إننا نعيش ونرى أضحوكة أن كل من جمع مالاً وعدده سواء من دول الخليج أو غيرها أو بطرق أخرى أصبح له جامعة!.. وبعد أن كنا نستكثرها على مدارس ونسخر من الظاهرة ذاتها.. وصل بنا وبها الأمر أن طالت الكليات والمعاهد!!.. حجرتان وصالة وبمنافعها معهد عال?!.. خيبة وداهية كبرى والأدهى أن يأتي الإعلان عنها تحت «مانشيت» رئيسي وزارة التعليم العالي!! وحسنو النية يمكن أن يتصوروا أنها كلية أو معهد تابع للوزارة إن لم يكن للجامعة!.. سوق ضخم.. وأصبح لكل دولة جامعة باسمها ولكل مؤسسة كبرى الحال ذاته، المقار من القاهرة إلى الإسكندرية إلى درب شكمبة وكفر أبو بلاص!!.. كارثة وبيلة وخيبة ثقيلة أن يتبعثر التعليم بين ما هو رسمي والآخر الاستثماري والخاص!.. والمدهش أن يتعلل البعض لإنشاء واعتماد هذه الجامعات لمنع احتكار بعض الدول لهذه النوعية من التعليم ولعدم إنفاق المزيد من العملة الصعبة حال خروج طلابنا لهذه الدول طلباً للالتحاق بمثل هذه النوعية من التعليم!.. وبالنسبة للتعليم الرسمي فقد غاب الحد الفاصل بين بعض كليات الجامعات والمعاهد العليا.. فقد تحولت بعض المعاهد العليا إلى كليات بالجامعة بقرار في لمح البصر بتغيير اليافطة فقط.. مثل تحول معهد الزراعة العالي بكفر الشيخ إلى كلية الزراعة.. قبل تغيير المناهج والأساتذة إلى آخر ما كان يحتمه التغيير ومثلها كثير.. لقد كان التعليم الرسمي يشار إليه بالبنان ولا يلتحق به إلاَّ الفالحون الأذكياء، ولعل أبلغ ما قيل في هذا الصدد ما أدلى به الكاتب الصحفي الكبير أ. لويس جريس، وهو خريج الجامعة الأمريكيةبالقاهرة، على إحدى القنوات الفضائية من أن الملتحقين بالجامعة المصرية كانوا يشار إليهم بالبنان وأنهم كانوا ينظرون إليهم من عَلِ!! في الخارج ينشئون الجامعات لتكون منارة المعارف الإنسانية والعملية للنهوض بالدول ورقيها وتفوقها في كل مجالات الفكر والصناعة والإنتاج بمعناه الكمي بما يعود في النهاية على كل الجماهير نكرر بينما نظر البعض عندنا على أنها وسيلة لتذويب الفوارق بين الطبقات وجعلها مرة أخرى شهادة تؤدي وتؤهل للمأذون!.. أي طبقات وأي فوارق لم تكن فعلاً موجودة!، إنما الشعور بها كان متجذراً عند البعض.. لم يكن الفقراء محرومين من العلم وإلاَّ كيف أكمل جمال عبد الناصر وزمرته تعليمهم وكان معظمهم من طبقات دون المتوسطة؟!.. في العهد الذي أسموه بالبائد ظهر من هذه الطبقات من أنار العالم بأفكاره كالدكتور طه حسين باشا.. وهناك وزراء كثر لم يولدوا وفي أفواههم ملاعق ذهبية أو فضية.. معظم وزراء العهد الأسبق كانوا من الطبقات المتوسطة سعد باشا زغلول.. عثمان باشا محرم.. عبد المجيد بدر باشا! وآخرون أبعد من أن يحصرهم مقال!.. وفى النهاية إذا كان التعليم هو المدخل الرئيسى والأساسى للنهوض بالدولة بناء وتنمية فى كل المجالات فكيف يكون الإصلاح ؟!..التشخيص diagnosis الدقيق يؤدى إلى علاج حقيقى.. والحل من نقطة البداية لا من فوقها يبدأ الإصلاح !!.. ولهذا حديث آخر إن شاء الله.