15 يونيو 2025.. البورصة المصرية تقلص الخسائر مع نهاية التعاملات    الرقابة المالية تضاعف نسبة الأموال المخصصة لشركات التأمين إلى 10%    مدبولى: مخطط طرح أول المطارات المصرية للإدارة والتشغيل قبل نهاية العام الجاري    استمرار أعمال توريد القمح بتوريد 508 آلاف طن قمح منذ بدء موسم 2025 بالمنيا    نتنياهو: نخوض معركة وجودية مع إيران.. وطهران ستدفع ثمن قصفها لإسرائيل    «اختبار قوي لشخصية المدرب» حازم إمام يعلق على تصرف تريزيجيه أمام إنتر ميامي    محافظ الفيوم يتفقد عددا من لجان الثانوية العامة للاطمئنان على سير الامتحانات    ضبط 4 أطنان سلع مجهولة المصدر في حملة تموينية مكبرة بمركز ومدينة بسيون    مجلس النواب يُحيل 5 قوانين للبحث والتنقيب عن البترول للجان المختصة    الرئيس السيسى يصدّق على إطلاق مبادرة "مصر معاكم" للأبناء القصر للشهداء    العراق: نرفض بشدة اختراق أجوائنا فى الحرب الإيرانية الاسرائيلية ونبذل أقصى درجات ضبط النفس    وكيل الأزهر يشكل لجنة عاجلة لفحص شكاوى طلاب العلمي من امتحان الفيزياء    إحباط تهريب بضائع عبر المنافذ الجمركية    قوافل الأحوال المدنية تواصل تقديم خدماتها للمواطنين بالمحافظات    محمد فضل شاكر يشارك شيرين عبد الوهاب حفل ختام مهرجان موازين    وزير الأوقاف: الإمام الليث بن سعد قامة علمية ووطنية ملهمة    في عيد ميلاده ال33.. محمد صلاح يخلد اسمه في سجلات المجد    هذه القافلة خنجر فى قلب القضية الفلسطينية    الرئيس السيسي يؤكد لنظيره القبرصي رفض مصر توسيع دائرة الصراع بالشرق الأوسط    حزب العدل والمساواة يعقد اجتماعًا لاستطلاع الآراء بشأن الترشح الفردي لمجلس الشيوخ    تنفيذ 25 قرار إزالة لتعديات على أراض بمنشأة القناطر وكرداسة    محافظ بورسعيد يتفقد غرفة عمليات الثانوية العامة لمتابعة انتظام الامتحانات في يومها الأول    وزيرة التنمية المحلية تتفقد أعمال تنفيذ المرحلة الأولى من تطوير سوق العتبة بتكلفة 38 مليون جنيه    سعادة بين طلاب الثانوية العامة في أول أيام مارثون الامتحانات بالقليوبية    "لا للملوك": شعار الاحتجاجات الرافضة لترامب بالتزامن مع احتفال ذكرى تأسيس الجيش الأمريكي    وصول جثمان نجل الموسيقار صلاح الشرنوبي لمسجد عمر مكرم    عضو حزب المحافظين البريطاني: إسرائيل تقترب من تحقيق أهدافها    100 ألف جنيه مكافأة.. إطلاق موعد جوائز "للمبدعين الشباب" بمكتبة الإسكندرية    نظام غذائي متكامل لطلبة الثانوية العامة لتحسين التركيز.. فطار وغدا وعشاء    "برغوث بلا أنياب".. ميسي يفشل في فك عقدة الأهلي.. ما القصة؟    