوصاً بعد محاكمة الرئيس المعزول محمد مرسي. كما أن عبور المرحلة الحالية بحسب المراقبين السياسيين لا يستلزم إقرار الدستور، ولكن فقط يستلزم وجود مشاركة كبيرة في الاستفتاء بنسبة لا تقل عن 75%، وحتي لو تم رفض الدستور, لكن المشاركة في الاستفتاء ستعكس وجود ثقة وشعبية للسلطة الحالية، وبالتالي فالمشاركة في الدستور ستعكس داخلياً وخارجياً شعبية الإداره الحالية للبلاد. وبما أن يوم الاستفتاء هو الفصل الأخير فى مسرحية حكم الإخوان ، فإن وجود ضمانات للشفافية ونزاهة هذا الاستفتاء، بما يغلق الباب على المزايدين أمر حتمي، خاصة أن الاستفتاء على دستور الإخوان فى 2012 شابه الكثير من العوار بدأ بمقاطعة القضاة مروراً باكتشاف أوراق مزورة فى المطابع الأميرية، وأقلام حبر سرية وانتهاءً بنسبة تصويت ب«نعم» عليه لم تتجاوز 63 %. حول أهم الضمانات المطلوبة لنزاهة الاستفتاء قال أحمد عودة، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد: «خير ضمانة لنزاهة الاستفتاء هى الإشراف القضائى الكامل من بداية عملية التصويت إلى نهايتها، خاصة أننا أمام هيئة مستقلة وشخصية اعتبارية مسئولة عن إجراء الانتخابات، لغلق السبل على وسائل التزوير المختلفة التى انتشرت فى عهد نظام مبارك ومن بعده مرسى، الذى سمعنا لأول مرة فى عهده عن بطاقات مزورة داخل المطابع الأميرية، فضلاً عن أقلام الحبر السرية. وقارن عودة بين الاستفتاء على دستور ثوره 30 يونية وبين دستور الإخوان ، مؤكداً وجود فارق كبير، فدستور الإخوان رفض 90% من القضاة الإشراف عليه، ولم يشارك سوى 10% فقط، وقامت الجماعة بجعل موظفين مدنيين ينتحلون صفة قضاة للتغطية على نقص الإشراف القضائى على كافة اللجان. وأردف قائلاً: «دستور الإخوان جرى تزويره بطريقة بشعة وفجة، وقاطعه نسبة كبيرة من الشعب المصرى إلى جانب قطاع أكبر من الرافضين له، ورغم ذلك تم إقراره رغماً عن الجميع وكان سبباً رئيسياً فى زيادة الغضب الشعبى تجاه مرسى وجماعته. وشدد عودة على ضرورة السماح لكافة المنظمات الحقوقية الدولية منها والمحلية على الإشراف على الاستفتاء على الدستور، معللاً ذلك بالرغبة فى إظهار حجم التأييد للدستور، مضيفاً: «ليس لدينا ما نخفيه عن العالم ونريد أن يرى الجميع حقيقة إصرار الشعب على السير قدماً فى تنفيذ خارطة الطريق»، وأكد أن «نجاح الدستور يتوقف على خروج الشعب المصري بجميع فئاته وبأكبر عدد للتصويت وتابع: «نريد أن نجتاز المرحلة الانتقالية لتقف مصر على قدمها وتستعيد عافيتها، متوقعاً أن يحصل الدستور على نسبة موافقة وتأييد تصل إلى 90%، مضيفاً: «صحيح لا يوجد عمل بشرى كامل وهناك كثير من المواد التى عليها تحفظات لكنها مواد سهل تعديلها بعد مجىء مجلس الشعب القادم». واتفق معه فى الرأى أبو العز الحريرى، النائب السابق، مؤكداً أن أكبر ضمان للاستفتاء هو الدستور نفسه الذى أعد بدقة، ومشى على خطى ثابتة واضحة ومحددة وفقاً لخارطة طريق طالب بها جموع الشعب المصرى. واستطرد الحريرى قائلاً: «شتان بين دستور اليوم ودستور الإخوان الذى أعد من قبل جمعية تأسيسية باطلة بأكثر من حكم قضائى، ومجلس شورى منحل، فى حين أن الاستفتاء على الدستور الآن يمشى بخطى ثابتة نحو المستقبل، مشدداً على ضرورة نزول قوات الجيش والداخلية بكثافة لتأمين عملية الاستفتاء على الدستور وانتخابات الرئاسة وبما يحقق أكبر قدر من النزاهة والشفافية المرجوة خلال تلك الفترة، والذى بدوره يقطع الطريق على أى محاولات للتشكيك فى النتيجة ويخرس الألسنة. ولف الحريرى إلى أهمية أن تتواجد قوات الأمن لردع من يفكرون في إحداث أعمال شغب وعنف أو أي محاولة لتخريب عملية الاستفتاء على الدستور من أفراد جماعة الإخوان المسلمين، لافتاً إلى أهمية الإعلان المبكر عن أماكن التصويت للمواطنين لسهولة التنقل. وفى سياق متصل، طالبت داليا زيادة، المدير التنفيذي لمركز ابن خلدون للدراسات الإنمائية والاستراتيجية بالسماح لكافة منظمات المجتمع المدنى المحلية منها والدولية بالرقابة على الاستفتاء، لضمان سير عملية الاستفتاء بأعلى قدر من الشفافية، منعاً لحدوث أى تجاوزات من شأنها أن تعرقل عملية التصويت أو تشوبها بالبطلان. واستطردت المدير التنفيذي لمركز ابن خلدون قائلة: «للمجتمع المدني دور مهم جداً لدعم ثقة المواطنين بصندوق الانتخابات كما أظهر استطلاع أجراه المركز مؤخراً وأظهر رغبة 83% من العينة فى رقابة المجتمع الدولى على الاستفتاء، وهو أمر مبشر، حيث إن غالبية العينة التي قالت بأنها ستشارك في التصويت ربطت ذلك بوجود المجتمع المدني كمراقب». وأضافت: «يجب على الدولة اتخاذ كافة التدابير اللازمة لتشجيع المواطنين على المشاركة بفاعلية في التصويت على الاستفتاء ثم في الانتخابات البرلمانية والرئاسية القادمة، ومنها على سبيل المثال لا الحصر تأمين مقار الاقتراع، وتسهيل وصول الناخبين لأماكن الاقتراع، واتباع المعايير الدولية التي تضمن نزاهة وحرية الانتخابات، والشفافية لأقصى درجة في إعلان النتائج أولاً بأول».