حسين لبيب يعود إلى نادي الزمالك لأول مرة بعد الوعكة الصحية    رئيس النواب يفتتح الجلسة العامة لمناقشة مشروع الموازنة العامة للدولة    فوز طلاب فنون جميلة حلوان بالمركز الأول في مسابقة دولية مع جامعة ممفيس الأمريكية    يسري جبر يوضح تفسير الرؤيا في تعذيب العصاة    جامعة القاهرة تنظم أول ورشة عمل لمنسقي الذكاء الاصطناعي بكلياتها أكتوبر المقبل    المؤتمر السنوي لمعهد البحوث الطبية يناقش الحد من تزايد الولادة القيصرية    لأول مرة عالميًا.. استخدام تقنية جديدة للكشف عن فقر الدم المنجلي بطب القاهرة    وائل كفوري يشعل أجواء الصيف بحفل غنائي في عمّان 15 أغسطس    تحرير 146 مخالفة للمحلات لعدم الالتزام بقرار ترشيد استهلاك الكهرباء    الأنبا إيلاريون أسقفا لإيبارشية البحيرة وتوابعها    البابا تواضروس يترأس قداس الأحد في العلمين    الأردن يعلن إعادة فتح مجاله الجوي بعد إجراء تقييم للمخاطر    9.5 مليار جنيه ل«مُربى البتلو»    «فين بن شرقي؟».. شوبير يثير الجدل بشأن غياب نجم الأهلي أمام إنتر ميامي    تداول امتحان التربية الدينية بجروبات الغش بعد توزيعه في لجان الثانوية العامة    فيلم سيكو سيكو يحقق أكثر من ربع مليون جنيه إيرادات ليلة أمس    محافظ أسيوط يفتتح وحدتي فصل مشتقات الدم والأشعة المقطعية بمستشفى الإيمان العام    توافد طلاب الدقهلية لدخول اللجان وانطلاق ماراثون الثانوية العامة.. فيديو    حظك اليوم الأحد 15 يونيو وتوقعات الأبراج    متى تبدأ السنة الهجرية؟ هذا موعد أول أيام شهر محرم 1447 هجريًا    مقتل ثلاثة على الأقل في هجمات إيرانية على إسرائيل    الغارات الإسرائيلية على طهران تستهدف مستودعا للنفط    اليوم.. الأزهر الشريف يفتح باب التقديم "لمسابقة السنة النبوية"    أصل التقويم الهجري.. لماذا بدأ من الهجرة النبوية؟    لافتة أبو تريكة تظهر في مدرجات ملعب مباراة الأهلي وإنتر ميامي (صورة)    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الاحد 15-6-2025 في محافظة قنا    هاني رمزي: خبرات لاعبي الأهلي كلمة السر أمام إنتر ميامي    موعد مباراة الأهلي وإنتر ميامي والقنوات الناقلة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



بعد الفضيحة الأمريكية.. تليفونك جاسوس إسرائيلى !

من يمتلك التقنية يحق له التجسس على مستخدميها، هذا هو شعار عصر التكنولوجيا الذي تحول إلى حرب شرسة لا تفرق بين عدو وحليف ولا تستثني قوياً أو ضعيفاً، فلم تمر أيام على فضيحة التجسس الأمريكية على رؤساء وقادة الدول الأوروبية والعربية حتى فاجأنا التليفزيون الإسرائيلي بفك شفرة الوحدة 8200
مؤكدا أنها متخصصة في التجسس على الشباب العربي تحديدا ومن مهامها التنصت والرصد على أجهزة الاتصال السلكية واللاسلكية والهواتف الأرضية والنقالة، وأجهزة اللاسلكي، وترتبط هذه الوحدة بأهم وأكبر قاعدة تجسس إلكترونية صهيونية بالنقب للتنصت على البث الإذاعي والمكالمات الهاتفية والفاكس والبريد الإلكتروني في قارات آسيا وإفريقيا وأوروبا.
ليس هذا فحسب، بل إن إسرائيل نفسها تتجسس على حليفتها الكبرى أمريكا وتسقي واشنطن من نفس الكأس الذي جرعته الوكالة الامريكية لدول أوروبا، وأصبحت القاعدة الدولية الجديدة «الكل يتجسس على الكل» ما دام يتحكم في شفرة وأدوات التقنية المتقدمة ولا تمتلك الشعوب النامية سبل الوقاية منها.
الوحدة 8200 ثانى أكبر قوة تجسس فى العالم
كشفت تقارير عبرية أن إسرائيل خصصت وحدة تجسس ومراقبة إلكترونية لرصد تحركات ومراسلات الشباب العربى عبر وسائل التواصل الالكترونى وتقوم باستقطابهم عبر غرف الدردشة، وأن هذه الوحدة ترصد أولا بأول التحولات التى طرأت على العالم العربى خاصة الشباب، وذلك لتسجيل التحولات والمتغيرات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وتغذية صناع القرار بها، وكذلك وحدات الاستخبارات الأخرى، من أجل إيجاد جسور للتواصل لتجنيد الشباب العربى للتعاون مع اسرائيل، وقال تقرير لصحيفة معاريف العبرية إن إسرائيل أصبحت ثانى اكبر قوة تجسس فى العالم بعد أمريكا فى السنوات الأخيرة، وان الدور الذي تقوم به «وحدة الاستخبارات التى تحمل رقم « 8200» التابعة لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية (أمان)، قد جعلها ثانى أكبر دوله فى مجال التصنت بعد الولايات المتحدة الأمريكية، وقال عمير رايبوبورت كاتب التقرير إنه بفضل أمريكا حققت إسرائيل تقدما هائلا في مجال صناعة التقنيات المتقدمة، وقد تم توظيف هذه التقنيات بشكل كبير في تطوير وتوسيع عمليات التنصت التي تقوم بها الوحدة،، وان شركات القطاع الخاص تقوم بدعم الوحدة باختراعات تعزز من قدرات التنصت، لافتا إلى أن الحواسيب المتطورة التابعة لوحدة 8200 قادرة على رصد الرسائل ذات القيمة الاستخباراتية من خلال معالجة ملايين الاتصالات ومليارات الكلمات.
ونوه المعلق العسكري الإسرائيلى «يوآف ليمور» على موقع إسرائيل اليوم الى وجود تحول خطير طرأ على عمل الوحدة « 8200» التي يقودها ضابط كبير برتبة عميد، منذ أن تفجر ثورات الربيع العربى، وان الوحدة باتت تركز معظم اهتمامها وعملها على متابعة مواقع التواصل الاجتماعي التي يرتادها الشباب العربي، وبصفة خاصة فيسبوك وتويتر، وذلك لرصد التحولات السياسة والاجتماعية والنفسية التى طرأت على الشباب العربى مع هذه الثورات، وإعداد تصورات حول كيفية التعامل مع الشباب العربى فى المراحل المقبلة، حتى لا تتعرض إسرائيل للمفاجأة كما حدث مع تفجر الثورات العربية، ولفت «ليمور» إلى أن وحدة 8200 مسؤولة أيضاً عن قيادة الحرب الإلكترونية في الجيش الإسرائيلي، علاوة على قيامها بعمليات تصوير، فضلاً عن أن الضباط والجنود العاملين في إطارها يتولون القيام بعمليات ميدانية أثناء الحروب والعمليات العسكرية.
وتعد وحدة التجسس الاسرائيلية «8200» أو وحدة SIGINT هى فيلق وحدة الاستخبارات المسؤولة عن التجسس الإلكتروني عن طريق جمع الإشارات وفك الشفرة، وهى مسؤولة عن قيادة الحرب الإلكترونية في الجيش الإسرائيلي، وتم تدشينها منذ ثلاثة عقود من قبل جهاز «أمان»، الذي يعتبر أكبر الأجهزة الاستخبارية الصهيونية، وتتمثل أهداف الوحدة «8200» فى المساهمة لتقديم رؤية استخبارية متكاملة مع المعلومات التي توفرها المصادر البشرية القائمة على العملاء وقد وجهت ومؤخرا لرصد الشباب لعربى عبر مواقع التواصل الاجتماعى .
وتعتمد الوحدة على ثلاث صور من صور العمل في المجال الاستخباري وهي: الرصد، والتنصت، والتصوير، والتشويش. ويتطلب هذا النوع من المهام مجالا واسعا من وسائل التقنية المتقدمة. يقوم مجمع الصناعات العسكرية الصهيونيةالذي تملكه الحكومة خصيصا بتطوير أجهزة إلكترونية، وقد ساهم التقدم الهائل الذي حققته إسرائيل في مجال صناعة التقنيات في تطوير وتوسيع عمليات التنصت التي تقوم بها الوحدة .
وتضم القاعدة 30 برجا هوائيا وصحونا لاقطة من أنواع واحجام مختلفة مهمتها التنصت على المكالمات الهاتفية واختراق العناوين الإلكترونية التابعة لحكومات أجنبية ومنظمات دولية وشركات اجنبية ومنظمات سياسية إضافة إلى الأشخاص والافراد بجانب مراقبة حركة السفن في البحر المتوسط إضافة إلى اعتبارها مركزاً مهماً لشبكات التجسس عبر الكوابل البحرية التي تربط الكيان الصهيوني (إسرائيل) بدول أوروبا عبر مياه المتوسط إضافة لامتلاك القاعدة محطات تنصت سرية تزيد من فاعليتها .
وتمتلك الوحدة 8200 العديد من القواعد المنتشرة في البلاد والمصنفة كوحدات مركزية لجمع المعلومات تحمل اسم «سيغينت» وتعمل الوحدة المذكورة في محالات التنصت، الاعتراض، التحليل، الترجمة، ونشر المعلومات المتوفرة لديها من خلال التنصت على البث الإذاعي والاتصالات الهاتفيه واعتراض الفاكسات والبريد الإلكتروني ومن أهم انجازات الوحدة 8200 التي نالت تغطية اعلامية كبيرة اعتراض مكالمة هاتفية جرت بين الزعيم الراحل جمال عبد الناصر والملك الأردني الراحل الحسين بن طلال وذلك أول أيام حرب 1967 وكذلك اعتراض مكالمة هاتفية جرت بين ياسر عرفات ومسلحين تابعين لمنظمة جبهة التحرير الفلسطينية «أبوالعباس» الذين اختطفوا عام 1985 سفينة الركاب الإيطالية اكيلو لاورو أثناء إبحارها في مياه المتوسط، والوحدة مسؤولة عن زرع أجهزة تنصت في مكاتب ومرافق حيوية في عمق البلدان العربية، خصوصا البلدان التي تكون في حالة عداء مع إسرائيل، كما تتعاون بشكل وثيق مع وحدة «سييرت متكال» والتي تتبع مباشرة لرئيس شعبة الاستخبارات العسكرية.
تل أبيب وواشنطن تاريخ طويل من التحالف والتجسس
لم تتوقف إسرائيل يوما عن التجسس على حليفتها الكبرى امريكا إذ إن تاريخ التجسس الإسرائيلى على امريكا يعود إلى إنشاء إلدولة اليهودية، ففي الأربعينيات قام أول ملحق عسكري أرسل إلى واشنطن في يونيو 1948 هو إفرايم بن- أرتزي بتشكيل مجلس يضم أربعة أشخاص للتجسس على الولايات المتحدة.
وفي عام 1956 اتصل مسؤول إسرائيلي كبير اسمه أيزنشتاد بمسؤول في السفارة الأميركية يدعى «ايرل آي جنسن» وعرض عليه مبلغاً من المال مقابل الحصول له على معلومات سرية ووثائق. فتظاهر جنسن بالقبول وقام بإشراف مكتب التحقيقات الفدرالي بتسليم مواد مختارة لعميلين إسرائيليين وهما أبرامسكي ونيفوث، (والاسمان مأخوذان من وثيقة سمحت وزارة الخارجية بالاطلاع عليها ولم يرد فيها الاسم الأول لكل منهما وعندما نُقل جنسن إلى واشنطن تبعه العميلان الإسرائيليان لمواصلة عملهما.
وفي أواسط الستينات قام مكتب التحقيقات الفيدرالي بالتوسع في التحقيق الذي كان يقوم به إذ ذاك مع لجنة الطاقة الذرية حول احتمال قيام مؤسسة المواد والطاقة الذرية (NUMEC) في بلدة أبولو بولاية بنسلفانيا بتحويل اليورانيوم المصنّع لإسرائيل.
وكان مكتب التحقيقات حريصاً بالدرجة الأولى على صيانة الوثائق السرية المتعلقة بتقنية الأسلحة المخزونة في أبولو. على أن بعض الزوار الإسرائيليين وبينهم رفائيل إيتان تمكنوا من الوصول إلى تلك الوثائق وكان إيتان معروفاً عندئذ بعلاقته بالمخابرات الإسرائيلية.
وفي عام 1969، وبناء على توصيات مكتب التحقيقات الفيدرالي، تمّ إلغاء عقد مؤسسة المواد والطاقة الذرية وسحب التصريح بإيداع الوثائق المتعلقة بالأسلحة فيها، وعدم السماح للدكتور زالمان شابيرو، رئيس المؤسسة، بالاطلاع على الوثائق.
وربما كان الكولونيل يوسف لانجوتسكي أشد الجواسيس الذين أرسلتهم إسرائيل إلى الولايات المتحدة إزعاجاً ومثابرة. وقد تنبّه له مكتب التحقيقات الفيدرالي بعد وقت قصير من تعيينه في أواسط سنة 1976 مساعداً للملحق العسكري في السفارة الإسرائيلية بواشنطن. وقد تمكّن من اختراق المناطق الحساسة المغلقة بوزارة الدفاع الأميركية مرات عديدة. وحاول بطرق غير لائقة تجنيد موظفين بوزارة الدفاع للتجسس. وبعد أن أنذرت الوزارة السفارة الإسرائيلية عدة مرات رفضت أن تتعاون معه بأي وجه ومنعته من الاتصال بها. وفي أوائل عام 1979 استدعته الحكومة الإسرائيلية.
وفي عام 1983 قام مكتب الأمن التابع لوكالة المخابرات بوزارة الدفاع الأميركية بتفتيش مكان عمل وبيت أستاذ كبير في كلية وزارة الدفاع للتجسس. وكان عدد من زملائه قد رفعوا تقارير حول علاقاته المشبوهة بمسؤولين إسرائيليين عسكريين يعملون بالمخابرات. ولم يعثر مكتب الأمن على أية وثائق سرية مسروقة خلال التفتيش لكنه عثر على مئات الكتب الممزقة التي كانت قد سُحبت بالاحتيال والتزوير من مكتبة الكلية وشُوّهت. وعلى أثر ذلك قامت وزارة الدفاع بإحالة القضية على النيابة العامة.
وكان آخر جاسوس إسرائيلى على واشنطن هو جوناثان بولارد والذى اعتقل في نوفمبر 1985 بتهمة القيام بأعمال تجسس على الولايات المتحدة لصالح إسرائيل . فالضرر الذي ألحقه بولارد بمصالح الأمن الأميركي قد يكون من المستحيل الإحاطة بأبعاده. فما قدّمه للإسرائيليين يشتمل على أكثر من ألف وثيقة سرية بينها وثائق تقع الواحدة منها في مئات الصفحات. ومنها ما كان مصنّفاً بين الوثائق السرية جداً أو ما يُعرف «بالوثائق المصنفة الحساسة» التي تشتمل على «معلومات عن الأنظمة التكنولوجية المتقدّمة لجمع المعلومات وما جُمع بواسطتها».
وتشتمل هذه الوثائق على معلومات مفصّلة عن حكومات الشرق الأوسط وجيوشها، وعن مواضع السفن وأساليب الحرب وأنظمة الأسلحة الأميركية، وعن تحليل الأمريكيين لأنظمة الصواريخ السوفييتية. كما تشتمل على معلومات وافرة عن أساليب المخابرات الأميركية البشرية والإلكترونية في جمع الأخبار. وحذّرت وزارة العدل بصورة خاصة من أن الحصول على تلك المعلومات يكشف هوية المخبرين الذين تستخدمهم المخابرات الأميركية في الشرق الأوسط وربّما في أماكن أخرى. وفي البداية على الأقل وصلت غالبية هذه الوثائق المسروقة إلى الحكومة الإسرائيلية كما أن بولارد وزوجته قدّما بعض هذه الوثائق لجمهورية الصين الشعبية وأطلعا بعض أصدقائهما عليها.
البيت الأبيض .. من «ووتر جيت» إلى «أوباما جيت»
تعود أشهر فضائح التجسس الأمريكي إلى فترة حكم الرئيس السابق ريتشارد نيكسون في السبعينات من القرن الماضي، الذي تولى رئاسة بلاده بفارق طفيف للغاية منافسه الديمقراطي هيوبرت همفري. وجد نيكسون نفسه بحاجة ماسة للتجسس، إذ أراد تمديد رئاسته لمدة أخرى، على مكاتب الحزب الديمقراطي في مبنى «ووتر جيت»، إلا أن إلقاء القبض على 5 أشخاص من المكلفين بزراعة أجهزة تجسس على مكاتب الحزب المنافس، أدى إلى توجيه أصابع الاتهام لنيكسون شخصيا، واضطرته اعترافات بعض هؤلاء المقبوض عليهم إلى تقديم استقالته، والمثول أمام المحكمة في واشنطن، الأمر الذي انتهى بسجنه، ليخرج بعدها بعفو رئاسي من الرئيس جيرالد فورد.
لكن في يونيو من هذا العام، كشفت صحيفة جارديان البريطانية عن وثيقة مسربة من وكالة الأمن القومي الأمريكية NSA تتحدث عن مشروع تجسس ضخم يمكن الاستخبارات الأمريكية من الدخول إلى أنظمة كبرى شركات الإنترنت ومنها مايكروسوفت وجوجل و فيسبوك وجلب أية معلومات تحتاجها عن أي مستخدم لتلك الشركات وبدون أية عقبات.
الوثيقة التي حصلت عليها جارديان عبارة عن عرض تقديمي ببرنامج باور بوينت مؤلف من 41 شريحة مصنف على أنه بالغ السرية ويبدو أنه يستخدم لتدريب عملاء الإستخبارات على إمكانيات هذا النظام. كما قامت الصحيفة بالتأكد من صحة هذا المستند والذي يعود تاريخه إلى شهر أبريل من العام الحالي 2013. والمشروع عبارة عن برنامج يحمل اسم بريسم PRISM و يتم تنزيله على أنظمة الشركات، ويمكن هذا البرنامج أجهزة الإستخبارات من الحصول على كافة المعلومات التي تملكها شركات الإنترنت (من تاريخ المحادثات والصور و الأسماء و الملفات المرسلة والمكالمات الصوتية و الفيديو…إلخ) وحتى أوقات دخول المستخدم وخروجه وبشكل فوري (Realtime).
أوضحت الصحيفة البريطانية أن المشروع بدأ في سنة 2007 وبسرية تامة، وأول من شارك به كان شركة مايكروسوفت منذ إنطلاقه في شهر يناير من ذلك العام، ثم لحقتها ياهو في 2008، ثم جوجل وفيسبوك وبالتوك في 2009، ثم يوتيوب في 2010 وسكايب وAOL في 2011 وفي النهاية آبل في 2012. و المشروع مستمر بالتوسع ليضم شركات أخرى ومنها دروب بوكس بحسب الوثيقة. أي أن المشروع غطى معظم مواقع التواصل والبريد الإلكتروني على الإنترنت وهو ما يثير قلق المستخدمين بشكل كبير حتى أنه أعتبر أكبر فضيحة في تاريخ الإنترنت. لكن معظم الشركات التي قامت جارديان بمراسلتها عن هذا المشروع أنكرت معرفتها عن وجود برنامج حكومي كهذا أو حتى عن سماعها باسمه من قبل. وأكثر ما يثير الجدل هو أن هذا البرنامج يمكن وكالات الإستخبارات من الحصول على ما تريد من معلومات بدون مذكرة أو تصريح رسمي وبدون الحاجة إلى إذن من الشركات المشاركة بالمشروع، مما يعد خرقاً كبيراً للخصوصية.
كانت تلك الحلقة الاولى في الفضيحة، وبعدها بأيام نشرت الصحيفة خريطة توضح نشاط التجسس على أجهزة مستخدمي الكمبيوتر حول العالم، قامت بها وكالة الأمن القومي الأمريكية، خلال مارس الماضي، تظهر أرقام البيانات، التي حصلت عليها الوكالة. وكشفت الوثيقة أن عدد «نقاط البيانات»، التي حصلت عليها الصحيفة خلال مارس فقط بلغت 97 مليار نقطة من شبكات كمبيوتر مختلفة حول العالم. وجاءت إيران على قائمة الدول الأكثر جمعا للمعلومات من جهة الوكالة بمجموع 14 مليار نقطة بيانات، ثم باكستان 13.5 مليار تليها الأردن 12.7 مليار، بعدها مصر 7.6 مليار نقطة بيانات.
وأقر «جيمس كلابر»، مدير المخابرات القومية الأمريكية بقيام السلطات الحكومية بتجميع بيانات لبعض مستخدمي الإنترنت، لكنه أشار إلى أن ذلك لا يشمل المواطنين الأمريكيين أو المقيمين على الأراضي الأمريكية. وقال «كلابر» إن القانون الذي يسمح لوكالات حكومية أمريكية بجمع بيانات من شركات الإنترنت يجيز فقط استهداف أشخاص غير أمريكيين، وخارج الولايات المتحدة.
وكان إدوارد سنودن، الذي عمل كمتعاقد مع وكالة الأمن القومي الأمريكية، هو الذي سرب تلك الوثائق إلى صحيفتي جارديان البريطانية وواشنطن بوست الأمريكية. يقول عنه الصحفي الأمريكي جلين جرينوالد في مقابلة منشورة منذ شهرين في صحيفة لاناسيون الأرجنتينية ان «سنودن» لديه ما يكفي من المعلومات ليلحق في دقيقة إضافية أضرارا أكبر من تلك التي تسبب بها أي شخص آخر في تاريخ الولايات المتحدة.
لم يكن أحد يتخيل أن كلمات الصحف الامريكي حقيقة. بالفعل نشرت صحيفة لوموند الفرنسية منذ أيام الكارثة التي كان يخفيها الأمريكيون عن حلفائهم، وهي أن واشنطن تتجسس على مليارات المكالمات الهاتفية للمواطنين الفرنسيين، وبدأت الفضيحة تتسع يوما بعد يوم ويتبين تجسس إدارة أوباما ليس فقط على مواطني فرنسا بل ومواطني دول أخرى كثيرة من حلفائها، حتى تبين أن الإدارة تتجسس على هواتف العديد من قادة أكبر وأهم دول العالم، ولم ينج هؤلاء من نشاط أجهزة الاستخبارات الأمريكية «سي آي إيه»، «ديلما روسيف» رئيسة البرازيل والمستشارة الألمانية انجيلا ميركل، والبقية تأتي.
نعم .. فقد كشفت صحيفة جارديان أن الولايات المتحدة تتجسس على هواتف زعماء 35 دولة، طبقا لما ورد في وثائق سرية سربها عميل الاستخبارات الأمريكي ادوارد سنودن، الذي تطلب واشنطن اعتقاله، مؤكدة أنه وفقا لما ورد في الوثائق فإن مسؤولا في هيئة حكومية أمريكية قدم أرقام الهواتف لوكالة الأمن القومي الأمريكية. وذكرت إن موظفين في البيت الأبيض ووزارة الخارجية ووزارة الدفاع صدرت لهم تعليمات بنقل بيانات الأرقام لساسة أجانب، فيما لم ينكر البيت الأبيض مزاعم التجسس، واكتفى بالقول إن ذلك لن يتكرر في المستقبل. وجاء في مذكرة سرية تحمل تاريخ أكتوبر 2006 نشرت الجارديان مقتطفات منها «في حالة واحدة جرت مؤخرا زود مسؤول أمريكي وكالة الأمن القومي الأمريكية بمائتي رقم هاتف لرؤساء 35 دولة كبرى»، ولم تكشف المذكرة السرية عن هوية هؤلاء الزعماء. ويظهر تقرير الجارديان، أن التنصت على زعماء عدد من الدول قد يكون أوسع نطاقا عما كان يعتقد في السابق.
وأشار تقرير لمنظمة «كريبتوم»، وهي مكتبة رقمية أمريكية مستقلة للمستندات السرية، منذ أيام إلى قيام وكالة الاستخبارات الأمريكية بالتجسس على 1.9 مليار اتصال هاتفي في مصر ونحو 8 مليارات مكالمة هاتفية في السعودية. وجاء في تقرير «كريبتوم» على موقعه الإلكتروني, أن الولايات المتحدة نفذت نحو 125 مليار عملية تجسس على مستوى العالم في شهر يناير من العام الحالي فقط. وأضاف أن هذه العمليات شملت دولا مثل الأردن والعراق ومصر وإيران وأفغانستان وباكستان. وفصل التقرير عمليات التجسس لتشمل 1.6 مليار في الأردن و7.8 مليار في العراق و1.73 مليار في إيران. وكانت عمليات التجسس على أوسع نطاق في أفغانستان التي شهدت نحو 22 مليار عملية تجسس.
كما أشارت الصحيفة البريطانية إلى وجود تعاون بريطاني في هذا الصدد مع وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية . وكشف تقرير عن الاستخبارات البريطانية تستخدم تقنية «تمبورا» منذ 18 شهرا. وتتكون التقنية من برنامجين أحدهما تحت اسم «ماسترينج ذي إنترنت» والآخر باسم «جلوبال تيليكوم إكسبلويتيشن». وتتابع هذه التقنية 200 كابل انترنت تبلغ طاقة نقل كل منها 10 جيجا بايت من البيانات مع قدرة الوكالة على تحليل بيانات تتدفق عبر 46 كيبل من تلك الكابلات في آن واحد، ما يعني قدرتها على تتبع 600 مليون مكالمة هاتفية يوميا. وهذا الكم من البيانات يحول وكالة الاستخبارات البريطانية إلى قوة استخبارات هائلة. ويجعلها الأقوى بين أكبر خمس وكالات استخبارات في العالم هي الأمريكية والبريطانية والكندية والأسترالية والنيوزيلاندية. وكشف مترجم يعمل في الوكالة لوسائل الإعلام البريطانية عام 2003 معلومات عن اشتراك الوكالة مع نظيرتها الأمريكية في عمليات تجسس على اتصالات سرية تتم بين وفدي الدولتين تتعلق بحرب العراق، تبين فيما بعد أنها تمت استناداً إلى دليل ملفق بعلم من رئيس الوزراء البريطاني آنذاك توني بلير ومن الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش.
لكن تبدو ردود الفعل الأوروبية إزاء هذه الفضيحة مرتبكة. ويقول الخبراء إن هذا متوقعا لأن الساسة الأوروبيين لم يقدموا على اتخاذ أي إجراء منذ عام 2011 بعد صدور قانون الأمن الوقائي الأمريكي رغم أنهم كانوا على علم بإمكانية تجسس المخابرات الأمريكية سياسيا على أوروبا. وأشار هؤلاء الخبراء إلى أن الاتحاد الأوروبي لم تكن لديه الرغبة في التعامل مع الأمر، أو أنه ليست لديه القدرة على التحرك والتعامل معه.
وفي هذا السياق قال بنيامين بيرجمان، الكاتب في المدونة الألمانية المعنية بالشؤون السياسية وعضو الجمعية الرقمية الألمانية: «ما كشف عنه سنودين حول برنامج بريزم كان معروفا لدى خبراء التجسس في أوروبا منذ أمد طويل. وأضاف في حديث مع وكالة الأنباء الألمانية أن تقريرا صدر بطلب من البرلمان الأوروبي كشف أنه حتى عام 2012 كان يجوز للسلطات الأمريكية الحصول على ما ترغب به من معلومات تتعلق بأمنها وذلك منذ عام 2008 . ولم يشكل الأمر مفاجأة للوهلة الأولى.
إلا أن تقرير 2012 وجه انتقادات شديدة للمشرعين الأوروبيين بسبب إمكانية التجسس السياسي على المعلومات، خصوصاً أن مستخدمي الإنترنت في أوروبا لم يدركوا بعد أهمية ذلك. وما أثار الانتباه أن لا أحد في أوروبا، سواء على مستوى المفوضية أو على مستوى المشرع الوطني أو حتى البرلمان الأوروبي، كان على علم بتفاصيل برنامج التجسس المذكور رغم أنه دخل حيز التنفيذ العملي منذ 3 سنوات . وخلص التقرير الأوروبي إلى استنتاج أن الاتحاد الأوروبي أهمل قضية حماية مواطنيه، لأن القانون الأوروبي سمح للسلطات الأمريكية بالكشف عن معلومات المواطنين غير الأمريكيين.
ويبدو أن الأوروبيين ركزوا جل اهتمامهم، فيما يخص مكافحة جرائم الانترنت، على جانب واحد، حيث تركز الاهتمام في الاتحاد الأوروبي على كل التوجهات التي قد تهدد المواطنين والتي لا تدخل في إطار برنامج حكومي. فالأوروبيون ناقشوا كثيرا قرصنة المعلومات وسرقة البيانات الشخصية، تماما كما ناقشوا مطولا شؤون تنظيم شركات الانترنت؛ لكن عندما كان الأمر يتعلق بنشاطات تنظمها جهات حكومية أجنبية، كانت أنظار الأوروبيين تتجه صوب الصين وروسيا، ولم تتجه صوب العلاقة الحساسة مع الولايات المتحدة وذلك لأسباب سياسية. ولا يمكن القول أن هناك سبباً واضحاً يفسر ما تقوم به الإدارة الأمريكية، إلا أنه من الواضح أنها تعاني مما يعرف باسم حب النفوذ، وهو الشيء الأوحد الذي يفسر رغبتها في أن تكون على إطلاع كامل بما يدور في عقول حلفائها أو أعدائها على حد سواء، فالأمر لا يمكن اختزاله في مجرد عمليات تجسس فحسب، بل أن هناك وباء تعاني منه واشنطن بمختلف قادتها على مر العصور. ولا يمكن بأي حال قبول هذا المستوى من التجسس تحت ذريعة أنه يساعد في مكافحة الإرهاب، وإلا فكيف امتد لزعماء دول حليفة، ولم يقتصر على دول تنظر إليها واشنطن على أنها دولا معادية تقليديا مثل روسيا والصين وإيران وكوريا الشمالية.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.